الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثالوث المشؤوم

عدنان شيرخان

2010 / 4 / 20
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


اصابت رنا (23 عاما) العاملة في احدى منظمات المجتمع المدني موجات من الذهول مما رأته وسمعته في احدى القرى التي تقع في محيط مدينة بغداد. تعمل رنا ضمن فريق ينفذ برنامجا يهدف لحماية النساء والاطفال من العنف الاسري والمجتمعي
من المقرر ان يزور الفريق نحو 75 مدرسة في احياء بغداد الفقيرة المكتظة بالسكان والقرى المحيطة بها، والفئة المستهدفة من هذا البرنامج قرابة 750 من الكادر التعليمي واعداد من الطلبة في المدارس التي وافقت اداراتها على التعاون معهم.
وكما يقال فأن المعايشة على ارض الواقع والاحتكاك بالناس اكثر وقعا وايلاما، وهذا مبعث الذهول التي تشعر به شابة متعلمة حديثة التخرج من الجامعة، تقول رنا انها سألت طلبة صفوف يزيد عددهم على الاربعين عمن تعرض منهم لضرب احد الوالدين، تاتي النتيجة مؤلمة ترفع ايادي الطلبة جميعا اولادا وبنات بالايجاب، ومثلها تقريبا عن ضرب الاباء اليومي لامهاتهم وامام اعينهم ايغالا بالاهانة واذلالا لمكانة المرأة (الام والزوجة والبنت) في الاسرة والمجتمع بشكل عام.
عنف مستشر في اعماق المجتمع، يحتاج الى الكثير من العمل والتوعية والقوانين الملزمة للتخفيف من حدته اولا ثم القضاء عليه بشكل نهائي، السعي والعمل لتدمير ثقافة العنف، والنظر اليه كجريمة، وان يغدو العنف الاسري ضد الزوجة والاطفال جريمة مشينة، لا عرفا مقبولا اجتماعيا وعشائريا.البحث عن اسباب العنف لا تحتاج الى رحلة مضنية، فبامكان شابة في بداية حياتها العملية ان تؤشر اسباب هذا العنف الكامن في النفوس، انه بداية، الثالوث الاسود المشؤوم ( الجهل والفقر والمرض) الذي يجد في دول العالم الثالث مرتعا وحاضنة له.
ارقام الامية والبطالة والتهرب من المدارس والاصابة بالامراض مخيفة برغم اختلافها واختلاف الغايات السياسية التي تقف وراء تضخيمها او تبسيطها، عوائل يزيد عدد افرادها على الخمسة عشر فردا حشرت في بيوت صغيرة، ليس فيها ابسط مقومات العيش، وتنتظر اطفال ضحايا العنف الاسري حياة مليئة بالصعوبات والمعاناة، وسيدخلون في نفس دورة العنف التي قضوا طفولتهم فيها، وستنقلب الضحية الى جلاد جديد يمارس العنف ضد ضحايا جدد.
لسنا بخير، يتحمل النظام الدموي السابق وزر ما وصلت اليه امور العراق، اشاع ثقافة العنف والموت والدم، لم يعط اية قيمة للانسان، عسكر المجتمع، بدد ثروات العراق الهائلة، سمته وبصمته الرئيسة كانت التعذيب والاعدامات ودفن الابرياء احياء في مقابر جماعية، وألقت سنوات حصار مجلس الامن الاقتصادي ( اللااخلاقي) ضد الشعب العراقي بظلال لاتزال آثارها واضحة، لقد اجهز ذلك الحصار المجرم الذي استمر 13 عاما على ما تبقى من الطبقة الوسطى ودمرها، ووسع المساحة التي تحتلها الطبقة الفقيرة المعدمة. ومنذ تغيير العام 2003 لم تتعامل النخب الحاكمة المتعاقبة بجدية كافية مع قضايا العراقيين الملحة لتجد لها حلولا مناسبة، وكانت الحجة الغالبة انشغالها بالملف الامني ومحاربة الارهاب، الجهل والامية والفقر جذور مغذية للعنف والارهاب.
لسنا بخير، وعلينا امتلاك الشجاعة اللازمة لقول ذلك، وكلما تاخر تدخل الدولة والجهات صاحبة النفوذ والقرار لايجاد الحلول كلما زاد تعقيد الامور. الوصول الى السلطة وتشكيل الحكومة واحتلال مقاعد البرلمان ليست غاية بحد ذاتها، انما هي وسائل لخدمة الشعب، الذي تطلعت غالبيته العظمى بتفاؤل الى تغيير النظام الشمولي الدموي السابق، فماذا ينتظر بعد ... ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سودانيون يقتاتون أوراق الشجر في ظل انتشار الجوع وتفشي الملار


.. شمال إسرائيل.. منطقة خالية من سكانها • فرانس 24 / FRANCE 24




.. جامعة أمريكية ستراجع علاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل بعد ا


.. تهديد بعدم السماح برفع العلم التونسي خلال الألعاب الأولمبية




.. استمرار جهود التوصل لاتفاق للهدنة في غزة وسط أجواء إيجابية|