الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أحبط الرئيس؟!

محمد السهلي

2010 / 4 / 17
القضية الفلسطينية


* حكومة نتنياهو في وارد رمي المزيد من الكرات في الملعب الفلسطيني دفعة واحدة وهي تعرف مسبقا أن السلطة في وضعها الحالي لا تملك سوى المناشدة، وأن هذه الأخطار المتلاحقة ستشكل ضغطا كبيرا على الحالة الفلسطينية وخاصة على المستوى الشعبي

للمرة الثانية، ترتسم معالم الإحباط على وجه باراك أوباما الذي خلص قبل أيام إلى عدم وجود أي أمل يذكر في إحراز تقدم فعلي بخصوص التسوية السياسية للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني.
وفي المرتين، يأتي استخلاص أوباما وسط موجة من التفاؤل لدى أوساط سياسية فلسطينية وعربية رأت أن الإدارة الأميركية في معرض توجيه ضغوط جدية على حكومة نتنياهو لوقف الاستيطان تمهيدا لبدء المفاوضات.
الرئيس الأميركي قال في المؤتمر الصحفي الذي عقده في ختام مؤتمر الأمن النووي (13/4) إن إدارته لا تستطيع فرض أية حلول بشأن التسوية وهو ما أثار ارتياح نتنياهو عشية اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر الذي وجد في تصريح أوباما عاملا مساعدا على الخروج برد «اعتراضي» على المطالب الأميركية.
إن ملاحظة مواقف نتنياهو في سياق التجاذبات مع واشنطن تشير إلى أنه اعتمد أساليب عدة:
* فهو اولا أظهر تمسكا شديدا بالاستيطان في الضفة الفلسطينية والقدس على اعتبار أن هذا الأمر شكل أساسا لسياسات الحكومات التي سبقته منذ احتلال الضفة وقطاع غزة في العام 1967، وبأن الاستيطان والتهويد هما كلمة السر التي انعقد حولها الائتلاف الحكومي الذي يترأسه. وبهذا الخطاب وضع المجتمع الدولي وخاصة واشنطن أمام مسؤولية زعزعة الاستقرار الحكومي في حال شددت مطالبها بشأن الاستيطان، وهذه المواقف وعوامل أخرى أدت كما نعلم إلى أن يتراجع أوباما عن مواقفه التي أعلنها في خطاب القاهرة (4/6/2009).
* عندما انعقد الأمر على هذه الصورة ونجحت الضغوط الأميركية على الجامعة العربية والسلطة الفلسطينية في الحصول على موافقتهما بالدخول في مفاوضات غير مباشرة لمدة أربعة أشهر، وضع نتنياهو هذه النتيجة في خانة الإنجازات. وشجعه هذا على الإقدام على الخطوة الأبعد، وهي تحدي الإدارة الأميركية بإعلان عطاءات استيطانية في القدس خلال زيارة نائب الرئيس الأميركي إلى إسرائيل. لكن الأمر لم يمر بهدوء، ربما بسبب «الإخراج السيء» وخاصة أن قرار العطاءات الاستيطانية وضع السلطة الفلسطينية والجامعة العربية في زاوية حرجة فتراجعتا عن الموافقة على بدء المفاوضات. ورأت واشنطن أن قرارات نتنياهو الاستيطانية في القدس قلبت الطاولة في وجهها هي قبل غيرها. وبذلك شهدنا الموجة السابقة من التجاذبات التي وصلت حد صدور الطلبات الأميركية الأخيرة.
* لم يتوقف نتنياهو عن انتقاد الإدارة الأميركية علنا إن كان بشكل مباشر أو عن طريق تصريحات وزراء في حكومته وخاصة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، واعتبر الطلبات الأميركية بشأن الاستيطان «محاولة انقلاب» على حكومته ومعبرا لدخول تسيبي ليفني إلى الائتلاف تحت أقواس النصر مطالبة بفرض إيقاعها حول مسار المفاوضات. فرفض إخراج حزب ليبرمان «إسرائيل بيتنا» وحزب «شاس» من الائتلاف الحكومي بل على العكس اعتبرهما حجر الزاوية في صناعة الرد الإسرائيلي على الطلبات الأميركية من زاوية التمسك بالاستيطان والتهويد.
* من خلال التصعيد السابق، راهن نتنياهو على إحداث جو من القلق داخل الأوساط السياسية الأميركية النافذة وقد تخوفت من عواقب حدوث أزمة بين واشنطن وتل أبيب. وعلى الرغم من نجاح أوباما في التصديق على قانون الرعاية الصحية، إلا أن ثلاثة أرباع مجلس الشيوخ طالبوه بالتهدئة مع نتنياهو. وعلى الصعيد الإسرائيلي الداخلي سيوظف نتنياهو أية مؤشرات للهدوء النسبي مع واشنطن ويجعل منها رسالة مفادها أنه من الممكن معارضة واشنطن بما يخص «الثوابت» الإسرائيلية دون أن يؤدي ذلك إلى خسارة دعمها وصداقتها.
* على صعيد آخر، نشط المطبخ السياسي الحكومي الإسرائيلي في إعداد وتجهيز خطط اعتراضية بهدف تحويل أنظار واشنطن عن العناوين الأساسية التي طرحتها وخاصة فيما يتعلق بالقدس الشرقية.
من بين ذلك طرح مقايضة ما بين كف الحديث عن الاستيطان في القدس مقابل «منح» الفلسطينيين مدينة كاملة جانب رام الله وقد تبين لاحقا بحسب مصادر إعلامية إسرائيلية أن الهدف من اقتراح بناء هذه المدينة هو «استيعاب» سكان مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الضفة.
* ذكرنا في وقت سابق، أنه وفي إطار التحضير للرد على الطلبات الأميركية لجأت إسرائيل إلى تصعيد تهديداتها ضد قطاع غزة وسكانه بدعوى إطلاق صواريخ فلسطينية، وهي بذلك تستعيد مشهد التوتر في المنطقة وهو أمر لا يستطيع المجتمع الدولي تجاهله ربطا بما حدث سابقا على جبهتي الحرب على لبنان وغزة. وإلى جانب ذلك لم توفر السلطة الفلسطينية وقيادتها من التهديد بسبب اندلاع التظاهرات الشعبية في الضفة والقدس احتجاجا على الاستيطان والتهويد. وهذا يعني أن تل أبيب انتقلت من الخطاب الذي يقول إن السلطة بوضعها الحالي لا تصلح شريكا في التسوية السياسية إلى خطاب آخر يعتبرها عدوا ومحرضا ضدها (!).
* ويتبين في كل يوم أن الجعبة الإسرائيلي ملأى بالمفاجآت غير السارة للفلسطينيين من بينها الإعلان عن موعد تنفيذ القرار 1650 الذي يستهدف نحو 70 ألف فلسطيني بالطرد من الضفة الفلسطينية بما فيها القدس.
القرار المذكور صادر بتاريخ 13/10/2009 عن اللواء غادي شماني الذي كان قائدا لقوات الجيش الإسرائيلي في الضفة وأصبح نافذا بتاريخ 13 من الشهر الجاري وكل فلسطيني تنص بطاقته عل أنه من مواليد غزة وكذلك أولاده يعتبر «متسللا» بحسب هذا القرار وسيقدم إلى محاكمة ويمكن أن تصل عقوبته إلى سبعة أعوام في السجن.
حتى الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية تقر بأن نص القرار غامض وهذا باعتقادنا أمر مقصود لأن من شأن ذلك إحداث بلبلة أوسع في صفوف الفلسطينيين. وبقدر ما يدل هذا القرار على تمسك دولة الاحتلال بسياسة الترانسفير والتهجير بحق الفلسطينيين، فإنه يدل أيضا على حقيقة الموقف الإسرائيلي من أية اتفاقات تعقد مع السلطة الفلسطينية. فعندما ترى تل أبيب أن اتفاق أوسلو قد مات تقوم بتشييعه، وعندما ترى في بقايا جثته «رمقا» يفيد تعمل على إحيائه مجددا. وهي هنا ترفع سيف التهديد بطرد سبعين ألف فلسطيني (ويمكن أن تنفذه فعلا) من أجل تنويع خطاب المناشدة الصادر عن السلطة الفلسطينية باتجاه واشنطن وغيرها وتضمينه مطالب أخرى تستحوذ على الاهتمام خارج ملف الاستيطان والتهويد.
إن ما سبق لا يعني بأن هذا الموضوع غير ملح. ولكن ما نقصده هو أن حكومة نتنياهو في وارد رمي المزيد من الكرات في الملعب الفلسطيني دفعة واحدة وهي تعرف مسبقا أن السلطة في وضعها الحالي لا تملك سوى المناشدة وأن هذه الأخطار المتلاحقة ستشكل ضغطا كبيرا على الحالة الفلسطينية وخاصة على المستوى الشعبي مما يخلق لديه حالة من الإرباك ويفاقم التخبط والتردد لدى المستوى السياسي الأول في السلطة الفلسطينية.
خلاصة القول إن حكومة نتنياهو لم تتوقف عند حدود خطاب الاعتراض على بعض الاقتراحات الأميركية بشأن الاستيطان والمفاوضات بل نشطت في محاور اعتراضية وانتقلت من الاعتراض اللفظي إلى الهجوم العملي مباشرة.. ومن المؤسف أن الحالة الفلسطينية المنهكة كانت هي الدريئة الأفضل لتحقيق أغراضهم.
الجعبة الإسرائيلية لم تفرغ بعد.. وهو ما يجعلنا نكرر السؤال للمرة الألف.. هل ننتبه ونرتب أوضاعنا ونستعد لما هو أخطر؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز