الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمدة كفر البلاص ( 21 )

محمد سنجر

2010 / 4 / 29
الادب والفن



( تبدلت بيوت كفر البلاص الطينية قصورا ،
كل قصر يقف أمام بابه أكثر من سيارة فارهة ،
تبارى أهالي القرية في فخامة القصور و السيارات ،
كل منهم يحاول التميز عن الآخرين ،
في مكان فسيح على أطراف القرية ، يبدو عليه أنه أعد خصيصا للمباريات ،
أقيم حول المكان بعض المصاطب في صورة مدرجات حجرية للمشاهدة ،
بدء بعض الأهالي يتوافدون ،
كل منهم يجلس داخل هودج مفروش بفراش حريري محشو بريش النعام ، مطرز بخيوط ذهبية بأبهى الزخارف الملونة ، يتكئون على الوسائد اللينة ،
كل هودج يحمله أربعة رجال أشداء من ذوي البشرة السمراء ، عرايا الصدر و البطن ،
ما إن وصلوا إلى المكان حتى وضع الحمالون كل هودج فوق إحدى المصاطب الحجرية ،
يرفع أحد الحمالين طرفي الستائر الحريرية الشفافة المثبتة في جوانب الهودج ، يخرج الآخر مروحة من ريش النعام يحركها لأعلى و أسفل لتحريك الهواء ،
أشار الرجل الجالس داخل هودجه لأحد الحمالين ليقترب منه ،
حدثه بصوت واهن )
ـ خدني جنب سيدك توفيق .
( رفع الحمالون الهودج ، لاصقوه بجوار آخر ،
عندها رحب به توفيق الذي يجلس داخل هودجه )
ـ يا أهلا و سهلا ، عامل إيه ؟
ـ زي ما أنته شايف .
ـ انته جبت منين العبيد البيض دول ؟
ـ و غلاوتك لسه جايبهم من أوروبا امبارح ، طلبتهم من شركة ع النت امبارح الصبح ، لقيتهم واصلين بالليل .
ـ طب ما تبقى تجيب لي زيهم .
ـ من عيني حاضر ، بس لو أنا منك تاخد الصيني أحسن .
ـ إشمعنى ؟؟؟
ـ الصيني ها يبقى شكله جديد ، عينين ضيقة و كلهم ها يبقوا شبه بعض ، و بعدين كلهم مقاس واحد ، غير كده بيلعبوا كراتيه و يعملوا أكروبات ، و أندومي كمان ، يعني فول أوبشن .
ـ خلاص شوف لي الصيني .
( ينادي توفيق )
ـ هات اللاب توب يا وله .
( يحضر أحد الحمالين له جهاز الكمبيوتر المحمول ، يقوم توفيق بالعبث بالمفاتيح )
ـ خلاص يا ريس ، الليلة يكونوا عندك وحياتك .
ـ خلاص كده ؟
ـ طبعا ، شوفت العربية الجديدة بتاعتي ؟
ـ لا .
ـ فيه شركة أجنبية بعت لها تعمل لي عربية مخصوص ، هاند ميد يعني ..
ـ يعني إيه ؟ مش فاهم .
ـ صانعينها لي مخصوص على إيديهم ، بتشتغل بالطاقة الشمسية ، و فيها أوضة نوم و أوضة سفرة و حمامين و مطبخ ، حاجة كده على ما قسم .
ـ الله عليك ، و النبي تقول لهم يعملوا لي واحدة أني كمان .
ـ حاضر ، بس هو أني كل ما أعمل حاجة تقولي اعملي زيها ؟
ـ من جاور السعيد يسعد ، و بعدين انته مش صاحبي ؟ يبقى لازم تساعدني برضك ، أمال ها أطلب م الغرب يعني .
ـ ماشي يا سيدي ، و لا يهمك .
ـ هو الماتش ها يبدأ أمتى ؟
ـ أهم وصلوا أهم .
( أتي بعض الرجال من ذوي البشرة السمراء ،
كل منهم يحمل سلحفاة كبيرة كتب على ظهر كل منها رقما ملونا ،
عندها بدأ المذيع الداخلي للساحة بالتعليق على المباراة )
ـ سيداتي سادتي ، ستبدأ بعد قليل المباراة النهائية بين السلاحف التي وصلت لهذه المرحلة ، و أحب أن أذكركم أن أكثر من ثلاث مائة سلحفاة قد اشتركت في هذه المسابقة ، لم ينجح غير أربع سلاحف في الوصول لهذه المرحلة النهائية ،
سلحفة أبو اسماعين في الحارة رقم واحد ...
( يصفق الحمالون )
ـ و سلحفة توفيق أبو شقفة في الحارة رقم اتنين ...
ـ سقف جامد يا وله دي بتاعتي ..
( يصفق الحمالون بقوة )
ـ و سلحفة إبراهيم أبو عطية في الحارة رقم تلاتة ..
( تصفيق )
ـ و أما سلحفة التهامي أبو خميس في الحارة رقم أربعة ،
( وضع الرجال السلاحف على خط البداية المرسوم فوق الأرض ،
انبطح كل منهم خلف سلحفاته يحفزها ،
أشار أحدهم برايته الشطرنجية فبدأ السباق ،
بدأت السلاحف تتحرك داخل الحارات التي أعدت لكل منهم ،
بدأ كل من الرجال المنبطحين خلف السلاحف يزحف صارخا لتحفيزها ،
في هذه الأثناء تتوافد بعض الجواري ، يحملن على رؤوسهن ما لذ و طاب من الطعام و الشراب ،
تذهب كل منهن لتضع الطعام و الشراب الذي تحمله أمام سيدها داخل هودجه ،
أخذ الجميع يشاهدون المباراة بينما يتناولون طعامهم و شرابهم ،
بعد قليل أتت بعض الجواري ، تحمل كل منهن أرجيلة كبيرة تفوح منها رائحة الحشيش ، تضعها أمام سيدها ،
ما هي إلا ساعات قليلة حتى كادت السلاحف أن تصل لخط النهاية ،
عندها زاد التصفيق و التهليل ، عندها تعالى صوت المذيع محفزا )
ـ ها هي سلحفة السيد توفيق أبو شقفة تحاول التقدم إلى خط النهاية ، و نرى أيضا سلحفة السيد التهامي أبو خميس تحاول و تحاول ،
الله عليكم ، إيه الحلاوة دي ؟ ما هي إلا كام شبر و تصل ، إنها تبذل مجهودا غير عادي ، إنها من النوع النادر ، فعلا ، الغالي تمنه فيه ، الله عليها ، هيا هيا ، فاضل ع الحلو دقة ، لا تقول لي استراليا و لا اليابان ، سلحفة توفيق أبو شقفة هي اللي ها تفوز بالمهرجان ، الله ، الله ، الله ، يلا ، يلا ، يلا ، هيـــــــــه ، الله أكبر ، لقد وصلت فعلا لخط النهاية ...
( تهليل و تصفيق ، يتقافز الحمالون فرحا ، يقبلون بعضهم البعض )
ـ ها هي سلحفة السيد توفيق أبو شقفة تفوز بالمركز الأول ، مبروك ، ألف مبروك ، سلحفة السيد التهامي أبو خميس في المركز التاني ، و سلحفة أبو اسماعين في المركز التالت ، مبروووووك للفائزين ، ألف مبرووووووك ..
( عندها يحمل الحمالون السلحفاة ، يأخذونها إلى هودج توفيق ، يقبلها ، يأخذها أحد الحمالين و يرحل ،
رجل يحمل كاميرا تلفزيونية ، بصحبته فتاة شقراء ، يتوجهون إلى هودج توفيق ، تسأله الفتاة بينما يقوم الرجل بالتصوير )
ـ مبروك يا سيد توفيك ، ألف مبروك ..
ـ الله يبارك فيك ، شكرا .
ـ هل لنا أن نعرف سر هذا التفوك للسلحفاة التي تخصكم ؟
ـ فيه ناس كتير بتسألني السؤال ده ، و طبعا أحب أجاوب عليه من خلال شاشة تليفزيون كفر البلاص ، يا جماعة الفوز ده مش جاي من فراغ ، ده أني صارف عليها كتير و الله ، أولا السلحفة دي من النوع النادر اللي مش موجود زيه في أي مكان في العالم ، ده أنا جايبها من أدغال استراليا ، دي بتاكل خص ورور أمريكي ، بيجي مخصوص كل يوم بطيارة خاصة ، غير كده جايب لها مدربين متخصصين في النوع ده بالذات من هولندا ، ده بقى غير الدكاترة اللي جايبهم لها من انجلترا ، السلحفة بالذات كل ما تراعيها و تدلعها كل ما تديك .
ـ شكرا على هذا الحديث الحصري لتلفزيون كفر البلاص و في النهاية تحب تسمع أغنية إيه ؟
ـ بأحب أسمع فنان كفر البلاص المحبوب ، الكوارشي ، في أغنيته المشهورة ، دلعنا أكتر دلعنا .

( يتبع )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟