الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كركوك......حق العودة ورفض استغلال محنة الفقراء مرة اخرى

ليث الحمداني
(Laith AL Hamdani)

2004 / 7 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لاشك بان تصريح الرئيس العراقي غازي الياور مؤخرا حول عودة الاكراد المهجرين الى كركوك ،ياتي ليؤكد عهدا جديدا في التعامل مع آثار الحقبة الدكتاتورية، ولكنه سيظل مبتسرا مالم يتضمن حلولا جذرية لقضية ترحيل العرب من المدينة ، فهؤلاءايضا ضحية وليس من العدل معالجة ضحايا بضحايا آخرين .
لقد ارتكب النظام الدكتاتوري المقبور جريمتان في قضية كركوك وخانقين تجسدت الاولى بتهجير العوائل الكردية ومحاولة تغيير الواقع القومي ، فيما تجلت الثانية باستثمار فقر العوائل العربية التي وطنت بدل المهجرين وهذه حقيقة لم يلتفت اليها احد للاسف ، بل ان بعض الذين تناولوا القضية صوروها وكانها قضية محتلين عرب لاراض كردية دون ان يكلفوا انفسهم عناء دراسة الواقع الاجتماعي المر الذي دفع هؤلاء العرب للقبول بالانتقال الى بيئة مختلفة تماما عن البيئة التي نشاوؤا فيها ، وباستثناء قلة معروفة جاءت الى كركوك بتكليف حزبي وبرغبتها بالحصول على الدرجة الحزبية فان اكثرية القادمين كانوا ضحية فقرهم وعوزهم وكان الفقر دافعهم الوحيد للقبول بالهجرة لقاء مبلغ من المال او قطعة ارض في الوطن كانت حقا مشروعا لهم في مناطق سكناهم الحقيقية لو كان هناك نظام وطني حقيقي يوفر لابناء البلد السكن الذي هو حق مشروع لكل مواطن .
لقد استثمر صدام حسين ( الفقراء العرب ) ليقهر بهم ( فقراء اكراد ) في ذلك المشروع الشوفيني القذر ، وهذا ليس الموقف الوحيد الذي كان ضحياه فقراء العراق عربا وكردا وتركمانا واشوريين وارمن وانما هو واحد من سلسلة مواقف استثمر فيها النظام الفقر بداه الدكتاتور في عملية تجنيد فقراء العراقيين وارسالهم الى محرقة قادسيته السوداء وانهاه في استخدام هؤلاء الفقراء كادوات في تغيير الواقع القومي لهذه المدينة او تلك ، وساشيرلحالة واحدة من الاف الحالات التي قبلت الهجرة هربا من العوز ، اذكر ان صديقا جاءني الى مقر عملي في جريدة( الاتحاد) البغدادية واخبرني ان ابنه قرر الانتقال الى كركوك وكان القرار مفاجاة لي فالرجل من اشد المعادين للنظام، ودخل قصر النهاية في السبعينات بتهمة الانتماء لتيار سياسي يساري وخرج بعاهة شبه مستديمة واصر على عدم التعامل مع حزب البعث كما فعل العشرات غيره ولوحق في رزقه ورزق اطفاله ، وحين سالته عن السبب الذي يجعل ابنه ينخرط في مثل هذا المشروع الذي يستنكره هو شخصيا روى لي حكاية ابنه الذي تخرج من الجامعة فالحق بالجيش ليتسرح بعد عدة سنوات فيشمله التوزيع المركزي ويعين في وزارة الصناعة براتب لايسمن ولايغني من جوع وكان قد خطب زميلة له في الجامعة انتظرته كي ينهي خدمته العسكرية ويتزوجان وظلا منذ تسريحه يبحثان عن غرفة تجمعهما بسبب عدم وجود غرفة في مسكن ابيه او مسكن اهلها وزادت المشاكل بينهما حتى كادا يفترقان ثم جاءته الفرصة حين عرض عليه الانتقال الى كركوك مقابل دار سكنية تابعة للوزارة صمت وانا اسمع الحكاية التي تجسد ماساة استثمار حاجة انسانية في عمل غير انساني فقد كان هناك فقيرا كرديا من ابناء المدينة احق بهذه الدار ...
ايها السادة الزعماء عربا وكردا ...اعيدوا سكان كركوك الى مدينتهم فهذا حق اساسي لهم ، ولكن لاتكرروا الماساة باستثمار الفقر مرة اخرى لتدمير الاف الاسر التي ستذهب الى المجهول .
نحن ابناء عراق واحد ومن حق العراقي ان يعيش في المدينة التي يختارها وبامكاني انا الكندي من اصول عراقية ان اشد الرحال غدا الى مونتريال حيث الاغلبية الفرنسية التي تتمتع بحكم فدرالي وتطالب بالانفصال دون ان يعترض احد من ابناء هذه الاكثرية على اقامتي هناك وتمتعي بكامل حقوقي ومنها رفض الانفصال وهذا هو حال الامم المتحضرة التي نسعى لنصبح واحدة منها ...لاتدفعوا الاسر العربية الى اسفل سلم الفقر فليس هنالك مثل الفقر ارضا خصبة للارهاب....
ورضي الله عن امام المتقين علي بن ابي طالب الذي قال لو كان الفقر رجلا لقتلته

ليث الحمداني
www.albilad.net








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إمام وحاخام في مواجهة الإنقسام والتوترات في برلين | الأخبار


.. صناع الشهرة - كيف تجعل يوتيوب مصدر دخلك الأساسي؟ | حلقة 9




.. فيضانات البرازيل تشرد آلاف السكان وتعزل العديد من البلدات عن


.. تواصل فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت في انتخابات تشاد




.. مدير CIA يصل القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات بشأن غزة