الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العودة للمفاوضات كالنفخ في قربه مثقوبة

تميم منصور

2010 / 5 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


حركات التحرر التي عرفها التاريخ كثيرة ومتنوعة . في نفس الوقت فهي متشابهه في عزيمتها وفي اهدافها ومسيرتها الكفاحية وتصميمها على الوصول الى غاياتها بالحرية والاستقلال .
القاسم المشترك ايضا لهذه الحركات انها انتزعت حرية شعوبها من مغتصبيها بالحديد والنار ، هذا ما فعله الجزائريون ضد فرنسا ، والفيتناميون ضد الولايات المتحدة ، وهذا ما تفعله اليوم المقاومة في العراق والمقاومة في لبنان وفي غزة ، والامثلة كثيرة .
هناك حركه كانت محسوبه في الماضي القريب على حركات المقاومة ،لكنها هربت من هذا الاسلوب واختارت الطرق اللينه قبل ان تحقق اهداف الشعب الفلسطيني ، انها احدى اجنحة حركة فتح التى تمثلها اليوم حكومة .رام الله .
الاسلوب الذي اختارته هذه المجموعة هو اسلوب التفاوض مع المحتل الاسرائيلي بكل ثمن ، وبايادي فارغة مجردة من كل آيات الضغط السياسي او الاقتصادي او العسكري ، التعامل بهذا الاسلوب ابعد الروح الثورية والوطنية عنها ، وحولها الى رديف للاحتلال ، تدعمه وتستجيب لغالبية مطالبه ، عندما طالبها الاحتلال بقمع المظاهرات الاخيرة في القدس والخليل وغيرها من قرى ومدن في الضفة الغربية ، لم تتاخر من الاستجابة للطلب الاسرائيلي ، فقامت اجهزتها الامنية المتخرجة من مدرسة دايتون ابو مازن بقمع هذه المظاهرات بالتعاون مع قوات الاحتلال الاسرائيلي ، بهذا التواطؤ اجهظت قيام انتفاضه ثالثة وهي لا تزال في المهد .
حتى الآن مرت المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية بمرحلتين هامتين ،المرحلة الاولى مفاوضات اوسلو ، والمرحلة الثانية ما جرى من مفاوضات تحت غطاء السلطة الفلسطينية .
في اوسلو كان باستطاعة الجانب الفلسطيني الحصول على انجازات اكثر مما حصل عليه ، لو انه لم يوافق على ترك القضايا الجوهرية والمصيرية واكتفى بالامور الجانبية .
مع ذلك فاوض الفلسطينيون في اوسلو بقوة حرارة الانتفاضة الاولى 1987 – 1993 ، أي ان الانتفاضة كانت بمثابة الصخرة التي اتكأ عليها الفلسطينيون في ذلك الوقت ، استمدوا قواهم من زخمها ، ومن بقايا الكفاح المسلح ، الذي كان لا يزال خياره قائما من اجل التحرير .
في اوسلو كان لا يزال بايدي الفلسطينيون بدائل قادرون على التلويح بها في وجه المفاوض الاسرائيلي .
اما اليوم فان المفاوض الفلسطيني يعود الى المفاوضات حسب السيناريو الذي يريده مبارك ونتنياهو واباما ، واللقاء الاخير بين مبارك ونتنياهو عشية عودة سلطة ابو مازن الى طاولة المفاوضات ، تذكرنا بلقاء مبارك نفسه مع ليفني قبل بداية العدوان الاخير على غزة بيوم واحد .
يأتي المفاوض الفلسطيني من جديد الى طاولة المفاوضات عارياً مفلساً ، لا يعرف سوى لغة الاستجداء والتسول ، يعود وهو ليس سيداً لنفسه ، ينظر الى الخصم الاسرائيلي المحتل بعيون امريكية و السنة ناطقة بارادة ومواقف انظمة عربيه تقدم كل يوم قرابين الولاء للولايات المتحدة واسرائيل ، قادة حولهم الامريكان والاسرائيليون الى نعال يمشون بها فوق دروب التاريخ ، انظمة عربية تساق كل يوم الى المراعي الامريكية حيث لا ترعى سوى اعشاب الذل والطاعة والمهانة .
لا يوجد حركة وطنية في العالم تفاوض بالطريقة والاسلوب والظروف والاتكالية التي تمر بها حكومة رام الله ، ما هي وسائل الضغط والقوة التي يحملها الوفد الفلسطيتي المفاوض امام حكومة فاشية توسعية برئاسة نتنياهو ليبرمان براك ، الجانب الفلسطيني المفاوض لا يملك الا ملابسه التي يرتديها ، الارض التي يفاوض فوقها غير محررة ، شيء واحد بأمكان الوفد الفلسطيني المفاوض التحكم به بحرية اثناء مقابلته للجانب الاسرائيلي ، الدموع والنفاق والاتفاق على مطاردة وملاحقة رجال المقاومة من حركة حماس والجهاد وكل الفصائل التي تدعمهم .
لماذا تتراجع اسرائيل عن مواقفها وتعنتها في استمرار السيطرة على ما تريد داخل الضفة الغربية المحتلة من اراضي ومياه وطرق وحدود ومعابر وقتل واعتقالات وغيرها ، الانظمة العربية توفر لها الغطاء الكامل ، ابواب التطبيع والتجارة والسياحة والمرور والتعاون الامني ( بألف خير) بينها وبين ما يزيد عن خمس عشرة دولة عربية ، اذاً لماذا تتراجع لا شيء يزعج او يقلق الاسرائيلين ، الامان والوئام ينتشر في ربوعها ، مصر مبارك تشاركها وتشد على ايديها في تجويع حوالي مليون ونصف فلسطيني في قطاع غزة بهدف تركيع عناصر المقاومة ماذا تريد حكومة نتنياهو اكثر من ذلك .؟
الامريكان غير مستعدين للضغط على حكومة نتنياهو الفاشية ، لا يوجد احدا يطالبهم بذلك وجميع مصالحهم في الشرق الاوسط تحت سيطرتهم الكاملة ، اموال العرب مكدسة في مصارفهم ، النفط يتدفق الى مصانعهم ومصانع اسرائيل دون توقف ، غالبية دول جامعه الدول العربية دعمت ولا تزال تدعم احتلالهم للعراق ، قواعدهم الجوية والبحرية والبرية منتشرة في العالم العربي ، خاصة في دول الخليج ،سفاراتهم داخل العواصم العربية ما هي الا حكومات امريكية داخل الدول العربية ( تشور وتقول ) ما تريد ؟ لا احد يناقشها ولا يعارضها .
اذا انتظر اعضاء ما يسمى لجنة المتابعة التابعة للجامعة العربية ومن ورائهم حكومة رام الله بمكرمة اسرائيلية او امريكية ، فأن اسرائيل تؤمن بأن الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت ولا غير ذلك ، لينتظروا الى ما شاء الله ولن تكون المفاوضات الجديدة سواء كانت مباشرة او غير مباشرة سوى النفخ من جديد في قربة مخزوقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس أمم أوروبا: إسبانيا تكتسح جورجيا وإنكلترا تفوز بصعوبة عل


.. الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية: نتائج ودعوات




.. أولمرت: إذا اندلعت حرب شاملة مع حزب الله قد يختفي لبنان.. وا


.. إسرائيل تتحدث عن جاهزية خطط اليوم التالي للحرب وتختبر نموذجا




.. ميليشيا عراقية تهدد باستهداف أنبوب النفط المتجه إلى الأردن|