الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانقسام ورقة ابتزاز بيد المفاوض الإسرائيلي

سعيد موسى

2010 / 5 / 9
القضية الفلسطينية


((مابين السطور))

لست هنا لأعبر عن وجهة نظري الخاصة من حيث تأييد أو رفض المفاوضات غير المباشرة بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الإسرائيلي، فلست سوى صوت من آلاف الأصوات التي لامست عدم الجدية الإسرائيلية في التعاطي مع مسار التسوية، والتعمد بالمماطلة التفاوضية على مدار ستة عشر عاما دون ان يبدي الجانب الإسرائيلي أي جدية أو نية حقيقية لإفساح المجال لعملية سلام ينتج عنها دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقية إلى جوار دولة الكيان الإسرائيلي، واذكر بل أُذكر بأنني كتبت مقالتي التي تنشر بشكل فصلي منذ خمس سنوات بعنوان" وهم التسوية السلمية في ظل الثوابت الصهيونية" وكان ومازال وفق الأيدلوجية الصهيونية المخادعة الوهم عنوان المرحلة، ولن يحيل هذا الوهم السلمي إلى واقع ملموس إلا بعوامل خارجية قوية ومؤثرة تحدث اختراق للعنجهية والغطرسة الإسرائيلية بفلسفة القوة.




ولكن ما يجب الحديث عنه هنا في واقع فلسطيني جديد منذ قيام السلطة الفلسطينية بموجب اتفاقيات أوسلو 1994، ان السلطة مازالت برأس واحد متمثل في الرئاسة الفلسطينية، وبجسدين من واقع الانقسام المقيت متمثل بحكومتين مقالة وتسيير أعمال في قطاع غزة والضفة الغربية، ورغم ماقيل من تسميات المناكفة الانقسامية السياسية، بان هذه حكومة مقاومة وتلك حكومة مساومة، فهذا لن يقدم لواقعنا الفلسطيني المحبط المتخبط سوى مزيد من الانهيار لمشروعنا الوطني الفلسطيني، والدليل باستثناء الشعار ان شقي السلطة المنقسمة توصلوا عمليا إلى قناعات مفادها ان المقاومة المسلحة في هذه المرحلة عبء أو لنقل ليس أولوية وخيار يجب ان يتراجع خطوة للوراء، مع فارق التبريرات وتجميل وتقبيح المشهد السياسي، وقد لامسنا في كل من قطاع غزة والضفة الغربية التوجه بنفس البوصلة حيال المقاومة السلمية على نقاط التماس مع العدو سواء على حدود غزة المحاصرة المحتلة أو على نقاط التماس مع الجدار والاستيطان في الضفة الغربية المحتلة كذلك، أي هناك إجماع غير مباشر وتوافق دون اتفاق على تأجيل خيار المقاومة المسلحة سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة وكلاهما يخضع لسطوة سلطة احتلال واحدة مع فارق مسافات انشار الجيش الإسرائيلي.




ومن المعروف في الإستراتيجية الإسرائيلية السياسية المخادعة، السعي دائما إلى إدارة عملية تفاوض مباشرة وثنائية على مستوى أطراف الصراع العربي الإسرائيلي عامة والفلسطيني الإسرائيلي خاصة، وهذا وفق الاستراتيجيات الأمريكية والإسرائيلية سمي حينها فصل المسارات للتفرد بكل طرف من أطراف الصراع دون ربط للقضايا القومية العربية بل تكريس واقع قضايا القُطرية العربية، وقد نجح هذا النهج على عدة مسارات مصرية وأردنية وفلسطينية كذلك مما أفضى إلى اتفاقي سلام مع الكيان الإسرائيلي وكل من مصر والأردن، واستمرت عملية التفاوض المباشر العقيم بين الطرف الفلسطيني والكيان الإسرائيلي كمفاوضات من اجل المفاوضات مع استمرار العدوان الإسرائيلي والتهويد والاغتيالات، حتى نتج عن ذلك الواقع المزري عدة انتفاضات أسقطت آخر ركائز وهم أوسلو، ولكن بقيت السلطة قائمة كمؤسسات مدنية وأجهزة أمنية ووزارات كلها شكلية على سلم مفهوم السيادة الوهمية الحقيقية، حتى انتقلنا من مقارعة العدو عسكريا وسياسيا إلى مقارعة واقتتال الذات الوطنية، انه الانقسام الوطني المقيت والذي كان طوق نجاة سياسي للعدو من كل الاستحقاقات.




وبعد توقف وتجميد للمفاوضات لعدة سنوات، ويعلم الجميع ان بقاء الوضع على ماهو عليه دون مقاومة أو مفاوضات هو شبه مستحيل، لان سلطة الاحتلال أصبحت تجيد العزف على دعم وتكريس الانقسام، وتوظفه لمخاطبة المجتمع الدولي وخداعه بأنه لاشريك فلسطيني ممثل لكامل فئات الشعب، وان كل من طرفي الانقسام حريص على بقاء سلطته مع تزوير مفاهيم وحقيقة الشرعية وذلك بمصادرة حق الشعب صاحب السلطة الحقيقية وحرمانه من اختيار سلطته بعد انقضاء صلاحية الشرعيات وكل ذلك باسم الانقسام المقيت الذي ينشرح له صدور الأعداء.




وهنا لابد من الإشارة إلى التحدي والمخاطر التي تواجه جناحي الوطن المنقسم على ذاته، فغزة محاصرة والضفة مقطعة الأوصال ومفاتيح ذلك في يد سلطة الاحتلال، ونتيجة استمرار التهويد والاستيطان تصبح السلطة بلا فائدة أكثر من كونها إدارة مدنية ، على غير مسار المشروع الوطني وباتجاه غير بوصلة الحلم والطموح الفلسطيني بأمل ميلاد دولته الفلسطينية المستقلة التي وعدت الرباعية الدولية"المجتمع الدولي" بتحقيقها وفق المفاوضات المباشرة والثنائية مع الاحتلال، ونتيجة انكشاف كل المخططات الإسرائيلية التي اعتبرت المفاوضات المباشرة مجرد غطاء لتنفيذ خيوط المشروع الصهيوني بعيدا عن السير صوب تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني، كان لابد من وقف لهذه المفاوضات، وكان لابد من التلويح بجميع الخيارات وأهمها الانتفاضة الفلسطينية كتحصيل حاصل للمماطلة الإسرائيلية، لكن واقع الانقسام وانهيار صمام الوحدة الفلسطينية جعل من تلك الانتفاضة بعيدة المنال فكل يريد الحفاظ على الكرسي والانجازات الحزبية على حساب معاناة الشعب وتشرذمه وتبخر حلم مشروعه الوطني بسبب استحسان منافع ذلك الانقسام المقيت.




كل هذا دفع بالقيادة الفلسطينية وبصراحة ووضوح بأنها لن تخضع للابتزاز والتهديد الإسرائيلي بالذهاب إلى المفاوضات المباشرة العبثية على نفس النهج الصهيوني المخادع من جديد، ولم يترك الاحتلال وسيلة ضغط وابتزاز وتشويه للسيد الرئيس/ محمود عباس إلا وتناولته كي تضغط عليه بالتوجه إلى استمرار تلك المفاوضات العبثية من جديد، وقد قال كلمته بتأييد كل قوى العمل الوطني بل والشعب الفلسطيني، بان لا مفاوضات مع استمرار الاستيطان، بل لا مفاوضات مباشرة من أصله وهذا بحد ذاته مخاطرة وتحدي من سلطة منقوصة السيادة وتخضع بالكامل لسلطة الاحتلال، بل وصل الأمر لحدود التهديد المباشر بالتعرض لحياة الرئيس لإرهابه وإرغامه على العودة بالشروط الإسرائيلية لطاولة المفاوضات المباشرة وقد فشل الاحتلال بكل مخططاته في تلك التلويحات والضغوطات، واتخذت السلطة عدة إجراءات منها المقاومة السلمية والمسيرات الشعبية والتي اشتبكت في معظم القرى والمدن التي تتعرض لقرصنة المغتصبين وأصيب واعتقل العديد من القيادات والمتضامنين الأجانب وكل قوى السلام، بل زادت السلطة هجمتها وتحديها للغطرسة الإسرائيلية باعتقال وتغريم كل فلسطيني يعمل في المغتصبات، وإعلان المقاطعة تحت طائلة المسئولية لكل ماهو منتجات لتلك المغتصبات، مما حدا بالكيان الإسرائيلي إلى زيادة وتيرة التهديد الاقتصادي والسياسي والاستهداف الشخصي لكل القيادات الفلسطينية، ولم يفلح كل هذا في الرجوع عن قرار اتخذته القيادة الفلسطينية بوقف المفاوضات وقطع جميع الاتصالات مع الكيان الإسرائيلي الذي يسيطر على كل شبر من الضفة والقدس وقطاع غزة مهما ابتعد عن نقاط التماس، وتخلل تلك المقارعة بعد صعود حكومة اليمين الأكثر تطرفا"بزعامة الثلاثي الإرهابي" نتنياهو- ليبرمان باراك" حراك سياسي ودبلوماسي فلسطيني دولي مكثف لشرح الموقف الفلسطيني برفض العودة للمفاوضات دون ضمانات تدفع بتفادي النهج الصهيوني السلمي المخادع وفق تجربة 16 عش عاما من المماطلة والخداع، واستطاعت القيادة الفلسطينية كسب تأييد معظم دول العالم مع التغير البسيط الذي حدث على نهج السياسة الأمريكية حيال الصراع مع أفول نجم"بوش الابن" وبزوغ نجم"اوباما" وما تمخض ذلك من احتكاك ومناكفة بين سلطة الاحتلال والإدارة الأمريكية.




ونستطيع القول في وضع لايملك الطرف الفلسطيني كثير من أوراق ميزان القوة، بأنه حقق شيء ما برفض التفاوض وفق الشروط الإسرائيلية، بل قبول الكيان الإسرائيلي على مضض للتفاوض بشكل ثلاثي وليس ثنائي وغير مباشر كذلك بوساطة أمريكية ورعاية من الرباعية الدولية من جديد في محاولة يائسة من المجتمع الدولي لإنقاذ عملية السلام من انهيار لارجعة فيه، ولكن هنا يدور الحديث عن صيغة الضمانات الأمريكية لطرفي التفاوض كما تسرب في وسائل الإعلام بشكل ضبابي، وذلك بضمان منع أي إجراءات استفزازية وأحادية يقوم بها كلا طرفي التفاوض، وفهم ضمنا الوقف المؤقت والمحدود للاستيطان، بل ربما تحدثت الأخبار عن الوقف الكامل للاستيطان تحديدا على الأراضي التي احتلت عام 67 ويقصد بها الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، إما الاستفزازات الفلسطينية التي سيتذرع بها الكيان الإسرائيلي هي بالتأكيد العودة للعزف على وتر الانقسام، والطلب من المفاوض الفلسطيني والوسيط الأمريكي بضمانة الأمن من قطاع غزة، ففي حال انطلاق أي صاروخ فلسطيني سوف تدور عمليات الابتزاز الإسرائيلية من جديد، وتبرر بان الطرف الفلسطيني خرق تعهداته بعدم الاستفزاز، وان مسئولية منع أي استفزازات من غزة والضفة مع علمهم بواقع المعادلة الانقسامية التي تصب في صالح أيدلوجيتهم المماطلة والخبيثة، سيحملون السلطة الوطنية والمفاوض الفلسطيني تلك المسئولية، ولا اعتقد ان المفاوض الفلسطيني سيستطيع القول بأنه على طاولة المفاوضات لايمثل غزة وقد جاء ليفاوض بمسئولية على دولة فلسطينية" امن وحدود ومياه وقدس ولاجئين"، هنا وفي واقع الانقسام سوف تكون المطية القوية والحجة الصلبة كورقة ابتزاز في يد المفاوض الإسرائيلي ليواجه بها المفاوض الفلسطيني، وسيطعن في شرعيته كما يرد في خطاب الخصوم السياسيين، وعجزه عن احترام ضمانات عدم الاستفزاز كما ورد للطرفين أمريكيا، وهنا بيت القصيد رغم الهبة التي تديرها المعارضة من داخل ومن خارج منظمة التحرير لأي مفاوضات مع الكيان الإسرائيلي سواء أكانت مباشرة أو غير مباشرة، ولا احد ينكر على تلك المعارضة حقها في المعارضة، بل ربما تلك المعارضة لو كانت في وضع غير وضع الانقسام المقيت، سوف تكون حصنا وحافزا ومصدر قوة لاضعف للمفاوض الفلسطيني، لكن في ظل التشرذم والانقسام والتشكيك في شرعية التفويض والتمثيل، ستكون ورقة قوة في يد المفاوض الإسرائيلي تضمن له الإفلات من أي استحقاق لا يتلاءم مع مشروعه الصهيوني والذي يتناقض مع المشروع الوطني الفلسطيني، إننا كشعب وقضية تمر في منعطف تاريخي خطير بأمس الحاجة إلى انتهاج مشروع وطني واحد لا مشروعين، بأمس الحاجة في هذا الوقت بالذات لتناسي وتحييد الخلافات والمناكفات، فطالما وجدت قواعد للسلطة لزم معها استمرار مفاوضات، ولكن ليس مفاوضات بشروط إسرائيلية، وليس مفاوضات دون سقف وتحديد مرجعية، لذا توجه الرئيس إلى الدول العربية قاطبة متمثلة في لجنة المبادرة العربية، ووضع نفسه كأحد عناصر الإرادة العربية التي وافقت بشبه الإجماع على دعم المفاوض الفلسطيني بمفاوضات غير مباشرة ولسقف زمني لايزيد عن أربعة أشهر، لقياس مدى الجدية الإسرائيلية حيال الفرصة الأخيرة لعملية السلام مع انعدام الخيارات الأخرى، وذهب الرئيس كذلك بالقرار العربي إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبقدر ماكانت هناك معارضة جدية للتفاوض مع الكيان الاسرائلي المخادع، بقدر ما تجلت العملية الديمقراطية في اتخاذ القرار بالأغلبية وليس بالإجماع وقد تقررت وفق هذا المشهد خلال أيام أو أسابيع بدأ المفاوضات الغير مباشرة، مع انطلاق موجة من الصراخ الإسرائيلي بتوقع فشل تلك المفاوضات الغير مباشرة والغير ثنائية حتى قبل انعقادها.




من السهل جدا ان نتوقع على غرار التجربة السابقة مع كيان صهيوني مخادع فشل تلك المفاوضات، لكن ليس من السهل ومن موقع المسئولية مواجهة الإرادة الدولية والعربية والتي أرادت إعطاء فرصة جديدة لعملية السلام، كي يرفض الطرف الفلسطيني المنقسم على نفسه كل الصيغ المطروحة من أقطاب المجتمع الدولي، وهنا ليس من المصلحة الوطنية توظيف الخلافات الحزبية للتشكيك مسبقا بالمفاوض والقيادة الفلسطينية، على أنها ذاهبة للتفريط بالثوابت الفلسطينية عبثا، وقد تعهد الرئيس سابقا ولاحقا بأنه لن يوقع على أي اتفاق مع الكيان الإسرائيلي بتفاصيل إقامة الدولة الفلسطينية وما توصل إليه حول الثوابت الوطنية الفلسطينية إلا باستفتاء فلسطيني عام، ولسنا نشك أبدا في هذا التعهد الصادق، لأنه لايملك احد غير الشعب قرار الموافقة على الصيغة النهائية للتسوية وإقامة الدولة الفلسطينية على التراب الفلسطيني في حدود التوافق الوطني "الأراضي التي احتلت في الرابع من حزيران 67"، ويبقى واقع الانقسام الفلسطيني أهم خنجر بيد الصهاينة في خاصرة المفاوض الفلسطيني بل في قلب المشروع الوطني الفلسطيني، وهنا لابد عربيا من حراك جاد على مستوى المصالحة الفلسطينية واستعادة وحدة الصف بتوافقه وتعارضه حيال تلك المفاوضات، المهم هو انتزاع ورقة الانقسام كأداة ابتزاز من يد المماطل والخبث الصهيوني على طاولة المفاوضات غير المباشرة ... والسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من