الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في مثل هذه الظروف، من يفكر بالطبقة الكادحة في العراق ؟

عماد علي

2010 / 4 / 28
ملف بمناسبة 1 أيار 2010 - المعوقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي


في بداية اي حديث عن الطبقة الكادحة و ما تتحمل ان تحتوي من المكونات وفق المعايير العلمية العالمية، يتبادر الى الاذهان مجموعة من التساؤلات فيما يخصها في الوضع العراقي العام و تاريخه و طبيعته الاجتماعية و العلاقات المترسخة بين ابناءه والظروف الاقتصادية و الروابط المختلفة التي تربط المجتمع العراقي و تقسيماته، و السؤال الرئيسي الهام الذي يقف امامه الجميع و ما يبرز منه الفروع ، هل نضجت الطبقة العاملة و برزت خصائصها و يمكن تميزها عن الاخرين، و ما هي سماتها و العقبات الطبيعية و المصطنعة امام مسيرتها، و لِما لم تثبت وجودها لحد اليوم كي تكون لها الكلمة الفصل في تحقيق اهدافها و الحصول على ثمار كفاحها الطويل و الذي لم يثمر ما كان المنتظر منه، و ما هي العوامل التي ادت الى التعتيم على هذه الطبقة التي كانت موجودة على ارض الواقع، و ما الاسباب التي ادت الى عدم توحدها و اصطفافها الصحيح كما هو حال الاخرين في جميع انحاء العالم.
ان كانت المقاييس العلمية الاجتماعية التاريخية تدلنا الى ان الطبقة العاملة ظهرت بعد الثورة الصناعية في العالم، فلم تمر العديد من الدول بهذا النوع من الثورات و لم تتاثر بالتطورات و التغييرات التي حدثت بشكل مباشر في هذه الطبقة ، الا ان اليسارية كفكر و نظرية عامة مدافعة صلبة لحقوق هذه الطبقة غطت على مسيرة عقود من تاريخ العديد من البلدان، و منها العراق الذي كان الوضع السياسي فيه تحت رحمة هذا الفكر و الفلسفة و الايديولوجيا لعقود طويلة، على الرغم من عدم تسلمهم السلطة للظروف الموضوعية التي مر بها العراق و علاقاته و روابطه الدولية .
اما على ارض الواقع و كولادة طبيعية لهذه الطبقة من رحم التطورات العامة للمجتمع و في ظل توفر المستلزمات و الركائز المطلوبة ، لم نلمس وجود طبقة او شريحة العمال و التي لهم المميزات الخاصة بعيدة عن التحزب و متطلبات الايديولوجيا و المصالح . و هذا لاسباب و عوامل عدة منها و في مقدمتها عدم انبثاق الثورة الصناعية هنا كي تكون دافعا و ارضية ملائمة لبروز الطبقة العاملة مثبتة لنفسها ، و لم يلمس احد خلال هذه السنين ما يمكن ان نسميه البنية التحتية من المعامل و المصانع الكبرى التي تدفع العمال للتراصف و التوحد من اجل انجاز مهامهم و تحقيق اهدافهم و تغيير مسار التاريخ لصالحهم بقوة عملهم كما حدث في العالم.
لقد حدثت الثورة الصناعية منتصف القرن السابع عشر في اوربا و انتصرت، و كان لها الدور الاكبر في التغييرات السياسية الاجتماعية الاقتصادية الثقافية، و انتقلت شرارتها الى العديد من المناطق الاخرى، و تاثرت قارات و هزت البلدان ، وكما وصلت الى القمة في 1 مايس 1886و عند احتجاجات عمال شيكاغو و انتفاضتهم، بعد اعتصامات و تظاهرات و وحدوا صفوفهم لمطالبة الحقوق البدائية لهم و غدرت بهم الطبقة البرجوازية، و اصبحت هذه العملية رمزا لحركة العمال في جميع انحاء العالم و هو يحتفل به كل عام.
و هذا لا يعني عدم وجود العمال و الطبقة الكادحة عبر التاريخ قبل هذا اليوم ، لا بل مآثرهم و نتاج ايديهم يدلنا على انهم في طليعة بناء الصروح المهمة في العالم و التي يفتخر بها السلطات و الشعوب لحد اليوم، من ينظر الى اهرام مصر و الجنائن المعلقة في بابل و سور الصين العظيم و صرح جمشيد في ايران و تاج محل في هند و معابد المسيحية و الاسلامية و اليهودية و ملايين القصور و المباني العالية و الاثار التاريخية المرسومة و المنقوشة بقوة العضلات للايدي العاملة عبر التاريخ، تعبر عن اهمية هذه الطبقة في كل زمان و مكان.
اعتبار الاول من مايس هو عيد للعمال لا يعني عدم وجود احداث مثيلة او اقوى قبل هذا التاريخ، والتي كانت تعبر عن اعتراضات هذه الطبقة ، و لكن كما هو المعلوم في التاريخ فليس بشرط ان يترسخ اي شيء ان يكون دقيق لما يعبر عنه، و كما هو حال العديد من المناسبات. و هناك عوامل اخرى تتحكم بفحوى هذه الامور و منها الظروف الدولية و السلطة و القوة، لا بل التاريخ يدلنا على العديد من الثورات الدموية لهذه الطبقة و محاولاتهم رد الظلم و القهر و وقوفهم بوجه السلطات التي حكمت بقوة فيالمراحل العديدة من التاريخ في جميع انحاء العالم.
و هذا يعبر عن ان الظلم و القمع و الاستعباد ليس بشرط ان يكون داخل المصانع و المعامل فقط ، بل يحدث في اي موقع عمل مهما كانت مساحته او نتاجاته او صفات اصحابه و العاملين فيه.
في مثل هذه الظروف التي يمر بها العراق، و الوضع الاقتصادي و الاجتماعي المعروف و طبيعة المجتمع و مستوى دخل الافراد و النسبة الكبيرة من البطالة و عدد الفقراء و المستضعفين، و في ظل انعدام الخدمات العامة و تدني الوضع المعيشي للاكثرية، و انعدام المعامل و المصانع الكبرى، و توقف الاكثرية الغالبة من المعامل الصغرى عن العمل، و رخص الايدي العاملة و عدم ضمان و تامين حياتهم باي شكل كان، الم يحن الوقت ان يبعد الجميع عن الافكار و العقائد التي يتمسك بها و هي لغير صالحه، و يهتم بمصيره و مصالحه بعيدا عن المثاليات و الوسائل الخرافية المؤدية الى تفرقتهم و هشاشة صفوفهم و توزيعم على التيارات و التجمعات التي اخر ما يهمها هو مستقبل هذه الطبقات و الشرائح ، و على المهتمين و النخبة الاهتمام بتعبئتهم بطرق سليمة و بافكار واقعية، و توضيح مهامهم و اهدافهم بعيدا عن الخيال و التمنيات و الغيبيات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو