الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعوقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي

حسين حامد حسين

2010 / 4 / 28
الحركة العمالية والنقابية


ا
بقلم : أ . د . حسين حامد حسين

من المعروف تأريخيا , أن القوى العاملة العالمية مارست العمل النقابي من خلال اتحادات ونقابات قوية وفاعلة من اجل درء استغلال الطبقات الراسمالية لقوى انتاجها المادي , هذا الانتاج الذي يعتبر هو المسؤول عن تطورعمليات الحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية لمجتمعاتها . وتساهم الفئات الفكرية والحركات الساسية بشكل أساسي في دعم الصراعات السياسية والاقتصادية والفكرية للطبقة العاملة عن طريق تعميق الوعي لدى الجماهير ضد قوى التسلط المادية المستغلة لقوى الانتاج.

وتجربة الاتحادات والنقابات هنا في الولايات المتحدة مثلا وبايجاز , فهي خير دليل على المعنى العملي في توظيف الاحتكارات الاقتصادية والتوزيع المنظم لمراكز القوى وبسط النفوذ السياسي فيما بينها من اجل استغلال تلك القوى المنتجة. فحتى ولو كانت هذه القوى المنتجة مستفيدة من هيمنة تلك الاتحادات من النواحي المادية والمعنوية والقانونية , لكن الارباح الخيالية لتلك القوى المستغلة تفوق كل التصورات . والامثلة كثيرة على احتكارات كتلك والتي من بينها مثلا اتحاد ولاية لويزيانا المسيطر حصرا على انتاج وتسويق السكر في جميع انحاء الولايات المتحدة بحيث لا تستطيع اي قوة سياسية او مادية في العالم من زحزحت تلك السيطرة المستغلة . وهذا ناتج بسبب تدخل السياسة وسيطرة القوى المادية على صياغة القرار السياسي في أمريكا . وكذلك الحال بالنسبة الى اتحاد الاطباء الامريكي والاتحادات الرياضية وغيرها .

ولكننا حينما نتحدث عن تجربة عمل النقابات والاتحادات في الدول العربية فاننا نجدها وللاسف وباعتقادي لا تعدو كونها تجارب فاشلة وخالية من مضامين العوامل التي تساهم في تطويرعمليات الحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية في المجتمعات العربية ولاسباب عديدة . ومن بين أهم تلك الاسباب , ان الاحزاب السياسية العربية في ايديولوجياتها المتناحرة مع بعضها البعض لا تؤمن بالديموقراطية . فبعد فشلها الذريع في صراعاتها من اجل التحرر من الهيمنة الغربية التي كانت و ما تزال تقود حكامهم المحليين الطغاة , تحولت الى مجرد هياكل وواجهات رخيصة من اجل تبني سياسة تلك الانظمة شكلا ومضمونا . فبعد فشل ألاحزاب السياسية لكل من اليسار واليمين في تغيير أنظمتها الديكتاتورية وتحقيق حرية حقيقية مستقلة , ضاعت في طريق عملها السياسي للوصول لاهدافها وظلت متسمة بالسلبية والانتهازية السياسية .
ولم تكن تلك الاحزاب العربية في يوم ما قادرة على الضغط على حكامهم الاميين . بل على العكس , كان حكامهم المحليين من العرب والمسلمين قادرون دائما على اغراء اولئك القادة السياسيين سواء بالمال او بالقوة للسير في نهج ذاك النظام السلبي والمعادي لحرية وتطلعات الجماهير . تماما كما فعل المقبور صدام مع الاتحادات والنقابات الجماهيرية بعد ان حولها الى رموز بهلوانية تتسابق في مدحه والاطراء عليه , وهذا ما نراه عليها اليوم من حال في مصر وسوريا وليبيا وغيرهم , فهي مجرد اذنابا لحكامهم .

وهكذا بقيت الاتحادات العمالية والنقابات المهنية في تلك الدول العربية مجرد مؤسسات شكلية وواجهات لتلميع وجه النظام الحاكم من اجل ان يقال فقط ان ذاك النظام يمتلك مؤسسات ديمقراطية ضامنة لحقوق الطبقات العمالية , ظلما وزورا , ان لم يكن النظام الدكتاتوري ذاك قد اغلق ابواب نقاباتها واحالها على المعاش .
والاتحادات العمالية وكما معلوم تستمد قوتها في تحقيق اهدافها من قوة الفئات الفكرية والاحترام الجماهيري والثقة في الهوية الديمقراطية الوطنية للاحزاب السياسية في المجتمع الذي تقوده تلك الاتحادات . و تلعب ايديولوجية الحزب الذي يقود الجماهير في بلد ما , مقترنة بقوة ونزاهة واخلاص قيادة الحزب وبفاعلية ودعم المجالس البرلمانية , دور أساسي في التاثير على استقلالية التفكير النقابي ودعمها لوسائل التفاعل مع الجماهير لترجمة تلك الايديولوجية الى تطبيقات ميدانية من اجل نشر الوعي الوطني في الصراع مع الطبقات المستغلة لقوى الانتاج . وكان الاتحاد السوفيتي مثالا رائدا في بناء النموذج العملي المتميز في الاتحادات والنقابات الجماهيرية من اجل بلورة تطبيقات الفكر الماركسي المرتكز على دور الطبقة العاملة وتكريس عملها بين الجماهير واشراكها في القرار السياسي وتحويلها الى قوة دفاعية كبرى لصالح القوى المنتجة .

وباعتقادي المتواضع فان تجربة الحزب الشيوعي العراقي في مجالات عمل الاتحادات والنقابات كانت تتسم بتميزووضوح في القدرة على التنظيم بين جماهير العمال . واظهر الحزب رغم كل ما شاب مسيرته النضالية من تصدعات واحباطات وفشل , أظهر استعدادات كبيرة وتفوق على مستوى البلدان العربية في جذب انتباه الطبقات العاملة في تطلعاتها نحو العمل النقابي المثمر . ولكن بالرغم من المسيرة النضالية للحزب الشيوعي العراقي والتي تتسم بالوطنية والعراقة , فان الفكر العقائدي للحزب كان مرهونا بتسلط وهيمنة الصيغ النظرية واستحالة تطبيقاتها على المستوى الاجتماعي في محيط الدول العربية . واذا كان الحزب الشيوعي العراقي قادرا على كسب الجماهير في فترات من عمله النضالي وبشكل كبير ,فضلا عن قدرته في الاداء على خلق الصيغ النقابية وتنظيم الاتحادات العمالية , فان قيادته كان يشوبها التردد وعدم القدرة على اخذ زمام المبادرة من الاحزاب القومية انذاك على الرغم من انها كانت تمتلك تأييد الشارع العراقي .

وكنا في زمن من الازمان , رغم اختلافاتنا الفكرية مع اصدقاؤنا ممن كنا نعرف اخلاصهم للحزب الشيوعي وكانوا في قاعدة الحزب , كنا نعتقدهم اكثر ضمانة وبأسا واخلاصا في قيادة نضال الحزب حتى من بعض أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي نفسه . وكانوا في ثقافاتهم الفكرية والعقائدية اكثر تفوقا منا ومن جميع من يحاول الخوض في امور ومضامين سياسية كالاشتراكية والحرية والديمقراطية وغيرها من امور , فضلا كونهم كانوا وجوها اجتماعية اكثر من طيبة ومقبولة . في حين ومع تقديرنا العالي للقيادات انذاك , فانها لم تستطع ( وهذا رأي الشخصي) حتى في احسن انسجامها مع بعضها البعض ان تدلل على معاني الايثار والاخلاص لجماهيرها . بل سرعان ما جرفها التيار الى غير ما كانت تتمناه الجماهير . وكانت تجربة قيادات الحزب الشيوعي للجماهير العراقية عام 1958 - 59 في احسن صورها , مجرد تحشيد للناس من اجل الخروج والمشاركة في التظاهرات السياسية في المناسبات وما اكثر المناسبات حينذاك , وظلت تجربتهم على الصعيد العملي في قيادة الجماهير من خلال استلام السلطة في مخاض عسير .

وفي هذه المناسبة الخيرة , فللقوى العاملة في عيدهم الوطني , عيد الاول من أيار , لهم منا تحية احترام وتقدير . متمنين لهم المزيد من النجاحات في نظالهم العادل بين الجماهير .

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إضراب طلاب في معهد العلوم السياسية في باريس عن الطعام بسبب إ


.. في حصيلة غير مسبوقة.. اعتقال 2200 مؤيد لغزة من الطلاب والعام




.. طلاب وأساتذة بجامعة مانشستر يعتصمون للضغط على إدارتها لقطع ع


.. استمرار اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن




.. هو ده الاحتفال الحقيقي بعيد العمال .. خالد أبو بكر: الرئيس ا