الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قناع الترانسفير الجديد والمهمات المتجددة

ماجد الشيخ

2010 / 4 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


دخل حيز التنفيذ يوم الثلاثاء الماضي 13/4/2010 أمر عسكري إسرائيلي، مشابه لأوامر أو قوانين نفذّت بموجبها عمليات ترانسفير، تعرّض لها مواطنون فلسطينيون بعيد احتلال الضفة الغربية، حين تم تهجير وطرد عشرات الآلاف من المواطنين الفلسطينيين الذين عادوا إلى بلادهم، بعد أن جرى تهجيرهم من بيوتهم وممتلكاتهم وقراهم عام 1948.

وفي تناقض كامل مع القوانين والمواثيق الدولية، ومع اتفاقيات أوسلو مع السلطة الفلسطينية، يمكّن القرار الجديد سلطات الاحتلال من طرد عشرات الآلاف من المواطنين الفلسطينيين من الضفة الغربية، وذلك تحت ذريعة "تسللهم" من قطاع غزة أو أنهم قادمون من خارج البلاد (فلسطين).

وعلى الرغم من محاولة نفي الخبر إعلاميا بطريقة أو أخرى، فقد كشفت صحيفة هآرتس (11/4) أن الأمر العسكري وقّعه قائد قوات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، اللواء "غاد شمني" في 13 أكتوبر 2009، على أن يدخل حيّز التنفيذ بعد ستة أشهر، أي في 13/4/2010. ومع بدء سريانه – إن لم نقل تطبيقه – تحوّل عشرات الآلاف من المواطنين الفلسطينيين في الضفة، وبشكل آلي إلى مخالفين للأمر العسكري، وصاروا بمثابة "متسللين"؛ ما يرشحهم لتقديمهم إلى المحاكمة، وإيقاع عقوبات ضدهم من قبيل الطرد والسجن. وبالاستناد إلى أنشطة وقرارات سلطات الاحتلال الأمنية خلال السنوات العشر الأخيرة، فإنه بالإمكان الاستنتاج أن المجموعة الأولى من الفلسطينيين الذين سيوجه ضدهم الأمر العسكري؛ هم أولئك الذين مكان إقامتهم المسجل في بطاقات هوياتهم، هو قطاع غزة، أي أنهم من مواليد القطاع، أو أولادهم الذين ولدوا في الضفة.

كذلك سيكون ضمن المجموعة الأولى، الفلسطينيون الذين ولدوا في الضفة أو خارج البلاد، ولسبب ما فقدوا مكانتهم وأحقيتهم بالحصول على الهوية، أو هم أزواج أجانب لفلسطينيين. وقد كان بالإمكان في هذه الحالة التوجه إلى محاكم مدنية إسرائيلية، ما كان يؤدي أحيانا إلى إلغاء طردهم أو معاقبتهم، إلاّ أن الأمر العسكري الجديد بات يُخضع الفلسطينيين إلى إجراءات عسكرية فقط.

لكن الأنكى من كل ذلك، أن الأمر العسكري العتيد، يطلق تسمية "متسلل" على كل من دخل إلى الضفة الغربية "بصورة غير قانونية"، أو من يوجد في المنطقة ولا يحمل تصريحا بذلك، ما يعني أن الأمر العسكري؛ يوسّع بشكل كبير التعريف الذي كانت اتبعته سلطات الاحتلال في الأمر العسكري الذي أصدرته عام 1969، والذي كان يسري على من قدموا إلى الضفة من دول كانت تعتبرها إسرائيل "عدوة" وقتئذ، وهي الأردن ومصر وسوريا ولبنان.

ومهما تكن صيغة الأمر العسكري غير واضحة أو ملتبسة، وتشمل الضفة الغربية كوحدة جغرافية واحدة، ولا تقيم أي وزن أو اعتبار للسلطة الفلسطينية، فبحسب صحيفة هآرتس، يظهر منها أن تعريف "المتسلل" يشمل مواطنين من القدس الشرقية ومن فلسطينيي الـ 48، وبينهم كذلك مواطنو دول تقيم إسرائيل معها علاقات دبلوماسية مثل الولايات المتحدة وأوروبا وحتى إسرائيليين يهودا. لكن المستهدف في المقام الأول والأخير يبقى المواطن الفلسطيني، وبهدف منع تواصله ولم شمل العائلات، وتكريس الانقسام الجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، واعتباره خارج الولاية السياسية للسلطة الفلسطينية، والأهداف السياسية لهذه الخطوة لم تعد خافية.

إنه شكل من أشكال الترانسفير، حيث تعاد صياغته على شكل أمر عسكري، هو بمثابة أحد تجلّيات "إبداع" أشكال وطرائق أخرى من التمييز والاقتلاع والتطهير العرقي، الهادف إلى تهويد وأسرلة ما استعصى على الإسرائيليين تنفيذه طوال السنوات التي تلت النكبة الأولى عام 1948، والنكبة الثانية عام 1967، حيث يسعى الائتلاف اليميني المتطرف الحاكم اليوم في إسرائيل، لاستكمال عمليات التهجير القسري والتشريد الكارثي لمواطني الأرض الفلسطينية، واستحداث نكبة جديدة، يجري على وقعها تكريس قسمة واقتسام الوطن الفلسطيني، في ظل عجز وتواطؤ وفرجة قل نظيرها في التاريخ، إزاء قضايا الشعوب، لا سيما وأن قضية الشعب الفلسطيني الوطنية، هي من القضايا العالقة والباقية إرثا كولونياليا من عهود الاستعمار الاستيطاني والاقتلاعي الإحلالي. وبالرغم من ذلك تجد إسرائيل رمز هذا الاستعمار العنيف، من يحابيها ويحابي ممارساتها وسلوكها العنصري، ويصمت على عدوانها المتواصل ضدّ الشعب الفلسطيني واحتلالها لأرضه ووطنه.

وإذا كانت أساليب الهجمات المسلحة غير المنسقة، والمفاوضات العبثية؛ وكلاهما لا يستندان إلى برنامج كفاحي موحد، طويل الأمد تكتيكيا أو إستراتيجيا، قد فشلا ويفشلا حتى اللحظة في مواجهة صلف العدو وغطرسته وغروره المتمادي، فلا أقل من اعتماد أساليب في المقاومة الشعبية والجماهيرية والمدنية؛ المتسلحة بوعي سياسي تاريخي، إلى جانب كل أشكال الكفاح الأخرى المنظمة، وبما يتخطى ممارسات العجز والتواطؤ والفرجة، التي اعتمدتها وتعتمدها قوى الهيمنة السلطوية في بلادنا؛ فلسطينية كانت أو عربية أو إقليمية، حيال استفراد إسرائيل بالمواطن الفلسطيني في كامل الأرض الفلسطينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب.. قطط مجمدة في حاوية للقمامة! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. موريتانيا: مع تزايد حضور روسيا بالساحل.. أوكرانيا تفتتح سفار




.. إسرائيل تحذر من تصعيد خطير له -عواقب مدمرة- بسبب -تزايد اعتد


.. هدوء نسبي مع إعلان الجيش الإسرائيلي عن -هدنة تكتيكية- انتقده




.. البيان الختامي لقمة سويسرا يحث على -إشراك جميع الأطراف- لإنه