الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القصة المحزنة لرجلٍ أطال إنتظار زوجته ...!

كامل السعدون

2004 / 7 / 30
الادب والفن


القصة المحزنة لرجلٍ أطال انتظار زوجته …!!
ترجمة
كامل السعدون
عن كتاب منتخبات من الأدب الإنجليزي

التقيته في كافيتيريا (أي . بي . سي ) ، كان جالساً عند منضدةٍ في الزاوية وقد بدا حزيناً للغاية ، كان رجلاً ضئيل القامة نحيفها ، ذا لحيةٍ طويلةٍ كثّة ، يرتدي ملابس رثّة إلى حدٍ ما ، بدا الرجل وكأنه خروف ضال . حالما جلست قبالته ، جائت النادلة لترفع الأطباق الفارغة .
- أمن شيء آخر تأمر به …؟
نظر الرجل إلى الساعة الجدارية المعلقة قبالته ، مسح الطاولة أمامه بظاهر كفّه بعصبية ، وقال بصوتٍ خفيض :
- أظن …أظن أني سأتناول طبق بيضٍ مقلي . " طبق بيضٍ مقلي " أكدت النادلة الطلب ، ثم توجهت نوحي ، عندما انتهيت من تأكيد طلبي ، نظر الرجل نحوي بتهذيبٍ وبان في عينيه حياءٍ مفاجئ :
- - عفواً ولكن ، أيمكنك التلطف بإخباري عما إذا كانت الساعةُ تلك صحيحة ...!
نظرت إلى ساعتي وأجبت بالإيجاب .
( هذا ما كنتُ أخشاه ) علق الرجل بعد أن شكرني وكان يبدو وكأنه يود أن يضيف المزيد لو لم تصل النادلة في تلك اللحظة حاملةٍ طبق البيض المقلي الذي طلبه . ( هذا مؤلمٌ للغاية ) هتف الرجل ، ( وما هذا المؤلم يا ترى ) سألت باهتمام ، أزاح الرجل طبق البيض من أمامه وأمال جذعه نحوي وكأنه يود أن يسرّني سراً ، ( إني أتوسم في وجهك الطيبة والنبل أيها الفتى ) همس لي ، ثم أضاف بعد أن تلفت يميناً ويساراً ( أظن أني سأتجرأ وأسألك العون ، كما ترى فإني منتظرٌ زوجتي ) …أها …( علقت ) ، وهي متأخرة بالطبع عن الموعد ، لِم لا تنتظر برهةٍ أخرى ؟ ( أضفت ) .
- انتظرت قرابة الأربع ساعات …!
- ماذا …أربع ساعات..؟؟
- لقد اتفقنا على أن نلتقي هنا في تمام الساعة الواحدة والنصف ، وها أنا أنتظر منذ ذلك الحين .
صراحةٍ ، لم أجد ما أعلق به ، رغم إني أنا أيضاً متزوج ، فإني لم أعرف سابقاً رجلاً أنتظر زوجته لمدة أربع ساعات . يبدو أن الرجل لاحظ دون شك نظرة الإشفاق في عيني ، إذ أنه أضاف بسرعة ( في الواقع كان يفترض إلا أنتظر كل هذا الوقت ، إذ إني لم يسبق أن انتظرتها أكثر من نصف ساعة ، لكن كما ترى ، بعد أن مكثت نصف ساعة ، طلبت وجبةٍ خفيفة ، وحيث أنها لم تأتي ، فكرت أن أذهب للبيت ، ولكني اكتشفت أن زوجتي قد نسيت …أقصد …إني خرجت من البيت دون نقود ، وبالتالي فلم يكن لدي ثمن الطعام الذي تناولته…
- مؤسف …ولكن …( قاطعني الرجل متابعاً ) :
- - فكرت أن من المستحسن أن أتناول المزيد من الطعام ، لأن الجرسونات هنا لا يرتاحون لمن يجلس طويلاً ولا يطلب شيء ، طلبت سجقاً وبطاطس ، أكلت طبقي ببطء ، حين انتهيت لم تأتي زوجتي بعد ، جلست نصف ساعة أخرى ث توجب عليّ أن أطلب شيئاً آخر ، وهكذا منذ أربع ساعات ، أكلت بيضاً مقلياً مرتين ، بطاطس وسجق ، عير طماطم ، عدة أقداح قهوة وشاي وبيرة وعصير ليمون ، شرائح لحم مع رزّ ، و…و…
وكما ترى الآن فإن من المستحيل علي أن أخرج ، إنهم سيغلقون المحل قريباً وسيكتشفون أني لا أملك نقوداً وعندها سيستدعون الشرطة في الحال ، وسيكون موقفي مخجلاً ( ودفن الرجل وجهه بين يديه وهو يندب بصوتٍ باكٍ ، هذه آخر مرّة أتواعد معها على اللقاء في كافيتيريا " القط الأسود " …) .
- ماذا …( القط الأسود ) ، ( هتفت باستغراب ) ، ولكن هذه ليست كافيتيريا ( القط الأسود ) ، إنه ( أي . بي . سي ) .
قفز الرجل من مقعده مذعوراً ، ليس القط الأسود ، يا إلهي الرحيم ، لقد قضيت نهاري جالساً في المكان الخطأ ، يا ألهي …ماذا سأفعل الآن …؟
بدا الرجل وكأنه يوشكُ أن يجهش بالبكاء ، شعرت بمزيد من الإشفاق عليه ، هتفت بحرارة ( لا عليك يا رجلْ تمالك نفسك ، سأدفع ثمن طعامك وشرابك ) .
هدأ روع الرجل مجدداً ، تنفس الصعداء ، أمسك قبضتي المضمومة فوق الطاولة بكلتي يديه وهتف بي بصوتٍ مختنقٍ من اضطراب مشاعر الامتنان والارتياح ( كم أنت طيبٌ أيها الشاب ، ليوفقك الله ، أرجوك أن تعطيني عنوانك لأرد لك النقود حالما أعود إلى البيت ) ثم هتف بالنادلة بثقة :
- فاتورة حسابي لطفاً .
جاءت الفتاة بالفاتورة ، ( ثمانية جنيهات ونصف ) ، علق الرجل بصوتٍ خفيض ، ( حسبتها أكثر ) قلت لكيما أخفف عليه مشاعر الحرج ، عقب بضع دقائق من تسديد الفاتورة من القرض الذي وهبته له ، دسّ بطاقة العنوان في جيبه ، ومضى إلى الخارج بخفة الغزال .
ومرّت الأيام … ذات مساء ، وإذ كنت أدخل كافيتيريا القط الأسود ، وإذ كنت أهمّ بالجلوس ، لمحتُ عند الطاولة المقابلة ، رجلاً أنيق المظهر ، تبدو عليه سيماء الوجاهة ، وقبالته ( مولياً إياي ظهره ) ، رجلٌ ضئيل الحجم ، فجأةٍ سمعت الضئيل يقول :
- سيدي إني أتوسم فيك النبل والطيبة …كما ترى فأنا جالسٌ بانتظار زوجتي ….!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ستايل توك مع شيرين حمدي - عارضة الأزياء فيفيان عوض بتعمل إيه


.. لتسليط الضوء على محنة أهل غزة.. فنانة يمنية تكرس لوحاتها لخد




.. ما هي اكبر اساءة تعرّضت لها نوال الزغبي ؟ ??


.. الفنان سامو زين يكشف لصباح العربية تفاصيل فيلمه الجديد




.. الفنان سامو زين ضيف صباح العربية