الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هرطقة الظلم

نعمة حسين الحباشنة

2010 / 4 / 25
الادب والفن




عندما تقترب تلك الغيمة السوداء المحملة بثقل القطرات وأنين الرعد المهزوم من أبواب السماء فتعانقها الرياح بقسوة وتحملها حيث تشاء دون رحمة أو روية هل يكون هو الظلم لها أم الرحمة لمن ينتظرون غيثها ؟؟؟ وعندما تندثر بقايا مدينة كانت عامرة بالسكان تحت طوفان للمياه المالحة قدرته يد القدر هل هو الظلم بعينه لمن قتلوا تحت الطوفان أم هي الرحمة لملايين الأسماك التى تحيا تحت مياه المحيط تنتظر بفارغ الصبر تلك الجثث تأكلها وهي لا تدري أنها هي الفريسة ؛ لتكون بعد أيام وجبة على طبق من ذهب تنافس مئات الأطباق على مائدة قاتل يأكل لحوم الأبرياء ليل نهار بحجة الحفاظ عليهم ؛ أوعابد زاهد يأكل لحم أخيه وهو لا يعلم أو ربما يعلم ولكن الجوع كافر ؟؟
عندما تتحلل تلك الجثث النتنة القاسية نتانة وقسوة الأرواح التي كانت تسكنها وتنتشر منها رائحة العفن في كل مكان سياط وأخشاب مسندة من نفاق أعمى يلبس الحق بالباطل ويختلس الفرصة ليثبت أنه الأقوى وهو الأقوي ؛ في عالم اكتسى بالظلم والرذيلة ثيابا سرمدية من بقايا تاريخ البحث عن الحرية وسط ركام صفحات سوداء من الكذب تمجد قتلة وزناة وبائعين للهوى يلبسون تيجانا ويحملون صولجانا ويعتلون عروشا دقت بمسامير من هلاك ويقولون نحن للظلم ظلام لينتشي قاتل بعذرية عذراء اختطفت في ليلة عرسها من بين بيوت للصفيح وأكواخ من قصب محروق وقش متعب تعب سنين الظلام والظلم بين ثنايا تلك المعمورة فهل هو ظلم للعروس أم هي الرحمة للقاتل ؟؟
عندما يخرج رصاص طائش من سلاح أرعن يحمله كلب مسعور من وسط أزقة باردة مظلمة برودة قلب من أطلقها رعناء رعونة من تركوها مظلمة في القرن الواحد والعشرين ليتقاسموا فيما بينهم أموال رصدت لاضاءة تلك الأزقة !! رصاصة طائشة رعناء تنطلق بلا هدف لتصيب قديس يمجد الله في عليائة ويركض وراء المجد يطلبه من بين ثنايا الرحمة الألهية وظلم للقدر لا متناهي مزروع في أفئدة فقدت انسانيتها وأصبحت حبر أسود يلطخ أوراق الانسانية ؛ قديس مغلول اليدين يسقي بيديه المنهكة اليتيم والأرعن ماء الخلود ويطعمهم خبز عجنه بدموع عينيه وعرقه الذي صبه على أطراف بيدر للقمح قضى أيام البرد والصقيع يحرسه ليصنع منه خبز للحياة ؛ مات القديس بطلقة سعارٍ من مسعورٍ أرعن ليأتي لص جائع ويسرق أيقونة ومشكاة وطبق من فضة كانوا معلقين في صدر الدار ؛ فهل موت القديس هو الظلم له و لمن كان يطعمهم أم هي الرحمة ساقاها القدر لذلك اللص الأرعن الذي ما كان ليحيى لولا يد الرحمة التى أمدها له في المرتين القتيل ؟؟؟ مرة يوم أن ان اطعمه الخبز وهو جائع ومرة يوم كان القرار الصادر من القدر بأن يكون دم ذلك القديس سبيلا للخير يرتوى منه الأرعن ؟؟
عندما تتطاير أسراب الحمام بين أشجار الزيتون وتنادى حيي على السلام ليصفق لها الملايين ممن يحلمون بالنوم بين أحضانه ويحملون أعمارهم رايات بيضاء يدفعون الغالي والرخيص ثمنا له فيأتي صياد خبيث يرتدي بذلة بيضاء وقفازات بيضاء وحذاء أبيض يخفي بهم سواد قلبه وأثار الدماء على يديه فيلوح في الهواء مناديا حيى على السلام ليفزع من صوته الحمام ويطير بعيدا فيعلق في مروحة لطائرة عسكرية تحمل مساعدات غذائية لمنطقة منكوبة بالحروب وغارقة في بحيرات الدم وطين الأثام البشرية ؛ تتوقف المحركات بعد ان تقتل الحمام فتسقط ويسقط معها الأمل لأولئك الجائعين على أعتاب السماسرة والمرتزقة ويسقط السلام في معتقل السلام ؛ هل هو ظلم لكل من طلب السلام وسعى له ولأولئك الجائعين ساقه القدر أم هي الرحمة لأولئك المرتزقة وصاحب البذلة البيضاء الذي يمارس هوايته كل يوم بالتصفيق لأسراب الحمام لتموت ويموت معها الأمل ؟؟؟
ظلم أم رحمة سؤال مستباح بين أروقة الظلم والرحمة بين القدر والعمل بين الحب والكراهية بين الممنوع والمرغوب وبين القاتل والمقتول ؛ سؤال صنعه القدر ولم يأتي الجواب عنه حتى هذه اللحظة ؛ وتبقى تلك الرقاب معلقة بين السماء والأرض تبحث عن الرحمة بين ثنايا الظلم ؛ يسرق منها كل لحظات الرحمة ومازال الظلم سيد المكان ؛ فهل سيستجيب القدر ويرحل الظلم بعيدآ عن الرحمة ؟؟ ربما هي الرحمة أن لا يستجيب ؛ وربما سؤالي هو الأرعن ؟؟

نعمة الحباشنة / عمان / الأردن / 25/ 4/ 2010م ( هرطقات من زمن الهروب )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لدي فكرة تمويل لمشروع
ايمان ( 2011 / 6 / 19 - 11:54 )


السلام عليكم مدام نعمة

باختصار احتاج ان اتحدث معك شخصيا لمناقشة فكرة تمويل جمعية لمساعدة الاردنية المتزوجة من غير اردني للمطالبه بحقوقها و حقوق ابناءها .

ارجوا مراسلتي على بريدي لتبادل رقم الهاتف

عسى ان يكون فيه هناك فرصة .
شكرا
ايمان

اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي