الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية نهج للخير وليست منفذا للطامعين!

جاسم الحلفي

2010 / 5 / 6
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


لا تسير أية خطوة كانت بالاتجاه الصحيح في عراق اليوم، دون ان تشوبها عرقلة او تلكؤ، حتى وان كان الطريق قويما. فبعد مماطلة واجتهادات بشأن تفسير قرار إعادة العد والفرز الصادر من الهيئة القضائية التمييزية، استغرقت أسبوعين، باشرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بتنفيذ القرار المذكور. لكن هذا القرار، كالعادة، لم ينفذ بشكله الصحيح، فقد تمت إعادة فرز وعد أوراق الاقتراع من دون عملية المطابقة والتسوية الواجبة في تدقيق عدد المصوتين وحسب تواقيعهم في سجل الناخبين، ما يجعل العملية ناقصة، وغير مستوفية للشروط المطلوبة، وبهذا فهي لم تستجب للمعايير المهنية.

ويصاب المرء بالحيرة عندما تتجاهل المفوضية المعايير المهنية وفي إصرار لا تفسير مقنع له، سيما وان المطلوب منها تبديد الشكوك التي أثيرت حول إدارة العملية الانتخابية والطعن فيها. فمعاينة سجل الناخبين ومطابقة أعداد المصوتين من خلال حساب تواقيعهم، ليس مطلباً تعجيزياً، ولا هي بالعملية المعقدة، فأجراؤها لا يأخذ إلا بضعة دقائق، ليس أكثر، في وقت يسهم في خلق أجواء الثقة التي اهتزت، بسبب ما شاب الانتخابات من تزوير متعدد ومتنوع، وعلى أكثر من صعيد، تحدثت عنه اغلب القوائم، بحيث لا يمكن غض النظر عنه. فهناك شكاوى عن تصويت دون مصوتين، فقد أُشرت أوراق اقتراع لحساب بعض القوائم ورميت بالصناديق دون ان يكون هناك ناخبين أصلا. وهذا ما يمكن كشفه بسهولة حين يتم مطابقة عدد المصوتين الموقعين في سجل الناخبين على أساس المحطة مع عدد الأوراق في المحطة ذاتها.

لهذا تعد عملية مطابقة أوراق الاقتراع مع سجل الناخبين أساسية في تنفيذ إعادة العد والفرز. ويعبر الإصرار على تنفيذها عن حرص أكيد على ترسخ المعايير الصحيحة في العملية الانتخابية باعتبارها آلية من آليات الديمقراطية، ونتبناها كإدارة اقتصادية اجتماعية سياسية، ورؤية حضارية، كما هي نظام حكم وطريقة في الحياة، لا تنحصر أهميتها في تداول السلطة، وليس لمركزة السلطة، كما يسعى له البعض، كغطاء لتنفيذ مشاريعهم الخاصة التي تستهدف المال وكسب النفوذ، وإدارة الظهر لأبناء الشعب الذي صوت، مرة أخرى، لمصدر معاناته، وسبب سخطه، وبؤرة تذمره.
إن الديمقراطية التي نؤمن بها لا تقسم العراقيين على أساس طائفي او اثني، ولا تميز بين أصواتهم وفق معايير متباينة، وهي لا تنحصر في نطاق حقوق المواطن في الترشيح والتصويت، والانتساب للأحزاب، والنقابات، والتنقل والسفر. كل هذا مهم لكنه لا يغني عن جوع ولا يكافح البطالة ولا يعالج المريض الذي لا يملك أجور طبيب مختص ولا يقدر على دفع ثمن الدواء.

الديمقراطية ليست إجراء انتخابات فقط، وتشوبها، فوق ذلك، انتهاكات ونواقص، بل هي ضمان الحقوق السياسية دون تزييف، وهي، ايضاً، توفر ضمانات لحقوق المواطن في السكن والتعليم المجاني والطبابة المجانية والتقاعد والضمان الاجتماعي. انها، أولاً وأخيرا،ً ممر للخير على العراقيين، لا منفذا للطامعين في خيرات العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تتقرب سوريا من الغرب على حساب علاقتها التاريخية مع طهران؟


.. حماس: جهود التوصل لوقف إطلاق النار عادت إلى المربع الأول




.. هل تنجح إدارة بايدن في كبح جماح حكومة نتنياهو؟


.. الجيش يوسع عملياته العسكرية على مناطق متفرقة بشمال قطاع غزة




.. مقتل العشرات في فيضانات جرفت قرى بولاية بغلان بأفغانستان