الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى نسقط الأوهام التي تقول: أنّ الله كتب وقدّر؟

عهد صوفان

2010 / 5 / 1
مواضيع وابحاث سياسية



متى نسقط الأوهام التي تقول: أن الله كتب وقدّر

يقولون: ليس عيباً أن نخطىء, لكن العيب أن نستمرّ في الخطأ ولا نتعلّم منه.. كيف نتلافاه؟ . كلّ الشعوب تنشد التطور وتسعى إليه. تخطيء في مسيرتها إلى الهدف, وتتعلّم من أخطائها. فتستبدل السلوك الخاطيء بالسلوك الصحيح.. فالوصول إلى الأهداف صعب ويحتاج إلى جهد ومثابرة ودراسة للطريقة المقررة للوصول إلى الأهداف المنشودة, وهنا لا بدّ من ظهور العثرات, ولا بدّ من تذليل هذه العثرات..
عندمت نتعثّر نعلم أننا أخطأنا, ونعلم أن الحاجة لإصلاح هذا الخطأ ضرورة ملّحة, وإلاّ لن نصل إلى الهدف والمبتغى..
كلّ الشعوب المتطورة وصلت إلى مكانتها ونجاحها لأنها استفادت من الأخطاء واستبدلتها بالصحيح,وإلاّ لبقيت كما نحن, نلفّ وندور ولا نعترف بأي خطأ. هذا المبدأ يعيه الجميع ويؤمن به الجميع ولا يناقش به أحد.. ولكن المشكلة عندنا أننا لا نعترف بأننا نخطيء. لأن سلوكنا ارتبط بالأوامر المقدّسة. وهي صحيحة لأنها مقدّسة, وسلوكنا صحيح أيضاًلأن الله هو من قدّر وكتب ولا تبديل لمشيئته وإرادته. ولن نلتفت إلى الوراء لنرى ماذا فعلنا, وهل نجحنا أم فشلنا؟ لأنها إرادة الله.... هذا الاحساس صار جزءاً من شخصيتنا, ومغروس في أعماقنا, ندافع عنه لأنه سهّل علينا الحياة. وأبعدنا عن تحمّل المسئوليات ومحاسبة الذات..
فكلّ سلوك يحمينا من المساءلة والمحاسبة نتبنّاه ونعتبره جزءاً من تاريخنا وتقاليدنا. حتى أصبحت أخطاؤنا محمية بقوة العادات والتقاليد المقدّسة كما النصّ المقدّس..
ولكن الأرقام والنتائج تتكلّم وتقول أننا مقصرين في إبداعنا وإنتاجنا وأننا متميزين في فشلنا وتبريراتنا .. وعيوبنا صارت مرئية أمام نجاح الآخر.
إلى متى نبقى ندفن رؤؤسنا في الرمال ولا نرى أخطاءنا وفشلنا؟؟. ومتى ننزل من برجنا العاجي لنرى الواقع كما هو بعين الحقيقة المجردة؟ومتى نُسقط الأوهام من رؤوسنا التي تقول بأن الله كتب وقدّر, ولا يتمّ شيء إلاّ بإذنه؟. متى تتحرر عقولنا من رواسب الماضي وأفكاره العتيقة التي لم تعد تصلح لشيء؟.. فالحياة يصنعها الإنسان ويقودها الإنسان بعقله المنفتح الذي يرى ويعمل..
متى نستطيع أن نرى:
- أنّ افتصادنا متخلّف وأننا فشلنا في معركة تطويره وتحدياته..
- أنّ دستورنا مفصّل وهو للديكور وللمباهاة به أمام الأمم فقط..
- وأن القوانين عندنا هي بديل الدستور.تشرّع يومياً وحسب الطلب..
- وأنّ البرلمانات عندنا هي فقط من لوازم اللعبة الديموقراطية..
- وأنّ القضاء فاقد الصلاحية. وهو لعبة بيد السلطة والمال ويحكم بما يشاء صاحب القرار..
- وأنّ الناس عندنا درجات ومقامات حسب الدين وحسب المذهب وحسب المال وحسب النسب وو..
- وأنّ الوظائف توفر لأصحاب النفوذ..
- وأنّ الروتين القاتل يخضع له الفقراء فقط..
- وأنّ التزوير يتمّ لحماية الكبار فقط..
- وأنّ الغني يأخذ حقّه وحقّ غيره والفقير يُداس تحت الأقدام..
- وأنّ أغلب العقود تتمّ تحت الطاولات بعد دفع المستحقّ لأصحاب الشأن..
- وأنّه لا تخطيط عندنا ولا رؤية مستقبلية..
- وأننا أمة تستورد كلّ شيء وتعتمد على الآخر في كلّ شيء..
- وأننا نتكلّم كثيراً ونقرأ قليلاً..
- وأنّ خدماتنا الصحية سيئة وجامعاتنا أسوأ وشوارعنا قذرة ووو...
- وأننا أمة الوساطة بامتياز, فلا يمكن لأحد أن يأخذ حقه إلاّ بمساعدة وعون المتنفذين..
- وأنّ الرشاوى والعمولات أصبحت قانوناً يقبله الجميع ويسري في كلّ الأماكن في بلادنا على الكبير وعلى الصغير..
كيف نواجه تحديات وسباق الأمم المحموم فيها ونحن نائمون؟..
لعبة الحياة تجري واللاعبون كبار والكلّ يقتنص الفرص ويحتلّ المراتب والأماكن ويسجّل النقاط, ونحن خارج الملعب نشتم الآخرين ونطلب العون من الله .. ولكنّ الله لم يبعث لنا حتى الآن بمن يساعدنا ونحن منتظرون وقافلة الحياة تسير من محطة إلى أخرى وشعوب الأرض تصعد هنا أو هناك. ونحن ننتظر؟؟!! وسيطول الانتظار وربما نبقى وحدنا على رصيف المحطة بعد أن يغادر الجميع....
نقد الذات بات أكثر من ضرورة. ومراجعة منظومة القيم لدينا صار ملّحاً ويحتاج إلى جرأة قادرة على قول وفعل الأفضل ونسف كلّ معيق أياً كان لأنه لم يعد ممكناً أن نستحضر الماضي إلى الآن ونعيش فيه الآن...
لا يمكن أن نلبس كما كان الأقدمون ولا أن نفكر مثلهم... الماضي القريب والبعيد صار ذكرى في كتاب التاريخ واليوم له لغة مختلفة وأخلاق مختلفة. لنرمي القديم بعيداً ولنأخذ الجديد الجميل..قبل أن تضيع الفرص وتغلق الأبواب فننتهي من الوجود كما رحل آخرون تشبثوا بالماضي ورفضوا المستقبل, فعجزت قوانين الماضي عن مواكبة الحياة والتفاعل معها فدبّ الفساد والتخلّف واندثروا من داخلهم بعد أن تحطمت نفوسهم وانكسرت ذواتهم, فرحلوا من التاريخ واندثروا تراباً في ترابه...
على الجميع أن يصرخ بوجه الماضي الذي يحتلّ حاضرنا, ويرفضه ويقاومه خاصة وأنه مكتوب بحروف الكذب والتزوير والتضليل.. تاريخ قتلة وغزاة.. تاريخ تشويه وادعاء.. تاريخ الموبقات والجرائم الإنسانية..
تاريخ معيب ومشين يدعو للغثيان من اكذوبة العربان... تاريخ يمثّل الاضطهاد ويمجّد الظالم ويؤنب المظلوم.. تاريخ حوّل الأصنام من أحجار وصخور إلى بشر من لحم ودم. قدّس الزعماء وعبد القادة وجعلهم أصنامه التي قدّم لها فروض العبادة والتقديس.. هذا التاريخ المخجل يشعرنا بالعار والإثم ويخرجنا من إنسانيتنا وآدميتنا.. وسوف تسقط كل رهاناتنا في التطور إن لم نحرق هذا التاريخ وننزعه من رؤوسنا غير مأسوف عليه.......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نعم لا بد من التمرد
مايسترو ( 2010 / 5 / 1 - 11:17 )
على هذا الإله وعلى هذا الواقع الذي يتحكم به من جعل من أنفسهم أولياء لهذا الإله في الأرض، ولابد لثورة لا تبقي ولا تذر لنسف كل هذا التاريخ الظلامي المأفون، ويجب نشر مقالات مثل هذه المقالة المميزة للأستاذ عهد في كل الأماكن العامة، عسى أن تكون بمثابة الضربة التي تأتي بعدها الصحوة، أما غير ذلك فسنظل في الدرك الأسفل من الأمم، بعد أن تفوق علينا الشعوب التي تقطن أدغال افريقيا والأمازون، وتحية للكاتب على كلماته المتمردة اليوم.


2 - لا أقبل ان اكون ماريونيت
مرثا ( 2010 / 5 / 1 - 23:09 )
سلام لك ونعمة الفاضل عهد : لايمكن ان يقبل عقل فكرة القضاء والقدر ولايمكن ان الله خلقنى كعرائس ماريونيت يحركنى كيفما واينما يريد، ولكن نحن العرب نميل الى الهروب من المسئولية فنلصق كل التهم على الله ، ولو كان فكر القدر صحيحا اين تكون مسئوليتنا عن اختياراتنا ؟ لماذا نختار اصلا ؟ سيدي هذه افكار مشوهة يقبلها من يريد ان يرمي بنتائج اختياراته وتصرفاته الى مجهول و الأمثلة الشعبية وبعض النصوص تغذي هذا الفكر المريض مثل( اجري جري الوحوش غير رزقك لن تحوش ) بمعنى انك مهما سعيت وعملت لن تأخذ غير ماقدره الله لك هل هذا معقول ؟ هل من يعمل ويجتهد مثل الكسلان والمتواكل ؟ هل من يبذل جهدا وسهرا مثل الذي ينام وينتظر القدر؟ وايضا ( اللي مكتوب على الجبين لازم تشوفه العين ) فلماذا نهتم بتحسين احوالنا او الإهتمام بالصحة طالما ان المكتوب سنراه مهما حصل
هذا ماساهم في حالة التخلف والفقر الذي تعاني منه بلادنا وشعوبنا
وكما تفضلت وقلت ان كل سلوك يحمينا من المحاسبة والمسائلة نتبناه ، هذا صحيح جدا
نحتاج الى صحوة استاذي واستيقاظ من الغفلة وانعدام التفكير

تقديري واحترامي العميق


3 - عندما نستيقظ
كوريا ( 2010 / 5 / 2 - 10:05 )
عندما نستيقظ من السبات ويبداْ التفكير الموضوعي يحل مكان التفكير الغيبي المريض.0


4 - رد1
عهد صوفان ( 2010 / 5 / 2 - 12:44 )
إلى الأخ مايسترو شكرا لك ولفكرك النير ولكلامك الراقي لأننا نحتاج العقول النير في مسيرة تحررنا من الأوهام وخرافات الماضي وشكرا لك تحياتي

الأخت مرثا تحية لك أيتها الوديعة وشكرا لك على كلامك النبيل وأفكارك الطيبة وثقي بأننا لن نتطور ونواكب الحياة إن لم نتحمّل مسؤولياتها بدلا من الهروب الى الغيب فالحياة حقيقة وليست غيباً أو شعراً تحياتي

إلى كوريا تحية لك على مرورك وتعليقك الذي اعتز به وشكرا لك

اخر الافلام

.. بلينكن في الرياض.. إلى أين وصل مسار التطبيع بين إسرائيل والس


.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين يرفضون إخلاء خيمهم في جامعة كولومبيا




.. واشنطن تحذر من -مذبحة- وشيكة في مدينة الفاشر السودانية


.. مصر: -خليها تعفن-.. حملة لمقاطعة شراء الأسماك في بور سعيد




.. مصر متفائلة وتنتظر الرد على النسخة المعدلة لاقتراح الهدنة في