الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب والعودة ل-لعبة العبث- الامريكية الصنع

محمود عبد الرحيم

2010 / 5 / 3
القضية الفلسطينية


أقل ما يوصف به اجتماع اللجنة الوزارية لمبادرة السلام العربية، وما خرجت به من مقررات ب"العبث" الذي سئمنا منه، ومن مشهده التعس، وخطابه المتهافت الذي لا يقنع طفلا، والخارج عن أية قواعد للمنطق السليم، ومقتضيات اللحظة الراهنة سياسيا واستراتيجيا.

ولا أدري كيف وصلنا إلى هذا المنحدر، الذي نتعامى فيه عن رؤية الأخطار، أو اللامبالاة في التعاطي معها، رغم أنها لن تستثني أحدا.
ولا أدرى ماذا سيضير العرب"الرسميون" بالطبع، لو قالوا لا مرة، لواشنطن، بدلا من مسايرتها في الخطأ قبل الصواب، والانصياع لأوامرها، والسير وراءها كالعميان، الذين فقدوا البصيرة قبل البصر.

فبعد أن تراجعوا عن التفويض الذي منحوه لمحمود عباس، وسلطته المصنوعة بواشنطن وتل أبيب، لاستئناف التفاوض مع الكيان الصهيوني، بعد الإعلان عن الشروع في بناء 1600 وحدة استيطانية جديدة، هاهم يعاودون الكرة مجددا، ويتراجعون عن تجميد موقفهم البائس، ويوافقون على استئناف المفاوضات مع الكيان مرة أخرى، حتي لا يخذلون الرئيس الأمريكي، ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، اللذان قررا استئناف التفاوض، وحددا موعدا قبل اجتماع اللجنة، ولو كان ذلك على حساب الشعب العربي والفلسطيني بشكل خاص، الذي لا يبالون بخذلانه، ولا يضعونه- أصلا - في حساباتهم الضيقة.

الغريب أن يأتي هذا الاجتماع، في توقيت لم نشهد فيه أية بوادر على تغير في القناعات، والسلوك الصهيوني، و فيما تصر حكومة السفاح نتانياهو على مواصلة مخططها العدواني في الأراضي الفلسطينية، بل أننا نشهد - في المقابل- استعراضا لجنون القوة الصهيونية، ومحاولة لتوسيع نطاق العدوان، بالتهديدات الموجهة لكل من سوريا ولبنان، واختلاق أزمة التسليح السوري الإيراني لحزب الله، وتضخيمها، لحرف أنظار العالم عن جرائم "إسرائيل"، ومناهضتها للسلام، وللحصول كذلك على مبرر، حال إقدامها على استهداف جيرانها العرب أو إيران، والحصول على التعاطف الدولي بلعب دور الضحية الذى تجيده.

الذي يثير السخرية المؤلمة، ويجعل الأمر أشبه بمسرحية عبثية، أن تخرج علينا اللجنة الوزارية، وللمرة الثانية ببيان، وتصريحات تقر فيه وتعترف بأن ثمة قناعة لدى الجميع بأنه" لا دلائل على جدية إسرائيل في عملية السلام"، أو حسبما قال رئيس اللجنة وزير خارجية قطر حمد بن جاسم"الفشل وارد، لكننا نعطي فرصة للوسيط الأمريكي".

أي عبث هذا، إذا كان الطرف المعني لا يريد السلام، ويريد فقط فرض تسوية مجحفة، يحتفظ فيها بالأمن والأرض، ويأخذ صك اعتراف عربي وفلسطيني بالتنازل عن الحقوق، وإذا كانت أمريكا ذاتها شريكا فعليا، وليست وسيطا نزيها بحكم تداخل المصالح بينهما، ومشروعهما المشترك في المنطقة، ورؤيتهما الإستراتيجية الواحدة لهذا الإقليم، القائمة على منطق الهيمنة والاستنزاف له، فكيف يتأتي لنا أن نعول عليها من جديد.

ألم نتعلم من خبرة ما يزيد عن عشرين عاما، من مسيرة التسوية، وألم نختبر "الوسيط النزيه والوحيد" منذ مدريد وحتي الآن، ونعطيه مهلة وراء مهلة، وفرصة ففرصة، حتي صرنا ندمن المنح والتنازل المجاني، دون أن نأخذ شيئا، سوى وعود وأوهام ؟!

وألم نعول على بوش الأب ، فكلينتون، فبوش الابن، وأخيرا باراك اوباما الذي أوهمنا بتسوية عادلة للصراع خلال عامين، وها هي المهلة التى حددها بنفسه قد قاربت على الانتهاء ولا شئ، سوى التزامات متكررة بأمن ومصلحة "إسرائيل"، ويريدوننا أن نمنحهم مهلة جديدة لتتحرك عجلة السلام، دون سلام، ونظل ندور في نفس الدائرة المفرغة من مفاوضات فتعثر، فتجميد ، فاستئناف، ومن مباحثات، لمفاوضات غير مباشرة، فمباشرة، ومن حكومة "إسرائيلية" يمينية، فيسارية، ومن إدارة جمهورية لديمقراطية، حتي يستكمل الطرف الصهيوني مخططاته، ويلتهم ما تبقى من أراضي، يهودها، ويغير جغرافيتها، وديمغرافيتها.

ثم ما هي الضمانات التى حصل عليها محمود عباس، التي أقنعت اللجنة الوزارية بجدية التحرك الأمريكي.. ولماذا يتم إخفاؤها، وعدم الإعلان عنها؟ أليس في الإخفاء ما يثير الريبة؟ خاصة أن لا مصداقية لعباس، الذي لا تعنيه القضية الفلسطينية، ولا مصيرها، قدر الاستجابة للسيد الأمريكي و"الإسرائيلي" وأوامرهما النافذة بلا جدال، والرغبة في عدم إغضابهما، حتى لا يلقى مصير عرفات.

الجدية التى يجب التعويل عليها لو المسئولون العرب صادقون مع أنفسهم وشعوبهم، ولو القضية الفلسطينية تعنيهم حلها، وليس استمرار الصراع كما هو، وترك" إسرائيل" ومن ورائها واشنطن تقرر مستقبله بمفردها، هو فرض تسوية عادلة خلال إطار زمني معلوم، استنادا إلى المرجعيات الدولية القائمة بالفعل.

وإذا كان محمود عباس نفسه قد أعلن في مقابلة تليفزيونية أننا تفاوضنا على كل صغيرة وكبيرة، وتوصلنا إلى حسم لكل الملفات من سنوات، بحضور مسئولين أمريكان، فماذا بعد هذا الاعتراف، هل ثمة مبرر لتفاوض جديد، أم أنه تواطؤ فعلي على القضية الفلسطينية، ومنح الكيان الصهيوني مهلة لإنجاز مخططاته؟!

وأخيرا، أليس جزء من لعبة العبث، وإستغباء الشعب العربي، أن تطالب اللجنة المجتمع الدولي برفع الحصار الظالم على غزة، والحكومات العربية شريكة في هذا الحصار، ولا تتحرك، وتبادر إلى هذه الخطوة، لتنفى عن نفسها تهمتي التواطؤ والتبعية، وتدلل على صدقيتها أمام الشعب الفلسطيني، الذي يتحدثون باسمه، ويتباكون عليه، وهم يشاركون في وليمة ذبحه؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اختتام مناورات الأسد الإفريقي بسيناريو افتراضي استخدمت فيه م


.. بعد ضربات أمريكية على اليمن.. يمني يعبر عن دعمه لفلسطين




.. فرق الإنقاذ تنتشل جثمانين لمقاومين استشهدوا في جباليا


.. واشنطن: بلينكن دعا نظراءه في السعودية وتركيا والأردن للضغط ع




.. فرق الإسعاف تنتشل جثامين مقاتلين فوق سطح منزل بمخيم جباليا