الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرصيف الثقافي

عادل علي عبيد

2010 / 4 / 25
الادب والفن


( نص مفتوح مغلق)
حينما ينقشع الضباب الآدمي / يتجلى الرمل بصورته الساكنة الصفراء / يشق السراب / وينحدر نحو التخوم التي تخلف الأطلال / النوق المتقزلة بمشيتها ، المترنحة بدلائها / تزبر الهواء بأجسامها المغزلية / تقزم المسافات والأشواط / وتأبى أن تحط الرحال في مفازة ما / فكل الطرق التي تؤدي إلى وادي ثقيف وتميم وكعب والأزد مزروعة بالقوافي / وموشومة بالفكر / تنزاح حجب الغيوم عن غرة الطين/ ليتفرد المقهى بانزواء خجل هو اقرب إلى عزلة الأطفال اليتامى على مائدة اللئام الذين اتخمهم الزمن / وفتق كروشهم بالمال السريع الذي يأبى مراحل الكدّ / هم يزرعون براءتهم على النياسم الترابية الممتده على طول الجزيرة / هناك إذا يطل التاريخ من خلف المآذن ، ليرسم تداعيات هي اقرب إلى تماوجات اللوح ، وهو يفصح عن انبثاق الحرف الأول / الحروف التي رسمت طوافات المعتزلة والمؤولين والمفسرين والمناطقة وأصحاب الحلقات الكلامية والصوفيين / راحت تمد يدا جديدة نحو غربة السياب ، ووحدة البريكان ، وعزلة البارودي / كان الدخان المتراقص يتهادى بغنج بغايا الليل ، ويكرر قبلاته المملة نحو العنان / ويحلق بلا استحياء ليطبع بصماته على شواهد الطين / الشعراء الذين أضرموا نار القصيدة في المجامر القلقة / أحدثت قلوبهم قرقعات هي أشبه بحشرجات الشيوخ قبل الرحيل الأخير / فراحوا يقرضون الكلام ويقهرون سطوة المفردات / كان ما يشبه الصراخ يخلف امتدادا لولادة عالم جديد / عالم مباشر لا يمتلك حتى مقتربات الحلم / عالم يترفع عن ضغائن السياسيين ، وآمال الطغام ، وأحلام الفاتحين الجدد/ عالم لا يحلم بتشييد البيوت وبناء القصور / لأن الجميع - والحمد لله - لا يملكون شبرا في هذا العالم الفسيح / حلمهم الوحيد أن يؤسسوا بيتا من قصيدة عصماء /او قدحة من فكرة سحرية يشعلون بها عتمة بيوتهم الوهمية / أما زادهم فهو الشاي الذي يؤجج إلهامهم الذي تشقه بين الفينة والأخرى ضحكات المجانين المحشورين دائما معهم / ملاحظة : ( إيفاء ديون الشاي بالتقسيط المريح ) .. - هذا ما ادعاه (رحيم) صاحب المقهى - / القلوب التي تتكئ على المصاطب ، تختزن ما تبقى من زاد الليل / وما ناف عن بضاعة الغوص في الأزقة الواجمة ، التي خلفتها تلك الأسفار البالية المتجددة / فبعد قليل سيعج السوق ببضاعة الأدب ، وسيعلن (حسونيس )* الموغل بالصعلكة آخر تقليعات ما بعد الحداثة ، وما وصلت إليه بورصة السرد ، ومافيا السرقات الانترنيتية / كان المتشدقون والمتفيهقون يرصدون تلك الأجساد التي ارتقت منصات المصاطب ، ويؤشرون بوجل حركاتهم المتهاوية مع أنفاسهم ، وهم يخترقون غيوم السجائر بوجوه كالحة استعمرتها الشمس / كان البعض منهم يبتسم متقمصا صورا منغولية تدعي الذكاء الذي شكل عزلة وردية صعبة المنال / كانوا يجتازون شوارع المدينة بسرعة متبجحة ، ولكنهم يخففون الوطء ، لتطل أعناقهم من خلف الزجاج المظلل ، يكررون ذات الابتسامة البلهاء الذي تؤكد ذلك المحتوى البليد ، الذي يترك بقايا صورهم الهلامية / كانوا يباركون تلك العزلة التي أذعنت لسطوة الزمن ، ولم تساومهم على بروجهم الملائكية ، ومكاتبهم الفضية ، التي تخفي سيول الخيبة التي اضطهدتهم / إذ لا سبق ألا للإبداع ولا هيمنة إلا للمواقف / الكلام المنتفض احدث ثورة بيضاء على تقليدية قطع الدمينو، ومربعات الشطرنج الذي ضمت بلاطات الملوك والوزراء ، وهم يحتمون خلف أجساد الجنود الذي لا يمتلكون غير المواقف المصطنعة ، والذاعنة للأسياد / فها هو الشعر يحلّ سيدا كريما يحتفى به / يحاط بقدسية المواقف / ويرصع بأبهى العبارات / الأفكار والآراء التي راحت تتسابق على الأرائك ، تحدث صريرا مموسقا ، ينم عن ولادات جديدة / ذلك ما نجده متراقص عند أعتاب الصبح ، وهو يعلن عن بضاعة مزدانة بالألق .. ليس سوى الألق / المتبضعون والراصدون والطارئون والمتأدبون والمتشاعرون والأكاديميون الذين غلبوا التسمع ، وراحوا يتوارون خلف مناهجهم ، تحركهم آيات النقد ، ويحشرون تنصتهم في حومة اللهب الكلامي / الجميع راح يدب عن ساحته ومعتقده ومذهبه / فعندما يحتدم السجال بالجدل ، والرفض بالقبول ، تسمو رفعة الأدب ،ويتثبت شرف المهنة التي انصهرت بالذوات التي لم تعرف أبجدية للمساومة والخضوع / ولم تدرك إلى الآن أي عالم وردي يختبئ خلف قدسية الحرف / العبث والسوداوية والتمرد والبوهيمية ومنهجية الشك وإحالة السفسطات ، لم تثن ذلك المتشرد الصعلوك الذي تلبس برداء الشنفرى ، وجبة ابن السلكة من التوريات / فهم يصرخون ملء الفم : ان أوان الشعر لا بد أن يقزم والى الأبد ثورة الأوتوقراطيات والانا وحدية وعبادة الفرد / لذا عاشوا هما حسبه البعض نوعا من التسكع والطواف بلا هدف ، والسير إلى المثابات القصية بلا هدى / ولكنهم أيقنوا أن موت الأشجار يؤكد هوية الحياة ، وان من ينير دروب العتمة يشعل روحه الغضة حطبا كيما يعبر الآخرون / التحليقات التي يخترقها الصخب تعاود نشيدها وهي تطوف فوق مدن الملائكة وقصبات الهور / الشقوق التي انطبعت على الوجوه الهائمة في البعيد ، تتماوج فيها انتقالات الزمن ، وهو يتأرجح بين موت الذات وانتعاش العقل/ أما تلك المجسات المتراقصة والتي أحصت كل المتحركات والثوابت ، فراحت تمطر الشخوص والوجوه والأجساد المترنحة بسيول من التوصيفات والنعوت التي يعجز عنها الشعر أحيانا / وعجز عنها قدامة في اجتزاء القول / إنها جدلية غريبة للبقاء المؤجل ، وترنيمة جنائزية لأنشودة الرمل وارجوزة الطين /
... حدثني (ابو حزم )* الزبيري الوراق قائلا : ( عندما أمر في ساعة متأخرة من الليل على مقهى الرصيف الثقافي اسمع أصداء النقاشات وأرجاء الأصوات وهسيس الحشرجات منطبع على الأرائك الواجمة ) .


إشارات
• (مقهى الرصيف الثقافي) : هو مكان التقاء أدباء ومثقفي مدينة الزبير .. اتخذه المثقفون في المدينة مقرا لإتحاد الأدباء والكتاب في الزبير بعد أن ضجت الأرض بما رحبت .
• (حسونيس ) : الاسم الذي اتخذه الشاعر المبدع حسن الحيدري .
• (ابو حزم) : بائع كتب سبعيني لطالما كان يؤمن الكتب الممنوعة إلى مثقفي المدينة .
• النص تزامن مع الاحتفائية التي أقامها اتحاد الأدباء والكتاب في الزبير للشاعر المغترب (عبد الباقي فرج ) والتي شملت زيارة لمقبرة الحسن البصري التي ضمت أضرحة عشرات المبدعين والوقوف على قبور السياب ومحود البريكان وخالد البارودي .. تخلل الاحتفالية قراءة للشاعر المحتفى به فضلا عن تكريم شعراء وقصاصين ومنظمات ومؤسسات أخرى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موسيقى وأجواء بهجة في أول أيام العام الدراسى بجامعة القاهرة


.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد




.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم


.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?




.. لعبة الافلام الأليفة مع أبطال فيلم البحث عن منفذ لخروج السيد