الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين بريطانيا واليمين الإسرائيلي

طارق قديس

2010 / 4 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


قامت الحكومة البريطانية مؤخراً بإجراء يُعَدُّ من الحوادث النادرة في تاريخ العلاقات البريطانية الإسرائيلية وهو إقدامها على طرد دبلوماسي إسرائيلي من بريطانيا بدعوى علاقته بقضية تزوير الجوازات المتصلة بحادثة إغتيال القيادي في حركة حماس (محمود المبحوح) في دولة الإمارات العربية المتحدة مطلع العام الجاري.

ولم يقف الموضوع عند هذا الحد، وإنما استدعى هذا الإجراء أن تقوم الحكومة بالإعراب عن نيتها اتخاذ كافة التدابير الممكنة حيال جهاز الموساد في حال ثبوت تورطه باغتيال المبحوح من خلال تزويد عملائه بجوازات بريطانية مزورة.

الأمر وإن كان لا يعني القطيعة بين بريطانيا وإسرائيل إلا أنه يشكل سابقة مشهودة في تاريخ العلاقات التاريخية بين الاثنين، خاصة وأن الداعم الرئيسي لقيام دولة إسرائيل كان بلا منازع بريطانيا العظمى، وذلك بشهادة وعد بلفور، والذي تم التعهد فيه بإقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين.

ومع مرور الزمن ظل الدعم يأتي لتل أبيب من لندن حتى مع تراجع مكانتها بعد الحرب العالمية الثانية، وحلول الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي في المرتبة الأولى بدلاً منها، وظلت السياسة الخارجية تخدم المصالح الإسرائيلية دون النظر إلى الجانب الفلسطيني وحقوقه المشروعة بإقامة دولته المستقلة فوق كامل ترابه المحتل، فكانت أية محاولة لإدانة إسرائيل على أي جرمٍ ترتكبه – مهما كان صغيراً - ضد الفلسطينيين يتم إجهاضه من قبل لندن على الفور، لذا فقد عُدَّ طرد الدبلوماسي الرفيع من فوق أراضيها من الأعمال النادرة وغير المسبوقة في تاريخ العلاقة بين الاثنين.

ورغم ندرة هكذا حدث إلا أن الإجراء بالمقاييس الدولية يعتبر رد فعلٍ طبيعي ومشروع، خاصة بعدما أدت عملية تزوير الجوازات في حادثة الاغتيال للإساءة إلى لندن، وقد تأكدت المقولة الدارجة بأن إسرائيل في الوقت الراهن أصبحت عبئاً لا يحتمل على أية دولة تقوم بدعمها أيَّاً كانت.

وأمام هذا الرد، ماذا كانت ردة فعل في تل أبيب؟ كان رد الفعل أن قام نواب من اليمين بوصف البريطانيين بالكلاب، دون حرج ، ونعتهم بأنهم معادون للسامية، مع أن الموقف لم يكن أكثر من إبداء الاستياء بأقل الطرق المشروعة تعبيراً عن الواقع، فهو لم يحمل قطعاً للعلاقات، ولم يمس الاعتراف بقيام دولة إسرائيل، ولم يشجب المشروع الاستيطاني الدائم في مدينة القدس، ولم يستنكر أيَّاً من الأعمال الإجرامية التي تقوم بها آلة الدمار الصهيونية ضد المدنيين العزل من الشعب الفلسطيني في الداخل! إن الأمر لم يكن أكثر من طرد دبلوماسي واحد، فهل استحقت هذه العقوبة ضد الدبلوماسي أن يتم وصف أبناء الشعب بأكمله بالكلاب ومعاداة السامية مع أن الشعب ذاته هو من أسس لقيام الكيان العبرية!

إنها حقاً لَقِمَّةُ الغرابة، فماذا كان يمكن أن يكون الوضع لو وصلت الأمور إلى سحب السفراء أو نصرة الشعب الفلسطيني قبل غيره أو المطالبة بقيام دولة فلسطينية على كامل التراب المحتل؟ وماذا يمكن أن يتم وصف البريطانيين آنذاك وقد تم وصفهم بالكلاب لما هو أقل مما قلته بكثير؟

إن ردة الفعل للنواب الإسرائيليين اليمينيين الذين يمثلون غالبية الإسرائيليين إن دلت فهي تدل على شيءٍ واحد وهو أن الوثوق بالجانب الإسرائيلي هو أمر مستحيل وضربٌ من الجنون، لأنهم لا يرغبون بسماع صوتٍ غير الصوت الذي يريدونه، وكل الناس حولهم هم أعداؤهم، حتى أولئك الذين هم أقرب المقربين إليهم، وأنه لأقل اختلاف في وجهات النظر أو تعارض لإي المصالح فإنهم لا يتوانون عن وصف من كانوا أصدقاءهم بالكلاب بعد أن كانوا من قبل أغلى الأحباب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم