الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدكتور جعفر محمد كريم... راحلون وشخصيات..

عزيز الحاج

2010 / 4 / 18
سيرة ذاتية


وضعت اسمه في مقدمة من أكتب عنهم في الجزء الأول من كتابي القادم: "راحلون وذكريات"، وهو عنوان قد أستبدله بعنوان آخر – لا أدري- مثل: "من دفاتر الرحيل". وها أنا أكتب عنه فصلا موجزا أعتبره مؤقتا بانتظار معلومات تنقصني عن نشاط الفقيد في المغترب، بعد إسقاط الجنسية عنه في أواخر 1948 ومع الأسف، فقد تعذر عليَّ الحصول على تلك المعلومات حتى الآن رغم جهودي، فارتأيت كتابة هذه الصفحات ونشرها عسى أن تحفز من عندهم معلومات إضافية على نشرها كتعقيب أو إرسالها مباشرة من خلال الصديق الدكتور عبد الخالق حسين لكي أعيد كتابة هذا الفصل فيما بعد.

جعفر محمد كريم، الكردي العراقي الفيلي، كان من بين أكثر أطباء العراق نبوغا وقد تخرج الأول من كلية الطب العراقية. وكان، في الوقت نفسه، ومنذ بداية شبابه، منهمكا في النشاط السياسي الوطني العراقي، وفي الحركة الكردية على وجه الخصوص، التي كان من قادتها الديمقراطيين، وصولا لأن يكون من مؤسسي الحزب الديمقراطي الكوردستاني عام 1946. ورغم اضطراره للخروج سرا إلى إيران بعد إسقاط جنسيته العراقية، فقد انتخب لعضوية المكتب السياسي لهذا الحزب ثلاث مرات. وقد أكدت شهادات أنه قد ساعد شيوعيين عراقيين ممن هربوا لإيران بعد 8 شباط 1963 الفاشي.

الدكتور جعفر كان من عائلة فيلية بغدادية معروفة، وهو من أقاربنا، كما كانت عائلته أقرباء مقربين من عائلة محمد بشقة وشقيقه إبراهيم بشقة. وهو شقيق للشخصية الكردية المعروفة حبيب محمد كريم وشقيقيهما حيدر وياسين. ولي مع كل من الأربعة ذكريات. ومن الصدف المؤلمة أن المرحوم ياسين توفي عام 2000 في موت فجائي غامض. وفي العام نفسه، رحل عنا جعفر في طهران عن 91 عاما.

عرفت الدكتور جعفر كطبيب عام، وكان مكتبه في باب الشيخ. وكنت خلال أواخر 1945 وطوال عام 1946 أكثر من زيارة تلك المنطقة وأرتاد أحد مقاهيها لألتقي بأصدقاء من الشباب الفيلي، فنتناقش بحماس في السياسة. وكان الشباب هناك موزعين ومنقسمين ولاءً بين الحزب الشيوعي والحزب الديمقراطي الكوردستاني- [طبعا لم يكن هناك حزب الاتحاد الوطني الكردستاني]. وكنت، إذا أصابتني وعكة مرضية، أذهب لعيادة الدكتور جعفر، فيشتعل النقاش بيننا رغم اختلاف العمر والتجربة، إذ كنت في بداية العمل السياسي وكان هو قد اكتسب خبرة طويلة. وقد اعتقل المرحوم جعفر بعد فشل حركة رشيد عالي لعام 1941، وما أعقبها من حرب فاشلة مع القوات البريطانية. وقد ضمت المعتقلات، بعد فشل الحركة، خليطا من المشتغلين بالسياسة: ما بين قوميين عروبيين وأكراد وتقدميين يساريين منهم عدد من الشيوعيين. وكان الدكتور جعفر يشاطر الشيوعيين وبقية الوطنيين العداء لبريطانيا في تلك الفترة، وظل على موقفه حتى بعد قيام التحالف الغربي مع السوفيت ضد دول المحور، مع أن الحزب الشيوعي راح يخفف من لهجته العدائية، ويدعو للمجهود الحربي ضد دول المحور. وكان الإنجليز قد أنشئوا، بعد هروب رشيد عالي وحركته، نوادي باسم "إخوان الحرية" مهمتها الدعوة للمجهود الحربي وفضح الدعايات الفاشية. ولم تكن سمعة تلك النوادي جيدة عند فريق كبير من القوى والشخصيات الوطنية، ومنهم الدكتور جعفر. وأذكر أن الصحيفة السرية للحزب الشيوعي هاجمت عام 1947 المرحوم جعفر الخليلي لأنه كان عضوا في أحد تلك النوادي. كما أذكر نقاشا حاميا جرى في دارنا في باب السيف بمنطقة الشواكة بين الدكتور جعفر والمرحوم ناجي يوسف- والد أم إيمان – ثمينة- زوجة الشهيد حسين الرضي (سلام عادل). وقد دار النقاش حول طبيعة وأغراض نوادي إخوان الحرية، فكان جعفر يدينها، بينما ينفي أبو ثمينة كونها أوكارا للتجسس، وكان هو المحق، وكنا المخطئين.

كان الدكتور جعفر واحدا من بين أكثر المثقفين الفيليين ذكاء. وكان كسائر أشقائه وكوالديه مرحا وصاحب نكتة. وأتذكر أنه كان أحيانا يسلقني في مناقشاتنا السياسية بتعليقات لاذعة ولكنها بريئة.
قيل لي إن المرحوم ترك في النهاية العمل السياسي في إيران بعد أن لاحقه في الفترة الأولى اضطهاد السافاك (الاستخبارات الإيرانية في عهد الشاه). وقد انصرف للمهنة، وذهب إلى بريطانيا للتخصص في طب الأعصاب والأمراض العقلية. وقد انتشرت شهرته داخل إيران وخارجها لأنه قدم أبحاثا طبية رائدة في مجال تخصصه، فضلا عن دماثة خلقه وحسن عنايته بالمرضى. وقيل لي أن اسمه معروف في الدوائر الطبية البريطانية.

إن من الصدف، وكما مر في ذكرياتي عن محمد بشقة الذي اختفيت في داره فترة من عام 1948، أنه هو الذي ساعد الدكتور جعفر على الهروب لإيران بواسطة بعض أعمامي في خانقين، وكان قبل هروبه قد اختفى هو الآخر في دار محمد بشقة في منطقة الأرضروملي بالكرخ. وحين سافرت المرحومة والدتي لزيارة مشهد في إيران مع ابن عمي، استضافهما الدكتور جعفر وساعدهما بكل ما كان متاحا له. وقد حدثتني أمي عن ذلك مرة قبيل وفاتها.

إن من المؤلم أنني لم أسأل عن تفاصيل نشاطه بعد الهروب من شقيقه الصديق والقريب حبيب عندما كان الأخير في لندن رغم أننا كنا على اتصال مستمر. ولعل فرصة تسنح لي معه لاستذكار ذكرياتنا عن الفقيد، فأغني هذه الإلمامة الخاطفة بما يفي حق الرجل، كزعيم مناضل، وكطبيب نابغة. فألف تحية زكية لذكراه ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قصة حقيقية عن المناضل الدكنور جعفر محمد كريم
الجيولوجي فؤاد شكر ( 2016 / 2 / 21 - 11:49 )
لمحات من تأريخ نضال هذه العائلة الكريمة (بيت مام كريم)الدكتور جعفر محمد كريم الشقيق الاكبر للمناضل الراحل حبيب محمد كريم سكرتيرالمكتب السياسي الحزب الديمقراطي الكردستاني للفترة من 1964 ولغاية 1975
( بيت مام كريم ) كما نسميهم نحن اهالي زرباطية وهو من المؤسسين الأ وائل للحزب الديمقراطي الكردستاني عام 1946 ويمكنكم الاطلاع على اسماء المؤسسين للحزب البارتي من مذكرات المناضل الشهيد الراحل صالح اليوسفي احد مؤسسي الحزب .
وتم ملاحقة الدكتور جعفر من السلطات الملكية بعد اعلان جمهورية مهاباد الكردية وتم اسقاط الجنسية العراقية منه من قبل البرلمان العراقي عام 1948 بحجة الخيانة وانتمائه لحزب عنصري وهذا ديدن كل من يعارض الحكام العرب الشوفينين .
مختصر عن السيرة الذاتية للمناضل الراحل الدكتور جعفر محمد كريم
مواليد 1910ناحية زرباطية – بدره – محافظة واسط
بكالوريوس طب – بغداد عام 1936
انتمى لحزب هيوا في بغدادعام 1939 ومن ثم التقى بالمناضل الخالد ملا مصطفى البرزاني وتم تأسيس الحزب الديقراطي الكردستاني (البارتي ) عام 1946 في بغداد
وهناك رواية عن رحلة المناضل الراحل الدكتور جعفر محمد كريم


2 - قصة حقيقية عن المناضل الدكتور جعفر
الجيولوجي فؤاد شكر ( 2016 / 2 / 22 - 12:51 )
وهناك رواية عن رحلة المناضل الراحل الدكتور جعفر محمد كريم بعد تمكنه من الافلات من الحكومة العراقية في نهاية الاربيعينات القرن الماضي كما روي لي من احد اقربائي والكلام للراوي( المرحوم ابو سلام ) يقول
في نهاية الاربيعينيات عام 1948 كنت مع والدتي(كنت طفلا لااتجاوز 6 سنوات ) في العيادة الطبية للدكتور جعفر محمد رأيت حادث اقتحام عيادة الدكتور من قبل الشرطة العراقية في منطقة باب الشيخ ادى الى هلع للمراجعين وتم مغادرتنا للعيادة ومن ثم سمعنا ان الدكتور افلت من الشرطة عن طريق الباب الخلفي للعيادة واتجه الى جه مجهولة وبعد فترة سمعنا انه هرب الى ناحية زرباطيةالحدودية ( مسقط رأسه ) ومن ثم الى ايران وانقطع اخباره
ولكن بعد سقوط النظام الملكي عام 1958 ورجوع معظم المعارضين للنظام الملكي وخاصتا- المناضل ملا مصطفى البرزاني من الاتحاد السوفيتي السابق
وتحديدا عام 1960 انتشرت في اوساط الاكراد الفيلية رجوع الدكتور جعفر محمد كريم الى بغداد وبدا وفود الاكراد الفيلية تتجة نحو منزل والد الدكتور جعفر ( مام كريم ) كما معروف لدى الاكراد الفيلية في بغداد وفعلا تم زيارتنا لدار (مام كريم) مع اخوتي


3 - تكملة الرواية
الجيولوجي فؤاد شكر ( 2016 / 2 / 23 - 07:26 )
وفعلا تم زيارتنا لدار (مام كريم) مع اخوتي واصدقائي وحينها كنت شابا (الحديث للراوي المرحوم ابو سلام)وبعد الترحيب من قبله لنا ونحن فرحين بسلامة رجوعة للوطن والاستفسار عن رحلة الغربة التي دام اكثر من 12 سنة حدثنا الدكتور عن هذه الرحلة قائلا( الحديث للكتور )
بعد افلاتي من الشرطة العراقية 1948 توجهت الى ناحية زرباطية الحدودية مسقط راسي ومن ثم الى ايران واستقرت في منطقة ملك شاه الجبلية اطراف محافظة ايلام متنكرا بالزي المحلي القروي للمنطقة حيث اني اعلم انه تم ابلاغ السلطات الايرانية بضرورة القاء القبض على جميع كوادر الحزب اليمقراطي الكردستاني(البارتي) وكذلك اعلمت انه تم اسقاط الجنسية العراقية مني من قبل البرلمان العراقي وبقيت على هذا الحال اكثر من عام ولكن اقوم بزيارة محافظة ايلام كل شهر او اكثر وذلك للحلاقة شعر راسي والتسوق بعض الحاجيات وفي احد المرات وانا جالس لدى الحلاق (في ايلام ) استفسر الحلاق من احد الزبائن عن صحة ابنتة الصغيرة


4 - تكملة الرواية
الجيولوجي فؤاد شكر ( 2016 / 2 / 23 - 07:30 )
واني استمع الى الحوار بين الزبون والحلاق راودني الفضول عن الاستفسار من الزبون الجالس جنبي (وهو شخص وقور )عن اعراض حالة الطفلة وبعد ان تيقنت من حالة الطفلة حسب حديث والد الطفلة (مصابة بالدودة الشريطية )
فخرجت قصاصة ورق وكتبت العلاج الشعبي وكذلك العلاج الطبي ( من الصيدلية ) وافهمته تفاصيل الوصفة الطبيه ( دون ان اعرفه بنفسي كوني طبيب ) ولا الزي الذي البسه (متنكر ) يوحي بذلك وبعد ذلك اودعتهم واتجهت نحو الجبل (منطقة ملك شاه ) وبعد اكثر من شهر وكالعادة راجعت الحلاق رايت الحلاق مندهشا- ويستفسر مني هل انك بشر ام من ملائكة الرحمان فاجبته اني بشر مثلكم لماذا هذا الاستفسار فذكرني بحادثة الوصفة الطبية لابنت الزبون قبل شهر فاجبته بنعم اتذكر فقال منذ تلك الفترة اشيع في المدينة (ايلام ) عن وجود ملائكة رحمان في مدينتنا يطبب المرضى ومنذ تلك الفترة نحن نبحث عن جنابكم
والقصة بدأة بعد ان اخذ والد الطفلة الوصفة الطبية الى صيدلية فاجابه الصيدلي ان هذا الخط واللغة يعبر عن ان الكاتب لهذه الوصفة طبيب متمرس فكيف تقول انه كتب من قبل فلاح جبلي وكذلك بعد اخذ العلاج واخذها من قبل الطفلة المريضة


5 - تكملة
الجيولوجي فؤاد شكر ( 2016 / 2 / 23 - 10:35 )
المريضة شفي بالحال خلال يومين ومنذ تلك الفترة نحن نبحث عن شخصكم ومن ثم اشيع انه ربما احد ملائكه الرحمن قام بذلك فأصر الحلاق لمعرفة مهنتي واصلي فاجبته بانه لايمكنيي(حيث أني مطلوب لدى السطات ) وبعد اصرار والاتصال بشخص والد الطفلة المريضة واحضاره بوقت قياسي الى محل الحلاقة تبين ان والد الطفلة هو نائب متصرف ايلام اي (نائب محافظ ايلام ) والحاحهم بالتعرف عن هويتي فأجبتهم بأني طبيب (خريج كلية الطب – بغداد عام 1936) وملاحق سياسيا من قبل السلطات العراقية وتم اسقاط الجنسية العراقي مني عام 1948 وربما تم ابلاغ الحكومة الايرانية عن تواجدي في ايران وبعد سماع والد الطفلة اقوالي تعهد بانه سوف يعمل المستحيل ولو كلف ذلك بأن يخسر وظيفته لكي يضمن حريتي وفتح عيادة خاصة بي لمعالجة المرضى حيث اكد ان البلد يحتاج الى مثل هذه الكفاءات كيف يمكن طمرها في الجبال دون الاستفادة منها وفعلا بدا بالاتصال بالحكومة الايرانية وشخصيات مقربة من شاه ايران (محمد رضا بهلوي )


6 - تكملة الرواية
الجيولوجي فؤاد شكر ( 2016 / 2 / 23 - 10:38 )
وتم الحصول على عفو خاص لي من قبل شاه ايران وحرية العمل وكان ذلك بحدود عام 1950 حسب ماذكر الراوي وفعلا قمت بفتح عيادة طبية في محافظة ايلام وبالرغم كان لدي طموحات اكبر لايمكن ان احققةفي مدينة نائية وبعد فترة عامين قمت بالانتقال الى العاصمة الايرانية(طهران) لكي احقق طموحاتي بممارسة اخصاصي وفي عام 1953 حصلت ثورة ضد شاه ايران المعروف بثورة محمد مصدق وتم ارسال برقيات تهنئة من كافة الشخصيات
ووجهاء طهران وكذلك اني كنت ضمن هذه المجموعة وبعد فشل الثورة بحوالي عام ورجوع الشاه الى الحكم يبدو ان رسالة التهنئة الى محمد مصدق وقع بيد الشاه وتذكر الشاه اسمي من ضمن قائمة التهنئة الى نجاح الثورة فارسل الي الشاه وذكرني بالعفو الخاص فخيرني بالتسليم الى السلطات العراقية او التعهد بترك السياسة وفعلا تعهدت بترك السياسة منذ تلك الفترة اي عام 1954 والان لدي مستشفى خاص في طهران وامارس مهنتي والحمد لله ماش الامور ولن افكر بالرجوع وممارسة السياسة (حسب قول الدكتور جعفرعام 1960 )

مع التقدير
الجيولوجي فؤاد شكر - من اهالي زرباطية / أربيل

اخر الافلام

.. مونت كارلو الدولية / MCD البث المباشر – أخبار دولية, أبراج,


.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24




.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و


.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد




.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز