الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفدرالية: المفهوم والتطبيق (1)

هاشم نعمة

2010 / 4 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تحتل مسألة الفدرالية، حيزاً مهما، من اهتمامات القوى والأحزاب السياسية على شتى مشاربها، ومرجعياتها الفكرية، وكذلك الرأي العام العراقي. وقد برزت بقوة، بعد سقوط النظام، عام 2003، والسير في العملية السياسية، وأصبحت جزءاً من الصراع الدائر حول إعادة بناء الدولة العراقية، وتحقيق المكاسب لهذا الطرف أو ذاك في هذا البناء الجديد. ويبدو هناك تشوش وعدم وضوح على مستوى المفهوم والصلاحيات التي تتمتع بها الأقاليم الفيدرالية لا على صعيد الرأي العام فقط - والذي كان معزولا عن الثقافة السياسية في العالم بفعل سياسات النظام السابق- بل على صعيد القوى والأحزاب السياسية ونخبها. ومن هنا تأتي أهمية الحاجة للمزيد من البحث العميق في محاولة لفهم مفهوم ومسيرة تطور وتطبيق الفدرالية سواء على مستوى تجربة الدول المتقدمة أو النامية أو العراق حيث تعد الفدرالية أحد أشكال حل القضية القومية في ظروفه الراهنة.

المفهوم

يرد العديد من التعريفات للفدرالية رغم أنها متشابكة إلى حد ما لكل من الكتاب: زيبلات، ويبلس، دياز- كايروس و كيليمن بالنسبة لزيبلات تتضمن الفدرالية " ثلاث ميزات دستورية مؤسساتية لا تتجزأ: (1) مشاركة رسمية أو غير رسمية للحكومات المحلية في عملية صنع القرار على مستوى الحكومات الوطنية: (2) حرية التصرف بالمالية العامة على المستوى المحلي و: (3) الإدارة الذاتية للحكومات المحلية". على العكس من هذا التعريف ذي الأجزاء الثلاثة يركز ويبلس ودياز- كايروس على شرطيين ضروريين وكافيين فقط. بالنسبة لويبلس يكون البلد فدراليا إذا كانت مناطقه: (1) ممثلة في مجلس تشريعي وطني و: (2) تملك مجلساً تشريعياً خاصاً بها. ويركز دياز- كايروس على شرطين مختلفين تماما: (1) يجب أن تنبثق السلطة التنفيذية للإقليم من خلال الانتخابات التي تجرى بشكل مستقل عن السلطة الوطنية و: (2) يجب أن تتمتع الأقاليم بسلطة مالية أصيلة. ونظراً لتركيزه على الفاعل غير التابع لدولة، الإتحاد الأوروبي، لا يعرف كيليمن ما الذي يجعل الدولة اتحادية ؛ ففي الواقع واحدة من النقاط الرئيسية في انطلاق دراسته تشير بأنه يجب علينا عدم "دمج مبدأ الفدرالية مع الدولة الفدرالية". بالقول بأن الفدرالية تتطلب مجرد "توزيع عمودي للسلطة بين الحكومات المركزية والحكومات المحلية"، لذا يقدم كيليمن تعريفا أقل تحديدا بالنسبة للكتاب الأربعة.( )

ومن جانب آخر كانت كوكبيرن عام 1977 أول من أدخل مصطلح "الدولة المحلية" إلى ميدان الفكر، وذلك من خلال بحث أجرته على الممارسات السياسية في واحدة من ضواحي مدينة لندن. ولقد استخدمت هذا المصطلح لتؤكد على حقيقة مؤداها أن الحكم المحلي الذي تصدت لدراسته يمثل جزءاً مكملاً للدولة الرأسمالية. وقد استخدمت في التحليل النظرية الماركسية عن الدولة، حيث تبرز الدولة المحلية من خلال ما تؤديه من مهام وأنشطة، خاصة في تواصل "الإنتاج الاجتماعي" بمعنى أن الدولة المحلية هي الأداة التي تتمكن الطبقة الحاكمة من خلالها من الإشراف على الاحتياجات الاجتماعية للأسر والبيوت، بما يعود في نهاية الأمر بالفائدة على رأس المال نفسه. على أن كلا من دنكان وجودوين ينتقدان هذا التنظير لأنه "متدرج من أعلى إلى أسفل" في رؤية أحادية. ولذا يتساءلان: إذا كان الأمر كذلك، فلم إذن نجد تاريخاً طويلاً من التوتر بين المركز والوحدات المحلية، ما دامت الدولة المحلية هي بالدرجة الأولى مجرد وكيل للسلطة المركزية؟

أما سوندرز فقد طور رؤية كوكبيرن ليبلور نظرية عن "ثنائية الدولة" حيث تعمل الدولة على المستوى العام، والدولة المحلية على المستوى الآخر في سياقين متمايزين: ففي المركز نجد سياسية الطبقة الحاكمة وقوامها قضايا الإنتاج، أما في الدولة المحلية فنجد سياسة الحد من الاستهلاك عبر الفوارق الطبقية. فلا مفر إذن من قيام التوتر بين المستويين المركزي والمحلي. ولكن هذا الرأي قد قوبل أيضاً بالنقد الشديد: فمن الناحية العملية يصعب أن نجد ما يعزز هذه القسمة، ففي كل من المستويين نجد قضايا الإنتاج والاستهلاك متلازمة. ومن هنا تصبح هذه النظرية "الثنائية" غير تاريخية، ولابد من البحث عن رؤية أكثر رحابة للدولة المحلية.( )

ومن هنا نلاحظ أن هذا التباين في التعاريف يمكن أن يعود إلى تباين الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتاريخية والثقافية لحالات الدول المدروسة وفي كل الأحول فإنه يشكل غنى في مجال البحث النظري والتجريبي عن أفضل الصيغ لبناء الأنظمة الفدرالية أو إعادة النظر في تشكيلاتها ومؤسساتها التي لا تلائم الواقع الملموس بهدف تطويرها.

ومن ناحية القانون الدولي هناك فرق مهم بين الدولة الكونفدرالية والدولة الفدرالية ففي حين تحتفظ الدولة الداخلة في الكونفدرالية بشخصيتها الدولية مع قيامها بإنشاء هيئة تقوم بتنسيق بعض مظاهر سياستها العامة والدفاع عن مصالحها المشتركة، نجد أن الدولة الفدرالية تعتبر دولة واحدة لها حكومة تباشر السلطة العليا على أعضاء الإتحاد. وخلاف الدولة الأولى حيث لا يجوز تعديل العهد الدولي المنشئ لها إلا بموافقة جميع الدول الأعضاء، أو على الأقل يعطي العضو المخالف حق الانسحاب منه، نجد في الدولة الفدرالية أنه يجوز تعديل وثيقة الإتحاد ( وهي أصلاً تأخذ شكلاً دستورياً) بالأغلبية العادية لأصوات الأقاليم أو بأغلبية خاصة دون أن يكون للإقليم المخالف حق الانسحاب.( ) لذلك نرى الأنظمة الفدرالية أكثر انتشاراً على مستوى العالم بما لا يقاس مقارنة بالأنظمة الكونفدرالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فرد---رالية
المنسي القانع ( 2010 / 4 / 30 - 20:30 )
الأستاذ المثقف بحق وتميز هاشم
مشكلة العراق يا سيدي انه نسيج غير متجانس ، لم ولا ولن يجتمع على اية مشتركات قد تجتمع عليها شعوب متجاورة أو حتى متباعدة . لذا أعتقد أن الفدرالية مرحلة متقدمة من الإتفاق ، فهلّا بحثت في العلاقات الدولية والإنسانية على أي إتفاق شديد الهشاشة ( عبر التاريخ) . كي نحاول إقناع العراقيين شعوباً وطوائف وقوميات وأديان و ------- وأحزاب . نقنعهم بتجربته علهم يجدون فيه جدوى !!!
أما الكتل السياسية (لاحظ سيدي بأني لم أستطع تسميتهم أحزاب فقد رفضت حروف الكي بورد ذلك )
فإنهم إنما يطالبون بالفدراليات من منطلق { بويتنة ونلعب بيه} أو بتأثير أجندات خارجية وما أكثرها.
أما الرافضين لها وأغلبهم من العرب السنة فبسبب فقر مناطقهم فلو كان نفط العمارة والبصرة والناصرية عندهم لرأيت العكس ولوجدتهم يطالبون بها ودونها الموت .
أخيراً سيدي المحترم لقد نجح في أفريقيا حزب الماو ماو وفي العراق لا ينجح غير حزب الكلاو كلاو
أوعدني بأنك ستبحث عن إتفاق هش . والرحلة التي طولها ألف ميل تبدأ بالنية الحسنة (فهي عندنا --- نويت أن --- ويتقبل --- لاأعرف من ؟ )
تحياتي

اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة