الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الناطقون بالعربية صاروا عبئا عليها

عهد صوفان

2010 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


الناطقون بالعربية صاروا عبئا عليها

اللغة هي وعاء ثقافة الأمم. فيها تصبُّ روافد المعرفة كلمات تدوّن التاريخ, وتحكيه وترسم المستقبل وتبنيه. هي جزءٌ حيّ من الأمة ينمو ويتطور بنمو وتطور الأمة..
والثابت أن اللغة العربية انبثقت عن:
- الآرامية بلهجاتها الكلدانية والسومرية..
- الأشورية.
- الكنعانية بلهجاتها الفينيقية والعبرية..
وهي تختلف عن اللغة السائدة في جنوب الجزيرة ( لسان حمير ). بالرغم من وجود مفردات كثيرة مشتركة بين اللغتين بحكم الجوار والاختلاط ما بين المنطقتين وعمليات البيع والشراء المتبادل .. وتعتبر اللغة العربية من اللغات الحديثة التي ظهرت كمزيج بين لغات كانت سائدة في مناطق الجزيرة العربية وبلاد الشام. ولم يظهر نقوش أو كتابات بها قبل القرن الأول قبل الميلاد..
حيث ظهرت نقوش بالخط المسند الجنوبي ( نسبة إلى جنوب الجزيرة العربية ) في المناطق الشمالية وهي الحسائية والصفائية والديدانية والثمودية. وأقدم نقش عربي ظهر بالخط المسند ظهر في القرن الأول قبل الميلاد وآخر بالخط النبطي وجد في صحراء النقب يعود لنفس القرن تقريباً...
أمّا أشهر النقوش باللغة العربية فهو نقش النمارة الذي اكتشف في سورية، وهو نص مؤرخ بتاريخ 328 م ومكتوب بنوع من الخط النبطي القريب من الخط العربي الحالي، وهو عبارة عن رسم لضريح ملك الحيرة امرئ القيس بن عمرو وصف فيه بأنه "ملك العرب".

لم يعرف على وجه الدقة متى ظهرت كلمة العرب أو أعراب . علما بأن كلمة العرب ذكرت في أحد النصوص المسمارية للملك الآشوري شلمنصّر الثالث. وأيضاّ في أسفار التوراة: أخبار الأيام الثاني – نحميا وحزقيال .. ولم يسجّل التاريخ أي حضارة باسمهم قبل الإسلام, بل من المؤكد أنهم كانوا البدو الرحلّ ينتقلون في مناطق الجزيرة العربية وبلاد الشام...
وعندما جاء الإسلام, كتب بلغة قريش وهي إحدى اللهجات العربية آنذاك في المنطقة, وذلك لأن الرسول كان قرشياً فكتب بلغته وخلّد بذلك لغة قريش وشعر قريش وأدب قريش.. وكذلك أنزلناه حكمًا عربيًا"، "وهذا كتاب مصدق لسانًا عربيًا" وقوله "وهذا لسان عربي مبين".
وقد عمل الإسلام على فرض الدين الجديد وتوحيد لسان من هم تحت سلطانه فبدأ غزواته وسراياه وحروبه لإخضاع الجميع , فاختفت كل اللهجات واللغات السائدة لحساب لغة قريش..
وبالرغم من أن الإسلام نشر لغة قريش وأوصلها إلينا لنقرأ ونكتب بها, إلاّ أنه في ذات الوقت أعاق تطورها.
- لأنه من جهة أراد أن يبقى القرآن مقروءاً من الجميع ومفهوما منهم وأي تحديث وتطوير للغة يجعلها بعيدة وعصية على الفهم للأجيال التالية.
- ومن جهة أخرى اعتبر الإسلام كلّ شيء مقدّر ومكتوب من الله, وهذا ما حدّ من الابتكار والاختراع وبالتالي قطع الإسلام كلّ الروافد الحضارية المزودة للغة, والتي تعتبر من أهم روافد تطويرها.
- وقد زاد من انغلاق اللغة العربية الشريعة الإسلامية التي حددت وأطرت السلوك وفق عادات وتقاليد قديمة منعت التواصل الحضاري والإنساني مع الآخر وبإشراف طبقة رجال الدين الذين يسيطرون على التشريع والسلطة, بقوة وإحكام وهذا جعل المجتمع الإسلامي مجتمعاً ماضوياً يتمسك بالقديم ويرفض التجديد وإن قبل فيكون بصعوبة وبعد رفض ومقاومة...
وهذا ما قطع أهم روافد تجديد اللغة.. لأن التطور الحضاري العالمي أغنى اللغات وضاعف مفرداتها حتى غدت وكأنّها لغات جديدة. فتطور العلوم أضاف مفردة لغوية جديدة وأضاف معان جديدة وأفقا آخر للغة . والذي يفعل ذلك, يطور لغته ويقويها ويجعلها مرغوبة ومطلوبة من الآخرين. فاللغة تحيا بحياة الناطقين بها وتموت بكسلهم وخمولهم...
وهذا ما جعل اللغة العربية معقدة وصعبة, لأنه لم يكن ممكناً تيسيرها للناطقين بها أو تحديث قواعدها التي وضعها أبو الأسود الدؤلي بطلب من الخليفة علي بن أبي طالب وذلك بسبب تفشي ظاهرة اللحن آنذاك لاختلاط العرب مع غيرهم فقال الخليفة لأبي الأسود الدؤلي: اكتب باسم الله الرحمن الرحيم, وبين له أقسام الكلام وشيئاً في باب التعجب. ثمّ قال له: انح على هذا النحو وقس عليه.... ولذلك سميت قواعد اللغة العربية بالنحو..
وعند وضع قواعد اللغة العربية تمّ تفصيل القاعدة بما يتناسب والنصوص القديمة. أي حسب النصوص الواردة في الشعر العربي أو في القرآن والأحاديث النبوية. ولم يكن ممكنا وضع قواعد بسيطة ومحددة شاملة لوجود نصوص فيها لحن كثير . ولذلك كثر في النحو العربي عبارة ( يجوز... ويجوز... ) وهذا ما زاد من صعوبة اللغة العربية وعدم تمكّن الكثيرين منها والهروب باتجاه اللغات المحلية التي كانت طيّعة في التعبير والاقتباس من اللهجات الأخرى المجاورة. فاستمرت وعاشت هذه اللهجات إلى يومنا هذا, وغدت اليوم متداولة إعلامياً في المحطات الإذاعية والتلفزيونية وفي الأعمال الدرامية, وفي كل المقابلات التي تناقش الشأن العام وذلك على مستوى المحطات العربية كلّها.
بالإضافة إلى وجود محطات محلية تنطق بلغات أخرى منها المحطات الناطقة باللغة الكردية والأشورية والسريانية والأمازيغية ووو.. كلّ ذلك زاد من حصار اللغة العربية الفصحى وحصرها فقط في الكتابة...
ولا بدّ من الإشارة إلى دخول اللغات الأجنبية حلبة المنافسة أيضاً وخاصة الإنكليزية التي دخلت وبقوة معتمدة على الغنى الحضاري والمعرفي الذي يحميها ويتوجها ملكة على لغات العالم. فالجميع يحتاج هذه اللغة, ليس لأنها لغة العلوم والإبداع بل لأنها صارت لغة لقمة العيش, فبدون هذه اللغة تسقط كل مقومات الحصول على عمل يعين الأسرة ويؤمن حاجاتها..
الناطقون بالإنكليزية رفعوا من شأنها وأعلوا مقامها فصار الجميع يتعلمونها, حتى المؤيدين للعربية والداعين للتعريب وفرض اللغة العربية يدرسون الإنكليزية ويدرّسون أولادهم هذه اللغة في المدارس الأجنبية المنتشرة في بلادنا حالياً ويرسلون أولادهم للدراسة في الجامعات الأمريكية والأوربية كي يتمكنوا من اللغة الأجنبية التي تضمن لهم المستقبل المادي والمعنوي. وأصبح تعلم اللغة الأجنبية حقيقة ملموسة في كل مكان, وحتى في الدول التي كانت ترفض إعطاء أهمية للغة الأجنبية عادت وغيرت من موقفها وزادت من الاهتمام بتدريس اللغة الإنكليزية لأن خريجي هذه الدول فشلوا في الغالب في إيجاد فرص العمل المناسبة داخليا وخارجيا لعدم تمكنهم من متابعة التطور الحضاري والتكنولوجي بالاعتماد على اللغة العربية فقط...
لقد أصبح وضع اللغة العربية صعباً.
- فهي محاطة بلغات أجنبية قوية ومؤثرة.
- وبلهجات محلية متجذّرة وقابضة على اللسان العربي.
- وبرغبة من الكثيرين الناطقين بها الانطلاق لقراءة الآخر والحصول على فرص الحياة والمال.
- ومن البعض الذي يعتبر أن اللغة العربية هي رمز ديني, عملت على تدمير لغته الأصلية وحضارته. وبالتالي بدأ يرفض هيمنة هذه اللغة على حياته.
الناطقون باللغة العربية صاروا عبئاً عليها. لأنّهم هم حجروها ومنعوها من التطور والتجدد والتنوع, اعتقاداً منهم أنّهم يحافظون على القرآن وعلى الأحاديث الدينية, ويمنعون تأثير الآخرين على عاداتهم وتقاليدهم.
فكيف لهذه اللغة أن تعيش وتتجدد والناطقون بها نيام ينتظرون أوامر الله. يعيشون في الماضي الذي يستحضروه الآن, ويرفضون كل الاختراعات والابتكارات لأنها من عمل الكفّار ( عند اختراع التلفزيون رفضوه – وعند ابتكار الانترنت رفضوه – رفضوا علوم الوراثة والاستنساخ....) ويقبلوا بعد ذلك مرغمين..
كيف تتطور اللغة وأبناؤها لا يبدعون جديداً ولا يكتشفوا شيئاً؟.
كيف نضيف للغة مفردة جديدة أو لفظاً جديداً ونحن لم نبتكر ما يرمز له هذا اللفظ الجديد؟.
بين اللغة والحضارة يحدث تزاوج ثماره ابتكارات واختراعات لها أسماء في كتاب اللغة. فالحضارة هي ولادة ابداع جديد وولادة كلمة جديدة تثري اللغة وتعلي من قيمتها وشأنها..
لغتنا هي صورتنا. هي نحن. هي إبداعنا وعطاؤنا. هي اكتشافاتنا. فأين نحن من كلّ ذلك؟؟
نحن نستورد طعامنا ولباسنا ودواءنا. طائراتنا وسياراتنا. وكلّ احتياجاتنا.... فكيف ستكون لغتنا؟. ستكون لغة المتسولين للحضارة. لغة التائهين في هذا العالم الذي ينطلق وبسرعة الضوء يكتشف الفضاء وما بعده.. هذا العالم الذي وصل إلى تقنية النانو تكنولوجي والتي تعني تصنيع أجهزة ومعدات دقيقة غبر مرئية قوامها الذرّات والإلكترونات..
هذا العالم يستحقّ الحياة ولغته تستحقّ التاج. أما نحن فنستحق تاج المكابرة والادّعاء والاتهام ولوم الآخر.والبكاء على الأطلال....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اعجاز
حمورابي ( 2010 / 5 / 2 - 18:40 )
اخي عهد....كيف تنكر على العرب بعدم الاتيان باي اختراغ او اكتشاف؟ الا تعلم بان كل اساسيات النظريات الحديثة مصدرها القران ؟ القران مليئ بالاعجاز .حتى الكومبيوتر ذكر فيه .هل نسيت ان الساندويج اطلق غليه الشاطر والمشطور وما بينهما .تحياتي


2 - انها لسان
الكاشف ( 2010 / 5 / 2 - 23:34 )
عربي مبين وستكون لغة اهل الجنة والتي لايفهمها95% من ناطيقها دون الرجوع والبحث في القواميس لذى تجدهم لايستطيعون تطويرها بما يتطلب الحاضر خشية منهم ان يفتقدوا الدخول للجنة وبالتالي سيصعب عليهم الحوار مع اهلها ،تحية وتقدير


3 - تعليق
سيمون خوري ( 2010 / 5 / 3 - 07:26 )
أخي الكاتب المحترم تحية للحقيقة أود شكرك على هذه المادة الجيدة وعلى الفكرة الذكية التي تناولتها في عرضك الشيق ، مع إحترامي لجهدك الكبير هذا ونحو المزيد من الرقي الفكري . مع التحية لك .


4 - رد
عهد صوفان ( 2010 / 5 / 3 - 08:56 )
الأخ العزيز حمورابي شكرأ لك على التعليق المعبّر ,انا ذكرت أنهم حصلوا على الإدعاء والمكابرة التي لن تفيد شيئا والتي تدل علىأننا أمة مأزومة ومريضة مع تحياتي..

الأخ الكاشف تحياتي لصاحب الكلمة الجميلة والرأي الراقي والمشكلة ستكون كبيرة إن لم يكن جنة ولا حوريات ولا أنهار خمر وشكرا


5 - رد
عهد صوفان ( 2010 / 5 / 3 - 09:04 )
أخي سيمون شكرا لك أيها الكبير بالفكر والكلمة الراقية وشكرا لك على التحفيز الذي تزرعه في نفسي لنقاوم معا هذا الفساد المنتشر ونزرع وردة الأمل لعلها تنمو في النفوس مبشرة بيوم جديد فيه كل شيء جديد تحياتي وتقديري


6 - سلمت يداك
مايسترو ( 2010 / 5 / 3 - 13:57 )
على مقالة اليوم يا أستاذ عهد، وبالفعل لقد وضعت يدك على الجرح النازف الذي تعاني منه هذه اللغة العربية، وقد استرعى انتباهي قولك ، أنه ليس بالإمكان كتابة العربية سوى باللغة الفصحى، فهناك صعوبة في كتابة العربية باللهجات العامية، ومثلاً إذا ما أراد شخص من بلاد الشام قراءة إحدى كلمات لشخص مصري يكتب بالعامية المصرية ، فسيجد صعوبة في فهم ما يكتبه والعكس صحيح، وسبب هذا كما قلت الجمود والتخشب الذي تتميز به اللغة العربية.


7 - الأخ الكاتب المحترم
قارئة الحوار المتمدن ( 2010 / 5 / 3 - 16:49 )
عندما فاخروا في محاضرة أمام الأجانب بثقافتهم وتاريخهم سكتّ عليهم وقلت حرام خليهم يتفاخروا قليلا, لكن عندما وصلوا إلى اللغة واعتبروا أن الله خلّد العربية في كتابه المحفوظ, رفعت يدي أنا المتكلّمة باللغة السريانية وسألت فرقة حسب الله التي اجتمعت علي لتفنّد أقوالي: طيب واللغة التي أتكلمها وأقرؤها وعمرها مئات السنين قبل لغتكم ولنا كتاب قبل نزول كتابكم الكريم بمئات أخرى ماذا تقولون فيها ؟ تبلكموا ,وتحيّصوا وتبيّصوا أي حيص ثم بيص, انطقوا الجوهرة وفهمونا! أنو كنت تفهم عليهم كلمة ؟ أبدا, سيدي مو مشكلة, المشكلة اليوم أن الأخطاء الناجمة عن عدم التحريك بالحركات الاعرابية أصبحت بتفرّط ضحك, قراءة اللغة العربية بدون حركات غير متيسّرة إلا للصفوة المتعلمة, لأن القارئ عليه أن يفهم ليقرأ , والذي لم يتقن النحو يقع في أخطاء رهيبة في أبسط القواعد , كأن يكتب لك ( أرجوا )وأخيرا هل اتفقوا على مسمى واحد لهال10 سنتمتر التي يستعملونها على عدد الدقائق ؟ ما اسمها ؟ محمول جوال خليوي موبايل سيلولار هاند فون ? خلي يلحقوا حالهم لأن أصبح شريحة داخل الكف


8 - رد
عهد صوفان ( 2010 / 5 / 3 - 17:21 )
الأخ العزيز مايسترو شكرا على تعليقك على هذا الموضوع المهم لكي نفضح التاريخ الذي سرق اللغة وحبسها في العروبة الكاذب

الى الأخت قارئة الحوار المتمدن تحياتي لك على مرورك الجميل الذي يضيف ويغني الموضوع كلامك رائع وافكارك راقية شكرا لك صديقة عزيزة


9 - اللغة لسان الحضارة
وردة الشام ( 2010 / 5 / 3 - 17:34 )
فكرة جميلة وموضوع شيق تطرق له الكاتب المحترم وأعتقد ان لغتنا العربية تحتضر وستنتهي مع الأيام لأنه كما قال الكاتب يوجد تزاوج بين الحضارة واللغة وطالما أنه لايوجد عندنا حضارة لا في المستقبل القريب ولا في المستقبل البعيد فمصير اللغة العربية إلى الزوال لأن اللغة تنتشر بابداعات وابتكارات أصحابها وعلى العرب السلام ....مع تحياتي


10 - لغة الضاد
مرثا ( 2010 / 5 / 3 - 20:33 )
سلام لك ومحبة أخي : اصبح الآن الذين يتكلمون عن اللغة العربية بكل انفعال ودفاع لأنها لغة القرآن
اصبحوا يطلقون اسماء اجنبية على محلاتهم وشركاتهم مثلا ( بلو نيل ) ، (ليتل انجل ) بالعربية على سبيل المثال ولكنها اصلا كلمة انجليزية ، هل يعتبر هذا عدم انتماء ام عدم اعتزاز بلغة الضاد
اخشى سيدي ان محاولة تطوير لغتنا تحارب بإصدار فتوى تكون نتيجتها عنيفة
تقديري واحترامي

اخر الافلام

.. جلال عمارة يختبر نارين بيوتي في تحدي الثقة ???? سوشي ولا مصا


.. شرطي إسرائيلي يتعرض لعملية طعن في القدس على يد تركي قُتل إثر




.. بلافتة تحمل اسم الطفلة هند.. شاهد كيف اخترق طلاب مبنى بجامعة


.. تعرّف إلى قصة مضيفة الطيران التي أصبحت رئيسة الخطوط الجوية ا




.. أسترازنيكا.. سبب للجلطات الدموية