الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدرة المفقودة

زكرياء الفاضل

2010 / 4 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


الدرة المفقودة

بعد انهيار المعسكر الاشتراكي تمكنت تلك الأحزاب اليسارية الجلباب والبرجوازية الفحوى والطموح من إشهار إسلامها للسلطة المخزنية، الذي طالما أخفته، وباتت ركيزة واضحة من ركائز الإقطاعية ذات الوجوه المتعددة والمختلفة. فتارة تراها بوجه المهرج المقلد للحاكم وكثيرا ما تظهر بوجه الحاجب المخزني وهو الأنسب لها. لكن ضررها لايكتمن فقط في خيانتها للعهد، فهذه أمور تحصل كثيرا في المسار النضالي لطول وصعوبة سكته، بل يكمن بالدرجة الأولى في كونها أفقدت الجماهير إيمانها بالنضال المشروع من أجل حقوقها وجعلتها ترتمي في أحضان التطرف والعنف. وهنا جنايتها التاريخية الكبرى في حق الجماهير التي لن تعفيها من المساءلة وحتما ستقدمها لمحاكمة عادلة آجلا أم عاجلا، فيوم الحساب آت لا ريب فيه.
لقد استغل هذه الظروف العكرة أصحاب الفكر التكفيري وعملوا باجتهاد على اصطياد النفوس الضعيفة واستقطابها وتجنيدها لجنة الفردوس على حساب الأبرياء. وما يجدر ذكره هنا هو أنّ قوة خطابهم الاستقطابي تكمن خارج كيانهم الإديولوجي الضعيف بفطرته، حيث ساعدهم في نشر فلسفة الكراهية والعداء للآخر عجز الشق اليساري الشريف عن تقديم بديل فكري للجماهير يتماشى وإمكانيتها الفكرية الرهينة بمرحلة تطورها التاريخي. فجاء فكر الرؤية والخلافة والجهاد ليملأ ذاك الفراغ الناتج عن ضعف مدرسة التنظير اليسارية، إن لم نقل انعدامها. فهذا الشق اليساري، رغم تسليمنا بإخلاصه، نعتبر طموحاته غير متكافئة مع إمكانياته الفكرية وبالتالي فهو عاجز على تأطير الجماهير وقيادتها. هنا اُفتقدت الدرة أي أن جماهيرنا اليوم هي في أمس الحاجة إلى من يقودها ويوجهها في نضالاتها اليومية كحد أدنى وصراعها الطبقي كحد أقصى. فمن سيرجع الدرة المفقودة إلى مكانها؟
حسب اعتقادنا هناك ثلاث قوى تطمح لدور القيادة الجماهيرية وهي:
أ‌) العدالة والتنمية: هذا الحزب لا يمكنه ذلك لكونه انصهر في القالب المخزني وبات إحدى ركائزه، وكل كلامه عن العدالة والتنمية تمويه لحقيقة كنهه المخزني. فهذا الحزب طرأ عليه نفس التغيير الذي عرفته أحزاب يسار الماضي.
ب‌) العدل والإحسان: رغم دورها البارز،اليوم، في نضالات الجماهير إلا أنها تنظيم آبوسي لا يختلف عن النظام الإقطاعي في شيء، حيث بنيتها تعتمد على طاعة المريد المطلقة للشيخ. كما أنها لا تمتلك تصورا واضحا للبنية الاجتماعية والإقتصادية والصحية والمالية والتعليمية.. كل ما تروجه هو أفكار عن مجتمع إسلامي من وحي تقديسها لماضي غامض ومليئ بالفلكلور الشعبي. لكن العدل والإحسان، رغم اختلافنا معها في الرؤية، تبقى تنظيم شريف ثابت على مبادئه ولا يقبل المساومات فيها، على الأقل في ظل قيادة مؤسسها وقائدها عبد السلام ياسين أما بعد رحيله، كل نفس ذائقة الموت، فلا توجد ضمانات لاستمراريتها في نفس النهج.
ت‌) اليسار الشريف، والذي غالبا ما نسميه بالسلفيين، عاجز عن تحمل مهمته التاريخية نظرا لعدم قدرته عن النزول من علياء الترف الفكري إلى أرض واقع الجماهير الكادحة. لذلك لا نعتقد بأنه سيتمكن من الارتقاء إلى الدور الطلائعي في نضالات المستضعفين.
انطلاقا من هذه المعطيات نرى ضرورة العمل على إنشاء أرضية نضالية غير سابقة تعتمد نهجا جديدا في المسار النضالي لجماهيرنا الكادحة. أرضية منبنية على إيديولوجية فحواها العدالة الاجتماعية بمعنى تكافؤ الفرص للمواطنين، وكرامة الفرد أي ضمان حريته في الاعتقاد والتعبير والمشاركة في تسيير أمور مجتمعه والحق في العمل الشريف والتعليم والتطبيب والراحة وأخرى. ونرى أن هذه الإديولوجية لا بد لها من أن تنطلق من تاريخنا وتقاليدنا العريقة دون إغفال التجربة البشرية ككل في مجال التحرر والانعتاق من أغلال الاستغلال، ولا بد لها من الارتكاز على الأسس العلمية التنظيرية منها والعملية بعيدا عن الرومانتكية والفولكلوريات. هذه الإديولوجية الجديدة تجعل من مبادئها التعددية والإيمان بنسبية الحقيقة وسلطة الشعب المتمثلة في مبدأ الشورى بين أبناء الشعب الواحد على اختلاف آرائهم ومعتقداتهم. إننا نريد لها أن تكون إيديولوجية التوحيد لا التفريق، الأخوة والرفاقية لا العداوة والكراهية. لأننا أبناء شعب واحد ووطن واحد وأمة واحدة طالما حاول المستعمر دس التفرقة بينها فلم يفلح فهل ينجح المخزن حيث فشل الاستعمار؟
إن وحدة الصفوف ضرورية إن رغبنا في التغيير، وإتلاف القلوب إجباري إن طمحنا للنجاح، والتحام القوى لا مناص عنه إن سعينا، فعلا، لمغرب عهد جديد.
ولنا عودة في الموضوع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلجيكا ترفع دعوى قضائية ضد شركة طيران إسرائيلية لنقلها أسلحة


.. المغرب يُعلن عن إقامة منطقتين صناعيتين للصناعة العسكرية




.. تصاعد الضغوط على إسرائيل وحماس لإنهاء الحرب| #غرفة_الأخبار


.. دمار واسع طال البلدات الحدودية اللبنانية مع تواصل المعارك بي




.. عمليات حزب الله ضد إسرائيل تجاوزت 2000 عملية منذ السابع من أ