الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غياب الجمهور المستهدف بين الصّحافة وهمومها في السودان

هشام الطيب الفكي

2010 / 5 / 6
الصحافة والاعلام


الاحتفال باليوم العالمي لحريّة الصحافة؛ دائماً سانحة قويّة للتطرق للواقع الإعلامي بشكله العام، ولواجباته تجاه تغطية القضايا القومية بشكل خاص. وهنا يجب أن نشير إلي أننا حينما نذكر مقولة الصحف القومية فإننا نعني بها الصحف التي تصدر من مكان جغرافي ما كالخرطوم أو مدني أو كسلا، بيد أن ذات الصحيفة تعبر عن مجموع السودانيين، أي أن الصحيفة تأتي وهي حاملة لكافة قضاياهم أو مشيرة لها، أو تعبر عنهم.
وقد يتفق الكل بأن وصول الصحف القومية إلي مختلف الولايات أمر هام.. ولكن الأهم أن تصل ذات الصحف للولايات وهي تعبر عن إنسانها، وهذا يسهم بدوره في تحقيق التواصل بين المواطنين، فصلا عن التعبير عن قضاياهم وهموهم اليومية،
لكن ذلك لا ينفي أن الكثير من الصحف التي تسمي قومية، قد تصل إلى مختلف الولايات؛ ولكنها في ذات الوقت لا تعبر إلا عن إنسان (المركز الإسلاموعروبي) أو سلطته السياسية الممثلة في المؤتمر الوطني، وهذا ما آثار امتعاض الكثيرين، فضلا عن أنه أصبح موضوع للجدل.
ووفقا لذلك أطلق العديد من الناشطين والمهتمين بالعمل الإعلامي، في الآونة الأخيرة اتهامات عديدة تجاه الصحافة السودانيّة، قائلين أنها لا تخرُج عن كونها صحافة خرطوميّه؛ فالبعض يرى أنها تفرد اهتمام أكثر مما يجب تجاه قضايا وإنسان الخرطوم.. وتتجاهل بذلك قضايا أكثر حيويّة، تدور أحداثها في الولايات والمدن البعيدة عنها، أما البعض الآخر وخاصة من قوي السودان الجديد، فيرون أن ذات القضايا ذات الصلة بالولايات والأقاليم قد غيبت بصورة متعمدة، بغية تعتيم الصراع الذي يدور في تلك الولايات، مؤكدين أنه حينما يتم تسليط الضوء علي تلك الولايات فهذا يعني أن نظام المؤتمر الوطني سيتم تعريته وينكشف سوء إدارته لتلك المناطق المهمشة، وهنالك آخرين ينظرون لغياب الولايات من الصحف القومية لأسباب آخري غير التي ذكرت مؤكدين أن الأمر ذو صله بالتمويل، مشيرين إلي أن موارد الصحف شحيحة، مما يحد ذلك من مقدرات هيئة التحرير نفسها في أختيار الكادر المؤهل وتوفير معينات العمل له بعد إرساله كمراسل لتلك الولايات مشيرين في ذلك إلي ضعف الرواتب التي يتقاضاها محرري الصحف وأبانوا أن الخرطوم نفسها لم تجد نصيبها الكامل من التغطية الصحفية، بعض إدارات الصحف أكدت علي أن قلة التمويل هو جزء من السبب في عدم تمثيل الولايات ولكنهم أكدوا أن ذلك لا ينفي مقدرة الصحيفة والعاملين فيها علي التواصل مع الولايات عبر أي وسيلة تتيح الحصول علي المعلومة مبينين صعوبة هذا الأمر ومؤكدين إمكانيته في حالته رغبة الصحيفة في التواصل والتعبير عن قضايا السودانيين أينما وجدوا.
وفي الجانب الآخر لجأت بعض الولايات لاصدار صحفها المحلية التي تعبر عن قضايا وإنسان منطقتها، حيث شرع عدد من الناشطين في تأسيس صحافة إقليمية، تناقش وتهتم وتعبّر عن قضاياهم، التي يرون أنها قد أهملت بصورة واضحة من جانب الصحافة التي يفترض أن تكون قومية، إذ أن فكرة الصحافة الإقليمية تكمن في أنها قادرة على رفع صوت مطالبهم واحتجاجاتهم بالقدر المسموع، وتثقيفهم وإتاحة الفرص لربطهم اجتماعياً وغيرها من الفوائد التي تقدمها صحيفتهم الإقليمية التي تعتبر في كثير من الأحيان لسان حال مواطن الولاية.
وينطبق ذلك علي بعض من الصحف الإقليمية مثل صحيفة بورتسودان مدينتي، والتي تأسست في العام 2005م، وهي صحيفة مستقلة تصدر بصورة أسبوعية، اعتبرها كثير من المراقبين والإعلاميين أنها نموذج ناجح للصحافة الإقليمية، ويقول الأستاذ عبد الهادي الحاج الصحفي بصحيفة بورتسودان مدينتي: (صدرت بورتسودان مدينتي، للمرة الأولى عن منظمة بورتسودان مدينتي، لكنها توقفت عن الصدور بقرار من مفوضية العون الإنساني، لأن الخط التحريري للصحيفة كان ناقداً بصورة كبيرة، الشيء الذي جعلها عرضةً للتوقف لأكثر من مرة).
ويضيف عبد الهادي قائلا: (في السابق كان يسمح لمنظمات المجتمع المدني بأن تصدر صحيفة تختص بشأنها العام، وتتم إجراءات تسجيل وصدور الصحيفة، بواسطة مفوضية العون الإنساني في الولاية، لكن بعد توقفت الجريدة أصبحت تصدر عن شركة بورتسودان مدينتي مثلها مثل أي صحيفة قومية وذلك وفق قانون الشركات سنة 1925م ، لكنها تبقى متخصصة في الإقليم)، ويواصل عبد الهادي: (الغرض الأساسي من تأسيس صحيفة إقليمية هو الإهتمام بشأن الولاية، الذي وجد نصيبه من الإهمال في الصحافة القومية).
وهنا نشير إلي أن أهمية بورتسودان مدينتي كصحيفة الإقليمية، يمكن في صمودها في وجه السياسيات التي تمارس علي هكذا صحف محلية أن وجدت فبدلا من تصير هذه الصحف لسان حال المواطن قد تتحول بفعل السلطة إلي لسان حال مصالح السلطة وتغيب بذلك المواطن وقضاياه، وهذا ما يجعلنا نقول أن الصحافة الإقليمية لم تنجو بدورها من الإهمال، وهذا ما قد يجعل إنسان ذات الولاية يفقد تمثيله في الصحف القومية والاقليمية، وخاصة أن هذه الاخير مرهون بها أن تضم هموم وآمال وطموحات عريضة تخص الشأن الولائي والإقليمي وتحاول أن تتمدد عبره، لكن البعض رهن نجاحها أو تحقيق أهدافها باستيعاب أبناء الإقليم بها، وذلك بعد تأهيلهم في مهارات الأتصال أو الفنون الصحفية بغية توصيل المعلومة للقراء دونما تعقيد مخاطبة بذلك كل الفئات الاجتماعية والعمرية، هذا بعد أن تتوفر بيئة صالحة للعمل دونما قيود رقابية أو آمنيه فضلا عن الدعم المادي.
ورغم الضغوطات التي يتحدث عنها القائمين علي أمر الصحف المحلية والإقليمية، تبقي هموم وقضايا إنسان كل ولاية والسودان بشكل عام مرهون بمقدرة ذات الصحف في التعبير عن جمهورها المستهدف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المجلس الحربي الإسرائيلي يوافق على الاستمرار نحو عملية رفح


.. هل سيقبل نتنياهو وقف إطلاق النار




.. مكتب نتنياهو: مجلس الحرب قرر بالإجماع استمرار عملية رفح بهدف


.. حماس توافق على الاتفاق.. المقترح يتضمن وقفا لإطلاق النار خلا




.. خليل الحية: الوسطاء قالوا إن الرئيس الأمريكي يلتزم التزاما و