الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى سماحة السيد عمار الحكيم

جاسم المطير

2010 / 5 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


تحية لكم مني ومن عائلتي المغتربة في إحدى بلدان العولمة الديمقراطية ، حيث ينعم غالب من يعيش على أرضها بالراحة والأمان ، بالمساواة التامة مع حقوق الهولنديين الأصليين بحيث جعلتنا المملكة الهولندية لا نحتاج إليكم ولا إلى نموذج دولة تسعون لإقامته بتعثر ، بل لسنا بحاجة إلى العراق أيضا طالما يحكمه نرجسيون لا يردون عدوانا عن شعبهم . صرنا مثل اليهود العراقيين ، الذين هـُجـّروا في خمسين القرن الماضي إلى خارج وطنهم لكنهم حافظوا على رمزيتهم الثقافية العراقية وبمحبة لوطنهم لا تزول . نحنّ إلى تراب الوطن والى ذكرياتنا الغالية في طفولتنا وفي زنزانات سجوننا وفي أيام نضالنا في شوارع مدننا، نحنّ كثيرا إلى نسيم الفراتين وشط العرب في البصرة الغالية . بصراحة أقول نحنّ إلى قبور أهالينا إذ نجد حبنا للعراق منحوتا ً فيها .
علمتُ من نشرات أخبار التلفزيونات العربية والعالمية أنكم كنتم محقين في تفاؤلكم بتطبيع العلاقات أولا ، بين ائتلاف دولة القانون برئاسة السيد نوري المالكي والائتلاف الوطني العراقي برئاسة السيد إبراهيم الجعفري ، ومن ثم نجحتم في توحيد صفوف الائتلافين في كتلة واحدة لمنافسة كتلة ( العراقية) بقيادة أياد علاوي ، التي كانت قد فازت بأكثرية المقاعد في انتخابات 7 – 3 – 2010 مما جعل الأستاذ (علي الأديب ) القيادي في دولة القانون يطلق على ذلك الفوز لقب (المعجزة) . كما أن جميع ماكينات المساءلة والعدالة وكذلك ماكينات المفوضية العليا للانتخابات اشتغلت هي الأخرى ، ليلا ونهارا، من اجل الوصول إلى الشق المزور في جبل الانتخابات البرلمانية من وجهة نظر السيد نوري المالكي عسى أن تجد منفذا آمنا لتغيير نتائج الانتخابات لصالح دولة القانون عن طريق إعادة ( الفرز والعد ) بالطريقة اليدوية وليس بالطريق الإلكتروني .
لا أريد ، أيها السيد عمار، أن أتحدث بتشاؤم عن هذا (التحول الكبير) بتأسيس (الائتلاف الجديد) بعد سبع سنوات من اشد مراحل التاريخ العراقي بشاعة حينما عاث الإرهابيون العراقيون والعرب والعالميون متحالفين أو متآلفين مع الميليشيات الطائفية المسلحة ، الشيعية منها والسنية . كان بعضها قريبا جدا من قوى متحالفة داخل ائتلافكم نفسه ، كما تشير الكثير من الوقائع واعترافات المعتقلين في المحافظات الجنوبية والوسطى مما دفع السيد نوري المالكي ان يضع معزف الصمت جانبا في محاولة لضربة قوية سميت في حينه (صولة الفرسان) اكتشف فيها وخلالها الكثير من الدروب السياسية والطائفية الخبيثة.
لقد أعلنتم تحالفا وحـّد صفوف السياسيين الشيعة القدماء مع السياسيين الشيعة الجدد . داخل هؤلاء وأولئك نجد (بعض السنة) يعملون بتواؤم وباتفاق معكم ، ليس من اجل تحقيق رفاهية الشعب ، بل وفق الحصول على (الغنائم السياسية والاقتصادية) عبر تحالف (الأضعف مع الأقوى) وهي النظرية الطائفية اليهودية المعروفة في العالم كله.
التحالف بين القوى السياسية شيء مشروع بالمطلق لا غبار عليه، لكن بشرط أن لا يكون رد فعل طائفي ناجم عن العجز القيادي وأن لا يحمل وعيا يتمنى (نهاية الآخر) .
إن الملايين ستكون معكم حتما إذا كان تحالفكم الجديد ، أيها السادة : عمار الحكيم وباقر صولاغ وعلي الأديب واحمد الجلبي وعادل عبد المهدي ومقتدى الصدر ونوري المالكي ..الخ ، قائما على القيم الاجتماعية – الاقتصادية التي تخلص الملايين من أبناء شعبنا من البؤس والشقاء والعيش في أدنى حد من مستوياته الإنسانية حيث كثيرا ما نشاهد في جميع تلفزيونات المحافظات العراقية تآلفا منقطع النظير في تساوي الإنسان العراقي ، البائس ، الفقير مع الكلاب والقطط والفئران وهم يبحثون عن لقمة العيش في أكوام الزبالة والقمامة .
إنكم حتما شاهدتم تلك المشاهد المزرية مثلنا ، لكنكم لم تفعلوا شيئا يراعي ويأخذ بعين الاعتبار إنسانية الإنسان وحيوانية الحيوان . مما جعل الفقير العراقي متميزا في سلوكياته العاطفية عن سائر الخلق فلا يعرف احد على وجهه الفرق بين مظاهر السعادة أو الغضب أو المفاجأة أو الحزن أو القرف أو التمرد .
خلال سبع من السنين العجاف مرت على شعبنا في العراق ما وجدنا من (الطائفية السياسية) ، السنية والشيعية ، أي خطوة في اقتصاد دولة ما بعد نيسان 2003 تتكفل بالرعاية الاجتماعية للمحتاجين من أبناء شعبنا ، من الكادحين والبؤساء . لقد ذهبت أدراج الرياح جميع مطالبات المتظاهرين في الساحات والشوارع مدافعين عن حقوقهم المشروعة . لم تكن آذانكم ، في ائتلافي دولة القانون والوطني العراقي ، مصغية لاحتياجاتهم ، بل أنكم لم تردوا لهم حتى جميل أصواتهم الانتخابية التي منحوها لكم ، لتكونوا أعضاء في البرلمان ، ربما عن وعي منهم أو من دون وعي .
اشهد أنكم ، جميعا ، من دون استثناء ، أيها المتحالفون القدامى والجدد قد حررتم قوى ( الوظيفة الحكومية) من صفتها العمومية لتجعلونها وظيفة خصوصية منحتكم وعائلاتكم أرقى الامتيازات البورجوازية ، التي لا نشاهد مثيلا لها في الدول الرأسمالية المتقدمة ، التي نقيم فيها . كما أنكم والمحيطين بكم قد حققتم أيضا ، نجاحات كبرى لبعضكم أو لكثير من أفراد أحزابكم وكتلكم السياسية نظاما سوقيا ، عربي الأبعاد ، في استيراد البضائع أو المقاولات تحت واجهة تنشيط التجارة العراقية وأعمار البلاد ، موهمين الناس أو أن بعض الراكضين وراء المغانم يوهمونكم أن تحرير قوى السوق التجارية هي أرقى أنواع الحرية والديمقراطية ، محركين لدى جميع المتآلفين والمتحالفين في جبهتكم كل أنواع الشغف بجمع الأموال الطائلة لترويض الرأسمالية العالمية المتجهة نحو الاستثمار داخل العراق ، وقد قبضتم بذلك على جميع حقوق الإنسان العراقي الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق إرادتكم .
أيها السادة القادة : عمار الحكيم ونوري المالكي وإبراهيم الجعفري :
إن ملايين البشر العراقيين لم يتحقق لهم منذ سبع سنوات عجاف من حكوماتكم المتعاقبة على دست ( الحكم – الغنيمة ) لا فرصة السكن الآدمي ولا فرصة العمل الإنساني . أصبح للفقراء العراقيين بسببكم أن لا مستقبل لهم ، لا مستقبل ماديا مأمون الجوانب ولا قدرة حيوية على الدفاع عن كرامتهم ، بل هم يعيشون الليل والنهار على توتراتكم السياسية وعلى دوي ودماء المفخخات الإرهابية . كما أن ممثليكم في اغلب مؤسسات الدولة يهمشون الفئات المستضعفة اقتصاديا وسياسيا، كما هو حال النساء اللواتي يواجهن الاختطاف والاغتصاب والحد من وظائفهن في الدولة . كما هو حال المعوقين وكبار السن يعيشون على كآبة الرعاية الاجتماعية . كذلك العاطلون عن العمل والمعاقون والشباب غير المتعلمين ، كلهم يواجهون في حياتهم تدهورا وانحطاطا ، بينما أنكم ساهون تماما عن الطفيليين المحيطين بكم في كل مكان ، عن النفعيين المتسترين ببطاقات أحزابكم وعن الفاسدين المتلاعبين بالمال العام .
كل العراقيين يصرخون بأعلى أصواتهم يطالبونكم بحمايتهم من غول الدهر الإرهابي وإنصافهم ببعض حقوقهم من ارض الرافدين وخيراتها ، لكنكم لا تسمعون تلك الأصوات ، لأنكم منشغلون بتقاسم الوزارات والمناصب السيادية تحت شعارين :
الأقوياء أولا ،
الأغنياء في مقدمة الجميع .
كما يبدو من خلال إجراءات حكوماتكم ووزرائكم خلال السبع العجاف أن الديمقراطية التي تعلمتموها لا تتعظون بها ولا بدروس التاريخ الإنساني كله التي غيابها معناه تدمير الحياة الاجتماعية الشعب العراقي وهو يعاني الضيق والشدة إذ لا يحصل على أي شيء منكم غير بعض أشكال (المنــّة الخيرية) في بعض المناسبات الدينية.
أن تحالف ائتلافي دولة القانون والوطني العراقي سيجعل حتما هذين الركنين المتلازمين قوة كبرى تتمنى الملايين من الناس أن لا تكون تابعا إقليميا ، ولا شكلا من أشكال المحاصصة ، ولا نموذجا للطائفية السياسية المتعارضة تعارضا مركزيا ليس فقط مع الديمقراطية التي يحلم بها الشعب العراقي بل تتناقض أساسا مع كل أقوالكم وتصريحاتكم في المقابلات التلفزيونية خلال شهر نيسان كله .
أرجو أن لا يتحقق ظني وظن الكثير من العراقيين بأن تحالفكم الجديد هو شكل من أشكال سياسة (الحماية الطائفية) التي ستتقاتل عند تشكيل الوزارة الجديدة على الفوز بــ(المناصب السيادية) كأنما نظرية المناصب السيادية تعزز بقاء (النوع الطائفي) طالما الحياة هي صراع في سبيل البقاء وجمع الغنائم والثروات . كما أرجو أن لا يتحقق ظن الملايين من أبناء الشعب بأن المسألة الحيوية أمام ائتلافكم الجديد أن لا يكون تشابك الأيدي القوية بما يخدم المصالح الخاصة والمنافع الذاتية .
أيها السيد عمار الحكيم .
هلا مهدتَ لكي تزهر ولو وردة واحدة في عمر الوضع السياسي القادم كي لا يؤوب زمان العراق إلى وراء كما حصل في سنوات سبع مظلمات تعلقت خلالها عيون أبناء الشعب كلهم بدماء الشعب الصابر على التضحية .
لكم مني تحية أخيرة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 7- 5 – 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لقد اسمعت لو ناديت حيا
ليث الحمداني ( 2010 / 5 / 7 - 00:01 )
اخي العزيز
احيي فيك مثابرتك وعدم يأسك من اصلاح هؤلاء الذين اغتالوا حلمنا
ياصديقي قديما قال الشاعر
لقد اسمعت لو ناديت حيا
ولكن لاحياة لمن تنادي
ليث


2 - رحم الله الأستاذ علي الوردي
ابو ديار ( 2010 / 5 / 7 - 06:56 )
اولا اشكرك على المقال الرائع وهذا عهدنا فيك استاذ جاسم
انا من متابعي مقالاتك الرائعة
ولي مداخلة بسيطة بالرغم من حقيقة وصحة ما ورد في مقالكم أعلاه الى انك يجب ان تذكر ايضا ان الشعب العراقي او شيعة العراق انتخبوا هؤلاء السياسيين بالرغم من معرفتهم المسبقة بعدم نزاهة أغلبهم وتلطخ ايديهم بالدم العراقي والا
لما حصلوا على هذا الكم من المقاعد النيابية
قبيل الأنتخابات بعدة اشهر قمت بسؤال العشرات بل المئات من الأقارب والأصدقاء والجيران بكل اطيافهم الدينية والقومية والكل مصمم على عدم انتخاب أهل العمائم كما يسمون في العراق والكل مصمم على طرد هؤلاء من البرلمان ووصل الحد ببعضهم ان يذهب لكي يشطب على ورقته الأنتخابية في سبيل عدم استغلال اسمه لجهة معينة.
وبعد اعلان نتائج الأنتخابات وفوز الأحزاب الدينية المعلنة منها والمتسترة بغطاء ليبرالي ترحمت على الأستاذ علي الوردي كاتب وعاظ السلاطين ومهزلة العقل البشري دستور المجتمع العراقي المعاصر.
ومثل ميگول المثل العراقي الي يجي من أيده الله يزيدة


3 - انتم لا تنفعون
محمود ( 2010 / 5 / 7 - 13:57 )
السادة عمار والصدر وعلاوي والمالكي والجعفري
ان ما يحصل للعراق والعراقيين من مهزلة لن تحصل بتاريخ العراق من اجل العراق ابتعدوا عن السياسة وخذوا الحسينيات والجوامع فالتزوير الذي قمتم بة وبدعم المفوضية وسرقاتكم اللااخلاقية نقول لكم انتم لا تنفعون
مع الاحترام لسيد جاسم المطير


4 - رسائل بلا عنوان
حسين محيي الدين ( 2010 / 5 / 7 - 15:37 )
استاذنا الكاتب جاسم المطير ابن البصرة الطيب . لقد اطلعت على جميع رسائلك الى السادة المسؤولين ولا أظن ان احدا سيرد عليها او حتى يطلع عليها ألم يحن الوقت للتحريض على النظام الجديد وكشف سوئته ؟ ان لعب دور الناصح لا يليق بمناضل مثلك فالقادة يسيرون وفق خطط مدروسة لتحطيم العراق ونهب ثرواته تحقيقا لرغبة خارجية ولا تخيفهم كلمة هنا ونصيحة هناك ان اكثر ما يخيفهم هو التحريض على اسا ليب مشروعة من النظال عشتها وتعايشت معها فلماذا نحرم الاجيال الجديدة من ممارسة مثل هذا الحق ونضع النقاط فوق الحروف . السيد المالكي اطلق صراح المجرمين ممن حكمتهم المحاكم العراقية باحكام تتراوح بين الاعدام والمؤبد وعشرات السنين وهم الان يعيشون بين ظهرانينا بأنتظار الانقظاظ على الابرياء وممارسة هوايتهم في القتل والسرقة والاختطاف تلبية لرغبة كيان سياسي بعينه . ارجوك سيدي لكاتب مارس دورك في التحريظ على هذا النظام الفاسد ولا تكتفي بما انت عليه من رغد العيش التي وفرته لك ملكة هولندا والتماهي بذلك فنحن بأمس الحاجة لمثل نقاء سريرتك وحبك لوطنك


5 - سلمت اياديك
البراق ( 2010 / 5 / 7 - 15:50 )
تحية للاستاذ جاسم المطير لمقالته هذه ذات المعاني الانسانية الكبيرة وهكذا هو دائما عودنا عن دفاعه عن العراقيين ومستقبلهم الذي كنا نحلم انه سيتحقق حال زوال الدكتاتور فاغتالت حلمهم احزاب الاسلام السياسي باشاعة الفوضى والاقتتال الطائفي وسرقة المال العام . الغريب يا استاذ جاسم ان هناك من يدعي اليسارية ويكتب مباركا لهذا التجمع الطائفي لكننا معك في دعوتك من اجل ان تزهر وردة لتعطر طريق العراق نحو مستقبل الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان


6 - سياسيو العراق الجديد
احمد كماش الربيعي ( 2010 / 5 / 7 - 21:05 )
الاستاذ الفاضل جاسم المطير
تحيه عراقيه صداقه احي فيك روح المثابره وصدق وامانه كل كتاباتك الوطنيه النابعه من قلب عراقي وطني صادق امضى احلى سنين العمر بين جدران سجون الفاشيه والدكتاتوريه. كنا نأمل بااساده اصحاب العمأئم ان يتعظوا مما عاشه العراق من جهل ولكن للاسف زاده الجهل ظلام
العمر المديد لك استاذي الفاضل ومزيدا المسامير عسى ان يتعظوا

اخر الافلام

.. ترقب نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة..


.. مفاوضات الهدنة.. ضغوط متزايدة على نتنياهو لقبول الاتفاق




.. الناخبون الفرنسيون يصوتون في الجولة الثانية من الانتخابات ال


.. اعتراض صواريخ في سماء جبل ميرون أطلقت من لبنان




.. قوات الاحتلال تقصف مدرسة العائلة المقدسة في غزة