الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امريكا خلف السعودية للتدخل في السياسة العراقية

محيي المسعودي

2010 / 4 / 19
السياسة والعلاقات الدولية



لماذا سمحت السعودية للساسة العراقيين بالاغتراف من تجربتها الديمقراطية الكبيرة ؟ - التي تعادل 75% من احتياطي العالم الديمقراطي - ولماذا تبنت دعم وتمويل جهات سياسية عراقية بعينها دون غيرها ؟ ولماذا دعت الى حفلة الاغتراف الديمقراطي هذه , أشدّ خصومها الديمقراطيين "الشيعة" ؟ ولماذا لم تدعُ المالكي وقد رفضت استقباله من قبل ؟ وحتى تتم الاجابة عن هذه الاسئلة , "اختلط الحابل بالنابل" وفتحت مساحات واسعة لقرّاء الكف في الجلسات السياسية التلفازية, كي يذهبوا أنّى شاءوا في تأويلاتهم و"الضرب بالتخت رمل" كما يقول المثل العراقي . حتى ذهب أحدهم للقول بأن دعوة الشيعة الديمقراطيين - خصوم السعودية - إلى "حوض الجمل الديمقراطي" في السعودية هي بمثابة تشفٍ ونكاية بنوري المالكي . ولكن الغريب أن نوري المالكي هذا ! هو من أشد خصوم الديمقراطيين الشيعة أيضا, وهو الوحيد الذي ضربهم بقسوة, وهو اقرب من غيره إلى ديمقراطية السعودية . خاصة وأنه لا يعمل بـ "ديمقراطية الفرس" . ويؤمن بـ "ديمقراطية العرب جية" وقد أكد ذلك من خلال وقوفه المشهور مع أسامة النجيفي في الموصل ضد الأكراد . فالرجل "عروبنجي" بامتياز . وتؤكد الأحداث بانه ليس "أيران جي" كالذين دعتهم السعودية . إذن لماذا كل هذا العداء والحقد على المالكي من قبل آل سعود ! ؟ هنا تكمن العقدة الخفية في علاقة نوري المالكي بالسعودية . فمن يستطيع كشفها واستظهارها ..؟
حتى نقترب من كشف الاسباب وراء هذا العداء, علينا الرجوع للخلف قليلا . ومن المفيد ان نذكر بعض الحقائق حول السعودية والمالكي معا . السعودية كانت و لا زالت دولة طائفية بامتياز وهي المفقس الاكبر للطائفية والارهاب في العالم, باعتراف اصدقائها واعدائها وشهادة كل شعوب العالم . وهي طائفية منذ حكمها آل سعود بمذهبهم الوهابي الجديد حتى اليوم . ولا ننسى " كشاهد على طائفيتها" دعمها لصدام ضد ايران فقط لان الاخيرة شيعية. مع ان خلاف واختلاف صدام مع السعودية كان اعظم من خلافها واختلافها عن ايران التي تشابهها بسياسة القطيع في حكم الشعب . ومع ان صدام بدأ يساريا ثوريا راديكاليا اشتراكيا وظل يصف السعودية حتى حربه مع ايران بانها قلعة الرجعية والتخلف في البلاد العربية مع كل هذا دعمته بكل طاقاتها والدافع دائما طائفي او استجابة لامر من سيّدها الامريكي . ولمن لا يتذكر طائفية السعودية نذكره بحربها الاخيرة على الحوثيين في اليمن , وقمعها المستمر للشيعة داخل السعودية الذين يمثلون حوالي خمس السكان . اما المالكي فهو الاخر لديه نزعات طائفية بحكم انتمائه السياسي الديني وعقيدته ولكن هذه النزعات كانت ولا زالت بلكنة او نكهة عربية وليست فارسية . والمالكي ميالا الى الفكر الشيعي اللبناني , الذي تحاربه السعودية حتى بالاصطفاف العلني مع اسرائيل . ولكن مع كل هذا فان الاختلاف السياسي بين المالكي والسعودية لم يكن كبيرا لانهما يلتقيان في الظاهر عند العروبة . اذن لم يكن الاختلاف الطائفي السبب الوديد في عداء السعودية للمالكي . وهناك سبب آخر .. فما هو !؟ نحن نذكر جميعا انتقادات المالكي للأمريكيين وتطاوله عليهم أحيانا وخاصة في قضية الأنتخابات التي اتهم فيها السفير الأمريكي في العرق والخارجية الأمريكية بالتدخل في العملية الأنتخابية وزادت حمّى الانقادات أكثر عندما اقترح بايدن أن يُؤجل العمل بقانون المسائلة والعدالة إلى ما بعد الأنتخابات وأن يُسمح للبعثيين بالمرور إلى قبة البرلمان .. يومها واجه الامريكان انتقادات حادة ولاذعة من المالكي ومن الشارع العراقي , بعدها تراجع الامريكان عن دعوتهم هذه بمرارة وقالوا عنها انها مجرد رأي فقط .. خاصة عندما كشف المالكي ان هذه الدعوة تتعارض مع الدستور العراقي . وقبل هذا كان للأمريكان اجتماعات سرية كثيرة مع البعثيين, أنكشف البعض منها وخاصة في تركيا وبقى البعض خفيا . وهذه الحالة واجهت أيضا انتقادات لاذعة من نوري المالكي الذي أعتبرها واعتبر ما بعدها وما قبلها من تصريحات واجتماعات امريكية مع البعثيين هي بمثابة تدخل في الشؤون السياسية العراقية , الأمر الذي فرض حتى على خصوم المالكي نفسه الاتفاق معه بأن هكذا تصريحات هي تدخل سافر في شؤون العراق . وطوال فترة حكم المالكي وأمريكا تصطدم بعدم تعاونه معها أو بالاحرى عدم الأنصياع لها تماما مثل بقية الحكام العرب . هذه الحال أزعجت واحرجت الامريكان وكدرت صفوفهم وعرقلت مشاريعهم وقللت من هيبتهم في بين اصدقائهم العرب , وحجمت من تدخلهم في السياسة العراقية . ولكن ما دام الأمريكان ملتزمون ببنود الاتفاقية الموقعة مع العراق , صار لزاما عليهم الحفاظ على شكل هذا الألتزام امام دول العالم . ناهيك عن تصريحاتهم الدائمة القائلة بعدم تدخلهم في الشؤون العراقية إلاّ حين تطلب الحكومة العراقية منهم ذلك .. هذه الحال أصبحت لا تسمح للأمريكان بممارسة دورهم وتطبيق رؤيتهم في العراق . خاصة والمالكي في الحكم . لذلك عدّوا العدة لأبعاده واستبداله بشخص ينسجم مع رؤيتهم او ينفذ لهم ما يريدون ولا يخافون من تسريب واقعهم في العراق الى عدوتهم ايران ولأنهم لا يستطيعون تغيير المالكي بالقوة أو التدخل المباشر في ظل هذه الظروف او ما يسمى بالديمقراطية, ولأن ثمن هذا التغيير سيكون كبيرا وخاصة على الساحة الدولية . ومن أجل الخلاص من المالكي الذي لايعتبرونه الرجل المناسب ولا حتى المقبول لديهم او حتى لدى أغلب العراقيين, اراد الأمريكان طريقا أخر بعيدا عن عيون المراقبين يبعدون به المالكي عن الحكم .. لذلك انتدبوا حكُام السعودية للقيام بمهمة تسقيط المالكي ومنعه من العودة للحكم . هذا الانتداب وجد رغبة سعودية جامحة وهو بمثابة "دوا وغوا" كما يقول المثل العراقي . فمن باب يروي آل سعود عطشهم الطائفي من العراق ومن باب آخر سوف يحصلوا على شهادة " شاطر" من الاستاذ الامريكي . وعليه اتفق الطرفان الامريكي والسعودي على أن يقوم الاخير بما تريده أمريكا في العملية السياسية العراقية واول ما تريده هو ازاحة المالكي وتقويض الوجود السياسي الشيعي في العراق . وفي هذا الامر منفعة مزدوجة لامريكا والسعودية معا . امريكا تقطع الامتداد العراقي الايراني وبذلك تمنع ظهور الهلال الشيعي الذي حذر منه حكام عرب قبل الامريكان . هذا اضافة الى خطب ود الدول العربية التي لم ولن تعترف بالعراق وتتعامل معه ما دام يحكمه الشيعة . اما السعودية فمنافعها كثيرة, ولكنها لا تخرج عن ارواء النزعات الطائفية العطشى الى اذلال الشيعة " الكفرة الخوارج اصحاب البدع والمتع" طبعا للسعودية الحق بذلك ما دام دين الجزيرة يقول في الشيعة هذا القول الذي لم يقله في الصهاينة. ولأن الأمريكان أشروا على أياد علاوي كرجل مرحلة انتقالية او اداة تحويل فقط من اجل عودة العرب المتأمركين للسطة قبلت السعودية العرض الامريكي على ان يتم لاحقا ازاحة علاوي عنها . ثم ان السعودية تملك اواراق ضغط على علاوي تكفيها لازاحته انّى شاءت ولأنه صاحب علاقة طويلة مع السعودية منذ أسس حركة الوفاق مع صلاح عمر العلي بشيك سعودي بأربعة ملايين دولار دفعه تركي الفيصل لهما في الرياض . خلاصة القول ان مصالح الامريكان وخاصة جعل الشيعة في العراق همزة قطع وليس همزة وصل مع ايران, اتفقت, هذه المصالح مع مصالح السعودية الطائفية ضد الشيعة عامة وايران خاصة . هذا الاتفاق في المصالح . جعل امريكا تنتدب السعودية لتحقيق مصالح الطرفين على حساب العراق كبلد ديمقراطي مستقل . وحتى يحقق الطرفان اهدافهم ومصالحهم كان لا بد لهما من التخلص من المالكي اولا وسيدرك من ياتي بعده انه "اُكل يوم اُكل الثور الابيض" ويبقى المؤسف ابدا ان العراقيين ورغم ثقافتهم وتاريخهم لا زالوا يتقبلون دورا لدولة مثل السعودية متخلفة انسانيا وثقافيا وسياسيا ولا زالت تعيش في ايام ابن تيمية قبل 14 قرنا . ويقبلون دورا لدولة مثل ايران يُحكم شعبها حكم القطيع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نزوح مئات العائلات على وقع غارات إسرائيلية مكثفة على جنوب لب


.. مسؤول إسرائيلي عن استهداف حسن نصرالله: نقطة تحول في الصراع ل




.. حزب الله يقصف مستوطنة إسرائيلية


.. الجيش الإسرائيلي يشن غاراته على مناطق بالضاحية الجنوبية




.. القبة الحديدية تعترض صواريخ أطلقت من جنوب لبنان