الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تغريبة عرب اسرائيل

تميم منصور

2010 / 4 / 24
القضية الفلسطينية


من قرأ الملحمة القصصية الشعبية المعروفة ( تغريبة بني هلال ) لا بد الا ان يتذكر ما قيل بحق بطل الرواية ( ابو زيد ) عندما قرر ان يتوجه مع مجموعة من اقاربه من الجزيرة العربية الى احدى اقطار المغرب العربي عندها قيل ( الا ترود الغرب يا ابو زيد )
ما ذكرني بهذه الرواية الآن هو ورود وفد من عرب اسرائيل قطرا من اقطار المغرب العربي وهي ( الجماهيرية العربية الليبية الديمقراطية الشعبية العظمى ) بناءا على دعوة وجهها معر القذافي لهذا الوفد .
لقد اثارت دعوة القذافي لوفد من عرب اسرائيل لزيارة الجماهيرية العظمى بعد مضي 62 عاماً من تبدل حالهم السياسي والجغرافي العديد من التساؤلات . ربما نجد الأجابة على بعضها بعد عودة الوفد من زيارته، من هذه التساؤلات نذكر ، لماذا تذكر القذافي اليوم وبعد مرور ستة عقود ونيف بالمواطنين العرب الذين يعيشون داخل اسرائيل ، وقرر التواصل معهم ؟ هل قرر استدعاء بعضهم لأنهم اسرائيلون ؟ ام لأنهم فلسطينيون ؟ ام الاثنين معأ ؟ لماذا لم يبكر بدعوته كي يكونوا ضيوفا على الأقل في مؤتمر القمة العربية الأخير ، الذي عقد في بلاده وبرئاسته .
لماذا الدعوة الآن بالذات واسرائيل في حالة من الارتخاء والهدوء والأمن المستقر ، رغم الصاروخين اللذين اطلقا من سيناء فسقطا في مياه خليج العقبة الاردني ، فقام نظام مبارك وعمر سليمان بتقديم كل آيات الولاء والأعتذار لاسرائيل ، واستخدام صواريخ من الايمان الغليظة بأن مصر على عهدها ووفائها لاسرائيل ، وانها تقوم بواجبها لحراسة حدودها ، كذلك الاردن سارع بحني رقبته اجلالاً واذلالاً لاسرائيل .
هل هناك من اوحى للقذافي بأن العرب في اسرائيل يشكلون حيزاً كبيراً داخل المجتمع الاسرائيلي ، وانهم يشكلون قوة ضغط اقتصادية وسياسية مؤثرة ، قادرة على ان تلعب دوراً مركزياً في توجيه سياسة الحكومات الاسرائيلية ؟ بالتأكيد بأن الرفيق القائد القذافي سوف يفاجأ اذا صارحه اعضاء الوقد وابلغوه بأن العرب في اسرائيل ماهم الا مجموعة مهمشة من قبل القيادة الصهيونية ، وانهم فئة غير منتجة لا دور لها بكل انواع التخطيط في الدولة ، لا تساهم باتخاذ القرارات الحكومة و لاحتى البرلمانية رغم قيام الاعضاء العرب في الكنيست بحلف يمين الولاء للدولة على انها دولة الشعب اليهودي وانهم اوفياء لعلمها ونشيدها .
هل سيعرف القذافي ان العرب في اسرائيل عبارة عن قوة استهلاكية وقوة عمل جسدية واداة تستغلها السلطات الاسرائيلية لتمرير الكثير من مشاريعها الدعائية لتبييض وجهها امام العالم على انها دولة ديمقراطية ، وما وصول وفد عربي الى الجماهيرية العظمى الا دليل على ديمقراطية اسرائيل وتسامحها مع مواطنيها العرب ، لأن ليبيا من اكثر الدول العربية تحريضاً ضد اسرائيل .
اننا نعرف سياسة القذافي الأزدواجية والمزاجية ، ودعوة وفد من المواطنين العرب احدى زوايا هذا المزاج المضطرب ، انه قابل للتغيير والتبديل في كل لحظة ، ونعرف اكثر ان القذافي يرى بنفسه امبراطوراً ليس على ليبيا وحدها ، بل امبراطوراً على افريقيا والعرب والمسلمين والبربر والأندلس ، ايضاً انه يتربع على العرش الليبي منذ 41 عاماً ، هذه المدة تساوي ضعف المدة التي حكمتها العائلة السنوسية لليبيا .
هناك تساؤلات ايضاً بالنسبة للوفد الذي تقرر ان يشارك في لقاءات ما سمي بالتواصل ، الكل يعرف انه سبق الرسو على اسماء الاعضاء المشاركين مخاضاً عسيراً وصراعاً وصل الى التشابك بالأيدي و"حردنات " وتهديدات وقذف وتشهير بين الأحزاب والحركات والطوائف وشخصيات ومختلفة الكل اعتبر نفسه الأفضل وانه (كاشير ) لهذه الزيارة وان الجماهيرية العظمى حبيبته ، وانه احق من غيره في هذه الزيارة .
لقد وصل العدد المتفق عليه الى حوالي اربعين مشاركاً ، هذا العدد الكبير رفضه سفير ليبيا في عمان ، لكنه عاد ووافق عليه خوفاً من الفضائح ، هذا العدد الكبير افقد الوفد المشارك هيبته ومكانته السياسية والوطنية لأنه يعتبر فرقة سياحية وليس وفداً تمثيلياً يحمل رسالة الى العقيد القذافي .
اذا من غير الائق اعتبار هذه الفرقة السياحية ممثلة للجماهير العربية في اسرائيل ، انه تمثيل كاذب لأن كل عضو لا يمثل الا نفسه ، المواطنون العرب براء منهم ، ويرفضون هذا الحجيج الى قلعة السخرية والاستبداد ، الحجيج الى بلد نكل بعشرات الآف الفلسطينين ، غالبيتهم من النساء والأطفال ، عندما قذفهم ورماهم عراة في صحراء مصر الغربية ، لأن القذافي رفض اتفاقية اوسلو سنة 1993 ، تلبية دعوة القذافي وموافقة السلطات الاسرائيلية عليها دون تردد ماهي الا فخ وفتح باباً جديداً من ابواب التطبيع مع اسرائيل ، هذا الباب لا يختلف عن غيره من ابواب التطبيع التي فتحت بأسم التواصل ، مع مصر والاردن وعمان وقطر والبحرين والامارات والمغرب وتونس واخيراً مع لبنان بعد ان سمح لاحد الكتاب العرب بحمل رسالة التطبيع الى بيروت .
بالتأكيد بأن السلطات الاسرائيلية معنية بمثل هذه اللقاءات لأنها ترى بها نقطة تحول هامة في علاقاتها مع الدول العربية وخاصة دولة مثل ليبيا .
ان زيارة وفداً من عرب اسرائيل للقذافي ليس مكسباً للمواطنين العرب في اسرائيل بقدر ما هو زفة اعلامية ، العريس فيها القذافي ونحن المطبلون والراقصون .
ملاحظة :ما نجح فيه القذافي حتى الآن هو وضع الاحزاب العربية في سلة واحدة حتى لا يعاير بعضهم البعض .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر