الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيدتي فرانكفورت

البتول الهاشمية

2004 / 7 / 31
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


عندما تردد بعض القائمين على معرض فرانكفورت العالمي للثقافة والأدب في السماح لنا كعرب في المشاركة على اعتبار انه –ومن وجهة نظرهم طبعا – ليس لدينا شيئا يمكن أن نقدمه للثقافة والفكر العالميين , أقمنا الدنيا على رؤوسهم ولم نقعدها فكيلنا اللعنات التي لم توفر أحدا ولبسناهم رغما عن أنوفهم قضية معاداة الإسلام ونعتاهم بالعنصرية والاقصائية وشككنا بإيمانهم بالتعددية الفكرية وليحمدوا الله أن ليس لدينا جيش عربي مشترك وألا لزحفنا بجحافلنا إلى عقر دارهم وأمام هذا السيل العارم من الاتهامات والاحتجاجات لم يجدوا المساكين بدا من الاعتذار ولعن الساعة التي فكر احدهم بها في الحيلولة دون وصولنا هناك وقبلوا مشاركتنا ليس هذا فحسب بل اعتبرونا ضيوف شرف وهو شئ نحسد عليه ويكفي أن نذكر انه في العام الفائت كانت روسيا بعمالقة فكرها ضيف شرف وخصصوا أكثر من تسعة آلاف متر مربع لسيادتنا لنتخمها بكتبنا وندكها بمخطوطاتنا وفجأة وبلا سابق إنذار صمتت طبول الحرب عندنا وانتهى كل شئ والموضوع لم يعد يعنينا بأي شكل من الأشكال على اعتبار انه وبعد اعترافهم بحقنا في المشاركة فان المعركة بالنسبة لنا انتهت حيث كان من المفترض أن تبدأ وكان من الواجب حشد كل طاقة ممكنة والتضحية بالغالي والرخيص لعيون فرانكفورت ...ولا نطلب بذلك اجتماع قمة عربية طارئ مع أن هذا ليس بكثير ولكن على الأقل اجتماعات لرؤساء اتحاديات الكتاب ورؤساء التحرير في البلدان العربية وكبار المثقفين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فالوقت يضيق وعقارب الساعة لا تنتظر أحدا والفرصة كانت كبيرة لنسف الصورة الغربية المشوهة عن العرب والمتمثلة كما يقال بثقافة ألف ليلة وليلة التي تصور الإنسان العربي غارقا في السكر والسهر والليالي الحمراء وفي نفس الوقت تنقية لوحة الإسلام من الشوائب التي الصقها الغرب بها ,غير أن شيئا من هذا لم يحصل وكنا لنقبل ولو بندوات وحواريات متلفزة تحدثنا عن الكتب التي ستكون سفيرتنا إلى هناك ولو تخللها آلف فاصل إعلاني ولكن وسائل الأعلام منشغلة بأمور أخرى ليست هدفنا للعرض الآن والنتيجة :
أن الكثيرين لم يسمعوا حتى بمعرض فرانكفورت الذي تقصده أكثر من نصف المعمورة وتشارك به ثلاث أرباع دول العالم ويكفي أن نذكر معلومة بسيطة وهي أن أكثر من ألف وخمسمائة صحفي روسي أرسل فقط لتغطية الأحداث علما أن كل المساهمين العرب بين ناشر وكاتب وصحفي ومراسل لا يتجاوز السبع مائة وكأني بالقارئ الآن يفغر فاهه دهشة وكأني أحدثه عن تربة المريخ وللأمانة الرقمية فان الجامعة العربية قد حددت حجم المشاركة بثلاث ملايين يورو ظنا منها أنها لم تترك شيئا عليها وهي محقة فالمسكينة لا تدري شيء عن بورصة لاعبي كرة القدم والسلة في وطننا العربي واللذين يكلفوننا في كل عام أضعاف أضعاف
هذا الرقم فهل أمسى مالنا حرام علينا حلال لغيرنا , ومن الناحية الأهم فليس لدينا كعرب مرجعية ثقافية مشتركة وتغيب عنا معايير تقييم الفكر والنقد فما يعتبره محلل أو ناقد عمل يستحق التقديس فان أخر يستخسر فيه حتى الوقت المهدر في قراءته وهذا لم نتكلم بعد عن علاقات شخصية تربط بين المفكر فلان والناقد اعز الناس إليه ولا عن ملفات وصفقات أدبية تمر من تحت الطاولة, وبالنسبة لمقياس الشارع فانه هو الأخر يحتاج ربما إلى شبه معجزة لإعادة الحياة له فان قلنا إن الكتب المشاركة هي التي لاقت اكبر قدر ممكن من الرواج فان كتاب ماغي فرح للأبراج وتوقعات العام الجديد سيتصدر اللائحة فهل نجرؤ لإرساله وصاحبته شخصيا لتحدث كبار مثقفي العالم عما يخبئ لهم القدر من خفايا في الزوايا , ومن حيث مقياس القيمة النقدية التي يباع بها الكتاب فان موسوعة الشيف رمزي للوقوف على أسرار فن الطهي لن تجد من ينافسها في الحلبة فهل نرسله هو الأخر محملا بالبهارات والتوابل العربية ...إذا فالكتب التي ستكون سفيرتنا إلى فرانكفورت متروك أمرها إلى قلة –لا وقت للتشكيك بمكانتهم الثقافية – وهم سيحددون من هو الذي سيستحق تكاليف النقل بالطائرة إلى هناك وأمام كل هذه المعطيات ووسط أكثر من مئة ألف صحفي يمثلون أكثر من مئة دولة فان الفضيحة ستكون بجلاجل و سيتم ترسيخ الصورة القديمة عنا وتأكيدها وسيضاف إلى رصيدنا هزيمة جديدة سيكون بانتظارها آلاف الأخوات ممن سبقوها...ولا ادري لماذا اشعر بالتعاطف مع أولئك اللذين راهنوا على عدم وجود شئ ذو قيمة يمكن أن نقدمه للعالم في هكذا محفل ثقافي عالمي محترم يستحق آن يرتاده أناس محترمين
سيدتي فرانكفورت... نحن ضيوف الشرف لديك هذا العام فبالله عليك تحملي سخافاتنا وحماقاتنا ومشاكلنا وهزلنا
وارحمي عزيز قوم ذل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -محاولة لاغتيال زيلينسكي-.. الأمن الأوكراني يتهم روسيا بتجني


.. تامر أبو موسى.. طالب بجامعة الأزهر بغزة يناقش رسالة ماجستير




.. مشهد تمثيلي في المغرب يحاكي معاناة أهالي غزة خلال العدوان


.. البرازيل قبل الفيضانات وبعدها.. لقطات تظهر حجم الكارثة




.. ستورمي دانييلز تدلي بشهادتها في محاكمة ترمب