الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وللحرامية حقوق

علي جاسم

2010 / 4 / 27
كتابات ساخرة



اتذكر حادثة طريفة وغريبة حدثت قبل عشر سنوات في الحي الفقير الذي كنت اسكنه في جانب الرصافة ببغداد ، حيث صحى جميع اهالي المنطقة على صوت عيارات نارية في الساعة الثالثة صباحاً ، وخرجت الناس من بيوتهم وتوجهوا الى بيت "ابو ياس" الذي كان يمتلك محل لبيع المواد الكهربائية ، وعرفنا القصة بان حرامي دخل الى بيت ابوياس لسرقة امواله ولكنه شعر به ، وبعد مشاجرة عنيفة بينهما انتهت بمقتل اللص.. في الصباح طوقت الشرطة مكان الحادث وبدأت تستمع لاقوال الشهود واخذت ابوياس الى السجن وبعد مدة قصير افرج عنه لانه كان يدافع عن بيته وماله وعرضه وهو ما دفع القاضي الى اطلاق سراحه ، اذكر ان هذه القصة اصبحت حديث المنطقة لعدة اسابيع وطبعاً كل واحد يرويها بطريقته الخاصة مع الحذف والاضافة ، اهالي المنطقة ذهبوا الى زيارة ابو ياس مباركين له اطلاق سراحه والرجل بدوره ذبح عجل ووزعه على بيوت المنطقة ، كل شيء عاد الى وضعه الطبيعي.
بعد مرور شهرين على الحادثة حضر شخصين يرتدون ملابس عربية "دشداشة ويشماخ، وعقال، وعباءة" الى بيت ابو ياس وقالوا له نحن نحمل لك رسالة من اهل الميت "اللص" بانك اذا لم تأتي انت وعشيرتك لدفع الدية لهم فانت "أگوامة" اي مطلوب لهم انت واهل عائلتك وعشيرتك المقربين واعطوه مدة عشرة ايام ليحضر الى اهل اللص ، عادت الاحداث مرة اخرى الى الواجهة ، المهم ان ابو ياس دفع مبلغ خمسة ملاين دينار دية لروح اللص الذي قتله.
هذه القصة اخذت واقعاً سيئاً جداً على الوضع النفسي لسكان المنطقة الذين قرروا عدم محاسبة اللصوص في حال سرقتهم ، واصبح ابو ياس يندب حظه ،لانه لو كان يعلم بما تأول اليه الامور لترك اللص يسرق ولم يعترضه لان الاموال التي يمكن ان يسرقها اقل بكثير مما دفعه ابو ياس الى اهل اللص، هذا هو الخلل في المنظومة الاجتماعية ، للاسف العشائر العراقية تأخذ دية عن حياة ابناءها حتى لو كانوا لصوص وحرامية وهو امر معيب جداً على شخصية الفرد العراقي ، فالقانون وحده الفاصل في مثل هكذا مواضيع وليس العرف العشائري ، والدية لا يمكن ان تصح في كل المواقع.
قبل ايام حدثت قصة طريفة اخرى عندما عاد اخي الكبير من العمل في وقت متأخر من الليل فوجد داخل حديقة بيتنا الخارجية حرامي يحاول فتح سيارت والدي ، فقام بضربه ومنادات بقية اخوتي والجيران وبعد ان حققو معه اكتشفوا بانه "مكبسل" حاول والدي ان يحل الموضوع بطريقة سلمية وطلب من اخوتي اطلاق سراحه وعدم تسليمه للشرطة لكنهم رفضوا واصروا على اخذه الى مركز الشرطة ، ابي كان يصر على عدم اعطاء الموضوع اكثر حجمه لان يخشى من تبعت سجن هذا اللص اوتعرضه لاية اذية طالما هناك عشيرة تسند الحرامي وتطالب له بحقوقه ، واخشى ما اخشاه ان يتحول الحرامي في ويوم من الايام وفق مقاييس بعض العشائر الى "شهيد المهنة".
بالرغم من اصرار ابي على اطلاق سراحه الى ان اخوتي كانوا حريصين على تطبيق القانون واخذوه الى مركز الشرطة لكني لا اخفي بان تخوف ابي كان في محله لان الوضع الامني ما زال هش وهناك قوانين عشائرية بائسة تنصف حتى اللصوص واتنمى ان يعي الشعب العراقي ثقافة القانون لان الحرية موجودة في كل دول العالم ولكنها في الوقت نفسه تحترم القانون بشدة وتحاسب اللصوص هو ماينبغي الالتزام به من قبل الجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب