الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات - ننهض وسط الناس بانطلاق جديد

رضا الظاهر

2010 / 4 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


في ظل أجواء التوتر السياسي الحالي، حيث الخلافات الحادة بين الكتل "الكبيرة"، وانعكاسها على الوضع الأمني واستمرار معاناة الملايين المريرة على مختلف الصعد، لا يتوقع محللون أن تتوفر السلاسة التي تساعد على تشكيل الحكومة خلال فترة قريبة، ارتباطاً بصراع القوى المتنفذة على المغانم، وتمسكها بمنهجية المحاصصات وإن تباينت الصيغ، وإصرارها على "التوازن" بين مكونات الشيعة والسنة والأكراد.
غير أننا إذ نتابع ونحلل تجليات الصراع السياسي الراهن المحتدم، وجوهره ضمان الامتيازات، لا نتجاهل حقيقة أن أمامنا مهمات ملحة أساسية أخرى، بينها عملية التقييم المتوازن لتجربتنا في الانتخابات الأخيرة، حتى يكون منطلقاً في جولات الكفاح الجديدة.
وفي ممارستنا هذه نواجه طائفة من الحقائق تمتد من أسباب ودلالات ودروس خسارتنا في الانتخابات، مروراً باستيعاب الثقافة السائدة وتأثيرات التخلف على مزاج الناس الذين صوّت أغلبيتهم لصالح مسببي مآسيهم على نحو كشف عن ازدواجية المصوّتين، وجسد "مفارقة" عراقية فريدة، وصولاً الى ادراك حقيقة أن الأقلية العددية لا تعني، بالضرورة، أقلية تأثير ونفوذ سياسي من ناحية، ولا تعني، من ناحية ثانية، أنها أقلية أبدية مقابل أكثرية أبدية في وضع غير قابل للتغير والتحول.
واذا كانت الصلات الحية بالناس تستدعي، من بين متطلبات أخرى، تشخيص أساليب العمل المثمر مع الناس ووسطهم والتأثير عليهم عبر المثال الجذاب، فانها تستدعي، أيضاً، أن نستوعب الطريقة التي يتصرف بها الناس في أزمنة الانتكاس والتراجع، وما يمكن أن تؤدي اليه من نزعات يأس وتوفيق لدى بعض الثوريين، وعجز عن مواجهة صعاب وتجاوز واقع مرير.
وإذا ما عدنا الى تاريخ حركتنا، يمكننا أن نرى، على سبيل المثال لا الحصر، أن هزيمة ثورات 1848 أدت الى تفشي سيطرة الرجعية الأوروبية. وكان على ماركس وانجلز أن يحاربا الارتدادات اليمينية واليسارية في عصبة الشيوعيين، وأن يكافحا اللامبالاة التي انتشرت في أعقاب تلك الهزيمة، وأن يهاجما أصحاب الجمل الثورية المغامرة والزائفة، الذين أرادوا استبدال العلاقات الواقعية بالنظرة الارادية كقوة محركة للتحول الاجتماعي.
وفي فرنسا أدت خيبة أمل العمال بممثليهم السياسيين الى التمهيد أمام برودون لنشر أفكاره الفوضوية القائمة لا على القضاء على الرأسمالية، وإنما تخليصها من "الشوائب". ولم يقم ماركس وانجلز بدعم كومونة باريس عام 1871 واستخلاص النتائج لاحقاً حسب، وإنما خاضا، أيضاً، صراعاً حاداً ضد الأفكار السلبية التي انتشرت في أعقاب هزيمة الكومونة.
ولنا في تجربتنا وتاريخ بلادنا الحديث، خصوصاً خلال نصف القرن الأخير من الصراع السياسي، خير مرشد على ما يمكن أن تفعله ظروف التراجع في أمزجة الناس.
ومن المعروف أنه في أزمنة الانتكاس تتفشى الأفكار التي تشكك في امكانية التأثير في مسار التاريخ بارادة وفعل البشر، والزعم بأن أحداث التاريخ تسير في مجراها وفق قوانين موضوعية "حتمية". ويقول غرامشي إن "على المرء أن يؤكد كيف أن القدرية ليست إلا الرداء الذي ترتديه الارادة الحقيقية والفاعلة عندما تكون في وضع ضعيف".
ويتعين علينا أن نتذكر، في هذا السياق، ما قاله ماركس من أن "الناس يصنعون تاريخهم بأيديهم، لكنهم لا يصنعونه على هواهم"، موازناً، عبر هذا الاستنتاج الحيوي، بين الحقيقة الموضوعية والفعل الذاتي.
ولا ضير من الاعتراف بأن في صفوفنا من يستسلمون للتشاؤم بتأثير كل انتكاسة نصاب بها في اشتباكنا مع واقع التخلف، وهذا الأمر ليس افتراضياً وإنما واقعي، حتى وإن ظل في منطقة الاستثناء. ومن بين الأوهام التي يقع فيها "المستسلمون" اتهامنا بالتخلي عن أهدافنا السياسية والطبقية بحجة عدم نفوذنا بين الجماهير، معللين، في الظرف الراهن مثلاً، خسارتنا في الانتخابات الأخيرة بعجزنا عن استنهاض الناس، ومنطلقين في وهمهم من نظرة أحادية الجانب لا ترى تشابك الموضوعي والذاتي، فتعجز، بالتالي، عن قراءة الواقع قراءة عميقة.
* * *
بدون العمل بين الناس لا يمكن للمرء أن يكون شيوعياً حقيقياً، ذلك أن كل مغزى تميّزنا في حزب طبقي مستقل يكمن، الى حد كبير، في أننا نمارس هذا العمل ونستنهض الطاقات لخلق حركة شعبية واعية، دون أن نسمح لأية عواصف سياسية أو اجتماعية أن تبعدنا عن هذا الينبوع المتدفق والنشاط الحي، الضروري على الدوام، في أزمنة الانتكاس أو الظفر.
ويتعين علينا، ونحن نخرج بعيداً عن جدران الغرف والعمل المكتبي ونتوجه الى الناس متحسسين آلامهم وآمالهم، أن نربي الناس على الاضطلاع بالدور الكفاحي الواعي، عبر استثمار السخط ومواصلة التحريض وتبني المطالب العادلة. فليس هناك ما هو أكثر ضرورة ومشروعية من توسيع نفوذنا بين الناس.
يتوهم من يظن أنه يمكن انتزاع حزب الشيوعيين العميق الجذور من أحضان الناس بالسهولة ذاتها التي يُنتزَع بها رأس اللفت..
فها هو الحزب ينهض من كبوة .. يشخص قصوره الذاتي بجرأة، ويسعى الى تقييم متوازن، حتى يشرع بانطلاق جديد، فيعيد بناء منظماته، ويوسع صلاته الحميمة بالناس، ويعزز نفوذه السياسي والفكري، ويتحدى الصعاب، ويتقحّم الدروب المفضية الى الغايات المنشودة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - برنامج 6على 6 طرق العودة الى الكادحين
سلام عدل ( 2010 / 4 / 28 - 16:27 )
كتب الاستاذ الظاهر (ويتعين علينا، ونحن نخرج بعيداً عن جدران الغرف والعمل المكتبي ونتوجه الى الناس متحسسين آلامهم وآمالهم، أن نربي الناس على الاضطلاع بالدور الكفاحي الواعي، عبر استثمار السخط ومواصلة التحريض وتبني المطالب العادلة. فليس هناك ما هو أكثر ضرورة ومشروعية من توسيع نفوذنا بين الناس.(وقد كنت قد أطلعت على البرنامج الملوس ادناه لقوى يسارية عراقية .. قد يكون اساسا لهذا التحرك الجماهيري ..

برنامج 6على 6 طرق العودة الى الكادحين

البرنامج الذي يهدف الى حل مشاكل عوائل الشهداء والضحايا والايتام والارامل والمعوقين والعاطلين عن العمل والمتقاعدين من خلال تعبئة الجماهير الكادحة وزج طاقتها في اعمال كفاحية من أجل اجبار البرلمان على اصدار 6 قوانين خلال الستة شهور الاولى من حياة البرلمان المنتخب الجديد , بواقع قانون واحد شهريا حسب التسلسل التالي

الشهر الاول - القانون الاول - قانون الشهداء والضحايا
الشهر الثاني - القانون الثاني - قانون الايتام والمشردين
الشهر الثالث -القانون الثالث - قانون خاص بالمعوقين
الشهر الرابع - القانون الرابع - قانون خاص بالمهجرين داخل وخارج العراق
الشهر الخامس - القانون الخامس - قانون خاص بالعاطلين عن العمل
الشهر السادس - القانون السادس -قانون خاص بالمتقاعدين

يجب ان تتضمن القوانين الستة هذه فترة تأهيل صحي


2 - برنامج 6على 6 طريق العودة الى الكادحين
سلام عدل ( 2010 / 4 / 28 - 16:33 )
يجب ان تتضمن القوانين الستة هذه فترة تأهيل صحي ونفسي وتعليمي ومهني يدفع خلالها رواتب لجميع هذه الفئات الاجتماعية المظلومة بنسبة لا تقل عن نسبة 80 % من المرتب الوظيفي الحكومي وسكن انساني مجاني حتى يتم حصولهم على العمل - الدراسة - السكن - الحقوق كافة
تحويل قصور الرئاسة في كل انحاء العراق الى مراكز للتأهيل والرعاية لهذه الفئات الاجتماعية
اما 3 على 6 فهي تكريس الستة شهور الثانية من السنة الاولى لتشريع قانون كل شهرين تتخص بالمجالات الثلاث الكبرى التالية
تشريع قانون لحل مشكلة الفلاحين والزراعة وفق برنامج الارض للفلاحين ودعم شامل للزراعة بكل مراحلها مع منح كل فلاح منحة كافية للمعيشة الكريمة خلال موسم الزراعة حتى الحصاد , على ان تتكفل الدولة بتوفير كل مستلزمات الزراعة المعروفة و بشراء محصوله الزراعي وتسويقه
تشريع قانون خاص بالصناعة الوطنية العراقية واعادة بناء المصانع المهدمة وبناء الجديد منها بهدف خلق صناعة وطنية حقيقية قادرة على تلبية حاجات الناس .

اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة