الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كي لاننسى /2

حامد كعيد الجبوري

2010 / 5 / 3
مواضيع وابحاث سياسية



أثناء خدمتنا العسكرية فترة الحروب القذرة التي أشعلها النظام المجتث ، نلحظ أن الوحدات العسكرية عبارة عن عراق مصغر ، صديق لك من الموصل وأخ من الأنبار وشقيق من ميسان ، ولم نحظى بالتعرف لإخوتنا الكرد بذريعة إعفائهم من الخدمة في الجيش لأنهم بحرب أيضا مع الإيرانيين بقواطعهم الكردية،نجتمع على مائدة واحدة – القصعه – ، مسلم ومسيحي ويزيدي وصابئي ، كردي وعربي وتركماني ، خُلقت علاقات أخوية حميمية كثيرة في ما بيننا ،وللطرفة أرويها ، كان أحد أصدقائي مسيحياً من شمال الموصل ، قال لي يوماً مازحاً أن حربكم هذه لا ناقة لي فيها ولا جمل ، ولا يهمني فزتم أم فاز الأخر ، هرب من الخدمة العسكرية وعلمت لا حقا بمغادرته العراق هرباً واللجوء لأحد الدول الأوربية فهنيئا له ، كان الواحد منا إن تمتع بإجازة يوّدع أحبته لأنه ومن المؤكد سوف لن يجد على الأقل واحدا منهم ، كنا نُحرم من إجازاتنا أيام الهجمات التي تشن من قبل المتصارعان ، وأحايين أخرى نقطع إجازاتنا لنلتحق لجبهات الموت بفضل الفرق الحزبية التي تتطوع لطرق أبوابنا لتخبرنا بضرورة الالتحاق لوحداتنا لكي لا نعد من المتخاذلين فنعدم ، تصوروا تلتحق لوحدتك العسكرية تقتل بأرض المعركة دفاعا عن الشرف الصدامي الذي لم يحفظ لنفسه شرفه العسكري المهان ، وسلم نفسه كأي متدروش – حاشى للدراويش – جرذي للمحتل ، ولم يقف إزائهم كوقفة ولداه على أقل تقدير ، لأنه أجبن من أن يكون رجلا،وأن لم تلتحق أعدمت من قبل الرفاق الأشاوس في متنزه عام وبحضور عائلتك وتدفع هذه العائلة أثمان أطلاقات إعدام أبنائها الخونة ، وأن التحقت بوحدتك العسكرية ولم تصمد قطعتك العسكرية إزاء الهجوم المليوني الإيراني ، وانسحبت مرغمة من ارض المعركة أعدمت من قبل مفارز المتسللين – الانضباط العسكري – وتُحرم عائلتك من حق التقاعد لأنك جبان رعديد مهزوم .
عاد من إجازته زميل لنا من أهالي الناصرية / سوق الشيوخ ، تحلقنا حوله وفتحنا (جنطته) ولم نجده قد جلب لنا شيئا من أهله لنا ( كليجه ، خبز لحم ، جدرية دولمه) ، لحظنا إطلاق لحيته ومعلوم ان من يأتي من إجازته وبخاصة إن كان متزوجا نراه بكامل هندامه الجميل ، سألناه ما الخبر ؟ ، كفكف دمعة سبقت كلامه وقال ، نحن من قرى سوق الشيوخ ، وسوق الشيوخ عشائر عربية تتجاور في ما بينها ، لكل عشيرة ( سلف) تسكنه ، وتعلمون أن هذه القرى يفصل بعضها عن البعض المساحات المائية الكبيرة (الأهوار) ، ولقريتنا طريق بري واحد نسلكه و(الهور) يحيط القرية من أركانها الأخر ، أحد أقاربنا نجتمع عنده عصر كل يوم من أيام إجازتنا ، وتمتد جلستنا لما بعد الغروب بقليل ، وداره – صريفته – مدخل قريتنا ، ونحن جالسون معه رأينا غُبارا يتطاير خلف سيارةٍ مسرعة قادمة نحونا ، قال أحدهم فرحا من أتى بإجازته من أولادنا اليوم ، اقتربت السيارة للناظر ولحظنا نعشا ملفوفا بالعلم العراقي عليها ، تركنا أحذيتنا وهرعنا صوب السيارة القادمة نحونا ، رأين النسوة هروعنا نحو السيارة فأطلقن أصوات النعي (يبوووو) وهن يركضن خلفنا للوصول الى السيارة ، وكل يحدث نفسه قبل الوصول للسيارة ومعرفة من المقتول هذه المرة ، ففلان منا له ولده وأخوه وأبن عمه وأبن خاله وأبن خالته في الجبهة ، النسوة أولادهن وآبائهن وإخوانهن وأزواجهن وأبناء عمومتهن في جبهات القتال ، وصلنا للسيارة وحمدنا الله بدواخلنا أن المتوفى ليس أخي بل هو أبن عمي ، والنساء منهن من تقول بداخلها الحمد لله أنه ليس زوجي ولكنه أخ لزوجها .
سألني أبي رحمه الله وأنا على أعتاب الأربعين وقد أشتعل الرأس شيبا قائلاً ، كم عمرك الآن يا (حامد) ؟ ، أجبته مبتسما أنت أعرف بعمري يا حاج ، قال كنت بعمرك ألعب مع أخوتي وأبناء عمي لعبة ( الجعاب) – عظمة تستخرج من أرجل قوائم الخرفان يلعب بها الصبية - في بستاننا ، قالها والدي مستهزئا ، أجبته هل رأيتم ما رأيناه ؟ ،وهل حملتم ما حملناه يا أبي ؟ ، ، للإضاءة .............. فقط .

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حامد للتاريخ
ذياب مهدي آل غلآم ( 2010 / 5 / 4 - 16:57 )
مهما كانت الأسباب!!! لكننا كنا ندافع عن شرف الخدمة العسكرية شرف العراق ! من قاذورات الفرس المجوس؟ ومهما كان المعتدي ، هو أبن زانية الليل صدام، لكن هم الذين يدعون انهم وكلاء الله في الارض!! والعفو عند المقدرة !! وهم يعرفون قول انبي (ص )ان تهديم الكعبة حجر حجر أوهن عند الله من سفك نقطة دم أنسان! هم يعرفون ان أبن صبحة يزيد العصر!؟ طيب فلماذا لايكونوا كما الأمام الحسن !؟ لحقن الدماء وهم الأعلوون؟ مهما كانت الحرب وضحايانا! فلقد جعلناهم يتجرعون رغم انوفهم ويشربون من كأس سم زعاف !! وان الجيش العراقي هو الانتصار وليس الطاغية المباد...أمجاد ياعراقيون أمجاد....ولعلمك اخي حامد أن الأبو واحد في تلك الحرب القذرة.. الأبو واحد لصدام وللخميني...؟ وأنت بكل تأكيد تعرف من هو الأبو....!!؟ شكرا وحتى لاننسى تلك الأيام...محبتي وتقديي

اخر الافلام

.. تحدي الثقة بين شيرين بيوتي و جلال عمارة ???? | Trust Me


.. حملة بايدن تعلن جمع 264 مليون دولار من المانحين في الربع الث




.. إسرائيل ترسل مدير الموساد فقط للدوحة بعد أن كانت أعلنت عزمها


.. بريطانيا.. كير ستارمر: التغيير يتطلب وقتا لكن عملية التغيير




.. تفاؤل حذر بشأن إحراز تقدم في المفاوضات بين إسرائيل وحماس للت