الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كريمة الإبراهيمي .. قاصة تكتب للحياة ومن الحياة

مازن شريف

2010 / 5 / 3
الادب والفن


اسم جديد يلمع في عالم الرواية والقصة القصيرة في الجزائر، تدخل كلماتها لتعمر الخيال وتضيء الحلم، تخفف الألم ببراءة الطفولة وهي تتسلل إلى أرشيفنا المتعطش للجمال ومتعة التجربة الفتية.
كلماتها تبعد ضجر العقول من خلال حرصها على صدى كتاباتها التي اخترقت جوهر الركود المعرفي والثقافي واقتحمت أسوار الفكر في محاولة جريئة لتغيير المفاهيم القديمة خاصة في موطنها الجزائر التي ضربها لفترة جهل التعصب الديني .
ليست الوحيدة التي حاولت أن تغازل الزمن فهناك كتاب جزائريون كثر خاصة من النساء، لكن من يقرأ مؤلفاتها يشعر أن الحياة تنضج مع الياسمين والورد الجوري، فهي ليست بروائية وقاصة فحسب بل تكتب الشعر أيضا، فمثلا عشقها لدمشق (التي استضافتها مرارا) يغسل زوايا قلبها بدموع الفرح والحزن كما تقول في إحدى قصائدها:
أيتها الثمينة كجوهرة ملفوفة في شرائط حرير
أيتها الياسمينة الندية
لم خبأت لي كل هذا الحزن؟
لم أبعدت عينيه وأبقيت لي وجع الليالي ؟
أعيديه يا دمشق
فما زلت اشتاق إليه كل يوم
خذيني إليك ....

إنها عاشقة للحياة، للمحبة، للإنسان، تفكر بلغتها الأم وهي تتنزه على ضفاف المشهد الواقعي الذي تطغى عليه الأحداث المؤلمة، ولا تكتفي بدعوة حماسية لتعويم خشبة الخلاص بل تعبر إشعاعات النجوم لتنفرد في فتح صفحة أدبية جميلة، تزيل ما تحت الألسنة من انهيار للمعنى وخروج من متاهات الانزلاق، لتكشف صراعها مع التجربة وتطلق سراح الطاقات الكامنة التي تخفيها في كلماتها العذبة لتتنقل إلى عمق المسافة بين الحب والحبيب.
إنها تدعو إلى إلغاء لغة الصمت وتثور على الموروث التقليدي للمجتمع وتحاول الخروج من مختبرات الألم وهي ترسم الحرف على جدار العقل لتبني جيلا يبدد المخاوف من المستقبل.
نظرتها التفاؤلية تحيي ربيع التعبير وتعري زهور المحبة وتنثر عطر الإنسانية وهي تحلق في سماء الذاكرة حيث تنادي الفجر ليغسل غبار الزمن برسائلها العذبة التي تضيء سلسلة أعمالها كما ذكرت في إحدى قصائدها الجميلة:
يا فجرا يغسلني بالمطر
يا أرجوحة من ياسمين
ما زال حضورك يربكني كأجمل لحظة حب
وما زال حنيني إليك يشعلني امرأة من ضياء
ويداه ترسمان لي رسائل بألوان قوس قزح
ما زالت شفاهي تردد اسمك كترنيمة ريح أخشى أن يسرقها المدى مني
وما زلت اشتاق إليه كل يوم

كلما عشقتك أكثر
كلما اتسع الحزن في القلب
وكلما غصت فيك دمرتني أحلامي
جئتك عاشقة ويداه تطوقاني بشرائط الورد الجوري
جئتك شاعرة وحكايا الفرح تشدني
واشتعل القلب فيك دمعا
وما زلت اشتاق إليه كل يوم

إنها تبني مجتمعا من خلال قناعتها الممزوجة بحياتها الشخصية، تحمل نصوصها ملامح وجهها الجزائري (الأمازيغي) وتستمد شخصيات نصوصها كما تقول هي نفسها (من الحياة).
تقول في كتاباتها:

أصرخ في وجه مدينتي أن أعيديهِ...
لماذا تقتلين الذين جاؤوك حبا وفرحا؟لماذا تنحرين ابتسامات الذين كتبوك لحنا على قلوبهم فماتوا بكِ غناءً...؟
وتصمت كل المدن...
ما حدود الحب؟
وما حدود الموت؟
ولدمشق وجه امرأة عاشقة

وفي إحدى قصصها الجميلة تقول:
كنت جرحي وخيبتي الكبرى ولم لا أنسى أن الرجل لم يتعلم بعد كيف يحب في هدا الوطن؟.
( أريد أن أحبك هكذا...بكل جنوني ورغبتي في أن أتوحد بك...كن عاشقي دوما...).
تبعثرني الطرقات وتتقاذفني المنافي إلى المنافي...أفتش عن وطن..عن رجل يأخذ شكل وطن...أفتش عن شيء في داخلي لم يتجمد بعد، لكني لا أجد شيئا...وحده الحزن المدمر يملأ القلب ويمتد إلى هذا البحر الذي غدرتْ به مثلي كل الأشياء فلزم الصمت وبكى دون دموع.

عدت بعد أن سلبتني مدن الريح كل أحلامي...وسلبتني حتى وجهي...ووحده وجهكَ ظل ملتصقا بداخلي يحثني على أن أعاود الحلم مرة أخرى...ماذا تراه فعل بعد غيابي؟ أمازال ينتظر عودتي؟ تساءلت وأنا أدخل مدينتي الأولى...مدينتنا...

وتحاول أن تسترد ما يحاول المجتمع هدمه وإزالته من وجه المستقبل وان تعيد للإنسان تألقه في المحبة من خلال عشقها الأبدي لفرح القلوب وحزنها عندما تعبر عن حبها للحبيب، حيث تقول:

وها أنا مرة أخرى...أواجه هذا الضجيج...وأتمدد داخل هذا السجن الذي يرعبني بصمته وهذا القلب الخاوي إلا من دقات الحزن النازف...
وفي روايتها التي صدرت مؤخرا تظهر أن ليس للحب مسافات وأنها قادرة على اختراق أبعاده من وهران إلى غرناطة ومن القاهرة إلى دمشق حيث لا يغيب المطر عن وجهها ولا البحر عن جسدها وهي تسبح في فضاء الكلمة وتغوص في أعماق بحر الإنسانية وهذا ما جسدته روايتها الأخيرة (حب كالمطر) التي تقول فيها:

وها أنا من جديد فارغة إلا منكَ!
نفسها المدن التي دفأتني قتلتني بعد حين..!
كل المدن ماكرة!
وكل الرجال عاشقون حد الكذب!
علمتني ذلك -غرناطة- يوم فتحت لي كل بوابات عشقها، وقبلها كانت - وهران- تغسل وجهي بماء الحب!!
وبين مدينتين عشقتهما كان عشقي المجنون لك..!
يأتي وجهك،
وتأتي -غرناطة- كلما رحت أفض ذاك الظرف الملون...
أجمل ما في الحب تلك الرسائل!
وأجمل ما فيك يا - خوسيه- أحرفك الزرقاء ورائحة العطرRose Bara المتسربة منها!!

سيرتها الذاتية:
كريمة الابراهيمي من مواليد الجزائر
حصلت عام 2002 على شهادة الماجستير في الآداب
تعمل أستاذة في جامعة جزائرية
تكتب الرواية والقصة القصيرة والشعر
لديها مجموعة قصصية تحت عنوان: (مدن الموت)
وصدرت لها الروايات:( أوجاع المدينة) و(مطر) و (رائحة "لأشيائه") و (صمت الأشياء)
وصدرت لها مؤخرا رواية بعنوان (حب كالمطر)
فازت في العام 2002 بجائزة الامتياز في فرنسا عن القصة القصيرة
فازت في العام 1995 بالجائزة الأولى عن الأدب النسوي في الجزائر
لديها جوائز محلية عديدة
تنشر في بعض الدوريات العربية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل