الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأطفال... رزقهم ليس في السماء

محمد حسين الأطرش

2010 / 5 / 7
ملف بمناسبة 1 أيار 2010 - المعوقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي



ألا يقال "الأباء يأكلون الحصرم والأولاد يضرسون"، هكذا كان. في معظم دولنا العربية والإسلامية آمَن الآباء بأن رزقهم ورزق عيالهم في السماء لكن هذه الآخيرة خزلتهم وخزلت عيالهم فتحول أطفالهم إلى الإيمان بأن السعي في مناكبها هي السبيل الوحيد ليأكلوا طعاما ويلبسوا ثيابا.
آمن الآباء بأن تحديد النسل والأكتفاء بعدد قليل من الأطفال هو الكفر بعينه لأنه راتكاب لجريمة القتل خوفا من الفقر في حين أن الله وعدهم بالرزق لهم ولعيالهم. فلما لا يكون لهم خمسة وستة وحتى عشرة أطفال. ما المانع؟ لكن للآسف حال فساد الناس وفحشهم وظلمهم لبعضهم البعض، بحسب رأيهم، من كرم الله الذي منع عنهم وعن عيالهم الرزق. فماذا تفعل كل تلك الأفواه؟ عمالة الأطفال أهون الشرور خصوصا إذا ما أضفت إليها كل ما يحدث معهم من إعتداءات واستغلال.
صارت عمالة الأطفال في هذه المجتمعات هي السبيل ربما الوحيد للخروج من حالة الفقر والعوز في العائلة لكن المفارقة الغريبة أن معظم تلك الدول التي ترتفع فيها ظاهرة عمالة الأطفال ترتفع فيها بشكل أكبر نسبة البطالة مما يدل على أن كثيرا من فرص العمل تذهب لهؤلاء الأطفال الأقل آجرا وعدم معرفة بقوانين وحقوق العمل والعمال.
لعل الأهم من ذلك كله هو غياب النية الحقيقية، لدى معظم حكومات هذه الدول، لإيجاد حلول لهذه المشلكة لأن الحديث عنها وتقديم إحصائيات رسمية لها إنما يشكل دليلا تبرزه الحكومات ضد مؤسساتها مظهرة فشل كل العهود السياسية في إدارة شؤون الدولة وتحسين ظروف مواطنيها. لأن عمالة الأطفال تأتي نتيجة سلبية للعديد من الأوضاع داخل الدولة.
تدني الأجور وعدم كفاية الدخل لتأمين حياة كريمة، غياب الرقابة على إلزامية التعليم وتجاهل المؤسسة الرسمية لحالة التسرب المدرسي بشكل يساهم في ازدياد الأمية دون إنقاصها، فشل برامج التوعية الآسرية التي من المفترض أن الحكومات تصرف عليها مبالغ طائلة تذهب في أغلبيتها لجيوب القيمين على البرامج والقريبين منهم. أليس من المفارقة أن الدول العربية التي لم تخض حربا حتى اليوم يبلغ فيها الإنفاق العسكري ضعف الإنفاق على التعليم (د. سميح مسعود، تحديات التنمية العربية، دار الشروق 2010 ).
إذا ما أضفنا لكل ذلك أن عدد سكان الدول العربية يتضاعف كل ثلاثة عقود في حين أن ذلك يستغرق 116 سنة في الدول المتقدمة وأن 35 % من سكان الدول العربية هم من فئة عمرية تقل عن 15 سنة، (د. سميح مسعود، تحديات التنمية العربية، دار الشروق 2010)، فهذا يعني أن عمالة الأطفال إلى ازدياد.
بالإستناد إلى كل ذلك، وإذا ما كانت الحكومات العربية قد ساهمت بشكل كبير في نشوء الظاهرة إلا أن المسؤولية الحقيقية إنما تقع على المواطن الذي بات عليه أن يدرك أن السماء لا تمطر ذهبا ولا تقدم خبزا وأن حتى من يربح ورقة اليانصيب إنما يحصل عليها من جيوب كل من اشترى ورقة وليس للسماء دخل فيها.
لا رزق للأطفال في السماء، وإذا ما أردنا أن نخفف تدريجيا من عملهم فلا بد أولا من أن نجنب المجتمع أعداد إضافية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حقيقة
خالد حسين الأطرش ( 2010 / 5 / 7 - 22:11 )
يا سيدي لم يكن ولا يوم ايمان الناس بأن الولد يأتي وتأتي الرزقة معو الدافع الوحيد لانجاب الأطفال .نحن قوم اخر شيئ يعنينا ما نؤمن به لأننا دائما لا نفكر الا بحاجاتنا الجنسيةوهذا هو السبب الوحيد .ولو كنا نفكر بما نؤمن به لكان حالنا ليس حالنا .أنت تركز دائما وفي كل مقالة على أن أي شيئ فيه خطأ له علاقة بالأسلام .أستسمحك عذرا لو كان هناك علاقة بين أخطاء المجتمع فالسبب ليس الاسلام السبب هو المسلمين


2 - تعقيب
شكري ( 2010 / 5 / 8 - 08:46 )
اشكرك استاذي العزيز على المقال الرائع واود ان اقول باننا - كشعوب اسلامية - كنا ولا نزال وللاسف سنبقى تسيطر علينا عقيدة التكائر متاثرين بحديث التباهي الذي قاله الرسول قبل اكثر من اربعة عشر قرنا ناسين ان لكل زمان معطياته وان ذلك الزمان مختلف عن هذا الزمن وليس بالضرورة ان ما يصلح لذلك الزمان يصلح لهذا فالاسلام بدا من الصفر وكان يعتمد بشكل كامل على الرجال لينتشر- بصرف النظر عن الطريقة - وزد على ذلك بان القبيلة انذاك تعتمد في بقائها على كثرة رجالها .. ومع مضي الزمان اصبح حديث التباهي فلوتا واصبحت الدول الاسلامية قاطبة تعاني التخلف والجهل والجريمة والامية والاوضاع الاقتصادية السئة وسيبقى هذا الامر يزداد سواء طالما بقينا نؤمن بان على الله رزقنا وانه عندما ننجب الولد فان هذا شيء مقدر ومكتوب ولا دخل لنا فيه.. اي منطق ابله هذا لماذا لايتجنب الزوجان الانجاب وبامكانهما هذا وباكثر من طريقة؟ انا اتخيل ان تحديد النسل وليس تنظيمه هو الحل الساحر لكل مشاكلنا ولكن على المدى البعيد
دمت ودام قلمك

اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات