الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واشنطن تهئ المنطقة للمواجهة المقبلة

جهاد الرنتيسي

2010 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


الحفاظ على آليات تدوير زوايا المشهد السياسي في المنطقة ، ضرورة للنفاذ الى جوهر تحولاته الدراماتيكية ، والالمام بمدى ترابط احداثه ، واتساع تفاعلاتها المتسارعة .

كما تقتضي القراءة الواعية للاحداث الاحتفاظ بمسافة فاصلة عن بعض التفاصيل دون اغفالها .

فهي مكونات معادلة بالغة التعقيد والتشعبات ، الا انها ليست كامل المعادلة ، المفتوحة على التحولات .

وفي فضاء هذه التحولات ، لا يخلو الامر من خلط للمؤشرات ، ببالونات الاختبار، ومحاولات جس النبض ، وجولات عض الاصابع .

فالقضايا المتداخلة في منطقتنا ، بيئة خصبة لطمس الاولويات ، وتعويم الثانويات وتهميش الحقائق .

ومن شان هذه المعطيات ، ان توفر تفسيرا ، لتوازي احتمالات توجيه ضربة عسكرية لايران ، وشن عدوان على سوريا ، واندلاع مواجهات اسرائيلية مع حزب الله وحماس ، واستئناف عملية السلام .

لكن توازي الاحتمالات ، في مثل هذه الاحوال ، ينطوي على قدر كبير ، من السذاجة والتسطيح .

والخروج من دائرة القراءة السطحية للاحداث ، يتطلب بالدرجة الاولى ، اعادة ترتيب اولويات الاطراف الفاعلة في المعادلة ، بعيدا عن الانفعاليات المصاحبة للاثارة .

اول ما يتبادر للذهن ، عند الحديث عن اولويات الاطراف الفاعلة ، في المعادلات الشرق اوسطية ، المتطلبات الاكثر الحاحا ، لدى طرفي ازمة الملف النووي الايراني ، الذي يتصدر مشهد الاحداث.

فقد تراجعت الابعاد ، التاريخية ، والاخلاقية ، والانسانية ، لقضايا مصيرية ومفصلية وحيوية في المنطقة مثل القضية الفلسطينية ، في ذهنية القطب الكوني الوحيد ، رغم قدمها وحيويتها ، وخطورة الاستمرار ، في تاجيل ايجاد تسوية عادلة لها.

وامام الشعور الاميركي بالخطر الايراني ، تلاشت الانعكاسات المحتملة ، لحل القضية الفلسطينية ، على السلام والامن الدوليين .

فهناك ما يكفي من المؤشرات ، التي توحي بان واشنطن على قناعة بصعوبة التعامل مع ايران نووية ، رغم اعتقاد مراكز بحث عديدة في الولايات المتحدة الاميركية ، بان امتلاك طهران للقنبلة النووية ، لا يعني فقدان الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين ، ادوات الضغط على ايران ومحاصرتها .

مثل هذه القناعة تكفي لدفع واشنطن نحو تسريع تحركاتها الدولية للحيلولة دون افلات ايران بالقنبلة النووية .

والواضح من التلميحات الاميركية ان مساعي الوصول الى توافق دولي لفرض عقوبات تحول دون حصول ايران على السلاح النووي ليست الخيار الاميركي الوحيد .

فهناك خيارات اخرى مؤجلة لدى الولايات المتحدة في التعامل مع الملف الايراني لا تقل احتمالات الاخذ بها عن فرض العقوبات .

وفشل العقوبات ـ التي تأخذ شكل الحصار ـ في الحيلولة دون اعاقة البرنامج النووي الايراني يعني من بين ما يعنيه اللجوء الى القوة العسكرية .

فالوصول بالاحتقان الى مداه ، يقود على الاغلب ، الى البحث عن خطوات وآليات للتنفيس ، من بينها خوض حرب لخلق وقائع جديدة ، في منطقة ادمنت الحروب .

والواضح من سياقات الاحداث التي تمر بها المنطقة ان اهداف الحرب المقبلة لا تقتصر على تنفيس احتقان الملف النووي الايراني .

فهناك احتقانات اخرى ، بينها ما ينجم عن التهديدات ، التي يطلقها قادة حزب الله بين الحين والاخر ، وظاهرة الاسلام السياسي الفلسطيني ، التي وصلت الى ذروة الافلاس ، والخيارات التي يمكن ان تتخذها دمشق ، في حال توجيه ضربة عسكرية اميركية لايران .

مع غياب امكانية الفصل ، بين الاحتقان النووي الايراني ، وبقية احتقانات المنطقة ، الناجمة عن التطرف اليميني الاسرائيلي ، الذي يقف حجر عثرة امام تقدم عملية السلام ، والقومي الايراني الطامح الى دور اقليمي يتيح الهيمنة متعددة الاشكال على دول وشعوب المنطقة ، تواجه الولايات المتحدة تحدي الفصل بين هذه الاحتقانات لتنفيسها كل على حدة ، او تنفيس الاحتقان الاكبر ، بالشكل الذي يساهم في ايجاد توازنات اقليمية تساعد على تهدئة بقية بؤر التوتر ، اذا لم يكن حلها ممكنا .

على ضوء اثر الاولويات في تحديد الخيارات يبدو واضحا ان واشنطن اكثر ميلا لحسم امورها باتجاه الخيار الثاني .

فالمتغيرات السياسية ، التي يجلبها القيام بعملية عسكرية ضد ايران ، تفوق اية نتائج ، يمكن تحقيقها ، في حال محاولة اطفاء اية بؤرة من بؤر التوتر ، التي اعتادت طهران على استخدامها ، لتصدير ازمات ملفها النووي .

كما حققت الاعتداءات الاسرائيلية ، على جنوب لبنان وقطاع غزة ، نتائج في الحد من قدرات حركات الاسلام السياسي ، على تسخين بؤرتي التوتر .

الا ان هذه النتائج لا تغني الادارة الاميركية عن استكمال ما حققته الحروب الاسرائيلية على حماس وحزب الله .

فلم تزل الحاجة قائمة لشل الاذرع التي قد تستخدمها ايران في حال تعرضها لضربة عسكرية .

معظم تسريبات المسؤولين الاميركيين وتصريحاتهم وتحركاتهم في المنطقة لا تخرج عن هذا السياق .

تجليات العلاقة السورية ـ الاميركية ، التي تتراوح بين سياسة العصا والجزرة ، ولعبة عض الاصابع ، تكشف عن بعض ملامح التفكير الاميركي في المنطقة .

احد مظاهر هذه التجليات مبادرة الادارة الاميركية لفتح ملف التورط السوري في تهريب صواريخ حزب الله الامر الذي فاجأ متابعي العلاقة غير واضحة المعالم .

ففي الاشهر الماضية صرح امين عام حزب الله اكثر من مرة حول زيادة ترسانته من الصواريخ القادرة على الوصول الى المدن الاسرائيلية .

التصريحات التي جاءت في اطار استقواء الحزب ، على المعادلة الداخلية اللبنانية ، ومحاولة تخفيف الضغط على ايران ، كانت كافية للفت انظار الادارة الاميركية ، الى التورط السوري ، في ايصال هذه الصواريخ .

لكن واشنطن فضلت تجاهل هذه التصريحات ، ولم تلتفت الى هذا الملف في ذلك الحين ، الامر الذي يوحي بان التصعيد الاخير اقرب الى الخطوة التكتيكية ، المقصود فيها الشروع في ترتيبات ما قبل العاصفة .

فالدور الذي يمكن ان تلعبه دمشق لحفظ الامن الاسرائيلي ـ رغم حرصها على امتلاك ورقة المعارضة الفلسطينية ـ يملي على واشنطن وتل ابيب التفكير مطولا قبل تنفيذ التهديدات الاسرائيلية باعادة سوريا الى العصر الحجري .

ولا شك في ان هذه الحسابات كانت حاضرة لدى تحديد سقف التحرك الاميركي في هذا الاتجاه والذي لن يتجاوز في ابعد الحدود نشر قوات دولية بين لبنان وسوريا لمنع تهريب الاسلحة لحزب الله .

التحرك الاميركي ينطوي ايضا على رسالة واضحة الى سوريا للابتعاد عن ايران والقيام بدور ما في الحيلولة دون حدوث تصعيد في بؤرتي التوتر اللبنانية والفلسطينية في حال تعرض ايران لضربة عسكرية .

كما تأتي زيارة المبعوث الاميركي جورج ميتشل للمنطقة ودعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى واشنطن تعبيرا عن الرغبة الاميركية في احداث شئ من التهدئة اللازمة للقيام بتحركات نوعية لانهاء القلق المصاحب لاحتمالات حصول ايران على القنبلة النووية .

ورغم قلقها من التهديدات الايرانية الراهنة ـ مع تسارع الخطوات الاميركية لتهيئة المسرح الدولي ـ تعيش العواصم العربية قلق ما بعد نهاية الفصل الاول من الحرب المحتملة .

تتركز هذه المخاوف في توازنات ما بعد توجيه الضربة العسكرية الاميركية لايران والتي من شانها اعطاء دور اكبر لاسرائيل في الاستراتيجية الاميركية .

ففي الغياب المحتمل للتهديدات الايرانية ، التي اشغلت الراي العام العالمي عن الانتهاكات الاسرائيلية في الاراضي المحتلة ـ بما في ذلك الاستيطان ومصادرة الاراضي ـ جرعات قوة اضافية لخطر فرض الحلول الاسرائيلية على المنطقة .

وامام المخاوف والقلق المتزايد الذي تعيشه العواصم العربية مع الاقتراب من الخطوات العملية لحسم الخطر الايراني لا تجد امامها سوى محاولة خفض سقف خسائرها في المواجهة المحتملة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بل هو تخوف دول الخليج
الكاشف ( 2010 / 5 / 2 - 23:22 )
من قوة تملك ايران للسلاح النووي في المنطقة وتفوقها العسكري هو ما يثير الريبة في دول المتمركزة مما يجعل هذه البلدان تقوم بحث الولايات المتحدة لممارسة الضغوط الاقتصادية واحتمال الضربة العسكرية وكذلك الكثير من التهديدات التي تقوم بها عناصر السلطة في ايران ضد اسرائيل مما يدعم الادعائات بخطورة الموقف اذا حازت على سلاح ننوي وبالاخص انها تقوم بدعم جماعات مسلحة موجودة في تلك الدول مما يساعد توتر الموقف الى الاسوء مما سيؤدي بالنتيجة على رد فعل لا يكون صالح المنطقة بجميع اطرافها وبالتالي ستكون العواقب وخيمة على جميع الاطراف وما سيؤدي الى عدم استقرار المنطقة ولكن الولايات المتحدة تسعى الى تغير نظام الحكم في ايران من خلال انقلاب او ثورة شعبية من داخل ايران خصوصت وجود معارضين مستعدين لقيام بذلك ولو بدعم عسكري رمزي من الخارج مالم تنجح داخليا هوالاكثر راجحة بالنسبة للسياسة القائمة حاليا في الولايات المتحدة وسيكون الحل العسكري اخر الحلول مالم يغير النظام الحالي من سياسته تجاه المنطة وهذا هو الراي الارجح.

اخر الافلام

.. من يتحمل مسؤولية تأخر التهدئة.. حماس أم نتنياهو؟ | #التاسعة


.. الجيش السوداني: قواتنا كثفت عملياتها لقطع الإمداد عن الدعم ا




.. نشرة إيجاز - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجزيرة


.. -تجربة زواجي الفاشلة جعلتني أفكر في الانتحار-




.. عادات وشعوب | مدينة في الصين تدفع ثمن سياسة -الطفل الواحد-