الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجزائريّون و المصريّون في مسرح الدّيكة...!

باهي صالح

2010 / 4 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


الجزائريون والمصريون لا زالوا يصنعون الفرجة في مسرح الدّيكة بعد مرور كم شهر على موقعة أم درمان، ريشهم يتطاير في كلّ اتّجاه على مرأى و مسمع من العالم...في كلا الطّرفين اجتهد كبار المنافقين و المتزلّفين و المستنفعين و صائدي الفرص من إعلاميين و أشباه كتّاب و مثقفين و غيرهم على إطالة عمرالأزمة و استغلالها أطول فترة ممكنة لذلك نراهم و إلى حدّ الآن لم يملّوا و لم يتعبوا من النّفخ فيها (الأزمة الكرويّة) من ذكائهم و طمعهم في الشّهرة و الأموال...إلى الآن لا زالوا يعملون على إذكاء و إبقاء مشاعر الشّعبين على صفيح ساخن من الغضب و التوتّر و الانفعالات...!

هذا أسّس كما هو واضح لمشاعر في غير محلّها من العداوة و البغضاء و الكراهيّة لا ندري مدى آثارها على الإنسان هنا و هناك و لا نعرف عمرها في الزّمن الآت، و يا ليتها اقتصرت على طبقات معيّنة من أصحاب الأجندات و الأهداف الجليّة و الخفيّة من النّخب و السياسيين بل تعدّت آثارها مع كلّ أسف إلى حياة المواطن العاديّة في كلا البلدين خاصّة و الشّعبان محسوبان على دار العروبة و الإسلام...!

في الجزائر و بفضل حملات الشّحن و الإغاضة و التّهييج و التّسخين المستمرّة تلك، أصبحت كلمة مصر في ذهن الجزائري مرادفة لكلمة كفر و كلمة مصري مرادفة لكلمة شيطان و كلّ ما يأتي به أو يفعله أن ينتجه المصريون...أصبح مرادفا للممنوعات و المحرّمات الّتي تجلب غضب اللّه و سخطه على كلّ من يقترب منه...حتّى الطّرب المصري الّذي يمثّله كواكب يعزّ على الزّمان إنجاب مثلهم مثل أّم كلثوم و عبد الحليم و عبد الوهّاب و غيرهم و الّذين كانوا إلى عهد قريب يتربّعون على عرش السّماع و قلوب الجزائريين اتّفقت الحكومة و الشّعب على حدّ سواء و بدون قوانين أو مراسيم على تحريم و منع بثّ كلّ الأغاني المصريّة على مستوى كلّ القنوات الإذاعية و التّلفزيّة و النّاس بدورهم حرّموا على أنفسهم و بإرادتهم الحرّة و هم في بيوتهم أو في سياراتهم صوت كلّ مطرب من جنسيّة مصريّة...!

ركب معي زميل في السّيارة و كان جهاز الستيريو يصدح بصوت عبد الحليم...فاجئني و هو ينشب أظافره في الجهاز و يغلقه بانفعال ظاهر قائلا: ما هذا يا صديقي...هذا مصري..ألم تكتفي ممّا فعله المصريّون بنا...لا خير فيهم أبدا...!

قلت دون أن أقدر على إخفاء انزعاجي: كِدت تصيب الجهاز بالعطب...ماذا فعل لك عبد الحليم..الرّجل في ذمّة ربّه منذ عشرات السّنين...!

قال متأفّفا ساخرا: المصريّون كلّهم غير صالحون...بعضهم من بعض...ألم تشهد ما فعلوه بنا...؟!
قلت ساخرا: لا لم أشهد شيئا...!

نظر نحوي غير مصدّق: ألم تشاهد و تسمع سبابهم و شتائمهم في وسائل إعلامهم لنا...ألم تتابع برامج كاملة و هم يستهزئون و يسخرون من شهدائنا و رموزنا..لقد صنعوا العار...ثمّ تقول لا لم أشهد شيئا...لا شكّ أنّك تمزح...!

قلت بنبرة حادّة: الّذين رأيتَهم و سمعتهم كم يبلغ عددهم...هل هم عشرون أم ثلاثون أم مائة...الشّعب المصري يا عزيزي يصل تعداده الثّمانون مليون و في هذه العدد كما عندنا الصّالح و الطّالح و فيه العاقل و فيه المتهوّر و فيه الاستغلالي و في المستعفّ و فيه المتجنّي و فيه العادل و فيه الصّعاليك و اللّصوص و الحراميّة و البلطجيّة كما فيه المتخلّقون و المفكّرون و النّزيهون و الطيّبون...إلخ...فكيف تشيطن شعبا كاملا لأنّ صحافيّا أو مجموعة من الإستغلاليين و الباحثين عن الانتشار و الشّهرة أساءوا الأدب و تفوّهوا بما لا يليق...ثمّ أليس بيننا نحن الجزائريّين من أساء الحديث في حقّ المصريين..ألا يوجد بيننا بدورنا أناس أساءوا لنا و لشهداءنا بأقوالهم و أفعالهم و استفزازاتهم...ألا يوجد من الصّحف و الكتّاب و غيرهم من صنعوا شهرتهم من المتاجرة في هذه الأزمة المفتعلة أصلا...؟!

قال بأعصاب مشدودة: تُراك معنا أم معهم...هل أنت جزائريّ أم لا...؟!

أدخلت يدي إلى داخل جيبي و أخرجت بطاقة الهُويّة و قلت و أنا أعرضها عليه: خذ تأكّد بنفسك...!

هزّ يده و أشاح عنّي بوجهه ثم اعتدل في جلسته و التفت مرّة أخرى نحوي: أنت لا تعرف المصريين يا صديقي...أمّا أنا فأعرفهم جيّدا أنا ذهبت إلى الحجّ و عرفتهم عن قرب و وجدت كلّ العرب يكرهونهم لأفعالهم و تصرّفاتهم المخزية و شهدت ذلك بنفسي...هم وحدهم من يتسوّلون و يتسبّبون في المشاكل هناك...هم وحدهم من لا يؤتمن لهم جانب...هم وحدهم من....

قاطعته و قد نفذ صبري: أمّا أنتم الجزائريّون و غيركم فملائكة أطهارا و كراما طيّبين....من فضلك إنزل من سيّارتي...؟!

ضغطت على الفرامل فجأة و فتحت له الباب.

نزل و هو يصليني بسهام عينيه..!

و في مرّة أخرى كنت رفقة مجموعة من الأصدقاء في جلسة أنس و سمر نتجاذب أطراف الحديث و نتبادل التّعليقات السّاخنة إلى أن أخذنا النّقاش إلى الأزمة الكرويّة بيننا و بين إخوتنا المصريين و إذا بالنّفوس تتكدّر و الأجواء داخل الغرفة تضيق و تحتقن خاصّة عندما أعرب أحدهم عن مدى ما لحقه من غضب بحيث تحوّل عنده إلى رغبة ملحّة في الثّأر من أيّ مصري يجده أمامه حتّى يطفئ ناره و يشفي غليله من جرّاء ما تجرّا على قوله أحد الصّحفيين المصريين في إحدى المحطّات الفضائيّة المصريّة في حقّ الجزائريين، و لمّا حاولت التّهوين ممّا سمعه و شاهده زاد تكهرب الغرفة و شعرت بثقل مشاعرهم غير الحميدة كلّها تصبّ في اتّجاهي فلم أجد بدّا من أن ألوذ بالصّمت الجميل و أنا أسمعهم على مضض يقطّعون و يأكلون في لحم إخواننا المصريين من أجل ماتش كورة و مجموعة كما قلت من المنافقين و الصّيادين في المياه العكرة...!

و لا أشك في أنّ المواطن المصري يعيش نفس الأجواء في بلده لندرك مدى الأحقاد الّتي تشكّلت و حجم العداوة الّتي نشأت بين شعبين عربيين مسلمين لهما قواسم مشتركة في تاريخ العصر الحديث و الحاصل نتيجة لزوميّة للحملات المسعورة الحمقاء المتواصلة الّتي تحرّكها عقائد سياسيّة و مصلحيّة لصالح طبقات الحكم في البلدين على حدّ سواء...!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل