الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدمتان سياسية ونفسية بين الوزيرة ورئيس الوزراء ..!

جاسم المطير

2010 / 4 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


في العراق يوجد وزارة اسمها (العدل) لكن العدالة ضائعة . توجد وزارة أخرى اسمها (وزارة حقوق الإنسان) لكن الإنسان العراقي لم يتذوق طعام الحقوق منذ كثير من العقود . توجد وزارة أخرى اسمها (الداخلية) مسئولة عن ضمان حماية الأمن الداخلي للوطن والمواطنين لكن روائح البارود والسيفور منشره في كل شارع. هناك وزارات أخرى عديدة ، سيئة الأداء والتكيف ، رغم أن معالي وزرائها يرمزون إلى أنفسهم بأساطير الأبطال حين يظهرون على شاشات التلفزيون ..!
في داخل الصدمات اليومية في الشارع العراقي فأن أخبار ردود الأفعال النفسية من تفاعل أخبار السجون العراقية، تثير القرف وفورات الغضب المتفجرة ، بين آونة وأخرى ، بين صفوف أبناء الشعب ، كان آخرها الصدمة الناتجة عن وجود سجن سري في مطار المثنى ببغداد قيل انه تابع لمكتب القائد العام للقوات المسلحة أو لمكتب السيد رئيس الوزراء . لا فرق .
إنها صدمة فعلية عنيفة تزيد في عمر الاضطرابات السيكولوجية بين الناس العراقيين فهي ، حقا ، كابوس من الكوابيس السوداء خيمت لا على نفوس نزلاء السجون السرية ، بل على نفوس المتحكمين بأمر تلك السجون ، كما على الجماهير الشعبية ، المنتظرة ، في كل يوم إجراء حكوميا يخلصها من حوادث كريهة جارية في الوزارات كافة ، وينقذها من عالم مقيت يواجه كل عائلة عراقية يعاني فرد من أفرادها حكما قضائيا أو وجودا ليس قضائيا داخل سجن عراقي ، سري أو علني .
مع الأسف الشديد أننا نرى في عصر عراقي يتباهى بوجود ديمقراطية وحرية و برلمان ومؤسسات حقوق إنسان ومنظمات مجتمع مدني لكن العدوان الحكومي الغاضب على المواطنين العراقيين ما زال منفلتا بأشكال مختلفة يحرق اليابس مع الأخضر في بوتقة واحدة ، تحت نزعة شريرة ووحشية ، تنبثق من روح ممارسيها بوسائل تعذيب نفوس وأجساد سجناء أو موقوفين من المتهمين بمختلف أنواع التهم التي لم يتم الانتهاء من التحقيق الأصولي فيها .
لقد أصبح السجن العراقي ، العادي والسياسي ، السري والعلني ، مسلخا بشريا كما تشيع بعض الفضائيات والصحف العراقية والأجنبية ، بينما يجري تبعيد الشعب العراقي نفسه عن رؤية الحقائق والانفصال عنها . كما صارت السجون العراقية / سجن مطار المثنى مثلا ، مكانا لضحايا الاغتصاب الجنسي ومكانا للإساءات النفسية والاهانة ، مكانا لاضطرابات عقلية ، والى مختلف أنواع الحوادث المأساوية . لولا الصحافة الأمريكية الضاغطة على الحكومة العراقية من خلال تحقيقاتها ولولا الموقف الصلب المتواصل والايجابي الذي وقفته وجدان ميخائيل وزيرة حقوق الإنسان بكشف سرية سجن المثنى لما أقدم رئيس الوزراء نوري المالكي على غلق السجن ولكانت حياة 431 معتقلا فيه معرضة لممارسات وحشية قاسية ومتكررة لا يعرف العالم عنها شيئا .
لولا الضاغط الصحفي الأمريكي ولولا الضاغط الرسمي من وزيرة حقوق الإنسان لكانت آليات فرض القوة والخوف والعذاب غير متوقفة ليس عن هذا السجن بل عن جميع السجون في العراق .
السؤال الموجه لكل وزير في حكومة المالكي ، من أتباع الشيعة والسنة والكرد : هل تفرض عليكم عقائدكم الصمت والسكوت تحت مبرر (لا ادري .. لم اسمع) بخصوص أعمال العنف الجارية في السجون مثلما موجود خارجها . انتم ، يا كل الوزراء ساكتون ، في موقف ينم عن موهبة التكافل مع البيئة السياسية الملوثة بالمصالح الشخصية .. أليس كذلك ..؟
سؤالي إليكم ، جميعا ، يا من تصومون وتصلون .. يا من تكرهون علمانية الغرب وشرعيته وإدراكه الإنساني : هل أن التعاليم الدينية والمبادئ والأخلاق التي تربيتم عليها تجيز لكم السكوت التام عن عذاب السجين ، اضعف المخلوقات البشرية خلف القضبان ، الذي هو أمانة الضمير الإنساني بين يديكم مهما كانت تهمته إرهابيا أو سفاكا أو بريئا ، كما هو الحال في سجون الدول الغربية .
الأخلاق الإنسانية تفرض على المسئول العراقي ، مهما كان مركزه ، أن لا يرضى بأي شكل من الأشكال أن يقع على هذه الأمانة الإنسانية أي فعل من أفعال الاستهانة و الأذى وآي فعل ينافي المعايير الإنسانية .
أن عنف السلطات العراقية ضد المواطنين السجناء مدان في كل زمان ومكان ، مدان من زمن سجن نقرة السلمان (العلني) حتى زمن سجن مطار المثنى (السري) . لا يجب الاكتفاء ببعض الإجراءات الحكومية الدعائية ، بل يجب تحميل المسئولية لأناس فاعلين انتهكوا معايير الإنسانية ، وانتهكوا القوانين والأخلاق ، وانتهكوا الحقوق الشرعية لكل سجين وفق نصوص القوانين ، الدولية والمحلية .
هنا أجد ضرورة توجيه العتاب الصارم إلى القضاء العراقي ، ذي الصلة المباشرة بالسجناء وبحقوقهم ، عن ضرورة العمل السريع وفق نماذج العدالة والحق بإدانة سلوك السلطة الحكومية وإدارة السجون عن كل ما هو غير عادي وشاذ في التعامل مع نزلاء السجون .
مطلوب من رئيس الجمهورية ومن رئيس الوزراء ومن الصحفيين والكتاب والأدباء العراقيين كافة أن لا يقفوا متفرجين على المسئولين ، من الشواذ غير البشريين ، من الذي يحملون أفكارا شائنة معادية للإنسانية يمارسونها على أجساد السجناء العاجزين عن كل إرادة ، حتى لو كانوا من أعضاء تنظيم القاعدة والإرهابيين ، والبعثيين من فصائل القتلة ، والسراق ، ومن كل أصناف المجرمين فلا يجوز تعذيبهم .
إن تعذيب أي معتقل ، مهما كانت جريمته ، هو عمل حيواني ينبغي كبحه بكل غرائزه ، عن نزلاء السجون ، كي تظل النظرة الإنسانية غالبة على الذين يريدون التنفيس عن غضبهم بالانتقام من السجناء والموقوفين . ربما هو بذات الوقت غضب مرحــّل عن موقف جماعة سياسية معينة أو عن حزب سياسي معين ، مما يتنافى مع كل إعلانات حقوق الإنسان الدولية .
أتمنى أن لا يأتي يوم تكشف فيه صحيفة أمريكية أخرى عن فضائح لا إنسانية بمعاملة نساء عراقيات ، سجينات أو معنفات ، وأن لا تكشف عن أمراض نفسية يعانين منها ، سجينات أو موقوفات ، بسبب التعذيب ، في ظل محققين أو سجانين يفتقرون إلى وجود مشاعر إنسانية في عقولهم وقلوبهم .
أن شرعية وجود الحكومة ، أي حكومة ،لا تأتي من عدد أصوات الناخبين لها ، بل تأتي من خلال رعايتها لحقوق جميع المواطنين بلا استثناء . تأتي من خلال عدالة الحكومة في رفض العنف ضد العنف بكل أشكاله . تأتي من شجاعة الاعتراف بالخطأ عندما يظهر . تأتي من الحفاظ على هويات السجانة الإنسانية عندما يراد تمزيقها .
الوجود الشرعي لأي حكومة يحتاج إلى وعي عال بكرامة الإنسان .
والوعي ظاهرة كبرى تتفاعل في الجهاز العقلي كله .
في الختام أسأل : أيهما أكثر اضطرابا في هذه الأيام نوري المالكي رئيس الوزراء أم وجدان ميخائيل وزيرة حقوق الإنسان ..؟
أنا واثق أن جواب السؤال لا يأتي إلا من دماغ فاعل لشخص يقوم بفعل إنساني .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 24 – 4 – 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نداء وطني
البراق ( 2010 / 4 / 26 - 12:28 )
نداءك يا استاذ جاسم نداء لكل وطني يريد ان يرى العراق وقد تحرر من اساليب الدكتاتورية في قمع الناس وارتكاب الجرائم بحقهم خارج السجون وبداخلها . ان فضيحة سجن المقر العام لحزب الدعوة ( ما يسمى سجن مطار المثنى )لان هذا هو مقر الحزب منذ سبعة سنين فاي مطار يتحدثون عنه ؟؟؟ لم تكن الاولى فقد كان سجن الجادرية سيئ الصيت زمن صولاغ في الداخلية اضافة الى كشف اوضاع سجن التسفيرات العائد للداخلية التي لاتختلف كثيرا عن سابقاتها . ان جميع منظمات حقوق الانسان في العالم مطالبة لاعلان استنكارها وادانتها لهذه الجرائم والمطالبة بكشف المتورطين فيها واحالتهم الى القضاء لينالوا جزائهم العادل
الغريب هو ان نفس الجرائم ترتكب في ايران ضد المعتقلين من مناصري الاصلاحيين خصوصا الاعتداءات الجنسية واغتصاب المعتقلين نساء ورجالا والسؤال هو هل هذا نهج لحكومة ولاية الفقيه واتباعها ؟ ام ان ايرانيين يشاركون في التحقيق مع المعتقلين العراقيين في سجون المالكي العلنية والسرية ؟؟؟ لابد ان تكشف الايام الاجابة

اخر الافلام

.. ترقب نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة..


.. مفاوضات الهدنة.. ضغوط متزايدة على نتنياهو لقبول الاتفاق




.. الناخبون الفرنسيون يصوتون في الجولة الثانية من الانتخابات ال


.. اعتراض صواريخ في سماء جبل ميرون أطلقت من لبنان




.. قوات الاحتلال تقصف مدرسة العائلة المقدسة في غزة