الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حامد خضر .. صورة للروح الحية

صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)

2010 / 5 / 5
الادب والفن



في البدء كان رحيلك ألمًا دائمًا.. بعد كل تلك الأعوام، هي المرة الأولى التي يطلب مني الكتابة عنك.. كم أخافني هذا الطلب.. وللمرة الأولى اشعر بأنك رحلت.. كنت في داخلي روحًا حية تدير دفة الحياة التي أعيشها.. في كل عمل أتوجه اليه، كنت انظر في عينك عبر صورتك المعلقة في غرفتي، وكانت توحي لي بأن افعل او لا افعل، دائما كنت تفكر معي، قريبا من روحي.. استعيد كل مواقفك وأتعلم كيف أواجه الأمور..في اليوم الأول للدراسة في معهد الفنون الجميلة – بغداد منذ سنوات عدة.. كانت نظرتك الأولى موجهة الى طلبة صغار كنت تختار منهم نخبتك كم تعودت ان تفعل كل عام.. وفي لقائنا الأول معك ضربت لنا مثالك الغول وكان "اسمعوا ايها الأصدقاء نحن كمن يركب قطاراً في رحلة من البصرة الى الموصل وهناك من سيترجل نازلا في الناصرية او العمارة او الحلة ومن يطول بقاؤه اكثر فسيترجل في بغداد وربما هناك من يعجبه البقاء برفقتنا ويبقى الى نهاية الرحلة معنا" بهذه الكلمات علمتنا كيف نستمر في معرفتك..
في اليوم الأول كنت اجهل تماما ما سوف يحدث وكان الخجل هو البطل الحاضر بدلا عني.. جاءت نظراتك تطمئنني لكنها زرعت خوفا اكبر؟.. كيف يمكن لي انا الجاهل بالمسرح ان انظر في عينيك.. وجاء درسك الاول ليزيل مخاوفي ..وليصبح معهد الفنون وغرفتك هي
فرحتي وبهجتي على مدى السنوات اللاحقة.. في كل يوم كنا نلتقي معك، تعلمنا ما نجهل من الحياة عبر المسرح.. كانت طريقة
مثلى للمعرفة.. علمتنا كيف نحب ونحن لم نزل فتية نتلمس طريق الحب.. وبالمقابل علمتنا ان نحترم من نحب.. كنا بحق طلبتك النخبة كما اطلق علينا في المعهد.. او "اولاد حامد" كما تعود الاخرون على تسميتنا.. الفخر كان رفيقنا لأننا أولادك.. ذات يوم شعرنا بغيابك الحقيقي بسبب حالة صحية عارضة منعتك من الحضور الى المعهد.. أصابنا الارتباك وافتعلنا مشاجرة صبيانية مع بعض الطلبة وفي اليوم التالي جئت الينا مسرعا تتفقد أولادك وحالما أيقنت ان احدا منا لم يصب بأذى بدأت بتأنيبنا وقسوت علينا لأنك كنت بحق تريد لأولادك ان يكونوا كبارا بحضورك وكبارا بغيابك.. وكان هذا درسا آخر من دروسك. كنا نسأل دائما متى سوف نتعلم المسرح وكنت تعرف ان المسرح هو حياتنا التي علمتنا اياها.. وكان درسك الجديد الينا هو كيف نشاهد المسرح.. علمتنا كيف نشاهد صلاح القصب وهمست في اذني ونحن نشاهد مسرحية "الشقيقات الثلاث" قائلا ً: صميم هذه مسرحية من تأليف الكاتب الروسي تشيخوف ومن إخراج د. صلاح القصب..
وهذا يسمى بمسرح الصورة.. فقلت مرتبكا: أستاذ انا لم افهم أي شي... فضحك معلمي وهمس.. صديقي سوف تتعلم.. المهم لا تنسى انك شاهدت مسرحية للقصب.. ومرة أخرى تركتني في حيرة من أمري عندما كنا نشاهد عملا للراحل قاسم محمد وكان في قاعة الشعب .. فعلمتني كيف استقبل تجربة هذا المخرج التي تختلف كليا عن تجربة القصب.. كنت تؤكد دائما التقاء المسرح بالحياة وعدم الابتعاد عنها..
ذكرياتي معك كلها تقول انك مجبول بمسرح يحب الحياة وحياة تعشق المسرح.. في ذلك اليوم التقينا في معهد الفنون قبل سفرك الى الحلة طلبت مني ان أرافقك لنبحث معا عن نص مسرحي كنت تريدني ان امثل معك فيه.. كان الفرح يغمرني بهذه الفرصة.. قبل ان نصل الى "كراج العلاوي" غيرت رأيي في الذهاب وقلت اني سأنتظرك غدا في المعهد ..ابتسمت وقلت لي حسنا انتظرني.. جاء اليوم التالي وانا انتظرك وكلي شوق بأن تكون قد وجدت النص لنعمل معا ولكنك لم تأت كانت المنية اقرب اليك مني.. كان يوم ٥ /٨/ ١٩٩٧ نهاية للسعادة التي عشناها تحت رعايتك.. لقد ترجلت ايها الروح الحية من قطارنا ونحن مازلنا في أول الطريق كنت مجبرا على النزول في الحلة.. لكننا يا معلمي مستمرون في قطارك حتى النهاية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟