الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعا معلمتي وصديقتي احسان الملائكة

وقار هاشم
ناشطة مدنية

(Waqar Hashem)

2010 / 4 / 27
سيرة ذاتية


وداعا معلمتي وصديقتي احسان الملائكة



في وقت يغرق فيه العراق دما ، وتنحسر الحياة الثقافية فيه الى ابعد الحدود.. ينطفيء فيه نجم طالما اضاء سماءه الثقافية والعلمية بهدوء وصمت لسنوات طوال.فقد رحلت عن عالمنا يوم الجمعة الماضي 23 نيسان، الاديبة،الكاتبة والمربية الفاضلة السيدة احسان الملائكة التي عاشت زاهدة في الشهرة والاضواء، باحثة ابدا عن كل ما هو جديد في العلم والادب على حد سواء.لقد عانت الحصار الثقافي بمرارة وكانت هديتها المفضلة والتي تسعدها لابعد الحدود هي حصولها على مطبوع او كتاب جديد.وعندما لم اجد وسيلة لمساعدتها في الحصول على مبتغاها صرت اقص لها المقالات المهمة من المجلات المختلفة باللغة الانجليزية وابعثها لها على شكل رسائل ، وكانت تعلق على ذلك بمقولتها الشهيرة لي :”انك تعرفين كيف تدخلين السعادة الى قلبي”، اتمنى فعلا انني فعلت ذلك.
كانت الاديبة الراحلة موسوعية الثقافة ، فمعلوماتها لا تقتصر على الادب والشعر وانما هي مترجمة من اللغتين الانجليزية والتركية ،لها معلومات غزيرة في الفن والرسم والموسيقى،كتبت النقد الفني والادبي،قرأت كل ما من شأنه زيادة معرفتها بالعالم.
وربما يعتقد البعض انها كغالبية عائلة الملائكة ، محافظة في فكرها . لقد كانت السيدة احسان متفتحة الذهن والفكر وداعية عنيدة من اجل حرية ومساواة المرأة.انها لم تنتم الى اي حزب سياسي غير انهاكانت تقدمية في نظرتها للعالم والمجتمع وما يحصل فيهما من متغيرات.كما كانت نموذجا ساطعا للنضال من اجل العلم والتعلم فبالرغم من تفوقها في دار المعلمين العالية ونجاحها المهني كمدرسة نموذجية في ارقى مدارس بغداد حتي تقاعدها، الاّ انها ظلت تطمح للدراسة فقد تقدمت بعد تقاعدها بطلب الدراسة في جامعة ادنبرة الاّ ان قطع العلاقات زمن النظام الصدامي مع انجلترا حال دون تحقيق حلمها مما دفعها للسفر الى استانبول والدراسة هناك والتعرف على تفاصيل الادب والشعر التركيين الامر الذي ساعدها على ترجمته للعربية.
ربطتني بالراحلة علاقة دامت ما يقارب الاربعين عاما. فبعد ان كانت مدرستي في المدرسة الاعدادية ، صارت صديقتي المفضلة التي الجأ اليها في كل صغيرة وكبيرة لحين رحيلها. فتحت لي بيتها ومكتبتها العامرة بالكتب القديمة والحديثة وبكل الاختصاصات. كنت اتحدث معها عن كل شيء. كنت اكتب لها ملخصا للكتب التي اقرأها وكل نشاط ثقافي او فني او موسيقي احضره.كنت ابعث لها صورا من كل سفرة اقوم بها لتشعر انها معي ، وكان ذلك يسعدها جدا. كنا نتحدث ونناقش احوال واوضاع الوطن، وبالرغم من اعتكافها في البيت وعدم خروجها منه لسنوات عديدة (الاّ عند الضرورة) الاّ انها كانت متابعة جيدة لكل ما يحدث فيه.
صديقتي الراحلة،لم تكن تكتب من اجل الشهرة ، كانت دؤبة ومتواصلة مع رسالتها بصمت . فقد ظلت تكتب الى أواخر ايامها وقبل مرضهاولعل القاريء يتذكر سلسلة كتابتها في صحيفة المدى واعدادها لمذكرات ويوميات شقيقتها الراحلة الشاعرة الكبيرة ، نازك الملائكة.ولها مؤلفات لم تطبع ولم تنشر بعد.
لم يلتفت اليها القائمون على الثقافة زمن نظام صدام ولا زمن ما بعده لان نوعيتها الفريدة لا تصلح للتطبيل ولا لطم الخدود ولا ان تكون داعية للتجهيل الذي صار منهجا في عراق اليوم.
لا اريد ان تكون سطوري هذه مرثية للفقيدة لانها لم تمت،فمؤلفاتهاتعيد الحياة فيها. ولانها ستبقى تعيش في داخلي ابدا....
وعزائي انها ستكون معي دائما.......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع