الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قلق الجغرافية....جغرافية القلق

محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب

(Mohammad Taha Hussein)

2010 / 5 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


اكثر الحالات المؤلمة لاغلبية الاكراد هى قلق الانفصال عن المكان، التعلق القوى بالمكان هو من السمات البارزة للشخصية الكردية ،التعلق ليس بالمعنى المرضى للمفهوم وانما بمعنى ان الكردي قد اشبعه محيطه البيئي، وجغرافيته الطبيعيه من كل شيئ ولم يبق له ميل او نزعة للتمادي على الحقوق الطبيعية للاخر العرقي لغرض تسديد حاجاته المتنوعة وابراز الانعكاسات العدوانية . الطبيعة الجغرافية لكردستان حققت للكوردي كل شروط الحياة والاستمرارية ولهذا انبتت لديه روحية التمسك والتعلق بهذه الطبيعة الغنية بكل معطيات العيش. كثرة النزاعات والصراعات بين القوى والمراكز السلطوية للامبراطوريات الشرقية تتحول بصورة متتالية الى غزوات واحتلال لمناطق النفوذ لبعضهم البعض ,لسوء الحظ ان كردستان بفعل موقعها الاستراتيجي الاهم تحولت دائما الى مناطق الاخذ والرد وجغرافية المساومة بين القوى المتصارعة وكانت ميدانا للشراسة العدوانية لهذه الامبراطوريات . ان اشكالية( ترك القرى والمدن والصعود والاختفاء في الجبال والترحيل والتنكيل ومحاولات الاقصاء وتغييرالهوية) جعل من الكردي ان يتخذ استراتيجية البقاء هدفا اسمى له. وهذه الحالة تولدت لديه قلقا مزمنا مع المكان، ويشعر دائما بانه انسان موسمي مثله مثل النباتات الموسمية تظهر فترة وتذبل عندما تنتهي الدورة الحياتية لها .عندما تصبح الجغرافيا مصدرا وموضوعا للقلق بمعنى ان الفرد توجه كل انتباهه الى المكان الذى يعيش فيه ويخاف دائما بان ينفصل عنه ويهجره .ان استمرارية الحياة مع القلق ومركزية الخوف المزمن هذا حوَل الخوف الى فوبيا المكان(خواف الجغرافيا).
ـ كيف ستمضي الحرب بين الامبراطوريات وعلى اية صيغة يتفقون ؟

ـ اذا انتهت الحرب العراقيةـالايرانية اين نصبح نحن والى يقذف بنا القدر؟
ـ اذا طرد الامريكان العراق من الكويت واكتفوا بهذا الاجراءماذا سيكون مصيرنا؟
ـ اذا انتهت المدة الزمنية المسموحة لعملية( توفير الراحة) هل تجددها البرلمان التركي وتسمح للامريكان محافظة شمال خط العرض 36؟
ـ اذا هاجم الجيش التركي او العراقي كردستان العراق ماذا نفعل واين نهرب ؟
ـ اذا استعمل صدام حسين السلاح الكيمياوي نتيجة مضايقة الامريكان له محاولة للقضاء عليه كيف نسلك ونتصرف؟
ـ اذا انسحب الامريكان من العراق كيف نواجه نحن الاكراد مصيرنا وباي شكل او اسلوب نتعامل مع مراكز القوى الطائفية والاتنيكية المختلفة في المنطقة؟
ـ هذه الهواجس والافكار تزيد باستمرار قوة القلق لدينا وتغذيها ,ولهذا اصبنا بداء القلق المكاني. وتحولت المنطقة نتيجة السمة العريضة المستمرة في شخصية اكثرية افراد المجتمع الى جغرافية مليئة بالقلقين الازليين . ان الجغرافية الاثنيكية للامة الكردية هي من اهم المناطق الاستراتيجية في الشرق الاوسط من حيث غناها الطبيعي وطوبوغرافيتها الخلابة ودورها كحلقة وصل بين مراكز القوى الامبراطورية والسلطوية قديما وحديثا . ولهذا لم يستقر الكرد اجتماعيا وسياسيا وثقافيافي مناطقهم الى الان.مرة بسبب محاولات السيطرة لهذه المراكز على اكبر مساحة ممكنة من الاراضي ، ومرة بسبب اعادة التوازن لتلك المراكز والجلوس على طاولة المساومات على الهبة الالهية وتقسيمها بينهم.
قلق الكوردي هو من المجهول ,خوف من شيئ او اشياء مبهمة,لا يسير النهج السياسي للعلاقات الدولية بشكل واضح نتيجة عدم وضع قضية الاكراد داخل دائرة الاستراتيجيات وابقائها فقط في الحيز التكتيكية والدبلوماسية. الدبلوماسية الدولية والقوى الكبرى لا تعير اهتماما بالبعد والعامل الديمغرافي والاثنيكي للامم والشعوب في المنطقة بقدر ما تهتم بالاشكال الكلاسيكية للتقسيم والمراكز التقليدية للقوى ، وابعاد التجارة والاقتصاد والحرب والافاق البعيدة للسيطرة الطويلة المدى ، ولا تهتم لحد الان بالتعامل مع الحقائق الاثنيكية والدينية والجغرافية والثقافية للمنطقة.
القوي دائما يضع الاضعف منه مفعولا به ولا يراه حليفا بقدر ما يتعامل معه كمادة جامدة .هذه النظرة الداريونية للعلاقات السياسية تصفع على القيم الانسانية والعقلانية وتعطي باستمرار الفرصة للقوي ان ينتج القوة ويستهلكها خارج وجوده الطبيعي.ان هذا القلق المزمن تحول بفعل كثرة التعايش معه والتكرار الدائم لدروسه وعبره الى حالة نفسية جماعية اصابت امة باسرها ولهذا نرى دائما اننا نثور جماعيا ونهدء جماعيا ونهرب جماعيا ونعود جماعيا ، نسلك جماعيا تجاه الاحداث والمؤثرات .......الخ.هذا السلوك الجمعي لا يعكس الجانب الايجابي للسلوك ,وانما يعني فقدان السيطرة الذاتية ومركز الضبط الداخلي للفرد . ان الارادة عندما تسلب من جماعة معينة تصبح عرضة لارادة المراكز الخارجية والسيطرة والضبط تكون خارجية وهذا هو من اسوء الخصال والعاداة التي تصاب بها جماعة معينة . هذا هوالمجهول الذي يواجهنا دائما، ونحن اصبحنا لسوء الحظ اكثر الجماعات انتظارا للمفاجئات نتيجة فقدان سيطرتنا وقدرتنا على صنع الحدث وتوجيهه.
عندما تضيع القدرة على صناعة الحدث ، بمعنى ان الفرد او الجماعة ليس بامكانهما اعطاء المعنى للحياة وادارة النظام الابستمولوجي الطبيعي للمعنى ، وعدم امكانية انتاج المعنى عندما يصيب به فرد او جماعة يجعله عرضة للاصابة بالفراغ الوجودي والذي دائما يحس الفرد في هذه الحالة بانه يتجه نحو المجهول والحياة ليست لها معنى وانه يدور في فلك الاخرين وانه ليس فاعل بقدر ما هو مفعولا به.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا