الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنت الأهم

نزار حمود
أستاذ جامعي وكاتب

(Nezar Hammoud)

2010 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


في مقالة حديثة نشرتها إحدى الجرائد اللبنانية مؤخرا ً قام الأستاذ سليم الحص، رئيس الوزراء البناني السابق، بإطلاق صرخـــة استغاثة وجهها لزعماء العالم العربي وحكـــامه. يطلب الأستاذ سليم في صرخــته هذه اهتماما ً أكبر وجدية أكثر وفعالية أعظم فيما يخص التعامل مع القضية الفلسطينية. يقول إن هذه القضية تمر اليوم بنقطة حاســـمة للغاية من تاريخها الطويل. فالمسجد الأقصى بخطر جدي يهدد سلامته الفيزيائية مباشرة. والوجود والمقدســـات المسيحية في خطر. والمخططات الاستيطانيـــة لاتتوقف بل تتزايد وتتصاعد ولاأمل منظور بأي قوة ردع أو منع. إنها رسالة محزنـــة بالأخص كونها صادرة عن شخص ٍ عارف بظواهر وبواطن الأمور. وأنا من الناس الذين أقر للأستاذ سليم بنظافة اليد ونزاهة ونبل الممارســـة عندما كان في سدة الرئاســـة وحتى خارج الحلبة السياسية حيث اختار لنفســه أن يكون واحدا ً من مؤسسي التيار الثالث اللبناني أي التيار الذي ينادي بتـنزيه الوطن عن متاهات لعبة الطائفية السياسية وإسقاطاتها الدمويـــة التي أصابت ومازالت تصيب من لبنان الأرز الشامخ، مقتلا ً، يوما ً بعد يوم.
إنها إذا ً دعوة حق يراد بها حق. إلا أنها، برأيي المتواضع طبعا ً، موجهة للعنوان الخطأ... فقد وجهت آلاف الدعوات والرسائل الحاملة لنفس هذه الفحوى إلى نفس هذا العنوان وارتدت دون أية نتائح ملموســـة ومع الكثير من خيبة الأمل.. مرة إثر الأخرى عبر تاريح القضية الفلسطينية الذي تجاوز اليوم القرن من الزمن. لابل... لقد أضيفت لهذه القضية قضايا أخرى جديدة لم تكن على البال والخاطـــر. مثل القضية العراقية والقضية السودانية والآتي أعظم.
أعتقد أنه بات من الواضح تماما ً أن توجيه هذه الرسائل المغمسة بالنوايا الطيبة والأمل بالتغيير بات خطرا ً بحد ذاتـــه. لابد لرجل الشارع العربي من أن يعرف أن التغيير لن يأتي من الأعلى أبدا ً، سواء كان هذا التغيير على الصعيد الداخلي الحياتي المعيشي أم على صعيد القضايا الوطنية الكبرى. فالحكومات العربية في واد وهو في واد آخر ولاأمل في تغيير هذا الواقع لألف سبب وسبب. وفي غمرة اللطم على الوجوه وندب وجلد الذات والحظ العائر... ينسى رجل الشارع العربي، وأعني برجل الشارع العربي الرجل والمرأة معا ً، أنه هو بالذات أهم مافي لعبة الحكام والسياســــة. إنه هو من يملك مفاتيح التغيير. ينسى هذا الرجل الصغير أنه قادر على إحداث التغيير على الرغم من كل حالات التهميش والسحق والاستلاب التي تطبق عليه من قبل هؤلاء الحكام بالذات الذين ناداهم وناجاهم الأستاذ سليم الحص عن طيب نية وحسن مقصد في رسالته المذكورة أعلاه. يكفي لهذا المواطن أن يطالب بحقوقه المدنية المسلوبة حتى تنقشع الغمة وتظهر الحقيقة بكل بريقها وألقها. يكفي أن يطالب هذا المواطن، في لبنان مثلا ً، بحقه في الزواج المدني والكف عن مهزلة السفر إلى قبرص لإتمام وإبرام الزواج بين شباب الطوائف والأديان المختلفة. وهذه واحدة فقط من عشرات القضايا الملحة في لبنان. يكفي أن يطالب في سوريا بحقه بإعادة تفعيل مؤسسات المجمتع المدني وإيقاف العمل بقانون الطوارئ الذي أكل عليه الدهر وشرب. وهذه أيضا ً واحدة من عشرات القضايا الملحة في سوريا. يكفي أن يعرف المواطن المصري أن من حقه أن يصوت لمرشح رئاسي آخر غير السيد مبارك، سواء كان هذا المرشح محمد البرادعي أو غير محمد البرداعي، وأن يطالب بحقه هذا من خلال المؤسسات القضائية. يكفي أن يعرف هذا المواطن العربي أن توحيد المناهج التربوية في المدارس وفصل هذه المناهج عن أية هيمنة سياسية أو دينية لابد وأن يفسح المجال لأجيال مستقبلية تضع الوطن أولا ً وقبل أي اعتبار. يكفي أن يؤمن ويمارس الرجل العربي حقيقة َ أن الدين لله وحده عز وجل وأن الوطن للجميع دون تمييز أواستثناء. وماهذه الأمثلة إلا غيضٌ من فيض!
التغيير يبدأ منك يارجل الشارع العربي. ولاأمل بدون ذلك. من الممكن تماما ً المطالبة بالحقوق الضائعة وبالطرق القانونية السلمية. وعندما تعود هذه الحقوق لأصحابها الشرعيين، أي لك أنت، تعود الأمور إلى منطقها السليم ويعرف الجميع ماله وماعليه. وعندها ستجد القضية الفلسطينية، ولاشك، حلها العادل والشامل. الشرعية هي شرعية الناس وحقوق الناس وحاجاتهم وحرياتهم وحقوقهم ولاشرعية أخرى أبدا ً.
يا أخي المواطن... أنت المهم.... لابل أنت الأهم. فابدأ منك أنت أولا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما شكل المقاربة الأمريكية للدفع باتفاق سياسي لإنهاء الحرب في


.. خلافات معلنة بين بايدن ونتنياهو.. ما تأثيرها على الانتخابات




.. واحات جنوب المغرب -الساحرة- مهددة بالزوال!! • فرانس 24 / FRA


.. السفينة الأميركية -ساغامور- تحمل أولى شحنات المساعدات من قبر




.. #متداول.. مستوطنون يقطعون الطريق بالحجارة أمام شاحنات المساع