الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث الاكف تحفيز للذاكرة

صباح مطر

2010 / 5 / 9
الادب والفن


تحركت الأكف متحدثة فصاغت بحركاتها قصة حب عذري تبادله عاشقان من وراء جدران التقاليد قبل جدران البيوت وانتهت سريعاً بمأساة موت الحبيب لهول وقع المفاجئة عليه بخسارة حبيبته حينما خطبت لغيره ولحوقها به بعد لحظات مطعونة بخنجره المهدى إليها غرزته في صدرها وماتت سابحة ببركة الدم المطلول وفاءً لعهد مقطوع وهرباً من حياة ذهبت حلاوتها وانتهى معنى الوجود فيها بنظر فتاة حجر عليها بقضبان التقاليد وقيدت بسلاسلها فكانت ضحية من ضحايا مجتمع أراد حسين الهلالي أن ينقلنا إلى أجواءه في روايته حديث الأكف محفزاً الذاكرة وعائداً بها إلى أيام (النيسانية) و(الطواشات) ... مفردات تجاوزتها الأيام بعد ما كانت مألوفةً في تأريخ منظور غير بعيد من الآن كان الراوي من شهوده على ما يبدو من خلال التفاصيل الدقيقة المروية كأنها توثق لحقبة زمنية من تاريخ الدولة العراقية وتنقل مرارة المعانات وصراع الإنسان من اجل استمرارية الحياة وبلوغ لقمة العيش فيها بالكد والتعب ومواجهة الطبيعة القاسية بصراع لا يملك من أدواته غير أجسام أناس اعتادت أن تقاوم بعناد غائلة الجوع والمرض وحر الصيف القائض وسمومه اللاهب وتنتزع ساعات راحتها ونومها عنوة من أسراب البعوض اللاسع وطنطنة موجات الذباب العنيد اضافة لأرواح لم تستسلم بل واجهت المأساة والحزن بمواسم فرح توارثتها من أيام سومر فاحتفلت بالحصاد والعيد وغنت ورقصت وظفرت الصبايا شعورها بالحناء وكذا أكف أقدامها والأيدي وتجلببن بملابس زهت ألوانها تبعث في النفس راحة وأملاً بالغد المعطر بالأمنيات الجميلة والحلم بمستقبل عسى أن يكون أقل وطأة من الحاضر يفتح آفاقا لعيش مطمئن رغيد فالرقص طقس يمارس والطرب حالة وجدانية يسمو بها الإنسان فوق جراحه ويعلو بها على همومه وآلامه هكذا هما في بعض معانيهما وليس كما يحاول الظلاميون اليوم تصويرهما على أنهما سبة ومثلبة ورجس من عمل الشيطان .
عشنا مع الرواية أجواء الصحراء ونبل الشمائل عند أهلها إلى جانب العجرفة والاستغراق في التخلف وكذا المبالغة في الوفاء للحبيب إلى حد يصل إلى مصادرة حق النفس في متع الحياة وما هو مباح منها ولا يتعارض مع الشرع والعرف ولم تهمل الرواية دور مثقفي المدينة في رفد حركة النضال الوطني وتوعية الجيل وتأثيرهم الذي وصل إلى أبناء الصحراء وجعلهم يهتمون بالوعي وبالثقافة وهذا ما قام به المعلم الأستاذ (أبو سلام ) .
لقد حملت الرواية الكثير من الاشراقات وسلطت الضوء على أنماط من الحياة كانت معهودة في مجتمعنا إلى ما قبل عقود من الآن رغم صبغة الحزن التي اصطبغت بها والنهايات التراجيدية لمعظم شخوصها لكنها نقلت صورة لواقع معاش لا زال يتذكره الشيوخ عندنا والكهول عكسه لنا أستاذنا الهلالي بمرآته الصادقة وقراناه بأسلوب سلس شفاف بعيداً عن الفذلكة وما يسود أدبنا الآن من طلسمة في الكتابة تسببت بنفور الكثيرين عن القراءة .
أنها همسات داهمتني وجالت بمخيلتي فتلجلجت كلمات بخاطري سطرتها كوجهة نظر لقارئ لا يدعي لنفسه انه حاذقاً ولا يتطفل على ميدان النقد فهو يعرف انه مضمار غير مضماره ولا يمتلك من أدواته ما يجعله يلج إلى مغاليقه فيفتحها ويدخل متاهاته فيسلك أيسر طرقها ، إنها شقشقة هذرت ووجهة نظر رجوت لها أن تكون مقبولة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر.. -الفقيرات- موسيقى تضم تواشيح دينية وأغاني تراثية


.. مباحث التمثيل قبضوا عليهم?? الكوميديا في مسلسل مين اللي صاحب




.. مؤلف فيلم السرب : تحضير الفيلم استغرق وقت طويل.. عمر عبد ال


.. لماذا قاطع طلاب خطاب الممثل جيري ساينفيلد؟ • فرانس 24 / FRAN




.. عادل إمام: أحب التمثيل جدا وعمرى ما اشتغلت بدراستى فى الهندس