الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا الموت.. إنّي مدمِّر العالم

مرح البقاعي

2010 / 4 / 25
العولمة وتطورات العالم المعاصر



قال ألبرت أينشتاين في فجر العهد النووي الذي عمل على إطلاقه: «لقد تغيّر الآن كل شيء! إننا ننجرف نحو كارثة تتجاوز أي مقاربة، وسنحتاج إلى أسلوب جديد في التفكير إذا كان للجنس البشري أن يبقى».

بهذه العبارة النصيّة اختتم الرئيس الأميركي باراك أوباما أعمال قمة الأمن النووي، التي التأمت في يومي 12-13 أبريل (نيسان) الجاري في قصر المؤتمرات في العاصمة الأميركية واشنطن، بحضور رؤساء وممثلي 47 دولة.

والقمة هي مشروع لتفعيل المعاهدة الدولية لمكافحة الإرهاب النووي التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في أبريل (نيسان) 2005، والتي طُرحت للتوقيع في شهر سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، ووقعت عليها حتى شهر مارس (آذار) 2010 ما مجموعه 241 دولة.

تشكّل المعاهدة المستندة إلى وثيقة اقترحها في الأصل، الاتحاد الروسي في العام 1998 طرفاً أساساً من جهود عالمية ترمي إلى منع الإرهابيين من الوصول إلى أسلحة التدمير الشامل التي ستؤدي في حال استخدامها إلى كارثة بشرية عارمة. والمعاهدة هي الاتفاقية الوحيدة الملزمة قانونيًا لجهة حماية المنشآت والمواد النووية، وواحدة من حزمة تتضمّن 13 اتفاقية دولية لمكافحة الإرهاب.

هكذا دفعت قمة الأمن النووي مجدداً باصطلاح «الإرهاب» إلى واجهة الإصطلاحات السياسية الأميركية، بعدما كانت إدارة أوباما قد تبنّت اصطلاحاً بديلا عن الإرهاب وهو «كوارث يسببها البشر» Man Caused Disaste؛ نائية بنفسها عن تركة إدارة بوش بأدبياتها السياسية ذات الهاجس «الاستباقي»، وبنهجها الصِدامي الذي عَسْكَرَ العالم وأحاله مغلولاً إلى غرفة العناية الأمنية المشدَّدة.

حضور باكستان قمة الأمن النووي ممثلة برئيسها آصف زارداي، استقطب اهتمام المتابعين والمحللين السياسيين، بالدرجة نفسها من اهتمامهم بغياب إسرائيل (حضرت بتمثيل متواضع) ومقاطعة إيران لأعمال هذه القمة.

فباكستان هي الدولة المسلمة الوحيدة في العالم التي تمتلك جهاراً سلاحاً نووياً، وهي لسوء الطالع على مرمى عنف جماعات طالبان الجهادية المتحالفة مع القاعدة، والتي تسعى دائبة إلى اختراق المنظومة النووية الأقرب في باكستان لتعزيز قدراتها على مقارعة العالم بأدوات الفناء الكامل.

أما إيران التي كان الرئيس أوباما قد حاول حشد أصوات القوى العالمية التي حضرت المؤتمر، وعلى رأسها الصين ممثلة برئيسها هوجين تاو، من أجل تشديد العقوبات عليها، وحضّها على الحدّ من برنامجها النووي، ذي الطموح التسلّحي، فقد سارعت بعد أقل من أسبوع من اختتام أعمال القمة، إلى عقد مؤتمر في طهران لبحث شؤون الطاقة النووية في العالم وإمكانية نزع السلاح النووي. وقد شارك في المؤتمر الذي التأم يوم السبت الواقع في 17 أبريل (نيسان) الجاري تحت شعار «الطاقة النووية للجميع لا السلاح النووي»، وزراء خارجية 14 دولة إقليمية في غياب كامل للمشاركة الأوروبية. وانتقدت إيران خلال مؤتمرها قمة واشنطن متهمة الولايات المتحدة بامتلاك إحدى أكبر ترسانات الأسلحة النووية في العالم، فيما اجتهد المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي أن استخدام الأسلحة النووية «حرام»؛ أما وزير الخارجية السوري وليد المعلم، فقد أشار إلى ازدواجية المعايير الدولية في التعامل مع البرامج النووية في العالم، منوّهاً إلى أن إسرائيل تمتلك ترسانة نووية تنوف على 100رأس نووي حربي، وطالب الدول المشاركة في معاهدة الحد من الانتشار النووي إلى وقف التعامل النووي مع إسرائيل إذا هي لم توقّع على هذه المعاهدة.

أخيراً، طالعتنا صحيفة الوول ستريت جورنال في اليوم التالي لاختتام قمة الأمن النووي في واشنطن، على صفحة إعلانية كاملة، برسالة وجّهها رونالد لاودر، رئيس المجلس اليهودي العالمي، إلى الرئيس أوباما جاء في مقدّمتها: «عزيزي الرئيس أوباما، اليهود في جميع أنحاء العالم يشعرون اليوم بألم عميق إزاء الطموحات النووية للنظام الإيراني الذي يتفاخر بنواياه في إبادة الشعب الإسرائيلي؛ تماماً كما يشعرون بالقلق إزاء التدهور المأسوي للعلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإسرائيل».

فصل المقال أنه في العام 1938 أرسل العالم ألبرت أينشتاين رسالة إلى الرئيس الأميركي فرانكلين دي. روزفلت اقترح فيها «أن تسرع الحكومة الأميركية خطواتها في حقل البحث النووي، ولاسيما أن ألمانيا النازية توقفت عن تصدير اليورانيوم..» وأفاد «أنه قد يكون من الممكن إطلاق تفاعل تسلسلي نووي في كتلة من اليورانيوم، ما يسمح بصنع قنابل فاعلة للغاية من الطاقة المتولدة». سارع الرئيس روزفلت في حينها إلى إطلاق مشروع منهاتن، بتعاون مشترك بين الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا، المشروع الذي أنتج أول قنبلة ذرية في العالم؛ وحين انفجرت تلك القنبلة في 16 تموز/ يوليو 1945 قال هاذياً رئيس المشروع روبرت أوبنهايمر، مستشهداً بأنشودة الرب المبارك من الملحمة الهندوسية: «الآن أصبحت أنا الموت.. إني مدمّر هذا العالم».

هكذا يحوّم العالم اليوم في كآبات الرعب النووي بعد مرور نصف قرن ونيف على واقعة أول كارثة نووية في التاريخ البشري، وكأني به يعود أدراجه إلى نقطة الصفر الباردة، ما قبل ويلات هيروشيما، أو هو ينزلق سريعاً إلى بوابات جحيم ما بعد القارعة، وما أدراك ما القارعة؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة