الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلف الارهاب الأعمى ... فكرة جبانة سوداء

رشيد قويدر

2010 / 5 / 2
الارهاب, الحرب والسلام


مشهد العنف الدموي الإرهابي الأعمى؛ في جريمتيّ مترو موسكو، مشهد يتجسد فيه كل ما هو عنيف ومؤلم؛ جرحى وأشلاء من اللحم البشري، بقايا أطراف بشرية محترقة، دماء على الجدران الرخامية، هويات ملطخة بالدماء، أحذية أطفال مدمّية تحمل براءة الطفولة ... لتقول الرسالة وفي ذروة توحشها ... أنها قد وصلت ...
نستمع إلى شاهد عيان قرب موقع إحدى الجريمتين، يسرد ويبحث عن المعنى قبل الحقيقة، يتساءل ما الذي يبغونه من الجريمة الإنسانية، و "نحن لن نمضي منكسرين، لن تطفأ مصابيحنا، وهذا الحزن هو للجميع الإنساني"، يتحدث من تضاعيف الحزن الذي وضعه وجهاً لوجه أمام رسالة موت عبثي، وبعد هذا الانغمار المكثف تعلو في قسماته ونبرته الحياة، وفي البحث عن حقيقة المجرمين في قائمة التساؤلات وأهدافهم. لقد وصل لنا المعنى من الفكرة السوداء وحربها على العقل الإنساني ...
بيد أنها الفكرة السوداء التي ينبغي أن نهرع بكل ما أوتينا ضدها بالرفض والدحض والاشمئزاز، وأن نحدد مكانها الشنيع وموقع نشأتها ومنبتها الذي نبتت فيه، ومأواها ومن أية قفار موحشة قاتلة للإنسانية جاءت، ومن يحتضنها ويسخر تطرفاتها في خدمة أهدافه ...
وعلى الرغم من كل ما يمكن أن يقال من تحليلات وآراء، لا بد من التوقف أمام حقيقة مؤكدة؛ لا يختلف عليها إنسان يمتلك الحدود الدنيا من الحس الإنساني، وهي أن المعتاشين على حساب الدين وباسم "المقدس" وتوظيفاته السياسية، وممن تشوهت نفوسهم قبل عقولهم، لن يدركوا عظمة الكائن الإنساني الذي "سجدت له ملائكة السماء" كما تقول جميع الكتب المقدسة، وأن قتل الأبرياء هو أزمة أخلاقية في الضمير الإنساني، ليس على كاهل المنفذين والمخططين فحسب، بل لدى مَنْ يتغاضى عن هذه الجرائم الإرهابية، أو يسوّغها تحت أية ذرائع ومسميات، بوصفها انحطاطاً وذروة الهشاشة في القيم والأخلاق مهما كانت أهدافها.
اليوم؛ تفيض روسيا الاتحادية بالثقة بالذات، وتفيض بالسيادة، روسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي، الأمر الذي نأخذه في حسبان أهداف الإجرام، وينعكس ذلك في ديناميكية السياسة الخارجية، وهي مرشحة أن تذهب إلى مدى أبعد، وقد سقطت "الثورات" الملونة المدعومة أمريكياً في أوكرانيا وجورجيا وقرغيزيا وبسرعة قياسية قلّ نظيرها في التاريخ، كما احتضنت روسيا أوزبكستان بجسارة كحليف رسمي، من خلال دعوتها إلى انسحاب القوات الأمريكية من آسيا الوسطى في مطلبها قبيل نهاية العام 2005، وأسقطت الدور الذي لعبه ديك تشيني في القوقاز ومعه عدد محدد من أوليغارشيا الفساد الهاربة من القانون الروسي وبأموال روسية طائلة مسروقة ..
وفي الجملة التحولات في خيارات روسيا السياسية والأمنية، واستعادة الجيش الروسي لأولوياته، وتشكيله على أسس جديدة، تتركز على سرعة الانتشار وخفة الحركة وتكامل الاختصاصات في إطار خطط الإصلاح، الأمر الملموس في حرب القوفاز التي أُعلنت عن حقبة جديدة بدأت بإسقاط "نظرية" تشيني في "احتواء" روسيا بآليات مشابهة للحرب الباردة، ونتائج "حرب القوقاز" أعلنت عن عودتها كمحور رئيسي إلى السياسة الشرقية بالذات، واضطلاعها بدور مرن أكثر فعالية بالموازنة بين المصالح الجيوسياسية والمبادئ، متعددة الأطراف والشراكات وفي أبعد مدى كشريك موثوق ...
والأهم في جملة وقائع المشهد الدولي، هو أن عالم اليوم قد أخذ يودع الأحادية القطبية، وفي لحظة تاريخية قد تطول، ومعها تتصاعد تعددية قطبية، فيما تشهد وبشكلٍ مضطرد ومتزايد لعالم من القوة الموزعة، وأكثر من القوة المركزة، لم تعد تملك واشنطن ترف تقسيمه كما شهدنا من غطرسة: "مَنْ ليس معنا فهو ضدنا".
ولعل ما سبق يفسر استهداف روسيا ودورها بعمليات ارهابية دموية، تقف وراءها جماعات تحمل في عقولها المظلمة فكرة جبانة سوداء..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب