الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثمن الحرية 8 / من قصص ضحايا الارهاب في العمارة

امنة محمد باقر

2010 / 5 / 1
الارهاب, الحرب والسلام


حوادث الدهر .. وانهيار المجتمعات ...

مستوحاة من قصة استشهاد طالب الدكتوراه حيدر عبد الحسين جابر المالكي ، اغتيل غدرا قبل سفره لاتمام بعثة دراسية خارج القطر يوم 24 حزيران 2006 / كلية اللغات / جامعة بغداد / قسم اللغة الانكليزية / ( يسير الورى بركب الزمان من مستقيم ومن أضلع / وأنت تسير ركب الخلود ما تستجد له يتبع)

المدن الطاردة لسكانها .. وداءها الاجتماعي الخبيث !

ان الحديث عن فقد النخبة من اهل البلد ، في السنوات الاخيرة التي استهدفت حملة العلم من كافة الاختصاصات ، تخليد ذكرى هؤلاء .. يجب ان لايتوقف .. كم حادثة وحادثة مرت وتناسيناها بحجة ان تستمر الحياة ، نعم تستمر الحياة ، لكن الحساب يجب ان يكون عسير ثم عسير لمن سولت له نفسه ان يمد يده لشموع الدهر ... وهم حملة العلم ..

والناس ثلاثة اما عالم او متعلم او همج رعاع .. ينعقون مع كل ناعق ..

لذا حين يختط الانسان لنفسه سبيلا ويصل الى قمة هذا السبيل في زمن قياسي فأنه يجب ان يمجد ويخلد ... لا ان ننسى او نتناسى ماحدث له ..
يعتقد البعض جهلا ان من باب المواساة ان يقول لعوائل ضحايا الارهاب كفى حزنا ..... ، والمسألة ليست بمسألة حزن او اسى ... ان الامر اكبر من هذا بكثير ..

ان المسألة اكبر من الحزن ، ليس الامر حزنا على الاطلاق .. وخاصة بمن يذهب وهو قد حقق الطموح ، وعاش قاهرا لا مقهورا ، قهر الدهر وصعوباته وهو في عز شبابه 25 سنة ماذا تعني في عمر الدهر ؟

ان عوائل الضحايا لاتريد السكوت او تناسي جريمة من الجرائم الكبرى بحق البشرية ، ان حوادث الاغتيالات التي طالت طلبة العلم في العراق انما هي من جرائم الابادة الجماعية التي اخزت الضمير البشري ، وكانت وصمة عار في جبين مدينة تعبر من المدن الطاردة لسكانها .. سابقا تطردهم بالهجرة واليوم تطردهم وتطاردهم بالموت ...

في افريقيا على سبيل المثال ، صارت جرائم اغتصاب النساء طبيعية ، امرا عاديا ، لاترده الكنيسة ولايرده العرف ، لأن اغتصاب النساء من عمر ثلاث سنوات الى مافوق سبعين سنة اصبح سنة متبعة بين القبائل الهمجية التي تعيش هنالك والى يومنا هذا ..
وارى ان ماحدث عام 2006 في العمارة كان نتيجة سكوت اهل الحل والعقد ان لم يكونوا هم قد شاركوا فيه اصلا ، والحكومات المحلية المتعفنة انذاك كانت قد جعلت الابادة امرا طبيعيا .. ابادة جماعية تحت ذريعة الاغتيال ..

ولو كان افراد تلك الحكومة المتعفنة يعادلون اصبعا من اصبع الضحايا الذين قتلوهم ؟؟ لا ... لايعادلون شيئا .. اولئك الذين تأمروا على رقاب الناس وصاروا حكومة محلية في ذلك الوقت انما هم الهمج الرعاع الذين وصفهم علي عليه السلام بقوله همج رعاع ينعقون مع كل ناعق ..
لاهم عن طلبة العلم براضين ، ولاهم عن التقدم براضين ، ولا هم للمدينة من المحسنين ..

وبلغت الامور اسوأ مجرياتها يوم تفجر الشارع الرئيسي في العمارة عام 2008 وصبغ بالدم ...

يقول احد الاعلاميين العراقيين في مخاطبته للعرب : يا ضمير ياعربي يا اعور .. اجل كان ذلك اللاضمير هو الحاكم هنالك ..

قتلوا صيدلانيا في صيدليته ... وقالوا لابد انه طبيب عسكري .. ( ويعلم الجميع انه لم يكن له اي علاقة بهدام ولاحكومته العفنه ) ..

وقتلوا المرأة الوحيدة التي تحمل الدكتوراه في الانكليزية .. وكل من يقتلونه يصمونه بأنه ( شوف شمسوي ) ... وهذه العبارة ان قرأناها جيدا ، وان بحثنا في
دلالاتها .. ان دلت على شئ فانا تدل على اللاضمير ... واللاوعي الجماعي .. كل ثقافة اهل العمارة ان يقولوا لمن يقتل : شوف شمسوي ... هكذا مدن ... يفترض
ان تمحى من خارطة الوجود .. او يعاد تسميتها فهي ارض خراب لاعمارة ولاعمار ...

وانما المدن بأهلها .. فاذا صلحوا صلحت واذا خربوا وفسدوا خربت وفسدت ...

كنت اتمنى ان استنهض علي الوردي .. لو كان حيا ... ولكنه حين تحدث عن تلك الشخصية المزدوجة قد تنبأ ايضا بأن الوضع لو بقي على ماهو عليه فأن الامور ستسير الى مالايحمد عقباه ... لااتذكر النص بالضبط ، لكن بالامكان الرجوع الى كتاب ( دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ) ... الفصول النهائية تتضمن توصيات وتحذيرات خطيرة في الواقع ...

نحتاج اليوم الى دراسة ممحصة ، ودقيقة ... ككلمات علي الوردي .. تقول في هذه المدينة الخربة كلمتها .. وتحلل ماذا حل بالمجتمع ساعتها ..
وانني ادعو كافة المتخصصين بعلم الاجتماع الى دراسة تلك الظاهرة العجيبة المتعلقة بسكوت احمق كسكوت الموتى ... وتخلي وغياب للواعي الجماعي .. عن نصرة المظلومين حين يظلمون بل تخلي عن وضع الامور في نصابها الصحيح .. ودليلي في ذلك .. ان اقوى سلطة كانت موجودة هي ممثلية السيستاني على سبيل المثال ... وهذا رجل كان يخاف على حياته هو الاخر .. ثم هنالك مكتب لوزارة حقوق الانسان .. وهذا المكتب كان تقاريره تقول : عصابات مسلحة .. او قيدت الجرائم ضد مجهول ..

وماذا تنتظر بعدها ان كان البشر يذبحون على بعد امتار من مكتب حقوق الانسان ومركز شرطة الحكيم ؟

هنالك داء اجتماعي خبيث سرطاني عشعش في احشاء تلك المدينة ونخر عقول اناسها .. فسكتوا عن مقتل افراد فتفجر الشارع بالدم بمقتل العشرات .. ومن هم المنفذين ؟ ابناء المدينة نفسها ... شلة شذت وخرجت عن الطريق .. ولا من مصلح ولا من مجير ...

وهم يدعون المحافظة على المذهب والتمسك الكبير بماجاء به محمد صلى الله عليه واله .. فأين ذهب عنهم قرآن محمد ساعتها ... وهو ملأ السمع والبصر يقول لهم : ( ( وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون)

صدقوني تسعة رهط .. شلة من اجلاف الصحراء ... ومن اشقياء علي الوردي في كتاباته الشهيرة عن الاشقياء والاتقياء ..

اتمنى لو كان علي الوردي حيا .. ليرى كيف قتل الاشقياء الاتقياء الانقياء ؟

وبلد كالعراق فجرت اسمى قببه الشماء ، واكثر التحف الاثرية .. اثرا وفضلا وشرفا ... فجرت قببه المعنوية والروحية .. وفجرت قببه الشماء المتمثلة ايضا بالعلماء في عام 2006 القبيح عام الدمار والدم ..

ذهبت في زيارة الى النجف الاشرف وتعجبت ان تلك المقبرة اكبر مقبرة في العالم .. منذ عام 1980 والى يومنا هذا ... تخصص فيها بقعة كل عقد من الزمن لفئة من الشباب ..

ان ما يؤسفني حقا ... وما يدعوني الى الكتابة في هذا المجال هو امر واحد ... الشباب .. او الشبان كما تسميهم النساء في العمارة ..

ان مقتل الشبان ... اشل سمعي وبصري .. واعاقني عن الكتابه .. لأنني كنت اعمل في مجال التدريس لشباب بعمر الورد على مستوى الكليات والمعاهد .. واعلم تماما

كيف يفكر جيل الشباب وادرك همومه .. ويؤسفني تماما مايجري من حولي ... حتى لقد يئست من الحياة واصلاحها في العراق ..

اننا نعاني من داء اجتماعي سرطاني خبيث .. ولابد من اجتثاث الفاعلين فردا فردا .. مهما كانت مراكزهم في الدولة ..
ماذا تنتظر من حكومة محلية قبيحة قميئة .. يذهب لها عوائل الضحايا عام 2006 سنة الدمار والدم .. ليقولوا قتلتنا سيارة البطة .. فيقال لهم ؟ ههههه وماهي البطة ؟ هل هي حيوان ؟؟؟

وتصور من مسؤول في حكومة محلية اهوج اعور ... يجيب عائلة شهيد من شهداء العلم والمعرفة لايساوي ذلك المسؤول القمئ ذرة من تراب القتيل ... بذلك الجواب الاصم الابكم ...

ان ماجرى ويجري على الشعب العراقي المظلوم .. وخاصة في مدينة الجهل ... الطاردة لسكانها .. لايمكن السكوت عليه بأي حال ..
والمجتمع الذي يعيش تلك الحال .. وينسى ضحاياه او يتناسهم انما يسير في خط تنازلي عكسي ... نحو الهاوية لاغير .. في مستنقع من السقوط والانحدار ..
وقد وضعت يدي على الجرح .الاجتماعي الخبيث.. ولكن ليس هنالك من ضماد ..

ويد الحصاد لاتحيي الزهور .. عندما تبرى بحد المنجل ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لقد اثرتي شجوني
سالم ( 2010 / 5 / 1 - 09:59 )

الاخت امنة لقد اثرتي شجوني حقا واعدتي لي ذكريات تلك الايام السوداءالتي مرت بها المحافضة فالجميع كان مشروع للموت بسبب وبدون سبب .حيث كانت شلل وعصابات الموت تذرع الشوارع وتتصيد الجميع بشتى الذرائع والحجج وعلى الشبهه فموسسات الدولة استبيحت واحرقت والخطف للاساتذة والابرياء جار على قدم وساق والقتل لكثير من الاشخاص لا نعرف ماهي جنايتهم اوجنحتهم
ولم يحقق معهم امام المحاكم كي يعرف السبب.وقد قيل قديما ان كل شئ ممكن ان يضيع الا الدم. شكرا لك ايتها الاخت الفاضلة


2 - قد اخزاهم الله كما تعلم
امنة محمد باقر ( 2010 / 5 / 1 - 15:24 )

الاخ المحترم سالم .. شكرا لك ..
في الحقيقة .. قد لحقهم الخزي في عمليات بشائر السلام ... وانتهى امرهم الى زوال وملأوا السجون ، لكن انت محق ، القضاة هذه الايام من شر خلق الله ، لو قيل للقاضي ان الضحية مستقل ولا شأن له بأي تيار ديني فأنه يكفهر وجها ، فأي نوع من القضاة ، واي نوع من العدالة تتحكم بمصير مدينة ، يفترض اعادة النظر في كل شئونها ، لأنها اصبحت عبارة عن خربة !


3 - السياب .. يعلم قبل حين ..
امنة محمد باقر ( 2010 / 5 / 1 - 15:29 )
الموت في الشوارع

و العقم في المزارع

و كلذ ما نحبّه يموت

الماء قيّدوه في البيوت

و ألهث الجداول الجفاف

هم التتار أقبلوا ففي المدى رعاف

و شمسنا دم و زادنا دم على الصّحاف


4 - لارهاب مصدره معروف في كل مكان
ريم شاكر الاحمدي ( 2010 / 5 / 1 - 20:05 )
مساء الانوار يا اهل الحوار
ان العامليات الارهابية وهي تقوم بصناعة الموت من البديهي ان الجهة التي تقوم بها معروفة وهي المخابرات للنظام السابق....ربما لا تصدقون ولكن لماذا العراق فقط تستهدفه القاعدة ومسميات اخرى؟؟؟؟؟
اطلب من كل انسان شريف يؤمن بالانسانية وبالاخلاق ان يستغيث بالدعاء
اللهم بعزتك وجلالك ان تنتقم من كل القتلة المجرمين دون استثناء ومن كل من يقدم لهم الدعم المادي واللوجستي ومن يؤيد هذا الجهاد لذبح الابرياء


5 - لاعوده....لمن توسد الثرى
شمران الحيران ( 2010 / 5 / 1 - 21:51 )
اختنا الفاضله...ارجو ان لاتتمني عودة الحياة للدكتور على الوردي كونه لم يسلم حتى على قبره بعد ان اكتسحه الصغير بغية توسيع باحة جامع براثه....فلمن يظهر
هذا الصرح الذي تنبأ بواقع حياة العراقيين ومزاجاتهم قبل عقود من الزمن ولم ينال من العراقيين
ابان العصرين الاموي والعباسين الاالتكفير والاساءه ونكتفي بما لدينا من بودقه تعج بالافكار والفتاوي تنهيناعن الممسوخات وتجنبنا النجاسات وموردهاالجارين من خادم حرموي ومرشد فقهوي


6 - كلمات غاية التعبير عما جرى في مدينة الظلام
زهرة الجنوب ( 2010 / 5 / 3 - 05:10 )
كنت افتخر بمدينتي وكوني ابنة العمارة ولكني كنت عمياء وقتها فالمدينة التي قتلت اخي عليها وعلى اهلها السلام الم يزلزل الله الارض باهل العمارة ونحن في حياتنا لم نسمع ان العمارة ضمن خط الزلازل ولكن الله يزلزل الارض بالانسان ان ظلم وطغى وينزل به العذاب والله لولا شيوخ ركع وبهائم رتع واطفال رضع لالت العمارة الى هشيم ذلك اليوم لان الدماء التي سالت على ارض العمارة وانتهكت دماء ابرياء وعلماء وشباب في عمر الزهور لعن الله كل من كان سببا في اراقتها

اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا