الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يمينان .. ولا يسار في المشهد العراقي

باسم السعيدي

2010 / 5 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



تتضح رويداً ملامح المشهد السياسي العراقي .. وفي إنتخابات 7/3/2010 بدت أكثر وضوحاً .. حيث كان البعض يظن قبل ذلكم اليوم أن زعامة الإئتلاف العراقي الموحد وجبهة التوافق جاءت مفروضة على الشعب من خلال الضغوط التي فرضتها يومذاك التهديدات والشعور بالخطر .. ما أثار غريزة التكتل الإثني من باب الحفاظ على النفس.
وبعد أن بات (حكم المجاميع المسلَّحة) للمناطق السكنية بمختلف إنتماءاتها الثقافية في خبر كان، وبروز دور القوات الأمنية العراقية الذي فرض نفسه فرضاً بقوة على الشارع وإختفاء المظاهر المسلَّحة .. إكتشفنا أن الناخب العراقي لم يزل يبدي إندفاعه وراء القوائم اليمينية بإمتياز.
فلو وقفنا على حقيقة القوائم الفائزة .. لوجدنا أن قائمتي دولة القانون والإئتلاف الوطني يمينيتان (يمين إسلامي شيعي) وإن حاولتا جاهدتين إخفاء التوجه اليميني والظهور بمظهر (دعاة الدولة المدنية) .. وتجلّى الأمر أكثر فيما يتعلق بدولة القانون، فردود فعل رئيس القائمة السيد المالكي وزعامات القائمة من رؤوس حزب الدعوة كانت غير محسوبة بتاتاً، ولم يكن الرجل (المالكي) موفقاً بالمرّة في ردة فعلة على نتائج الإنتخابات في عدم كونه الرقم (1)، ولو قيض لي الوصول الى مستشاريه لنصحته بالتصرف خلاف ذلك، على أية حال كشف برنامج دولة القانون عن أن عدم التعايش مع الآخر هو مسألة إقتناع جمعي لا شخصي للسيد المالكي، وهذه أولى سمات اليمينية التي حاول إخفاءها طيلة سنوات رئاسته للوزارة هو و حزب الدعوة.
أما قائمة الإئتلاف الوطني .. بمكوناتها تحكي عن نفسها بنفسها .. المجلس الأعلى، تيار الإصلاح، التيار الصدري..وحزب الفضيلة.. كلها مؤسسات دينية شخصانية مبتنية على فردانية الزعامة، وهي تيارات عائلات لا تيارات سياسية، ورب سائل يعترض على دمج حزب الفضيلة معهم، أقول عودوا الى تأريخ التيار الصدري والسبب الذي بموجبه إنقسم الى صدريين مقتدائيين، وصدريين يَعاقِبة .. وستجد الدليل على الفردانية.
النتيجة تقول كان توجه الناخب العراقي (الشيعي) الى الكتلتين جلياً ، ولا ريب فيه، وتؤشر نتائج الإنتخابات أن هرولة الناخب الى قوائم اليمين لا ريب فيها.
وفي الناحية الثانية هرول الناخب (السنِّي) الى قائمة الدكتور علاوي ليحصد 91 مقعداً نيابياً متفوقاً على رئيس الوزراء، وهي قائمة علمانية زعيمها (شيعي) لكنها قائمة يمين قومي حدّ العظم، وشخوصها تدل عليها، لكن تصويت الشارع السني للقائمة يؤشر تفوقاً لدى الناخب السني على واقعه، حيث نبذ القوائم اليمينية الدينية (التوافق) لمصلحة اليمين القومي، لأن حقيقة الشارع السني أنه علمانياً .. لا يؤمن بأحقية العمامة في تسيير شؤون الدولة لمجرد كونها عمامة بلا كفاءة، كما أن برنامج اليمين القومي هو الأقرب الى تطلعات المواطن السني من برنامج اليمين الديني الذي يشكك الجميع في أولوية ولائه للوطن أم للتيارات الدينية خارج الوطن، وبالمناسبة هذه المفارقة ليست لدى اليمين الديني السني فقط بل لدى اليمين الديني الشيعي كذلك.
وإذا كانت هذه الخارطة السياسية تفصح عن شيء فإنما هو يمينية الناخب العراقي بإمتياز.
ولو أردنا أن نتحرّى أسباب هذا التوجه لدى الناخب فهنالك سببان:-
1- في الحقيقة أجد أن الناخب العراقي يفتقر الى وضوح الرؤية، وعدم تمييز برامج القوائم ، لذا يلجأ الى قوائم اليمين التي تتسق مع عقيدة لدى الناخب كالدين أو القومية، وبذلك ينام مطمئن البال بأنه وضع صوته في رقبة شخص تتوافق على الأقل عقيدته مع عقيدته.
2- لامكن إغفال تقصير اليسار في أداء دوره في وضع البرنامج السياسي الذي يصحح المسار الخاطئ لليمين، وأرى أن اليسار بدا مكبّلاً بعد سبع سنوات من التغيير، ولم يدافع عن نفسه في فترة الحرب الأهلية، بل راح اليمينيون من كلا الجانبين ]غتالون وتخطفون ويذبحون ناشطيه بلا رحمة (كما يفعلون مع خصومهم اليمينيين) الا أن الفارق كان وقوف اليسار مكتوف الأيدي أعزلاً من أي سلاح يدفع به الأذى عن نفسه يتلقى الضربات.
وبعد نهاية الحرب الأهلية .. وجدنا أن الساحة ساحةٌُ منتصرينللأسف الشديد، و بقي اليسار أعزلاً فكرياً وإعلامياً وثقافياً قدّام المدّ الإعلامي والقافي للمنتصرين اليمينيين، أولئك الذين أطاحوا بالأكثر تطرفاً ليتربعوا على عرش (الإعتدال) وذلك المعنى مجازياً بلا ريب، بينما أظهرت الإنتخابات الأخيرة (مزحة) الإعتدال.
ويبدو أن اليساري الوحيد على الساحة العراقية كان الإتحاد الوطني الكردستاني.. لكنه تخلى عن يساريته لمصلحة اليمين الكردي، وبذلك خسر اليسار العراقي آخر معاقله لمصلحة اليمين، ولعل اليسار يقف اليوم حائراً بعد إنجلاء غبار الإنتخابات ليجد نفسه أعزلاً مرّة أخرى بينما يقول المنطق السياسي أن عليه إستثمار النزاع اليميني – اليميني ليجد لنفسه موطئ قدم على الساحة السياسية.
وليكن معارضاً خارج البرلمان .. لاعيب في ذلك.. وليرصّ صفوفه ، ويسدّ الثغرات التي تنخر بيته المتهالك من خلال إستقطاب كفاءات عراقية في شتى المجالات قادرة على إظهار محطات الفشل لدى اليمين، وكشفها بين أيدي المواطن الذي يتمنى الخروج من دائرة تناحر اليمينيين الذي يعكس بلا شك تنافس قوى إقليمية ترى في نفسها أحقية أن تحظى بتركة صدام حسين، وأخرى عقائدية (تَفِدُ) علينا من بطون الكتب التي علاها غبار القرون فلم تتنفس الصعداء الا اليوم على أيدي اليمين.
يجب تشخيص أخطاء اليسار في إهمال الجانب الإعلامي .. ذلك النقص الخطير الكارثي، وأنحسار نشاط مريدي اليسار أكثر خطراً، ولعل الأكثر خطراً من كليهما هو عدم إنبراء زعامات اليسار للتصدي للدور التأريخي والوطني الذي يجب أن يلعبه اليسار.
ففي لعبة بناء الدولة يجب أن تخطو الدولة خطوة من اليمين تليها أخرى من اليسار .. لتتسق خطوات بناء الدولة على تناغم معقول ومقبول، أما حصر عملية البناء بنزاعات اليمين – اليمين ؟ فلن يزيد الأمور الا تعقيداً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دمقراطية حق للجميع
ماطن عربي ( 2010 / 5 / 9 - 20:26 )
تصويت الشارع السني للقائمة يؤشر تفوقاً لدى الناخب السني على واقعه - القيادات السياسية السنية تدفعها إلى ذالك قوى أقليمية لدعم سياسي شيعي ليبرالي وهو اياد علاوي لعدم قدرتها لطرح منافس قوي لايمت بصله لحزب بعث المحذور وظنا منها أنه سيكون المنقذ والمخلص من طغيان الاحزاب الشيعية والكردية تصوري البسيط أن هذه العباره غير دقيقه لأنها كانت بالسابق وفقدانها إمتيازاتها في عهد نظام البعث السابق - استبداد الأقلية بحكم الأكثرية أما أصطفا الشارع السني خلف أياد علاوي تدفعه أجندات أقليمية لايخفى على أحد تأثيرها ولا أعتق أن مايحدث ناتج عن وعي أنتخابي مبني على التصويت لصاحب البرنامج الأصلح فكل العقلاء يجدون أن نتائج الأنتخابات لاتعكس وعي بمصالح الوطنيه بقدر ماتعكس صراع أقليمي على النفوذ بالعراق

اخر الافلام

.. اتفاقية الدفاع المشترك.. واشنطن تشترط على السعودية التطبيع م


.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل بعد قصف متبادل | #غرفة_الأخ




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجز


.. وقفة داعمة لغزة في محافظة بنزرت التونسية




.. مسيرات في شوارع مونتريال تؤيد داعمي غزة في أمريكا