الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن والحمير

قاسم السيد

2010 / 4 / 27
كتابات ساخرة


لايوجد في بلادنا وبقية بلاد العرب والتي ربما يحق لي ان انسب نفسي اليها اليست بلاد العرب اوطاني على حد قول الشاعر شيئا اكثر تواجدا من الحمير فلا تزال المدن العربية العتيدة يشاهد فيها هذا الحيوان الصبور الوديع الذي طالما احتمل قساوة بني ادم وغثاثتهم صابرا محتسبا لايشكو ولايتذمر رغم كل هذه المزايا ومزاياه الاخرى العديدة التي يمتلكها لم يحظى بنفس التكريم الذي حظيت به زميلته البقرة عند بني الهندوس فهي تتنقل وتتبختر في بلادها محاطة بالاكبار والاجلال والتقديس والتبجيل بل وقد يضعونها في مقام اعلى مما يضعون به الانسان نفسه بينما هذا الحيوان المسكين لايلقى من انساننا الا كل اذلال واهانة واحتقار في الصاعد والنازل او على حد قول اخواننا المصريين في الرايحه وفي الجايه وهو ان اراد صاحبه ان يمتطيه او يتعامل معه فسيعامله بكل ما يستحق من دونية لم يختر المسكين ان يضع نفسه بها ولكننا اخترناها له رغم انفه وسيرى من هذا الصاحب انواع التعذيب من جلد وضرب مبرح فلا جمعيات حماية حقوق حيوان تحميه ولاهم يحزنون فهي لم توجد لبني الانسان اصلا فهل يتم ايجادها لبني الحمير هذا شيء نكر .
هذا الحيوان تجده في كل مكان وهو يعترض طريقك في كل المدن مهما كان مبلغ رقيّــها وانتمائها الى العصر ولاندري ان كنا نحن الذين نعمل على بقاءه والحرص على عدم انقراضه ام هو اصراره على الحياة وحب البقاء هما اللذان يدفعانه على ان يكون موجودا بيننا فهو كالاشجار البرية لايهمه قساوة الظروف التي يعيش فيها فهو يعيش في كل مكان وتحت كل ظرف ولااظن ان هناك دوائر للصحة البيطرية في أي بلد من بلادنا العربية العزيزة تهتم بشؤون هذا الحيوان او تعني بصحته كاهتمامها بصحة الكلاب او الابقار او المعيز او غيرها من بقية الحيوانات التي لها علاقة بالانسان مما جعل هذا الحيوان يشمخ بأنفه اعتزازا وافتخارا بعافيته بين اقرانه وزملائه من بقية الانعام الاخرى اذ انه برغم هذا الاهمال فهو افضل منها عافية ولله الحمد فلم نسمع يوما ما بزكام الحمير او سل الحمير او ايدز الحمير مثلما نسمع عن الطيور والابقار والخنازير من صفات مرضية حملت اسمائها بامتياز .
ومع لهذا الحمار من حضور واسع على صعيد الحياة فله حضوره ايضا على صعيد التاريخ كحمار جحا الغني عن التعريف فهو له مع صاحبه صولات وجولات بل ورد اسمه في بعض الكتب المقدسة وبالذات في القران الكريم كحمار لقمان حيث ساهم هذا الحمار مع صاحبه لقمان وابنه بأن ينتج هولاء الثلاثة من خلال قصتهما المشهورة مثلا عظيما هو{ رضـا النـاس غـاية لاتـدرك} ومن الشخصيات االادبية والتي كان للحمار حضورا بارزا في كتاباتها هو الاديب المصري الكبير توفيق الحكيم فلطالما استخدم الحكيم في كتاباته هذا الحيوان الوديع كشخصية ذات دلالة لاتخفى على عين اللبيب الى الحد الذي اطلق عليه في الادب العربي تسمية حمار الحكيم .
غير ان هناك في هذا الحيوان اللطيف خصلة سيئة رغم كل حسناته التي ذكرناها انفا لااستطيع الدفاع عنها فهي تهمة مؤكدة بامتياز له ومن دون نقاش الا وهي نهيقة والذي حاز بسببه لقب انكر الاصوات عن جدارة واستحقاق ولقد وصل الامر الى درجة ان ورد ذم هذا الصوت في القران الكريم بأعتباره أنكر الاصوات .
وللحمار في حياتنا حضورا اخر فهو يستخدم مقياسا تقييما لكثير من الناس سواء على مستوى العقول او على مستوى الاخلاقيات فلو أردنا ان نذم بعض الاصوات الادمية يحضر وصفنا هنا الحمار لنشبه اصواتهم بصوته لما يمتاز به هذا الصوت من نشاز وقبح رغم ان هذا الحيوان لايطلق صوته باستمرار كبقية الحيوانات مثل القطط والكلاب والطيور على انواعها او كما يستعمل سائقوا السيارات عندنا المنبهات {الهورنات} وكأنها شرط من شروط القيادة الامنه فهذا الحيوان المظلوم لا يظهر هذا الصوت المنكر والقبيح الا في حالة واحدة تقريبا فعندما تلتقي هذه الحمير في ما بينها او عندما يشم بعضها ريح بعض ولو عن بعد فهي حينئذ تنخرط في نهيق متبادل يصدح في اجواء الاثير تسمع كل ذي سمع ولها قدرة عجيبة على الاستمرار بالترحيب ببعضها البعض باشكال مختلفة من شم ولحس وعض هو اشبه بالقبلات منه بالقضم ولأوقات قد تطول أو تقصر خصوصا اذا لم تجد من يمتطيها او يؤذيها.
ونحن والحمير لنا مشتركات عديدة منها ان اصحاب المنطق اي ارسـطوا وجماعته يربطون بيننا وبين الحمير في الجنس الاعلى بأعتبار الانسان كجنس هو عبارة عن حيوان ولكن بما ان هذا الحيوان اصبح ناطقا فأنه دخل في نوع اخر هو نوع الانسان وترك المسمى حيوان لأخيه الحمار لبقاءه في نفس جنسه لان مفهوم الماصدق انسان لاينطبق عليه لكونه غير ناطق حسب تعبير هولاء المناطقه فلا غرابة اذن ان وجدنا مشتركات سلوكية بيننا وبين الحمير وكم مرة يعترف الواحد منا بحماريته فيما لو دفعته غفلته للوقوع في مطب ما او فيما استغفله الاخرون فتراه سرعان ما يعترف قائلا بصوت مسموع غير مهموس... انا حمار فعلا ؟؟؟؟
بينما نجد اخرين يفتخرون بهذه الحماريه من خلال وصف انفسهم بأنهم من اصحاب الجلد والتحمل وأن احدهم في صبره وتحمله كالحمار بل اشد تحمرا من الحمار نفسه فأنت ان كلفته بعمل وأشفقت عليه من أن هذا العمل شاق عليه وان يتركه او على الاقل يمنح نفسه فسحة من الزمن للراحة اجابك بأعتزاز وتباهي ولا يهمك انا حمار شغل ..... هل ترون ان الحمار هنا مصدر فخر .
لكننا أحيانا نظلم هذا الحمار بأن نتهمه بالغباوة والحمق والبلادة من خلال تشبيهنا لاشخاص بالحمير في الواقع هم اكثر غباء وحمقا وبلادة من الحمار نفسه بل اننا نلحق به اساءة بالغة جدا من خلال تشبيه هولاء الاشخاص به أو نعتهم بأنهم اخوة للحمير وهي أخوة اتصور انه لو ترك للحمار الخيار فيها لما قبلها وكم نسمع على مدار ساعات النهار والليل اناسا يشتمون بعضهم بعض بأن يقول الواحد منهم للاخر يابن الحمار رغم ان في هذه الحياة اناس لايستحق ان يشبه تحمرهم بالحمار نفسه .
ويبدو ان للحمير حظا في السياسة ولقد اتخذته بعض الحركات والاحزاب السياسية رمزا لها لتؤكد لانصارها انها تمتلك كل خصال وصفات الحمير وأن لها من الثبات والصبر والمطاولة والجلد في الخطوب وهذه بالطبع كلها مزايا تنسب بلا فخر للحمير ولعل ابرز حزب سياسي على المستوى العالمي اتخذ من الحمار شعارا له هو الحزب الجمهوري الامريكي
ونحن في ازمتنا السياسية الحالية التي جاءت اثر الانتخابات الاخيرة وما ولدته من اشكالات يبدو ان حلها بعيدا ان لم يكن متعسرا وما خلقته من تشنجات وتوترات وربما انهيارات نفسيه وعصبية لدى العديد من سياسينا ارى ان لهم في الحمير اسوة حسنة لما تمتاز به من صبر وطول نفس يفتقده مع الاسف اغلب سياسينا المتهافتين على المناصب وليتخذوا من زهد وعفة هذا الحيوان الودود في الدنيا وما فيها مثلا ويجعلوه قدوة لهم في العفاف وأن يراعو الله في اموال البلاد والعباد ولكي يقتصر مجلس النواب القادم على المخلصين والمضحين في خدمة الناس وأبعاد الطامعين والانتهازيين من تجار الحروب وأشباههم وأصحاب الفرهود وأشياعهم فأني اقترح تبديل تسميته مجلسنا الموقر وجعلها تسمية محببه للنفس لتصبح تسميته الجديدة مجلس الحمير العراقي اني ارى في هكذا تسمية ابعادا لكل الطامعين والمنافقين من أن يدخلوا الى هكذا مجلس عتيد لأن امثال هؤلاء سيبدون ترفعا وتأففا وربما خجلا لأن اغلبهم من التافهين وأصحاب المظاهر والتسميات البراقة التي لاتستطيع ولايمكن لها أن تقرن نفسها بالحمير ظنا منهم انهم أرفع قيمة منها وبأبعاد هولاء ستتاح الفرصة للمخلصين أن يثبتوا فعلا انهم حمير شغل وأني لاأرى انه ليس هناك من داع للخجل من هذه التسمية لأن جالب الديمقراطية لوادينا العزيز هم الامريكان ولقد جعله حزبهم الجمهوري شعارا له فنحن على طريق الاصدقاء سائرون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مجلس الحمير العراقي
هند كريم ( 2010 / 4 / 27 - 18:27 )
هههههههه لابد من أخذ رأي الحمير أولأ أحتمال انه هو من سيترفع عن تسمية مجلس النواب بأسمه لأنه ليس بطائفي ولاقومي ولاأثني وانما مخلوق حر ينتمي لكل مكان في العراق


2 - مجلس الحمير
نصير فرحان ( 2010 / 4 / 28 - 17:37 )
شكرا- استاذ قاسم على هذا المقال الغني بالكثير من المعاني التي يتمنى الشخص سماعها والتي تحدثت عن بعض الساسة وليس الجميع كون بعض النواب قد ادو مهامخم على اكمل وجه اما الاخرين فنظلم الحمير بتسميتهم حمير لان الحمير تترفع عنهم وعن افعالهم .
واشكرك مرة اخرى على المقال


3 - من فضائل الحمير
جميل السلحوت ( 2010 / 4 / 29 - 05:56 )
-
من فضائل الحمير

عندما نتكلم عن ذكاء الحيوانات،ومعرفة بعضها ببعض الظواهر الطبيعية يغضب بنو البشر،فالحمار الذي يصبر على ما يلحق به من ظلم الانسان حتى كناه العرب بأبي صابر اصبح شتيمة في مفهومنا الشعبي،فلو وصفنا انسانا بأنه -حمار- لأقام الدنيا ولن يقعدها،اما اذا وصفناه بالسبع فانه سيفتل شاربيه، ويعتبر نفسه ابا الفوارس،في حين ان الحمار يخدمه ويحمله على ظهره،ويحرث له ارضه،وفي نفس الوقت من الممكن ان يكون فريسة سهلة ووجبة شهية للأسد.
فسبحان الله كيف نحترم قاتلنا،ونحتقر من يعيننا على شظف الحياة.
والأدهى ان الانسان يخفي سوءاته وشروره، ويلبسها للحيوانات ومنها الحمير، فنقول: -ما يتقطش من ذنيه الثنتين الا الحمار- مع ان الانسان هوالذي يقوم -بتقطيش- اذني الحمار،
علما انه في واقع الحياة ان الحمار يتعلم من عثرته الاولى،فلا يسلك طريقا تعثر فيها،وعندما يصل الى المكان الذي تعثر فيه فانه يرفض المسير مهما كان جبروت الانسان الذي يقوده او يسوقه.
في حين ان الانسان لا يتعلم من أخطائه،ويكررها مرات كثيرة حتى انها تصل احيانا الى درجة الخطيئة أو الجريمة.
وبالرغم من الخدمات الجليلة التي تقد


4 - سلام عليكم
حيدر الناصر ( 2010 / 4 / 29 - 15:58 )
كنت اتمنى ان يكون النقد بناءا لتقويم وتحصيص مسار العملية السياسية وان يكون لصديقي الكاتب اسلوبه الساخر وانيسيق الحديث الى ما يرفع لاما يجرح وينتقص من قيمة الاخرين فبعد المقدمة اللطيفة عن كرامات ومناقب ذلك الحيوان وبعد ضرب الامثال به كنت اتمنى ان لايسب او يشتم الشعب العراقي من خلال شتم من يمثلوه لان هذا الشعب قدم تضحيات كثيرة يستحق منا ان نضع تراب اقدامه على رؤسنا واذا اختار الشعب فيجب ان نحترم خياراته وان لانوجه له اسأة لايستحقها منا واما يا صديقي عن السياسين والتجاذبات السياسية الحالية فهي مسئلة طبيعية فهم بشر مثلنا لماذا نطلب شيء لايستطيع القيام به الا الله (عز وجل ) حيث يقول للشيء كن فيكون
اضف على ذلك ان العملية السياسية في العراق هي في بدايتها ولم تمضي عليها عشرات السنين انما هي سبع سنوات ولا ادري ياصديقي ماهدم خلال عقود ايمكن بناءه خلال بضع سنوات؟؟
في الختام اتمنى على كافة الاخوة والاخوات الكتاب الذين يودون ومن خلال حرصهم على العراق ان ينظروا اليه على انه بلدهم وليس هو بلد اخر واتمنى ان كل من ينتقد العملية السياسية او يشخص خطاء ما ليطرح الحل البديل ولو من وجهة نظره

اخر الافلام

.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد


.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد




.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد


.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا




.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس