الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بانتظار الجلاء.!..

فاضل الخطيب

2010 / 4 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


بانتظار الجلاء.!..

يقطن العساكر في الثكنات وعيونهم تكون دائماً على حدود الوطن وليس على القصر الجمهوري!
أربعة وستون عاماً في تاريخ الشعوب ليست بالزمن الكبير، وبالنسبة لابن سوريا الذي عمره الحضاري قرابة عشرة آلاف سنة قد لا تساوي شيئاً. لكنه خلال تلك العقود التي أعقبت الجلاء، جاءت للحكم وذهبت بشكل ديمقراطي عشرات الحكومات في الدول التي تحترم وتحافظ على استقلالها وشعبها.
لقد أحيينا نحن السوريين ذكرى الجلاء، وكل على طريقته. بعضنا استلهم منها عزيمة أكثر لمقاومة القمع والنضال لإعادة الإفراج عن الجلاء المعتقل منذ عشرات السنين في مزرعة العائلة، والبعض وخصوصاً أصفار وصيصان بلادي حاولت غسل ثياب البعث الداخلية بما تحمله من آثار الاغتصاب، ونشرها على سارية الجلاء المكسورة، البعث القاصِر-المغلوب على أمره والمغتصَب، شيءٌ يُشبه القطيع الذي يلحق رنة الجرس الموضوع في رقبة قائد القطيع ذو الاحتياجات الخاصة "لا شماتة"، وأكثر الأمراض العقلية في هذا العصر هي عبادة الفرد، رغم فظاعتها الفكاهية هي فظيعة في نتائجها على الوطن والشعب. لكن غالبية شعبنا استعادت ذكرى الجلاء وأبطاله بصمت رغم أنف جرس القطيع، والبعض الآخر من أبناء شعبنا المكلوم أبى الصمت وقال كفى صمتاً، قالها مع منظمات عالمية وأنصار مدافعين عن حقوق الإنسان، وخيرة أبناء وأحفاد صانعي الجلاء احتفلوا في ذكرى عيد أعيادنا الوطنية في سجون القمع الشمولية وبنسختها الأكثر قبحاً، نسخة الوريث الذي لم تُساهم عائلته في صنع الجلاء بل هي التي انقضّت عليه وأجهضته وكانت أكثر سوءً بما لا يقاس من الاستعمار الفرنسي.
لا يوجد إنسان حقيقي للجلاء بدون مجتمعٍ حقيقي له، ولا يوجد مجتمع حقيقي للجلاء بدون انتماء وطني وشعور بالمواطنة الحقيقية. لكن أين هو نظام العائلة من حقيقة كل هذا؟ وماذا أفرز؟ وأين الجلاء اليوم حقيقةً وليس ابتذالاً وعبادة وريثاً صنعوا منه رئيساً أو "رئيثاً"؟
جوهر ثقافة المواطنة والانتماء الوطني هي ثقافة الجلاء والوحدة الوطنية التي صهرها حينها أهلنا وبكل فخرٍ، "وزير الدفاع يوسف العظمة" وميسلون، سلطان باشا الأطرش وصالح العلي وإبراهيم هنانو والخراط والأشمر والقائمة طويلة، وبالمقابل أهل الوريث وبكل خجلٍ " وزير الدفاع حافظ الأسد " والجولان. ثقافة الجلاء ليست ثقافة الفرد المطلق وفكره ونسخاته المضحكة التي تعيد ثقافة سليمان الأسد و"وطنيته"..
نحتاج نحن إلى إعادة إنتاج معنى الجلاء الذاتي والداخلي والارتقاء به إلى معنى الجلاء الحقيقي للوطن، كي نتذكره بكل شفافية الأمس ونقائه، وليس كالوقوف على الأطلال..
وماذا بعد الجلاء؟ وكيف نستطيع تقييم ذكراه؟
أهم محرّك لتقييم التاريخ قد يكون الإنتاج الذي حققه. كيف يمكن ربط التاريخ مع رغيف الخبز وكرامة الإنسان؟ أي ثوبٍ نضعه اليوم على الجلاء؟ أو يضعه الفلاح أو العامل البسيط أو المثقف والموظف الصغير أو أبناءهم الذين يبحثون عن العمل وعن وجودهم وشخصياتهم في هذا العالم؟ وهؤلاء كلهم من يقع على عاتقهم تقدم أي مجتمع، وعلى عاتقهم كان الجلاء أيضاً.
يرتبط الجلاء بتاريخ محدد، وهل يمكن استحضار يومٍ من تلك الفترة ومعرفتها من "تحت"؟ كيف كان تاريخنا لحظة قيام الجلاء؟ لقد كان مغتصبو الجلاء وخاصة عائلة الوريث والتي حاولت منع الجلاء من خلال استجداء الاستعمار الفرنسي للبقاء في سوريا حينها، ويُعيد نسختها اليوم حقيقة أن بقاء نظام الأسد كان ومازال ضمانة إسرائيلية أمريكية رغم مسرحية الممانعة، وهو استعمار أكثر قسوة ويجعلنا نترحم على غورو فرنسا!
بماذا كانت تفخر سوريا حينها وبماذا تُعرف اليوم في العالم؟ ورشة كاملة لكل سورية في وحدة وطنية كانت مضرب المثل لدول كثيرة ومُلهِم لماليزيا في نهضتها الاقتصادية، واليوم فقرٌ وسجن وتجهيل وتفريط في أرض الوطن، ومكانة عالمية في الفساد والاستبداد من اعتقال طالبات الثانوي وحتى الشيخ المالح ابن الثمانية عقود، نظام بطاقات التموين المُقننة والذي لم يعطِ غير بطاقات تقنين لحرية الكلمة، لأنه يفكر ويحكم كطاغية في عهد القنانة..
الجلاء الذي نحتفل فيه هو الجلاء القادم، هو الخلاص من أسرة خانت المجاهدين أيام فرنسا حين وقع سليمان الأسد على وثيقة استجداء للفرنسيين تطالبهم عدم الانسحاب من الوطن، وأكملت الأسرة ذات التاريخ "العريق" في الوطنية بـ"بيع" الجولان وتسليم آخر حلمٍ لعودة اسكندرون، ويرافق تلك الخيانات كل هذا الفساد الأخلاقي والمادي الذي أنتجه الأسد والأصفار التي تلحق جرس القطيع...
أمر جمال باشا "العثماني" بإعدام إحدى وعشرين شخصية وطنية في ساحة المرجة بدمشق وساحة الشهداء في بيروت في 6 أيار عام 1916، ومنذ ذلك التاريخ نسميه بالسفاح، واليوم وبعد أن قضى عشرات الآلاف من أبناء شعبنا على يد نظام العائلة، بعد هذا أين نضع جمال باشا السفاح أمام ذو الجرس؟
لا أستطيع فهم سلوك ذلك البعثي الذي يعيش في أوربا ويحمل شهادة دراسية –أي أنه يعرف يفكّ الحرف- ورغم ذلك لا يخجل من كون الأسد اغتصب السلطة والحزب! لا يخجل من تلك المسرحية التي صار عمرها عشر سنوات وهي تُشبه مبايعات القرون الوسطى عندما يحضرون الولد وينفضون الغبار عن ثيابه ويضعونه على العرش! أشعر بالشفقة على تلك الأفراد والتي تتلمس طول أذنيها يوماً بعد يوم، لكنها في الصباح تعود للجرس وللقطيع..
ستقرع أجراس الحرية وسيعود الجلاء حراً وسنصنع من تماثيل الطغاة أجراساً للكنائس التي تبارك الجلاء وتعزف لحن الحرية. وسيضع شعبنا جرس القطيع وحامله في مكانه اللائق..
..............
أبحث عن صوت يُسمَع،
أبكم، وأصابعه كانت تُسمِع،
"كمشة" عتب تتأرجح قرطاً مصلوباً يتدلى على مدخل رواق الشام.
يبقى غياب صوت رسائلك،
كسوط كفرٍ يجلد حروف لغات العالم في بابل.

هنا الطريق، ليس بعيداً عنه،
هناك شريط شائك، حائط،
وخلف الحائط طريق آخر.

في لوحة رسم، اللون الأحمر يَتكسر،
على شريط الحدود، نقطة عشق تتأرجح،
في الأصص، بذور الحبق تدمع نشوة.
وفي غفلة من البعد الرابع، يقلع نجمة،
ويزرعها على غيمة صيفية تتمشى
بالقرب من "حرش" البلوط الأخضر.

بعد غياب سنوات طويلة،
تعود للرفاق في القرية،
لا أساطير عندك. شعاراتهم لم تتغير،
نفس الصور المعلقة على الجدران،
نفس الكتب على الرفوف،
تغيّرت سنواتك أنت عمّا كنت، لكنهم
مازالوا يغتسلون بنفس ساعات الحلم.

نهاية الطريق، كبدايته؟
في "الوراء دُرْ" آخر واحد، يصبح الأول.

على منصة الاحتفال، وقفت الصُوَرْ،
وجوهٌ باسمة، وأيادي تلوّح،
وأخرى رافعة شارة النصر.

من أعماق الأدغال، من بين الشجر،
ذئاب أليفة تسرح مع خرفان مفترسة،
وبطون خاوية لا تنسى تقديم الشكر....

بودابست، 17 نيسان/إبريل 2010.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا يكون الجلاء إلا بإجلاء الطغاة
وهيب أيوب ( 2010 / 4 / 17 - 22:06 )
سُئلَ المهاتما غاندي، وماذا بعد خروج البريطانيين من الهند واستقلالها؟ قال بما معناه: إذا ما أتى هندياً في بلادنا وكان حكمه ظالماً، فلن أكون أقل عزماً وإرادة في مقاومته كما البريطانيين.
هل يفهم أتباع الجرس من خرفان النظام الاستبدادي في دمشق هذا الكلام؟؟ لا أظن.
تحياتي لك صديقنا الغالي فاضل


2 - من هو؟
فاضل الخطيب ( 2010 / 4 / 17 - 23:24 )
لازم نستخدم أسلوب كسر الهيبة والهالة المصنعة للوريث المسكين، والسخرية أمضاها:
من هو؟
- .... عبقري بالوراثة وصادق في كلامه.
- .... لا يحتاج إلى تحالفات عربية، هو نفسه العروبة والتحالف.
- .... بارزٌ في قدرته على الإقناع ويستطيع إقناع رفاقه بالانتحار.
- .... لم يخسر في عمره ولا انتخابات، مثله مثل والده.
- .... يستطيع توفير عشرة أضعاف راتبه.
- .... يستطيع -فيرتوالياً- تدمير العالم، لكنه بعمره لا يُفكّر بشكل سيء.
- في العالم ثلاث مصادر للسعادة هي: المحبة(الحب)، الصحة والنجاح، وهو.
- .... محبته لنفسه ليست بسبب عشقه الذاتي كديكتاتور، بل لأنه ذو طموح أعظمي.
- .... لا يعرف تخريب شيء، لأنهم لم يُعلموه على عمل شيء.
- يستخدم الإنسان من عقله 8% ، وباقي 92% يستخدمها هو.....
- .... لم يدرس في المدرسة، بل عرف كيف سيدرسون عنه......
.................
الصديق وهيب: النظر إلى الوريث والجوقة التي تحيط به من خارج حيطان الضيعة يدعو للخجل والذل، أن شعباً ووطناً كسوريا يتحكم فيه أفراد تحتاج الشفقة قد يبدو سحراً أو وهماً في عالم المسابقات والمنافسات..
دمتَ بخير مع كل الطيبين في الجولان الطيب..


3 - صدقت أستاذ فاضل
نبيل السوري ( 2010 / 4 / 18 - 09:43 )
كسر الهيبة المزيفة وفضح عصابة الحثالات الرعاعية الأسدو-شاليش-مخلوفية هي من أهم ما نستطيع فعله كأضعف الإيمان

هؤلاء السفلة لديهم كل شيءن مقدرات الوطن وأجهزة القمع والبروباغاندا الغوبلزية، لكن الأسوأ أنهم أفهموا الشعب أنهم أفضل من أي بديل، وهددوهم بالمصير العراقي: إما حكم القائد الضرورة أو الفوضى الشاملة

هؤلاء الرعاع قتلوا من السوريين واللبنانيين والفلسطينيين أكثر بمئات أضعاف ما قتلت إسرائيل العدوة، ولم يفرقوا بين عربي أو كردي أو آشوري أو غيره ولا بين سني أو مسيحي أو علوي أو شيعي، تم سحل كل الوطنيين بإسم القضية

عمليات التهجير الشامل ضد إخواننا الأكراد وقتل رموزهم ومؤخراً اغتيال شبابهم المجندين، كل ذلك يشكل جريمة ضد الإنسانية، لكن المجتمع الدولي نائم بالعسل ويتواصل مع النظام القاتل لمصالحه، مما يعني أن التصدي لهذا النظام السافل هو مهمة أبنائه فقط

على جميع من يتصدى للعمل المعارض أن لا يفتر لسانه عن فضح هؤلاء الخونة في كل مناسبة وكل يوم


4 - سنمر معاً نحو الوطن
فاضل الخطيب ( 2010 / 4 / 18 - 17:41 )
تحية نبيلة للنبيل السوري..
يُقال أن زوجة حافظ الأسد رجعت من الموت، وهي الآن حية تُرزق!، لكن المشكلة ليست في عودتها رغم خطورة ذلك - المشكلة أنها حامل في شهرها السابع!...ا
شكراً لتعقيبك وشكراً لكل الذين مروا من هنا، ومن يدري ربما قريباً نمر معاً نحو الوطن الذي ينتظر الجلاء..


5 - إلى ألأخ نبيل (تعليق 3)
عقيد ( 2010 / 4 / 19 - 20:21 )
بداية أحيي ألأخ فاضل ألخطيب على ألمقال ألرائع .
أما بخصوص ألنقاط ألتي أثرتها فهو فعلا لا يوجد بديل ,ليس في سوريا وحدها بل بكل ألبلاد ألناطقة بألعربية , لحد ألآن لم يسأل أي سوري نفسه لماذا أسم بلدي هو ألجمهورية ألعربية ألسورية ؟؟!!!!! أين ألشعب ألسوري ذو ألأصول ألسريانية و ألآرامية ؟؟؟ هل إنقرضو أم هي دكتاتورية ألعربان و ألإسلام ؟
ألأكراد حافظوا على أصولهم و رفضو أن يكونوا عرب فكان جزائهم ألقتل و ألتهجير
إنها ثقافة ألدكتاتورية شعبا و حكومة .

اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة