الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق امام انتكاسة جديدة

طلال احمد سعيد

2010 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية




العديد من الشعوب تتعرض لكبوات كثيرة تمر في فترات من حياتها , مثل الحروب والازمات الاقتصادية والسياسية والكوارث الطبيعيه والامراض والاوبئة وماشابهها ، لكن النتيجة دائما هي ان تلك الشعوب سرعان ما تتغلب على الكبوات وتنهض من جديد لتستعيد عافيتها ولتعيد بناء ماخلفته الضروف الطارئة في كل الميادين ثم تتقدم الى الامام في خطوات جديدة تكاد ان تكون افضل من سابقاتها وبذلك يكون مامضى مجرد تاريخ تتعلم منه الاجيال كيف تتجاوز المحن وتمضي الى الطريق الصحيح .
العراق يمكن ان يصنف بانه البلد الوحيد الذي يسير عكس منطق التاريخ فهو لايكاد ان يخرج من نفق مظلم حتى سرعان مايدخل نفقا اخر اشد عتمه من سابقه . الشعب العراقي ظل يلهث وراء الديمقراطية منذ سقوط النظام السابق واندفع بقوة وحماس لممارسة حقه في العملية الانتخابية عام 2010 تناغما مع الشعارات الوطنيه المرفوعه التي تبشر بالتغيير وبانتهاج سياسة جديدة بعيدة عن الخنادق الطائفية ، وانطلاقا من تلك الاحاسيس والدوافع الوطنيه فقد منح العراقيون (القائمة العراقية ) ثقة كبيرة وادلوا باصواتهم لصالحها ، وعلى الرغم من ان القائمة المذكورة لاتمثل قمة التغيير ولاتتبنى بشكل واضح الافكار الليبرالية والعلمانيه الا انها اعتبرت وكأنها تحمل المشعل الذي يعطي الضوء للسير قدما في سبيل الخروج من النفق المظلم الذي حشروا فيه .
العراقيون منذ شهرين متلهفون لمعرفة من هو الفائز ومن هو الخاسر في الانتخابات وماهو شكل البرلمان والحكومة القادمة وقد وجدوا انفسهم وسط صراع رهيب وحربا شعواء شنت لتقلب طاولة الديمقراطية بقصد الحاق الهزيمة بالقائمة الفائزة في الانتخابات . وجرت عملية نبش منظم لاسقاط العديد من الفائزين ولتحقيق هذا الهدف كان لابد من بعث الحياة مجددا في هيئة المسائلة والعدالة كي تقوم بالدور المطلوب فتم استبعاد العشرات من مرشحي العراقية ولم تنتهي المعركة عند ذلك الحد انما اخذت هيئة المسائلة بملاحقة الفائزين واقصاء العديد منهم بمصادقة جهات قضائية يفترض بها ان تكون حيادية . والغريب في الامر هو القرار المتخذ بالغاء نتائج 52 مرشحا شاركوا في الانتخابات وقد شمل الالغاء جميع الاصوات التي حصلوا عليها وعدم احتسابها لقوائمهم وهذه عقوبة جماعيه لاتستند الى نص قانوني فضلا عن كونها مخالفة لنص المادة (20) من الدستور، كما انها مخالفة لكل الاعراف الديمقراطية ولابسط مباديء حقوق الانسان لان الغاء صوت الناخب يعتبر امرا في غاية الاستحالة . بجانب معركة المسائلة اثيرت قضية جديدة لم تكن في الحسبان وهي قيام ائتلاف دولة القانون بالطعن بنتائج الانتخابات والطلب باعادة فرز الاصوات عن طريق العد اليدوي وحصل ذلك ايظا بمصادقة جهات قضائية وبشكل غير مسبوق وهذه العملية سوف لن تغير كثيرا من نتائج الانتخابات باعتراف الجميع لكنها طريقا لتعطيل المصادقة على النتائج النهائية ولفسح المزيد من الوقت لعقد تحالفات تضعف القائمة العراقية وتقطع الطريق عليها لتشكيل الحكومة الجديدة حسب الاستحقاقات الانتخابية والدستورية وحسب الظوابط الديمقراطية المعروفة . وفي هذا الصدد جلب انتباهي تقرير نشرته صحيفة امريكية تقول ان مايحدث في العراق امر يدعو للسخرية لان الحكومة الماسكة بالسلطة والمسيطرة على كل مفاصل الحياة في البلاد تتقدم بشكوى الى المحاكم المختصة مدعيه بان الانتخابات جرى تزويرها لصالح قوائم منافسة في الوقت الذي لم تتقدم المعارضة وحتى القوائم الخاسرة بمثل هذه الشكوى .

الذي ثبت بمالايقبل الشك ان جهودا حثيثة تبذل ومازالت تبذل لاسقاط الاستحقاق الانتخابي للقائمة العراقية وشطب اصوات ناخبيها مما يوجه طعنه مميته للمشروع الوطني ولعملية التغيير التي جرت الانتخابات تحت عناوينها . ان محاصرة القائمة العراقية والتضيق عليها يمكن ان يولد حالة من الاحباط السياسي لدى الجماهير التي صوتت لها وهذا الوضع ستكون له اثار سلبية ومؤثرة على العملية السياسية برمتها .

ان التراجعات في العملية السياسية تنسف نظرة التفائل لدى المواطن العراقي في خلق عراق جديد
ديمقراطي متقدم على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي . ان التمسك المقيت بالسلطة الذي بدى واضحا بعد الانتخابات يضعف بالتاكيد عمل الحكومة القادمة عندما تتشكل خارج الخيار الديمقراطي وستكون حكومة ضعيفة كسابقاتها عاجزة عن تحقيق اية مكاسب لصالح شعب العراق . ان سلطة القانون يجب ان تولد عبر الممارسة الديمقراطية السليمة للشعب دون اكراه او تضليل كي يقرر بحرية الجهه المؤهلة لاستلام الحكم وفق ارادة الاكثرية وعبر صناديق الاقتراع .

لقد كان مؤكدا قبل الانتخابات الاخيرة ان الجميع متفق على فشل التجربة السياسية للفترة السابقة التي قامت على مباديء المحاصصة والاصطفاف الطائفي وهي الحصيلة التي افرزتها انتخابات عام 2005 والتي ظل العراق يعاني من تداعياتها واصبحت مرفوضة جملة وتفصيلا من الجميع وعلى راسهم من شارك فيها .

الان وبعد هذا اللهاث والعدو نحو التغيير فقد اعلن قبل ايام عن تحالف او اندماج بين ائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني والاعلان تم بهدوء وبغياب العديد من قادة الائتلافين وهذا بتقديري اجراء مقصود للتقليل من الاثار التي سيخلفها هذا التحالف والذي يعني بدون شك الى عودة الاصطفاف القديم المسمى الائتلاف العراقي الموحد والفائز بانتخابات عام 2005 الى السلطة مجددا وهو يحوي نفس مكونات الائتلاف السابق دون تغيير . لعل من نافلة القول الخروج بنتيجة مؤكدة هي ان الاندماج او التحالف القديم الجديد يمثل انتكاسة للعملية السياسية وضربة قاصمة لشعارات التغيير كما انه يعتبر بمثابة صفعه لوحدة الصف العراقي المنشودة وبذلك فاننا نعتقد بان المستقبل صار ينبأ بالاسوء نتيجة لهذه المواقف .
عندما نتكلم عن الحلف الطائفي المعلن لان بد ان نؤشر بكل اسف لموقف التحالف الكردستاني المؤيد للحلف الجديد بهذه السرعه وقبل وصول وفدهم المفاوض الى بغداد هذا الموقف الذي سيزيد الوضع السياسي تعقيدا ويبعد الاخوة الاكراد اكثر فاكثر عن المشروع الوطني ويضعهم في موقف يدعو الى ان نذكر بمرارة سنوات النضال التي مرت والتي كان اطارها العام الفكر التقدمي والليبرالي والتحرري بعيدا عن التحالفات الرجعيه والقومية والطائفية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة