الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرئيس مبارك يضيع وقته و وقتنا

محسن شحاتة

2010 / 4 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


شهدت اليوم على شاشة التليفزيون الحكومي احتفال الجيش الثاني بيوم تحرير سيناء والذي حضره القائد الأعلى للقوات المسلحة و القائد العام لنفس تلك القوات و كذلك قادة الجيوش والاسلحة و كبار رجال الدولة, على رأسهم رئيسا مجلسي الشعب والشورى و الوزراء و اعضاء البرلمان و الاعلاميين و رؤساء الاجهزة الامنية في الدولة و ربما عدد من السفراء المهمين وغيرهم.


و من المعروف أنه حين يكون القائد الأعلى - رئيس الجمهورية – حاضرا لمناسبة كهذه , فإن تأمين هذا الجمع يقوم به عدد من الاجهزة كالمخابرات و الشرطة العسكرية و الشرطة و رئاسة الجمهورية و الحرس الخاص للسيد الرئيس والحرس الخاص للشخصيات الاخرى الحاضرة و ربما اجهزة مخابرات دولية تتبع سفارات دول حضر سفراؤها الاحتفال. و تبدأ عملية التأمين هذه اسابيع عديدة قبل اليوم الموعود و يتم البحث والتقصي لكل شاردة و واردة تخص الاحتفال و تتبع اجراءات مشددة تضمن ان يمر اليوم بسلام. المقصود هو ان موارد هائلة, بشرية و فنية و مالية يتم استهلاكها لتأمين الاحتفال و حضوره.


أما الاحتفال نفسه فكان مستدعيا للدهشة الممزوجة بالحسرة على اداء ضباط و جنود القوات المسلحة حيث الاغاني الجماعية ساذجة والرقصات اكثر سذاجة و الملابس مضحكة و الالوان طفولية. وبمناسبة الطفولية فأزعم اني قد حضرت حفلات في مدرسة ابنائي بالمرحلة الابتدائية كان التلاميذ يؤدون عروضها بطريقة اكثر حرفية. و ربما يكون السر في حرفيتهم هي صدقهم و مناسبة تلك العروض الملونة والرقصات لسنهم الصغيرة فتعجب بهم عندما تراهم يؤدون تلك العروض, اما ان يؤديها رجال كبار المفروض انهم محترفوا قتال فلا تملك الا ان تعجب منهم ثم تتحسر على حال قواتنا المسلحة.


و لا يملك المواطن - الذي يرى امواله تهدر في احتفالات طفولية كهذه يكون الغرض الوحيد من ورائها هو تسلية السيد القائد الاعلى و اعطائه الفرصة للظهور ليثبت انه مازال حيا - الا ان يتساءل كم من اموال دافعي الضرائب يتم صرفها على البروفات الي لا شك انها امتدت اسابيع طويلة حتي يتم تحفيظ هؤلاء الرجال المساكين تلك الاغاني والحركات و الباسهم ملابس البهلونات تلك؟. كم من وقت هؤلاء الجنود والضباط والقادة تم اهداره في التدريب ثم البروفات كان من المفترض و الطبيعي ان يبذلوه في التدريب على مهارات القتال و استخدام الاسلحة و ؤضع الخطط القتالية و الاستراتيجية.


و ياليت الرئيس نزل ليقف بين جنوده يرفع من روحهم المعنوية و يحدثهم في سلاسة و وضوح عن استراتيجة بلاده في المرحلة الحالية و كيف ان كل واحد منهم يساهم في نجاح تحقق تلك الاستراتيجية. لم يقل لهم الرئيس لماذا هم في هذا المكان و عن اي شئ يدافعون و لاي شي يجب ان يستعدوا.


حضر الرئيس القائد الاعلى الحفل الخائب رافعا يده بين الحين والاخر محييا المغنين والراقصين, ثم ذهب الى حال سبيله مكتفيا بكلمة مسجلة يعرضها التليفزيون الحكومي تستغرق دقائق معدودة لا تسمن ولا تغني من جوع.


وفي تلك الكلمة, كما في كل خطاباته المكتوبة له, قال ولم يقل. كل جملة من خطابه مكونة من جزئين. الجزء الاول يقول فيه شيئا ثم يأتي الجزء الثاني لنفس الجملة لينقض تماما ما قاله في الجزء الاول.


الرئيس يرحب بالحراك السياسي والمجتمعي, طالما التزم بالقانون والدستور. لم يعقب الرئيس على حقيقة ان الهدف الرئيس من ذلك الحراك هو تغيير نفس الدستور والقانون ليصبح دستورا ذا معنى حقيقيا والقانون يصبح مساعدا للتقدم وليس عائقا امامه.


الرئيس يرحب بالمبادرات والحلول للازمات التي يعيشها الوطن, ولكن ليس المهاترات التي تقامر بمستقبل الوطن. لم يقل لنا السيد الرئيس ماهي المبادرات المطروحة في الساحة, التي يراها تساهم في حل الازمات, و ماهي تلك المهاترات التي يحذر منها والتي يقول انها تخلق مزيدا من تلك الازمات.


ثم يتكلم الرئيس عن مبادراته و حكومته لمحاربة الفقر و لا تملك الا ان تسال اي محاربة للفقر يقصد و اي مبادرات تقوم بها حكومته اللهم ألا عربات بيع اللحم التي ترسلها بعض المحافظات لبيع اللحوم بسعر 30 جنيها للكيلو للمواطنين الذي لم يذوقوا طعم اللحم منذ شهور لعدم قدرتهم على شرائها و تقوم قوات الشرطة بحماية تلك العربات و المواطنين من بطش الجزارين.


و يبشرنا الرئيس بانه منحاز هو و حكومته – حكومة رجال الاعمال – للعمال والفلاحين والبسطاء. و تسأل هل هؤلاء العمال الذين فقدوا وظائفهم و ناموا على الرصيف امام مجلس الشعب هم غير العمال الذين يقصدهم الرئيس المنحاز دائما ؟. و هل الفقر المدقع - الذي يعانيه فلاحو مصر والامراض التي تفتك بهم و بالتعساء الذين يأكلون ما ينتجه هؤلاء الفلاحون الذين يستخدمون المبيدات المسرطنة التي استوردتها حكومة فخامته و يروون مزروعاتهم بمياه الصرف التي لم تتم معالجتها - هو من علامات ذلك الانحياز؟.


الرئيس مبارك لم يعد صالحا حتي ان يكون ديكتاتورا ولا نقول صالحا لان يقود مصر الى تقدم اقتصادي واصلاح سياسي قد تأخرا كثيرا.


الرئيس يضيع وقته الذي كان يجب ان يقضيه مع احفاده و اهل بيته , و يضيع وقت المصريين الذين لم يعودوا يملكون غير ذلك الوقت يقضونه منتظرين فرجا من الله قريبا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقارنة بسيطة
محمد البدري ( 2010 / 4 / 26 - 02:39 )
لم يضع الوقت فقط طوال الثلاثين عاما الماضية بل كان يضيع منذ انقلاب يوليو. فلنقارن حجم الانجاز الي الخسائر طوال هذه الفترة. عندها سنكتشف معني الضياع الحقيقي. شكرا للكاتب وتحية لقلمه.

اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل