الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع الازمة السياسية في العراق

عبد الصمد السويلم

2010 / 5 / 8
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


يقف المحلل السياسي صامتا ازاء الدهشة والحيرة التي اصابت ليس البسطاء من ابناء الشعب العراقي ،بل لقد اصابت السياسين منهم ايضا الى درجة وصلت حدود اليأس والقلق جراء الاخفاق في المناورات والمفاوضات السياسية في ازمة تشكيل الحكومة القادمة فضلا عن ازمة التزوير في العملية الانتخابية والتي تسببت في فقدان المصداقية بالعملية السياسية وفقدان الثقة بالمفوضية واهم من كل ذلك الرفض الشعبي لحالة تدخل الجوار العربي والتدخل الامريكي في الشان العراقي لصالح امنها القومي على حساب استقرار الوضع السياسي والامني في العراق والذي كان احد الاسباب الرئيسية للازمة وبالتي كشف النقاب عن تبعية بعض الشخصيات والقوى السياسية في القرار لتلك القوى الاقليمية .ولاجل الكشف عن عوامل الازمة الحالية لابد من دراسة مقدمات الحملات الانتخابية وسير العملية الانتخابية ونتائجها والوضع السياسي للعراق في اعقاب العملية الانتخابية وافاق مستقبل العملية السياسية والحلول المطروحة للازمة وسبل تطوير الاداء السياسي والشعبي للقوى السياسية العراقية بشكل يزيد من استقلاليتها.

العملية السياسية قبيل الانتخابات الاخيرة


ان تهيئة الاجواء لاجراء الانتخابات الاخيرة كانت محور الصراع السياسي على السلطة في العراق، حيث ظهر توتر شديد في علاقات القوى السياسية التي أظهرت ازمة فقدان الثقة فيما بينها واضحة للعيان حيث كان محور خطابها الاعلامي دعاوى اتهام الاخر بالفساد والارهاب والعمالة والفئويةوالطائفية والعودة للديكتاتورية وتهميش واقصاء الاخر والتاكيد على ضرورة السعي للانفراد بالسلطة لاجل حل الازمة السياسية في البلاد وكان كل ذلك ملازما لحالة انهيار للوضع الامني وتدهور للعلاقة بين حكومة كردستان وجكومة المركز وتدهور في الحياة المعيشية للمواطن العراقي من غلاء المعيشة وازمة داخل البرلمان العراقي حول قانون الانتخابات فضلا عن ظهور خلل وتناقضات في المواد القانونية وفي نصوص الدستور وفي تفسير تلك القوانين وفي الاجراءات الادارية بشكل ساعد في تكريس الازمة واجمالا يمكن القول بان القوى السياسية تصرفت بعدم نضج سياسي واصبحت تتصرف كأن السلطة التنفيذية هي السلطة الوحيدة دون باقي السلطات وكأن الوزارات السيادية هي الوزارات الوحيدة دون باقي الوزرات،بل كان منصب رئيس الوزراء هو محور العملية السياسية بل هو نفسها دون غيره
ودون أي ايمان حقيقي بمبدأ المشاركة في الحكم او لعب دور المعارضة او اقامة حكومة ظل او وضع برنامج حكومي لحكومة الوحدة الوطنية .لقد جاء تعديل قانون انتخاب مجلس النواب نهاية العام الماضي بشكل ضار للعملية الديمقراطية القائمة على التعددية ،بل وبشكل مؤذ للوحدة الوطنية القائمة على التعدد الفئوي والاثني والطائفي.ان هذا التعديل ساهم بشكل واضح في ابراز سعي القوى السياسية في العراق الى احتكار السلطة وتهميش دور المشاركة السياسية للاطراف والقوى السياسية فيها وجعل دور الاطراف السياسية في المساهمة في صنع القرارات المصيرية الخاصة بواقع العراق ومستقبله دورا هامشيا شكليا فقط مما يعني الحاق الضرر بالمؤسسات الديمقراطية وبمجمل العملية السياسية.بل ان تعديل القانون ساهم في تكريس التوجه نحو تقسيم الوطن وتجزئته، حيث كان الاصرار على تأكيد رفض جعل العراق دائرة انتخابية واحدة رفضا لمبدأ الوحدة الوطنية وروح المواطنة والمساواة بين العراقيين وتكريسا للتجزئة على اساس اثني وطائفي وفئوي، وحطم بشكل عملي مبدأالقائمة المفتوحة حيث كانت القوائم في واقعها مغلقة وتسبب القاسم الانتخابي في انهيار الحصة الانتخابية فهو على سبيل المثال أسهم في اضعاف وضع صاحب الاصوات الاكثر لصالح الاقل الى درجة وصول مرشحين الى مجلس النواب لم يحصلوا الا على بضع مئات من الاصوات خلافا للاستحقاق الانتخابي، كما أسهم الغاء المقاعد التعويضية للحائزين على المعدل الوطني من اجل التمثيل الوطني لفئاتهم في البرلمان على استبعادهم من العملية السياسية حيث منحت تلك المقاعد الى الفائزين بدل توزيعها على ذوي الباقي الاقوى مثلما نص عليه القانون قبل التعديل،وهذا كله يعني استبعاد لقوى سياسية مؤثرة تسهم في توازن واستقرار العملية السياسية في العراق لصالح تكريس قوى سياسية هي قوية بالفعل وغير محتاجة لتلك المقاعد اصلا.ولقد ازداد الوضع خطورة اثر التهديدات التي اعقبت تطبيق قانون المساءلة والعدالة،على بعض المرشحين من تهديد بانسحاب من العملية السياسية وصولا الى التهديد بالحرب الاهلية واعادة الارهاب الطائفي او التهديد بالانقلاب العسكري و اعادة اوضاع العراق الى المربع الاول من التخندق الاثني الطائفي الفئوي مما اثار الرأي العام العراقي بشدة دفعت حتى المسؤولين عن هذا التصعيد الى التخلي عن الحديث به والتبرؤ منه برغم استمرارهم باتهام الاخر بتكريس دور المحاصصة الطائفية .
واقع الائتلافات الانتخابية
بعد انتخابات مجالس المحافظات في 2009، اشتد الصراع بين القوى السياسية الحاكمة فيما بينها بل وداخل كل منها على حصصها من مواقع السلطة ومصادر الثروة وعلى تأمين نفوذها من ذلك مستقبلا في الانتخابات العامة مما ادى الى تفكك الائتلافات القائمة، وادى الى بحث اطرافها عن تحالفات جديدة قبيل موعد الانتخابات العامة.ولقد كانت التحالفات والائتلافات الجديدة غير مختلفة في جوهرها عن القديمة حيث تشكلت بشكل واهن على عجالة لاجل تكريس قوة كل طرف في المحاصصة السياسية وفي النفوذ دون ان تراعي كما كانت في التحالفات السابقة المصالح العليا في ادارة شؤون البلاد ودون أي استعداد للتضحية للقواعد الشعبية التي بدات تفقدها بشكل ملحوظ ودون أي تنازلات سياسية لاجل الوحدة الوطنية لذا فان مصيرها الحتمي سيكون التفكك بسبب من الاطماع في عملية توزيع الغنائم وفقدان الثقة السياسية وبسبب من المال السياسي والخضوع للتدخل الاجنبي في القرار العراقي.
لقد كان للتدخل الاجنبي في القرار العراقي الاثر البالغ في مسيرة العملية السياسية برمتها ولقد كان السعي من قبل تلك القوى الدولية والاقليمية خاصة دول الجوار العربي من خلال تامين فوز تلك القوة على حساب الاخرى بل وعلى حساب مصلحة الشعب العراقي وعلى حساب الامن القومي العراقي وعلى حساب مستقبل سيادة واستقلال العراق ،حيث يلاحظ دعم تلك الجهات الاقليمية لقوى سياسية عراقية دون اخرى لانسجام رؤى تلك القوى مع دورها في الامن القومي لتلك الجهات الاجنبية . حيث لوحظ طلب الدعم من قبل بعض المتنافسين في تشكيل الحكومة ضد منافسيهم الاخرين في السلطة والنفوذ عندما قاموا بالتوجة لزيارة بعض عواصم دول الجوار العربي بشكل يضر بالكرامة الوطنية ولاستقلال القرار العراقي .ولقد كان للمال السياسي المتدفق من تلك الدول وتكريس الخطاب الاعلامي في فضائيات تلك الدول اثر بالغ في زيادة الشقاق وتصاعد الازمة السياسية نتج عنه فقدان الارادة الحرة للقرار العراقي وتكريس للبعد الطائفي في الصراع على حساب المصالح الوطنية العليا وقتلا لاي مشروع وطني موحد يهدف لحل ازمات العراق من سوء الاداء الاداري للحكومة الى فساد مالي منتشر والى سوء الاوضاع المعيشية للمواطن مع انتشار البطالة وسوء الخدمات وتدهور للوضع الامني واستمرار الارهاب الطائفي وتدهور لمستوى حقوق الانسان وغيرها من الازمات الاخرى.


الحلول المطروحة للازمة السياسية في العراق
ان من اهم الحلول المطروحة للازمة هي اعادة كتابة الدستور والقوانين بشكل واضح متماسك لا يشوبه أي غموض في التفسير او أي تناقض في المواد في مراعاة تكريس الديمقراطية وازالة أي دور للابعاد الأثنية والفئوية والطائفية في العملية السياسية ،كما ان تكريس دور الرقابة للمنظمات والنقابات والاتحادات الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني واستقلالية القضاء و استقلالية مفوضية الانتخابات والتي يجب ان تكون مستقلة عن أي محاصصة أثنية او طائفية اوفئوية كما هو واقعها الحالي من وجود محاصصة أثنية او طائفية اوفئوية فيها وللاسف الشديد حيث فقدت مصداقيتها ونزاهتها وتمثيلها للمصلحة الوطنية العليا. كما ان هناك حاجة لوجود البرنامج السياسي الموحد والذي يتولى البرلمان وضعه ويكون ملزما للحكومة أي كانت.ان تمثيل عضو البرلمان وولاءه كما تمثيل الموظف الحكومي وولاءه يجب ان يكون للعراق اولا وقبل كل شيء.ان تشكيل القوائم الانتحابية بل والاحزاب السياسية يجب ان يقوم على اساس وطني بشكل حقيقي وليس مجرد انتماء شكلي للوطن لتحقيق مصالح الوطن العليا حتى ولو كان على حساب الانتماء الطائفي او الاثني او الفئوي ولو كان ذلك بسن قوانين للاحزاب تمنع أي شعارات او اهداف غير وطنية او أي مصادر تمويل غير شرعية وغير وطنية مع سن قوانين محاسبة ومكافحة للفساد المالي وعندها فقط نستطيع ان نرى ضوءا في اخر النفق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: هل تنجح مفاوضات الهدنة تحت القصف؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. مراسل شبكتنا يفصّل ما نعرفه للآن عن موافقة حماس على اقتراح م




.. واشنطن تدرس رد حماس.. وتؤكد أن وقف إطلاق النار يمكن تحقيقه


.. كيربي: واشنطن لا تدعم أي عملية عسكرية في رفح|#عاجل




.. دون تدخل بشري.. الذكاء الاصطناعي يقود بنجاح مقاتلة F-16 | #م