الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آفاق تطوير العمل النقابي

حسين علي الحمداني

2010 / 4 / 26
الحركة العمالية والنقابية


النقابة هي جمعية تشكل لأغراض المفاوضة الجماعية أو المساومة الجماعية بشأن شروط الاستخدام ولرعاية مصالح أعضائها الاقتصادية والاجتماعية عن طريق الضغط على الحكومات والهيئات التشريعية والالتجاء إلى العمل السياسي في بعض الحالات الضرورية ، ولقد كانت بريطانيا أسبق الدول إلى الاعتراف بالأهلية الكاملة للنقابات العمالية وكان ذلك في عام 1871 وكانت الفترة الممتدة من 1890 حتى 1918هي الفترة الأكثر ازدهارا للعمل النقابي في بريطانية عنـــدما دخلت معظم فئات المجتمع البريطاني في عضوية النقابات وأصبح العمال قوة مؤثرة في الحيــــــاة الســــــياسية في البــــلاد وترافــق ذلك مع ظهور حزب العمال البريطاني كدليل حاسم على أن العمال آن لهم أن يقــــــوموا بدورهم في شـــــتي شـــئون المجتمع البريطاني , والنقابة فكرة قائمة على "المساومة الجماعية" أي أن لا يتقدم العمال إلى المصنع آحاداً وأفراداً فيستبد بهم صاحبه ويملى عليهم شروطه. ولكن أن يتقدموا كجماعة لها صوت واحد بحيث لا يوجد إلا هذا الصوت الواحد وبالتالي يضطر أصحاب الأعمال للنزول من عليائهم. والتفاهم مع العمال وبالتالي نجد إن الأسباب والدوافع التي ساهمت في إيجاد النقابات هي الثورة الصناعية ألتي أفرزت طبقة الرأسماليين وهم التجار الذين أقاموا المصانع كوسيلة لجني الأرباح وأداروها كمشروع تجارى، وكان دستورهم هو دستور التجار في كل أنحاء العالم "اشترِ بأرخص الأسعار وبع بأغلاها"، وأوّل من حاولوا شراءه بأرخص الأسعار هي الأيدي العاملة , فكان تأسيس النقابات والتي تدار بشكل ديمقراطي حتى أطلق البعض عليهم بممارسي (الديمقراطية الصناعية ) واستطاعت هذه النقابات من إجبار أرباب العمل على تحقيق مطالبها عبر وسائل عدة منها أسلوب "الإضراب" كطريقة للضغط، وكانت الحكومات آنذاك لا تعرف وسيلة للضغط إلا الحرب في الخارج والأحكام العرفية الاستثنائية في الداخل فجاءت الحركة النقابية بالإضراب كوسيلة جديدة لنيل الحقوق . وفي العراق يعود تاريخ العمل النقابي الى عام 1930 ، حيث تشكلت أول المجاميع النقابية العمالية في كركوك والبصرة وبغداد وسط عمال النفط , من هنا نجد إن العمل النقابي في العراق قديم ومترسخ كإطار لتنظيم العمال والمطالبة بحقوقهم , وتبلورت على هذا الأساس الكثير من الاتحادات والنقابات المهنية والتي مثلت الطبقات والشرائح الاجتماعية كل حسب اختصاصها , وتمكنت من تعزيز وجودها عبر آلياتها المشروعة في نيل الحقوق لأعضائها بما يؤمن حضورها فيهم , ويمكننا القول بأن فترة ازدهار النقابات والاتحادات في العراق هي في عهد الملكية التي سمحت بالتعددية في شتى المجالات بما فيها الأحزاب والاتحادات والنقابات ووصل إلى درجة التنافس الحزبي في انتخابات هذه النقابات , ورغم إن ميدانها الحقيقي كان الاهتمام بالشرائح المنتمية إليها إلا إنها كانت على تماس مباشر بقضايا عديدة في مقدمتها الأوضاع السياسية في العراق والوطن العربي وسط صعود المد القومي آنذاك , فنجد إنها قد ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في هذه القضايا عبر التبرعات حينا وتنظيم المسيرات والمظاهرات حينا آخر لكنها لم تتحول إلى وسائل ضغط كما هو حاصل ويحصل في بريطانيا وسائر أوربا , وبانتهاء الملكية في العراقية بدأت النقابات والاتحادات تتحول إلى كانتونات تابعة لهذا الحزب أو ذاك في مرحلة ما بعد عام 1958 حتى عام 1968 حيث بدأ المنعطف السلبي الكبير في الحياة النقابية العراقية عبر سياسة الاحتواء التي اتبعها الحزب الحكام وتوجيه كل الفعاليات الجماهيرية والشعبية باتجاه واحد يعزز من قبضته على المجتمع من خلال السيطرة على الفعاليات الموجهه لهذا المجتمع والمتمثلة بالاتحادات والنقابات , وهذا ما جعلها تبتعد عن مهامها الأساسية في الدفاع عن حقوق من تمثلهم سواء عمال أو أطباء أو معلمين أو غيرهم من الفئات وافتقادها للقيمة المعنوية التي أنشئت من اجلها , وبعد التغيير الذي حصل في العراق بسقوط النظام الشمولي في نيسان 2003 عانت هذه النقابات كثيرا حيث تم حلها ووصل الأمر بمصادرة أو وضع اليد على ممتلكاتها يضاف إلى ذلك تعرض مقراتها لعمليات السلب والنهب والاستيلاء على مبانيها , وانحسر دورها في المجتمع حتى يومنا هذا باستثناء اتحادات قليلة جدا استطاعت أن تتلاءم مع التغيرات وتستوعبها لأنها مؤمنة بهذا التغيير مثل إتحاد الأدباء والكتاب العراقيين ونقابة المهندسين وعدد آخر منها استطاع أن يرفد العمل الاتحادي والنقابي بطاقات جديدة ويقدم خدماته بالشكل المطلوب , ناهيك عن دورها في تثقيف المجتمع وبناءه وفق قواعد وطنية قائمة على التعددية واحترام الآخر , ولعل أبرز ما تعانية الحركة النقابية في العراق بعد عام 2003 يتمثل بعدم استعادتها لمبانيها التي هي مقراتها في بغداد والمحافظات من جهة ومن جهة ثانية هي عدم قناعة وإيمان الشرائح التي يفترض إنها تمثلها بما تقدمه من خدمات لها حيث نجد إن نقابة المعلمين في العراق تعاني من عزوف في الانتماء إليها من قبل المعلمين والمدرسين الذين يعللون ذلك بأن كل ما تقدمه النقابة لهم مجرد هوية غير معترف بها حتى من قبل مديريات التربية , وهذه كمشكلة يمكن حلها عبر توفير مجموعة خدمات تقدم لهذه الشريحة أو تلك عبر النقابة من أجل تفعيل دورها في محيطها الذي تعمل فيه , وكذلك يمكن تشخيص ضعف الاهتمام الإعلامي بالنقابات والاتحادات وعرض نشاطاتها في وسائل الإعلام المختلفة , لهذا نجد إن النقابات والاتحادات في عراق ما بعد 2003 أمامها فرصة كبيرة لتأخذ دورها المطلوب في تفعيل وتنشيط العمل النقابي بعد أن عانت مسيرتها في العقود الأربعة الأخيرة من التكبيل والانجرار وراء شعارات الحزب الواحد وأن تضع البناء الرصين للعمل النقابي في ظل الأجواء الديمقراطية التي يعيشها العراق وأن تسعى جاهدة لتكون قوة ضغط إيجابية باتجاه تحسين الأوضاع المعاشية والثقافية للمجتمع , وأن تبتعد قدر الإمكان عن ( تسيسها وتحزبها ) حتى لا تتكرر التجربة الماضية وتتحول إلى واجهات حزبية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسؤول أوروبي: -تونس تتعامل بشكل غريب أحيانا- • فرانس 24


.. وزارة العمل: 3162 فرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصةبـ12 مُحافظة




.. وزارة العمل تعلن عن 3162 فرصة عمل جديدة بـ12 مُحافظة


.. نشطاء يعتصمون داخل فندق أمريكي احتجاجا على استضافته غالانت




.. المتحدث باسم الأمم المتحدة: المخاطر التي يتعرض لها عمال الإغ