الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل لهؤلاء كرامة؟

جواد وادي

2010 / 4 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


حالتان متناقضتان شكلا ومضمونا لكنهما جديرتان بالتمعن لما لهما من معان ابعد من العادية وينبغي ايلائهما اهتماما ودروسا أخلاقية ابعد من أنوف بعض ضيقي الأفق وإيجاد المقاربات التي تسلط الضوء على من به خصاصة.
واتخاذهما عبرا مهمة وفهما لإزالة أي غموض مقصود وغير مقصود وصولا إلى الفهم العارف للحالتين بعيدا عن الحذلقات الجوفاء.
الأولى تتعلق بالفنانة الكبيرة ناهدة الرماح وخلال إطلالتها البهية في برنامج على فضائية الحرة حيث أثارت الشجن المخزون في دواخلنا نتيجة العذابات والقهر الذي ذقناه على يد فاشست البعث حيث بهتت كثير من المحطات التي كانت من القسوة إما لكوننا نحاول نسيانها أو لتقدمنا في العمر ومراراته التي أنست الإنسان حتى اسمه.
كانت الفنانة ناهدة الرماح تقص حكايتها مع الفن وفقدان البصر والمعاناة التي كانت تقاسيها على أيدي أزلام النظام البعثي العفن فكررت أكثر من مرة أن سبب رحيلها من العراق وترك أولادها يواجهون مصيرهم هو كثرة الملاحقات التي كانت تواجهها وكيف أنها كانت تكتم أنفاسها وتعيش كالسجينة داخل منزلها خوفا من المداهمات البعثية وكانت مقدمة البرنامج تكثر عليها من الأسئلة حول عدم ممارسة عملها فكانت تجيب أن السبب الأساسي هو الشرف والكرامة، القيمتان الغاليتان اللتان لم تساوم عليهما أبدا رغم أنها هجرت حتى عائلتها للحفاظ على هاتين الخصلتين باعتبارهما تمثلان نقاء الإنسان وتشبثه بمبادئه وقيمه حتى أمام إغراءات يسيل لها لعاب النفعيين وعديمي الكرامة والشرف. وإنهما قضية كيانية لصيقة بالوجود الإنساني برمته.
ذكرني هذا الموقف النبيل لفنانة الشعب الرائعة ناهدة الرماح بما كنت أقوله في كل مناسبة حين يذكر البعث ونظامه القمعي مع من يحيط بنا من عرب أننا هربنا لكيلا نبيع ضمائرنا ونتحول إلى كلاب حراسة للنظام العفلقي فكانوا يستغربون من هذه المواقف ولماذا لم نستفد من ثروات الوطن متناسين انها مندوفة بالخسة والعار ونقيصة الشرف والكرامة والآن وبعد سقوط هذا النظام الأجرب من ربح ومن خسر؟
نأتي الى الحالة الثانية التي تصف ثلة المجرمين والقتلة وهم محصورون داخل قفص المحاسبة والمحاكمات التاريخية وهم في غاية المذلة والابتذال وفقد الكرامة، هذه المخلوقات الرثة التي كان كل واحد منهم يقول أنا رب العراقيين الأعلى وولي أمرهم،
يصولون ويجولون وينشرون الرعب حيث يكونون فلنقارنهم وهم داخل ذلك القفص الذي لا يتعدى مترين في مترين وهم مطأطئو الرؤوس وبخوف يسمعون صراخ القاضي بهم طالبا من كل واحد منهم التزام الصمت وبخنوع وذل يجلسون وكأنهم تلامذة مدرسة ابتدائية بلداء ولا سمة للنباهة تلوح على وجوههم وصوت القاضي يلعلع وهو محق بذلك أن يلتزموا الإنصات وألا يتكلموا إلا حين يسمح لهم وباقتضاب شديد.
ماذا يقول من يشاهد حالاتهم البائسة والكارثية حين كان يطل علينا مثلا ذلك الأبله أشيب الرأس طارق عزيز كأنه اسد هصور وهو الآن في غاية الانكسار ويسمع صوت القاضي الذي بعمر ابنه وحاشا القاضي أن يكون ابنا لهذا القاتل وهو يأمره بالتزام جانب الأدب.
هل لهؤلاء ذرة كرامة ليصل بهم الحال إلى هذه المهانة فسبعاوي ووطبان وسمير النجم وسعدون شاكر وعلي كيمياوي وقبلهم برزان والجزراوي والأب القائد نزيل الحفرة القذرة وسواهم ممن كانوا وبتحريك إصبع من أي منهم تتم تصفية العشرات من الأبرياء من العراقيين في الوقت والحين فما الذى وقع ليتحولوا الى أكثر وداعة من النعامات والديكة المنهزمة؟
ينبغي لكل عراقي أن يتمعن بهذه الصور ويستفيد من العبر ليتوصل بنتيجة كنا نقولها ونصرح بها ونكتب عنها أن هذه العينات الوسخة هي (خنيثة خبيثة) فهي كما يصفها الشاعر. ( وفي الهيجاء ما جربت نفسي... ولكن في الهزيمة كالغزال)، إنهم جربوا وجربوا وكانوا أسدا ونمورا وفهودا وضباعا ولكن على من؟ على الضعفاء والمغلوبين وأولاد الخايبة أما حين جد الجد وحين بات الأمر في غاية الغليان تحولوا إلى فئران جرباء ومذعورة وما قائدهم إلا مثل لا يحتاج إلى أي تعليق.
أتساءل أنا الحانق على هؤلاء الأنجاس، من نفذ به حكم الشعب ومن ينتظر، بعدد جبال الأرض وبحورها وصحاريها للظلم الذي لحقنا منهم دون وجه حق وعلى امتداد العقود الأربعة الماضية ودون أن نرتكب جرما أو خطيئة لكننا فقط حافظنا على كرامتنا ولم ننخرط في جوقة الجواسيس والقتلة وكتبة التقارير الكيدية. وناهدة الرماح فنانتنا الأبية واحدة منا حين عبّرت وعن ألسنتنا جميعا بأنها ضحت بكل شئ من اجل الكرامة والشرف فهل يفهم هؤلاء الأوباش مثل هكذا مواقف إنسانية نبيلة وشجاعة وبهذا القدر من التضحيات حتى وان تطلب منا ذلك الانتحار على أن نسلم أنفسنا لقمة سائغة لمجموعة المتخلفين ونجس الأرض هؤلاء.
أقول إن كانوا يحتكمون على ذرة كرامة واحترام لذواتهم المتسخة أصلا لقاوموا حتى الموت أو وضعوا حدا لحياتهم على أن يصلوا إلى هذا الحد من المهانة والإذلال الذي لا ترتضيه حتى الكلاب الضالة على نفسها.
إنها نظرتنا الصائبة بحق هذه المخلوقات كونها من اجبن ما خلق الله بدليل أن الشجاع والأبي ومن يحترم ذاته والآخرين لا يمكن أن يتحول إلى قاتل وسفاح وظالم وبه كل مثالب الكون إن لم يكن مستعدا بسبب شخصيته الرثة وقذارة تفكيره لان يمارس كل طقوس المحو والموت بحق الأبرياء وهكذا هو ديدن الصداميين.
كم هو جميل ورائع ويشفي الغليل أن نعيش لهذا اليوم لنرى ما وصل إليه وسخ الأرض من وضاعة وانحطاط وفقد للكرامة المنعدمة في الأساس.
وشكرا لكل من منحنا هذه الفرصة التاريخية لنموت قريري العيون ونشاهد هؤلاء وهم على هذه الحال لنقف على مهانتهم بعد أن ذابت كل الرغبات الجامحة قبلا للانتقام.
والعبرة لمن اعتبر
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسين بن محفوظ.. يصف المشاهير بكلمة ويصرح عن من الأنجح بنظره


.. ديربي: سوليفان يزور السعودية اليوم لإجراء مباحثات مع ولي الع




.. اعتداءات جديدة على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة لغزة عب


.. كتائب القسام تعلن قتل عشرين جنديا إسرائيليا في عمليتين شرقي




.. شهداء ومفقودون بقصف منزل في مخيم بربرة وسط مدينة رفح