الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن المعجزات والمستحيلات في السوق الانتخابية الحرة ..

جاسم المطير

2010 / 4 / 20
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


عن المعجزات والمستحيلات في السوق الانتخابية الحرة ..
كنت فيما سبق من عقود السنين اعتقد أن الانتخابات البرلمانية هي من (المشاكل السياسية الكبرى) في العراق ، خلال العهدين الملكي والصدامي . ففي ظل النظام الملكي كان (توفير) نواب البرلمان بأساليب خاصة ، لأغراض خاصة . في ظل نظام صدام حسين كانت عضوية البرلمان المسمى (المجلس الوطني) هي وظيفة من وظائف الدرجة الثانية لتلميع سواد عيون النظام الدكتاتوري البشع ، مقابل حفنة من متاع الدنيا . لكنني صرت الآن ، بعد انتخابات 7 – 3 – 2010 ، اعتقد اعتقادا ، جازما ، حاسما أن الانتخابات البرلمانية هي مشكلة من نوع آخر . بالضبط هي من نوع المشاكل المعنوية ـ الأخلاقية ـ التجارية ، بل هي شكل من أشكال (الاستثمار السياسي) لتوفير القروض والرشاوى والهبات ، الوطنية والأجنبية ، إضافة إلى التمتع ببورصة الراتب التقاعدي الضخم المصحوب بجواز سفر دبلوماسي يؤمنان للنائب حياة رغيدة في دولة أجنبية بعد 4 سنوات من العضوية البرلمانية . طبعا أنا لا اعني جميع النواب بــ( البورصة البرلمانية ) فمن دون شك هناك استثناءات ليست قليلة عن نماذج نواب برلمانيين عراقيين يقومون بدور المحامي عن حقوق الشعب العراقي ، كما هو حال بعض النواب الأوربيين في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر .
كما يبدو لي فقد ظهرت طبقة جديدة في السياسة العراقية ، من البائعين والتجار والمقاولين والوكلاء ، مهمتهم الأساسية صياغة عقود التعاون بين كثير من نواب البرلمان وبين مؤسسات الانتفاع التجاري ، لتضليل الناس الفقراء من مختلف الأصناف البسطاء ، الذين ما زالوا يتصورون بعقليتهم المتخلفة أن اودلف هتلر ما زال يحكم ألمانيا وانه يقتل اليهود حيثما وُجدوا في المدن الألمانية ..!.
مثل هذا التخلف وشقيقه ، موجود في العراق الجديد ، لدى الكثير من أصحاب اللحى الموضوعة فوق ربطة العنق اللامعة وهم مثل بعض الأطباء الفاشلين عند معالجة مرضاهم يكذبون عليهم بالقول أن نسبة ضغط الدم صارت في جسم الزبون مقبولة ومتوافقة وغير ضارة .
هذا المثل يذكرني بما قاله اثنان من (ذوي الدخل السياسي المحدود) بسبب نقص موارد ثقافتهم الديمقراطية وبسبب أنهم يجدون مبدأ احترام وعي الشعب العراقي باهظ التكاليف عليهم . انطلاقا من هذا الواقع يواجهنا اثنان من الأمثلة السياسية ـ الانتخابية :
(1) المثل الأول قاله وعبـّر عنه ، أحد قادة حزب الدعوة حين قالت بعض وكالات الأنباء الأجنبية حال انتهاء عملية التصويت ، وقبل البدء بفرز الأصوات عن احتمال فوز كتلة أياد علاوي على كتلة نوري المالكي فصرّح صاحبنا القريب من رئيس الوزراء أن فوز علاوي على المالكي يحتاج إلى (معجزة).
(2) المثل الثاني تجسد بعد حدوث (المعجزة) بفوز علاوي . ذهبت كتلة المالكي إلى الشكوى القضائية والاعتراض والاحتجاج ثم المطالبة بفرز وعدّ الأصوات الانتخابية ، في مدينة بغداد ، بطريقة يدوية ، لأن كتلة نوري المالكي أصيبت بالغثيان لفوزها بالمرتبة الثانية وليس بالمرتبة الأولى مما يعني اتهام المفوضية العليا للانتخابات بالتلفيق والتزوير . هذا الاتهام انتهك قاعدة صارمة من قواعد أخلاقية المفوضية فراح أحد المفوضين الكبار مصرحا من على شاشات فضائية أن إعادة الفرز والعدّ هو أمر من المستحيلات ..!
يوم أمس رفعت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وسادة الخجل من على وجهها مكلفة حمدية الحسيني بالتصريح عن قرار قضائي بإعادة الفرز والعد (اليدوي) لممارسة القتل الرحيم على مرضى التصريحات الصحفية والفضائية عن (المعجزات والمستحيلات) .
بعض الناس السياسيين يسألون : هل أن هذه الخطوة القضائية جاءت (طواعية) أم أنها نتيجة استحقاق (ضغط) حكومي من أعلى ، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، لكي يحقق (دعاة المعجزات) نتائج انتخابية جديدة اعتقادا أن الفرز اليدوي والعد اليدوي قادران على تحقيق معجزة جديدة مغايرة بعد أن حقق الكومبيوتر معجزة فوز أياد علاوي بعد أن تخلت مجموعة فرج الحيدري – حمدية الحسيني – قاسم العبودي عن مواقفهم غير الوفيرة بالحق والعدل لأن معضلة هؤلاء الثلاثة لا يؤمنون لا بمحركات البحث الكومبيوتري ولا بمحركات البحث اليدوي ، لا يحترمون خيارات الاستقلالية الوظيفية ، ولا يحترمون أراء الشعب .هم بالتالي لا يكتشفون شيئا جديدا إلا بالضغط السياسي باسم العدالة القضائية ، التي يتفاقم عدم استقلالها هي أيضا ، يوما بعد يوم .
أتمنى أن لا تكون أيادي (لجان العد والفرز) غافلة ، أو ملوثة ، أو فاقدة الوعي ، خلال الأيام العشرة القادمة المخصصة لانجاز مهمة (العد والفرز) . الأمل أن يكون التعقيم الانتخابي الجديد يكفي للبدء بتنظيف مبنى رئاسة مجلس الوزراء ، وفقا للمسئولية الدستورية العراقية بتشكيل الوزارة بسرعة ، وفض مشكلة التسابق على المناصب والمصالح ، عن طريق الممارسة الوطنية العقلانية ، وعن طريق الخضوع التام لمبادئ الاستقامة الأخلاقية ، التي غابت عن منظور المسئولية الوطنية وعن أعين الكثير من المسئولين خلال السنوات السبع الماضية من تاريخ العراق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 19 – 4 – 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طارق متري: هذه هي قصة القرار 1701 بشأن لبنان • فرانس 24


.. حزب المحافظين في المملكة المتحدة يختار زعيما جديدا: هل يكون




.. الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف الأسلحة نحو إسرائيل ويأسف لخيارا


.. ماكرون يؤيد وقف توريد السلاح لإسرائيل.. ونتنياهو يرد -عار عل




.. باسكال مونان : نتنياهو يستفيد من الفترة الضبابية في الولايات